محنة الحيد المرجاني العظيم ووحدته في أستراليا

غياب السياحة يضره أكثر من تغير المناخ

«كورونا» وجّه الضربة القاضية للسياحة في منطقة الحيد المرجاني العظيم بأستراليا (نيويورك تايمز)
«كورونا» وجّه الضربة القاضية للسياحة في منطقة الحيد المرجاني العظيم بأستراليا (نيويورك تايمز)
TT

محنة الحيد المرجاني العظيم ووحدته في أستراليا

«كورونا» وجّه الضربة القاضية للسياحة في منطقة الحيد المرجاني العظيم بأستراليا (نيويورك تايمز)
«كورونا» وجّه الضربة القاضية للسياحة في منطقة الحيد المرجاني العظيم بأستراليا (نيويورك تايمز)

أثناء رحلة غوص له في أعماق المحيط، سبح رسيل هوسب نحو قاعدة الحجر الجيري للحيد المرجاني العظيم، حيث عكف على إعادة ربط بعض أجزاء الشعاب المرجانية زرقاء اللون. ومع غياب السياح، حاول هوسب سد الفراغ الناجم عن هذا الغياب من خلال هذا العمل الصغير الهادف للحفاظ على البيئة، والذي نجح في اجتذاب ذهنه للحظات بعيداً عن التفكير في المستقبل المبهم على الأرض.وعن قضائه ساعات في البحر وحيداً دون صحبة «السائحين الذين عادة ما كان يبدو عليهم الحماس والشغف»، قال هوسب «بدا الأمر سريالياً بعض الشيء». وأشار إلى أنه على ظهر الطوف الهادئ، أدرك إلى أي مدى تمكن فيروس كورونا من «تغيير وجه العالم».
لعب الوباء دوراً كبيراً في تعجيل يوم الحساب المحتوم أمام مدينة كيرنز الاستوائية، والتي تعتبر بمثابة البوابة الرئيسية للحيد المرجاني العظيم والقاعدة التي يعتمد عليه هوسب وكثيرون آخرون في كسب معيشتهم. وحتى قبل ظهور الوباء، كان المرشدون السياحيون بالمنطقة يناضلون بالفعل من أجل التصدي للنظرة السائدة حول أن الحيد المرجاني العظيم يحتضر؛ نظراً لأن المياه الدافئة تتسبب في عملية تبييض واسعة للشعب المرجانية لتجردها بذلك من ألوانها المتلألئة الزاهية. إلا أنه في الوقت الذي كانت التغييرات المناخية أقرب إلى شبح يزحف ببطء ليهدد بقاء الحيد المرجاني العظيم، وبالتالي شريان الحياة الاقتصادية في كيرنز المتمثل في السياحة، جاء وباء فيروس كورونا بمثابة ضربة مطرقة مدمرة.
الآن، وجدت هذه المدينة، التي لطالما ارتبطت بقوة بالعجيبة العالمية الطبيعية الواقعة خارج سواحلها لدرجة أنه يكاد يكون من المستحيل على سكانها تخيل الحياة من دون أفواج السائحين المتدفقة على كيرنز، مضطرة إلى مواجهة إمكانية التوقف عن الاعتماد على السائحين.
اليوم، اختفى الزائرون الأجانب والمحليون من المدينة، بعد أن تراجعت أعدادهم بالفعل جراء حرائق الغابات المدمرة التي وقعت الصيف الماضي، والآن يتعذر عليهم التنقل بسبب قيود السفر الدولية والمحلية التي تفرضها أستراليا. وجراء ذلك، فإن صناعة تقدر قيمتها بـ4.6 مليار دولار تدور حول أضخم كيان حي على مستوى العالم، توقفت على نحو شبه كامل.
وتزداد غرابة وسريالية مشهد الاختفاء المفاجئ للسائحين من كيرنز بالنظر إلى أن الفيروس ذاته مس كيرنز بالكاد، ذلك أن المدينة الواقعة أقصى شمال شرقي أستراليا ويبلغ عدد سكانها 150.000 شخص سجلت قرابة 25 إصابة فقط، ولا توجد بها إصابات في الوقت الحاضر. ومع هذا، ليس هناك مفر من تداعيات الوباء.
من جهته، قال هوسب «لم نتوقف عن العمل قط من قبل - ولا في خضم الأزمة المالية العالمية ولا بسبب هجمات ضد السائحين ولا بسبب إضراب العاملين في شركات الطيران. واليوم، لا نعلم إن كنا سنعود إلى سابق عهدنا ثانية في يوم من الأيام».
داخل كيرنز، فإن الزائرين الذين عادة ما كانوا يتكدسون في انتظار ركوب قوارب تراجعت أعدادهم من آلاف إلى بضعة مئات؛ الأمر الذي ترك مرشدين سياحيين دون عمل بينما ترسو القوارب ساكنة في المرفأ، وأغلقت بعض الفنادق والمطاعم أبوابها.
اليوم، كثير من المحال الواقعة على الطريق الرئيسية بالمدينة معروضة للإيجار، في الوقت الذي يبدو المتنزه الشاطئي الذي كان عادة ما يعج بالسائحين خالياً.
في هذا الصدد، قالت هيذر فوربس، أحد سكان كيرنز «الوضع هادئ للغاية بالمدينة»، مضيفة أن المدينة «ظلت معتمدة على السياحة لفترة طويلة للغاية؛ ولذلك كان من الصعب التعرف على سبيل لتنويع اقتصادها». استطردت موضحة «لا أعتقد أنه ينبغي لأي مكان الاعتماد على شيء واحد فقط».
وقد يبدو أن ثمة بارقة أمل خلف كل هذا؛ ذلك أن اختفاء السائحين ربما يعتبر بمثابة نعمة سماوية من أجل سلامة الحيد المرجاني العظيم الذي يعاني ظروفاً متداعية وخطيرة.
ومع ذلك، فإنه في الوقت الذي خلف الغياب المفاجئ لحشود الزائرين نتائج مثيرة للدهشة في أماكن أخرى - حشود القرود تجتاح مدينة في تايلند، والغزلان تتجول في أرجاء مدن يابانية بحثاً عن الطعام - فإن التأثير البيئي للسياحة على الحيد المرجاني العظيم ضئيل للغاية، حسبما أكد علماء، خاصة لدى مقارنته بتأثير التغييرات المناخية.
الملاحظ أن انخفاض معدلات السفر العالمي، وبالتي الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري تركت تأثيرات إيجابية على المدى القصير فحسب. وفي هذا الصدد، شرح البروفسور تيري هيوز، الخبير العالمي في مجال الشعاب المرجانية بجامعة جيمس كوك في تاونسفيل بأستراليا، أن «البنية التحتية للوقود الحفري لم تتأثر».
في نهاية الأمر، ربما يضر تراجع أعداد الزائرين للحيد المرجاني العظيم على المدى الطويل بسلامة الشعاب المرجاني. وأضاف هيوز، أن «السياحة توفر أسباباً اجتماعية واقتصادية لضرورة حماية الشعاب المرجانية وتحسين حالتها». وقد دفعت الأوضاع الراهنة مدينة كيرنز إلى إلقاء نظرة ذات طابع نقدي أكبر على اعتمادها على الزائرين الأجانب، خاصة القادمين من الصين والذين يشكلون نسبة كبيرة من زوار الحيد المرجاني العظيم. جدير بالذكر في هذا الصدد، أن حرباً دبلوماسية مريرة ومتفاقمة تدور رحاها بين الصين وأستراليا يمكن أن تبقي على السائحين الصينيين بعيداً حتى بعد إعادة فتح الحدود.
في هذا الصدد، قالت سامانثا ديفيدسون، الاستشارية بمجال السياحة لدى «مركز معلومات زائري الحيد العظيم»، «إننا ندرك الآن أنه لا يمكننا الاعتماد على الصين»، مضيفة أنه من أجل ذلك «نبعث برسائل إلى أولئك القريبين منا مفادها: (تعالوا لزيارتنا)».
تجدر الإشارة إلى أن تفاقم حالات الإصابة بفيروس كورونا خلال الفترة الأخيرة تسبب في إغلاق حدود ولايات داخل أستراليا، ودفع البعض لتحويل اهتمامهم نحو استغلال الفرصة في استكشاف بلادهم مترامية الأطراف.
من بين هؤلاء أليشيا دين التي قالت أثناء جلوسها في أحد القوارب متجهة إلى الحيد المرجاني العظيم «كان يفترض بنا السفر إلى هاواي، لكننا قلنا لأنفسنا لا نزال نرغب في القيام برحلة إلى مكان ما».
كانت دين قد تنقلت داخل ولاية كوينزلاند قادمة من بريزبين، العاصمة، إلى كيرنز الواقعة على بعد أكثر عن 1.000 ميل إلى الشمال.

*خدمة «نيويورك تايمز»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.