سجال طبي يعرقل نقل نافالني للعلاج خارج روسيا

قلق أوروبي ودعوات لفتح تحقيق شامل لكشف الحقيقة

يوليا زوجة المعارض توجهت برسالة إلى الكرملين للموافقة على إخراجه من البلاد (أ.ب)
يوليا زوجة المعارض توجهت برسالة إلى الكرملين للموافقة على إخراجه من البلاد (أ.ب)
TT

سجال طبي يعرقل نقل نافالني للعلاج خارج روسيا

يوليا زوجة المعارض توجهت برسالة إلى الكرملين للموافقة على إخراجه من البلاد (أ.ب)
يوليا زوجة المعارض توجهت برسالة إلى الكرملين للموافقة على إخراجه من البلاد (أ.ب)

سيطر الغموض أمس، على الوضع الصحي للمعارض الروسي البارز اليكسي نافالني، بعد مرور يوم على تدهور حالته الصحية ودخوله في غيبوبة كاملة بشكل مفاجئ، وسط تكهنات بأنه تعرض لعملية تسميم. وبرزت سجالات حول تشخيص المرض، بين الفريق الطبي المشرف على علاجه وأطباء مستقلين اتهموا السلطات بمحاولة إخفاء الحقيقة. فيما أعربت بلدان أوروبية عن قلق بالغ وأبدت استعدادا لاستقبال نافالني للعلاج. وأسفر الجدال القائم عن أسباب تدهور الوضع الصحي لنافالني عن مزيد من التكهنات والغموض حول حالته الصحية. وقال كبير الأطباء في مستشفى أومسك للإسعاف ألكسندر موراكوفسكي إن التشخيص الرئيسي الذي دلت عليه الفحوص هو اضطرابات في التمثيل الغذائي. ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» أن «نافالني تعرض بشكل مفاجئ لانتهاك توازن الكربوهيدرات، أي اضطرابات التمثيل الغذائي». وبحسب قوله «قد يكون سببه انخفاض حاد في نسبة السكر في الدم على متن الطائرة، مما أدى إلى فقدان الوعي». وأشار إلى أنه «لم يتم العثور على آثار للأوكسيبوتيرات والباربيتورات في جسده» ما يعني استبعاد فرضية تسميم المعارض الروسي، وبرغم ذلك أضاف الطبيب أن الفحوص سوف تتواصل خلال اليومين المقبلين. وكشف الطبيب عن وجود مادة كيماوية على جلد وملابس السياسي لكنه أضاف أنه «تبين أنها عينة من الكيمياء الصناعية التقليدية التي تستخدم عادة في صناعة أكواب بلاستيكية» وزاد أن هذه المادة لم يتم العثور عليها في الدم، ولكن على سطح الجلد فقط. ورفض فكرة نقله إلى خارج البلاد للعلاج، وبرر ذلك أن حالة نافالني «ما زالت حرجة للغاية وبرغم أنها استقرت بعض الشيء صباح اليوم (أمس) لكنها قد تتدهور سريعا بسبب النقل بالطائرة».
وبحسب قوله، فإن «حالة نافالني تعتبر صعبة وغير مستقرة» و«أثناء الإقلاع والهبوط، يمكن أن يزداد عدم الاستقرار على شكل اضطرابات الدورة الدموية ومتلازمة التشنج. لذلك، قرر مجلس الأطباء عدم المخاطرة».
في المقابل وصف طبيب نافالني ياروسلاف أشيخمين، تشخيص الاضطرابات في التمثيل الغذائي بأنه «استهزاء». وقال لإذاعة «صدى موسكو» المعارضة «هذا مجرد استهزاء بالتشخيص بأكمله. إنه لمن العار ببساطة إجراء مثل هذا التشخيص. بالطبع، ستكون هناك اضطرابات مماثلة عندما يكون المريض في حالة خطيرة». وأضاف أنه «قبل التسمم، كانت صحة أليكسي نافالني في حالة جيدة جدًا. ولم تظهر لديه في أي وقت سابق إشارات مسبقة لانخفاض الجلوكوز». وعرقل هذا السجال الموافقة على نقل نافالني للعلاج في ألمانيا برغم أن طائرة مجهزة كانت وصلت أمس إلى مطار أومسك لنقله. وتوجهت زوجة السياسي برسالة إلى الكرملين للموافقة على إخراجه من البلاد، وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إنه «لا توجد عقبات أمام سفر نافالني لتلقي العلاج، لكن هذا يخضع لتقدير الأطباء المعالجين حول حالته». وكان نافالني تعرض لتدهور مفاجئ ودخل في غيبوبة أثناء وجوده على متن رحلة متوجهة من مدينة تومسك في سيبيريا إلى موسكو، واضطر قائد الطائرة إلى الهبوط اضطراريا في أومسك حيث نقل المعارض للعلاج وسط ظهور أعراض أولية بتعرضه لتسمم حاد. وقالت السكرتيرة الصحافية لنافالني، كيرا يارمش، إن «أليكسي تسمم بشيء ممزوج بالشاي - وكان هذا هو الشيء الوحيد الذي شربه في الصباح في المطار». وكتبت يارمش: «نافالني في غيبوبة. الأطباء في أومسك لم يتمكنوا من إجراء التشخيص في يوم واحد. ولكن عندما جاء مجلس طبي مجهز من ألمانيا، لم يسمح له أطباء أومسك بنقله! إنهم يخفون الأدلة وينفذون الأوامر، أيا كان هناك محاولة واضحة لإخفاء الحقيقة».
وفي وقت لاحق، قال مكتب التحقيقات إن المختصين تمكنوا من التعرف على السم الذي تناوله السياسي، وفقا لموظف في وزارة الداخلية رفض ذكر اسمه متذرعا بسرية التحقيق. وزاد أن هذه المادة «قاتلة ليس فقط لأليكسي، ولكن أيضًا لمن حوله، يجب أن يرتدي الجميع بدلات واقية». لكن لم يتم تأكيد هذه المعطيات التي نقلتها شبكة «نيوز رو» الواسعة الانتشار. وبحسب مساعد نافالني ليونيد فولكوف، فقد تم اتخاذ «قرار سياسي» بعدم السماح للمعارض المصاب بمغادرة روسيا حتى لحظة معينة. وزاد: «بالأمس، تحدثنا مع عشرات الأطباء، وظل الجميع يرددون نفس الشيء: إنه بالتأكيد سيكون أكثر أمانًا على متن طائرة طبية حديثة مقارنة بمستشفى الطوارئ في أومسك، علينا أن نخرجه في أسرع وقت ممكن. لقد فعلنا كل ما هو ممكن، خاطبنا الجهات المختصة وتم إعداد جميع الأوراق وتنفيذها، ثم يتم إخبارنا: لا يمكن نقله. بما في ذلك على مسؤولية زوجته الشخصية».
وتوالت أمس، مواقف أوروبية تعرب عن قلق بالغ بسبب وضع نافالني، ودعت المفوضية الأوروبية إلى تقديم كل الرعاية الممكنة لإنقاذ حياته وإجراء تحقيق حول الوضع، فيما وجهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعوات مماثلة. وأعلن الطرفان عن استعدادهما للمساعدة الطبية اللازمة. ولفت ماكرون في مؤتمر صحافي عقب لقاء مع أنجيلا ميركل في فورت بريغانكون إلى أنه «بالطبع، من المهم أن تُعرف جميع ملابسات الحادث، وسنكون يقظين للغاية لمراقبة التحقيق».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».