قوة مقاتلة «داعش» العراقية لا تملك سلاحا ورواتبها لم تسدد منذ شهور

معسكرها أشبه بمعسكرات اللاجئين وأفرادها يتذكرون أيام العمل مع الأميركيين في غارات مشتركة

الموصل
الموصل
TT

قوة مقاتلة «داعش» العراقية لا تملك سلاحا ورواتبها لم تسدد منذ شهور

الموصل
الموصل

يتذكر ضباط الشرطة العراقيون، وهم يدخنون السجائر داخل خيمة ذات أرضية متربة خارج إحدى القرى النائية في شمال العراق، أيام العمل العنيفة جنبا إلى جنب مع القوات الأميركية وتنفيذ العشرات من العمليات لاغتيال أو اعتقال مسلحي تنظيم القاعدة في الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية.
غادر الأميركيون منذ فترة طويلة، وتحول تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين إلى تنظيم داعش، ولم تسدد لهم الحكومة العراقية رواتبهم منذ شهور، تاركة الضباط يتصارعون في مواجهة قدرهم في خيمة باردة فيما يفترض أن يكون معسكرا (ما) للتدريب.
يقول القائد أحمد، وهو من أعضاء فريق نخبة مرتديا تي شيرت يحمل شعار الجيش الأميركي «إننا في هذا المعسكر مثل اللاجئين، بلا عمل أو مال. هدفنا هو تنظيم داعش، ولكن بأي شيء نقاتلهم؟».
في الوقت الذي أرسلت فيه الولايات المتحدة مستشاريها العسكريين لمساعدة العراق على بناء القوة لأجل محاربة تنظيم داعش، والذي غالبا ما يشار إليه بتسمية (ISIS)، فقد تفرقت قوة الشرطة بمحافظة نينوى، ذات الخبرة والإصرار الذاتي على محاربة المتطرفين. وفي المنطقة التي يسيطر عليها الآن تنظيم داعش، فإن حالة انعدام الثقة من جانب الحكومة المركزية ذات الأغلبية الشيعية قد أعاقت جهود مسؤولي المحافظة حيال تحويل الشرطة السابقة إلى قوة محلية. وتخشى الحكومة المركزية من أن يقوم ضباط الشرطة، وأغلبهم من السنة، ببيع أسلحتهم إلى المتطرفين، أو حتى الانضمام إليهم.
قد يدفع تهميش قوة الشرطة في محافظة نينوى إلى توضيح أن أهم مفاتيح إعادة بناء العراق قد لا يكمن في عمليات القصف الجوي التي تديرها الولايات المتحدة وحلفاؤها بقدر ما يكمن في رأب الخلاف المستمر بين الحكومة الشيعية المركزية والمجتمعات السنية العراقية. بعد فترة وجيزة من سيطرة المتطرفين على أغلب مناطق المحافظة في يونيو (حزيران)، كانت الحكومة العراقية متشككة للغاية حيال قطع رواتب ضباط الشرطة، مما جعل غالبيتهم الآن من المعوزين.
يقول اللواء خالد الحمداني، رئيس شرطة نينوى، إن أكثر من ثلثي ضباط المحافظة البالغ عددهم 24.000 جرى تدريبهم بواسطة الولايات المتحدة في جزء من البرنامج الضخم الذي تبلغ تكلفته 8 مليارات دولار لتعزيز قوة الشرطة العراقية فيما بين عامي 2003 و2012.
يقول جيمس إف جيفري، سفير الولايات المتحدة لدى العراق في الفترة بين عامي 2010 و2012. حينما بلغ البرنامج الأميركي لدعم الشرطة العراقية نهايته إثر قلة الاهتمام الناشئ لدى الحكومة في بغداد «نفذت تلك القوات الكثير من المواجهات المباشرة في تلك الأيام».
ويصف جيفري استبعادهم عن القتال بأنه «خسارة كبيرة» وقال إن خلفيتهم الطائفية ومعرفتهم بالمناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش تجعل منهم أصولا قيمة في القتال. وأضاف: «إنهم من السكان المحليين ويتبعون الطائفة السنية. إنهم ما نحتاج إليه بالتحديد هناك».
تدور الجهود القائمة لإحياء قوة الشرطة بالمحافظة حول معسكر صغير يقع على التلال الصخرية التي تبعد 20 ميلا إلى شمال الموصل، حيث يحاول المسؤولون المحليون بالمحافظة تجميع الرجال المبعثرين حتى يمكن تسجيلهم وتدريبهم ثم تسليحهم. يطلق مؤيدو المعسكر عليه اسم «قاعدة تحرير نينوى»، ولكن خلال زيارة أخيرة هناك، بدا وكأنه معسكر لاجئين أكثر منه معسكر للتدريب الشرطي.
فهناك بضع عشرات الخيام التي أقيمت لإيواء الضباط انتشرت على جانبي مساحة مفتوحة من التراب. وبعض الشباب، الذين يرتدون الزي العسكري، كانوا يحملون العشرات من الأسرة ذات الطابقين لوضعها داخل الخيام، بينما اصطف آخرون أمام وجبات الطعام أو يجلسون القرفصاء حول صحون كبيرة من الفاصوليا. وكان هناك مولد كهربائي يزمجر على مقربة منهم، مانحا الرجال بضع ساعات من الإنارة والكهرباء ولشحن هواتفهم الخاصة.
كان بحوزتهم عدد قليل للغاية من البنادق، والتي يُحظر عليهم اصطحابها إلى خارج المعسكر بأمر من قوات البيشمركة الكردية التي تسيطر على المنطقة. ومع ذلك، يقول منظمو المعسكر إن أولئك الرجال ذوو خبرة وهم مستعدون لقتال تنظيم داعش.
يقول اللواء الحمداني خلال مقابلة أجريت معه في شاحنة حيث يجتمع مع قادة قوة الشرطة: «ليست هناك قوات في نينوى، وإننا نعرف المكان جيدا شارعا شارعا. وكل ما نحتاجه هو الدعم والسلاح».
كان عدد الرجال النائمين في المعسكر يبلغ 50 رجلا من أصل 24 ألف رجل، وهم يمثلون جزءا بسيطا من 5000 رجل، والذين سجلوا أنفسهم استعدادا للواجب، حسبما أفاد اللواء الحمداني. وهناك عدة آلاف آخرين مبعثرين حول العراق ويتوقع مجيئهم فور تجهيز المعسكر لاستقبالهم.
ولكن لا يزال هناك 15 ألف ضابط يوجدون في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش من المحافظة، مع القليل من المعلومات المعروفة حول مصيرهم حاليا. يتساءل اللواء الحمداني «هل انضموا إلى تنظيم داعش؟ أم قتلوا؟ أم فقدوا؟ إننا لا نعرف عنهم شيئا البتة».
ومما يعقد جهود إحياء الشرطة العراقية حالة الصراع السياسي بين المسؤولين في المحافظات والحكومة المركزية في بغداد. حيث قال سعد معن المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية العراقية، إن عددا صغير من رجال الشرطة في نينوى قد سجلوا أسماءهم في أماكن أخرى من البلاد واستمروا في عملهم. غير أنه استطرد قائلا إن دعم الحكومة لمعسكر نينوى ليس قريبا حيث إنه لا توجد هناك قيادة عسكرية.
وأضاف: «ليست لديهم أعمال يقومون بها هناك»، مشيرا إلى أنهم تحولوا إلى «مدنيين».
حالة انعدام الثقة متبادلة، وسرعان ما أشار مسؤولو المحافظات إلى الدعم الحكومي في بغداد للميليشيات الشيعية التي تقاتل بجانب الجيش من دون أي صفة رسمية. ويأمل المسؤولون في تلقي الدعم المباشر من الولايات المتحدة، حيث سافر محافظ نينوى، إلى واشنطن مؤخرا لممارسة بعض الضغوط لقاء المساعدات. غير أن المسؤولين الأميركيين قالوا إن كافة أوجه الدعم لا بد أن تمر عبر بغداد.
يستلقي 8 رجال، من فريق النخبة ذي الـ120 رجلا الذين شكلتهم ودربتهم الولايات المتحدة، على أسرتهم المزدوجة داخل الخيام البيضاء التي تتراكم القمامة حول زواياها. ظل الرجال يقاتلون المتشددين الذين سوف ينضمون لتنظيم داعش لعدة سنوات، وهم يعتبرون قتالهم الآن مسألة شخصية. كان أحدهم، وهو لؤي مقداد، يتجول عبر الصور على هاتفه الخاص، والتي تصور الزملاء الذين قضوا في هجمات القنابل، أو تعرضوا للاغتيال، أو أسرهم المتشددون. وقال آخرون إنه عقب سيطرة تنظيم داعش على الموصل، قام مقاتلو التنظيم بتفجير المنازل أو الانتقال للعيش فيها مع أسرهم.
عمل كبار رجال الشرطة مع القوات الخاصة الأميركية بشكل وثيق وتذكروهم بإعزاز. وأحد قادة الشرطة، السيد باسم محمد، أخرج حقيبة مليئة بالشهادات الموقعة من قبل الضباط الأميركيين يشكرونه على خدماته وصور تعرض رجاله يرتدون العتاد التكتيكي ويظهرون مع نظرائهم الأميركيين.
وقال باسم «كان العمل معهم عظيما بحق. بعد شهرين من التدريب، تلقى تقدما هائلا». كانت الفرق غالبا ما تطير في المروحيات وتنفذ الغارات المشتركة. وفي الأيام الهادئة، كانوا يتجمعون حول حفلات الشواء أو مباريات كرة القدم.
كان الرائد ريان زينو، من ضباط إحدى الوحدات الأخرى يزور المعسكر، ولديه صور شخصية في الولايات المتحدة، يقف أمام البيت الأبيض ويمتطي الخيل في ميلووكي خلال رحلة بتمويل أميركي لدراسة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والتحقيقات الجنائية.
مع كل تلك المهارات الخاملة الآن، قال إنه كان مستعدا للمشاركة في أي جهود لمحاربة المتشددين.
وأضاف: «ولكن من دون الدعم، لا يمكننا فعل شيء. 5 آلاف مقاتل بحوزتهم 50 بندقية فقط، لا يستقيم الأمر هكذا».
* خدمة «نيويورك تايمز»



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.