لودريان يربط مساعدة لبنان بتحقيق الإصلاحات: ساعدونا لنساعدكم

عون يشكو من صعوبة مكافحة الفساد «بسبب ضغوط المتورطين»

الرئيس ميشال عون مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي أمس (دالاتي ونهرا)
TT

لودريان يربط مساعدة لبنان بتحقيق الإصلاحات: ساعدونا لنساعدكم

الرئيس ميشال عون مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي أمس (دالاتي ونهرا)

اختصر وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، زيارته إلى بيروت في شعار: «ساعدونا لنساعدكم»، مجدداً التأكيد على المطالب التي لطالما كرّرتها بلاده والمسؤولون في المجتمع الدولي، والتي ترتكز بشكل أساسي على مكافحة الفساد والسير بالإصلاحات؛ رابطاً مساعدات مؤتمر «سيدر» بتحقيقها.
وفي زيارة تكتسب أهمية من حيث التوقيت بالنسبة إلى لبنان، التقى لودريان رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة حسان دياب، إضافة إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي.
وقالت مصادر رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» إن الموفد الفرنسي لم يحمل خطة بمعنى الخطة؛ إنما ركّز بشكل أساسي على ضرورة تنفيذ الإصلاحات للحصول على مشاريع ومساعدات مؤتمر «سيدر» الذي لا يزال قائماً، مشيرة إلى أنه لم يتم التطرق إلى موضوع «حياد لبنان» في اللقاء الذي جمعه مع الرئيس عون.
وكان لودريان استهل لقاءاته مع عون ناقلاً إليه رسالة من نظيره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد فيها «وقوف فرنسا إلى جانب لبنان، وأنها مصممة على مساعدة لبنان، وتتطلع إلى إنجاز الإصلاحات الضرورية التي يحتاج إليها»، مؤكداً أن «مفاعيل مؤتمر (سيدر) لا تزال قائمة، ويمكن تحريكها بالتوازي مع تطبيق الإصلاحات التي التزمتها الحكومة اللبنانية».
وأشار الوزير الفرنسي إلى أن «باريس وضعت خطة لمساعدة المدارس الفرنكوفونية في لبنان لمواجهة الأزمة الراهنة، وهي تشمل أكثر من 40 مدرسة في إطار دعم فرنسا المدارس التي تدرس اللغة الفرنسية». ولفت إلى «المساعدات التي قدمتها بلاده لمواجهة وباء (كورونا)، إضافة إلى دعم إنساني بلغت قيمته 50 مليون يورو».
من جهته، أبلغ رئيس الجمهورية وزير خارجية فرنسا أن «لبنان يتطلع إلى مساعدة باريس في مسيرة الإصلاحات ومكافحة الفساد التي بدأها منذ بداية ولايته الرئاسية، ومن خلال سلسلة قرارات اتخذتها الحكومة في إطار الخطة التي وضعت للتعافي المالي والاقتصادي».
وعرض عون للوزير لودريان الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، سواء من الناحية الاقتصادية والمالية، ومن ناحية تداعيات وباء فيروس «كورونا»، مشيراً إلى «الجهود التي تبذل من أجل الخروج من الأزمة الراهنة بكل وجوهها، بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة».
وتحدث رئيس الجمهورية عن تداعيات الحرب في سوريا على الاقتصاد اللبناني ومسألة النازحين السوريين، وقال إنها كبدت لبنان خسائر تتجاوز 40 مليار دولار. وعرض للوزير الفرنسي «الخطوات التي تحققت في مجال مكافحة الفساد؛ ومنها إقرار التدقيق الجنائي، إضافة إلى التدقيق الحسابي الذي أظهر وجود خلل في مالية الدولة»، متحدثاً عن «صعوبات وعراقيل تواجه مكافحة الفساد، خصوصاً مع وجود متورطين كثر فيه، يمارسون ضغوطاً عديدة لوقفها».
وشدد عون على «تمسك لبنان بقرار مجلس الأمن الدولي رقم (1701)»، شاكراً لفرنسا «الدور الذي تلعبه دائماً في إطار التجديد سنوياً للقوات الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل)». وحمل رئيس الجمهورية الوزير لودريان رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضمنها شكره للمواقف التي يتخذها حيال لبنان وللمبادرات التي قام بها في هذا الإطار.
وانتقل لودريان إلى السراي الحكومي؛ حيث التقى رئيس مجلس الوزراء حسان دياب الذي قال لضيفه: «لبنان ينظر إليكم كصديق تاريخي للبنان، وفرنسا وقفت إلى جانب لبنان في المحطات الصعبة، وأنا على ثقة بأنها لن تتخلّى عنه اليوم». وأضاف: «أنجزنا إصلاحات عديدة وواجهتنا عقبات، وضعنا جدولاً زمنياً بباقي الإصلاحات، أما تلك المتعلقة بـ(سيدر)؛ فقد أنشأنا لجنة وزارية لمتابعتها».
وطلب دياب دعم فرنسا بملف الكهرباء ومع صندوق النقد، مشيراً إلى أن الحكومة أقرت التدقيق الجنائي في «مصرف لبنان» لكشف الفجوة المالية وأسبابها وخلفياتها، كما لفت إلى «قرار اعتماد (سكانر) على الحدود وفي المرافئ والمطار، لأن هذا يضبط البضائع جمركياً ويؤمن للدولة مداخيل كبيرة كانت تذهب هدراً»، وأشار إلى أن «المجتمعات المضيفة للنازحين السوريين بدأت تشعر بهواجس من وجودهم، والنازحون بدأوا يشعرون بعدم الراحة، وهذا أمر خطير».
وفي ختام لقاءاته السياسية قبل أن يجتمع مع البطريرك الراعي، عقد الوزير الفرنسي مؤتمراً صحافياً مع نظيره اللبناني ناصيف حتي، معلناً أنه يحمل رسالة للبنان في وقت تواجه فيه البلاد وضعاً حرجاً والأزمة الاقتصادية كبيرة، مشيراً إلى أن بلاده تريد تفادي أن تغير الأزمة التعايش الاجتماعي في لبنان. وقال: «من اللازم احترام سياسة (النأي بالنفس) عن الصراعات في المنطقة». كما أعاد التأكيد على أن فرنسا «مستعدة لحشد الدعم المالي للبنان، ولكن لا بد من إصلاحات ملموسة». وأضاف أن «هذه ليست تطلعات فرنسا فقط؛ بل تطلعات الأسرة الدولية بأكملها». وأكد أنه ليس هناك حل بديل لبرنامج صندوق النقد الدولي للسماح للبنان بالخروج من الأزمة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».