لبنان يخطط لإعادة العمل بـ«الخدمة الإلزامية» في الجيش

TT

لبنان يخطط لإعادة العمل بـ«الخدمة الإلزامية» في الجيش

بعد 13 عاماً على وقف العمل بقانون خدمة العلم أو ما يُعرف بـ«الخدمة الإلزامية» في الجيش اللبناني، تسعى قيادة المؤسسة العسكرية ووزارة الدفاع لإعادة تفعيله عبر مشروع جديد كشفت عنه أخيراً وزيرة الدفاع زينة عكر، لافتة إلى أن الجيش بدأ العمل عليه، موضحة أن الخدمة ستكون مختلفة عن السابق، وستكون مقسمة على 3 أشهر أو 6 أو 9 أو سنة، على أن تتضمن خدمات اجتماعية ووظائف إدارية وتعليم وتحريج وغيرها.
وتتكتم وزارة الدفاع عن تفاصيل المشروع الجديد، وتقول مصادرها لـ«الشرق الأوسط» إن ملامحه النهائية لم تتبلور بعد، على أن يتم ذلك خلال أسبوعين أو ثلاثة.
وتنتظر الكتل السياسية التي كان لها الدور الأبرز بإلغاء «خدمة العلم» في عام 2007 لاعتبارات انتخابية وأخرى مرتبطة بالتخفيف من الأعباء المالية على الخزينة، أن يُطرح عليها المشروع بشكل رسمي كي تتخذ موقفاً منه. وتقول مصادر الحزب «التقدمي الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم تتم مناقشة الفكرة مجدداً، علماً بأننا كنا نميل في السابق لإعادة العمل به».
مصادر «القوات» تعتبر أيضا أن أي موقف من المشروع سيصدر عن قيادة الحزب بعد طرحه عليها، وهو ما لم يحصل بعد، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاهتمام الحالي يجب أن ينصب على فرملة الانهيار الحاصل من دون التفكير بأي شيء آخر. وتضيف: «لا شك أن دعم المؤسسة العسكرية مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى كي تبقى صامدة، وبالتالي أي موقف سنتخذه في المستقبل من هذا المشروع سيراعي مصلحة المؤسسة أولاً».
أما باقي الكتل الرئيسية أي «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«المستقبل» و«أمل» فترفض التعليق على الموضوع بانتظار الانتهاء من إعداد المشروع وعرضه عليها.
وقد بلغ عدد الشبان الذين أدوا «خدمة العلم» بين الأعوام 1993 و2007 نحو 250 ألف مجند، بينهم نحو 12 ألفاً تطوّعوا في الجيش بعد انتهائهم من الخدمة الإلزامية. وبحسب «الدولية للمعلومات» فقد كان في السابق نحو 18 ألف شاب يؤدون خدمة العلم سنوياً، مرجحة في حال إعادة العمل بالمشروع أن يبلغ عدد المجندين سنوياً ما بين 20 و22 ألفاً.
وفي صيف 2019. عاد الحديث عن عودة الخدمة الإلزامية. وأعلن عضو كتلة «الوسط المستقل» النائب علي درويش في ذلك الوقت الانكباب على تحضير اقتراح قانون لذلك إلا أنه لم يحله إلى المجلس النيابي حتى الساعة. ويوضح درويش أن الاقتراح يلحظ تعديلات كثيرة، مقارنة بالقانون السابق، مما يجعله متكاملاً، فلا يحصر الخدمة بالشق العسكري إنما يطال أيضاً الخدمة الاجتماعية.
وبحسب العميد المتقاعد جورج نادر، لم يكن يفترض أصلاً وقف الخدمة الإجبارية، مشدداً على أنه «مشروع وطني كبير يخفف الكثير من الأعباء على الجيش». ويرى نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه لا حاجة لإقرار قانون جديد، إذ يمكن إعادة العمل بالقانون القديم الذي نجده عادلاً تماماً ويؤمن الانصهار الوطني الذي نتوق إليه في الظروف الحالية، ويضيف أن «تحوير هدف ومضمون المشروع من خلال الحديث عن خدمات اجتماعية والاستعانة بالمجندين بالزراعة وغيرها، فلا نؤيده البتة، وهو ما جاء على لسان وزيرة الدفاع، باعتبار أن الموضوع يجب أن يترك لقيادة الجيش التي تدرك كيفية الاستفادة من الطاقات الشبابية».



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».