ظريف يدافع عن سياسة المرشد وسط هتافات «الموت للكذاب»

200 نائب يوقعون على مشروع مساءلة روحاني

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من خطاب محمد جواد ظريف في جلسة متوترة أمس
صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من خطاب محمد جواد ظريف في جلسة متوترة أمس
TT

ظريف يدافع عن سياسة المرشد وسط هتافات «الموت للكذاب»

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من خطاب محمد جواد ظريف في جلسة متوترة أمس
صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من خطاب محمد جواد ظريف في جلسة متوترة أمس

وسط هتافات «الموت للكذاب»، وقف وزير الخارجية محمد جواد ظريف أمام نواب البرلمان للدفاع عن سياسة خارجية «يحددها المرشد»، فيما وجه رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، تحذيراً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن البرلمان سيتصدى للمطالب «المتزايدة»، داعياً الحكومة إلى مواصلة سياسة خفض التزامات الاتفاق النووي.
وشهد أول لقاء بين وزير الخارجية الإيراني ونواب البرلمان الجديد، أجواء من التوتر عندما كان ظريف يقدم تقريراً عن السياسة الخارجية الإيرانية والدبلوماسية الاقتصادية، لكن نواباً في البرلمان طلبوا من رئيس البرلمان وقف الخطاب.
وقاطع النواب كلمة ظريف مرات عدة، مطالبين إياه بالتوقف عن «الأكاذيب»، ونقلت مواقع إيرانية أن «صيحات من النواب تعالت»، وقال بعض النواب: «أيها الكذاب، لا نود سماع الأكاذيب»، قبل أن تتحول إلى هتاف: «الموت للكذاب».
لكن وزير الخارجية الإيراني استند إلى مواقف لـ«المرشد» علي خامنئي تصفه بـ«الصادق» و«الشجاع»، وقال: «ما قلته سمعه المرشد. إذا كنت قلت كذباً، فهو سمعه وقال: ظريف صادق، وإذا كنت قلت صدقاً فقد سمعه وقال: (إنني) شجاع».
ومن هناك، لجأ ظريف إلى اسم قائد «فيلق القدس»، قاسم سليماني لتوجيه اللوم إلى النواب الذين قاطعوا خطابه، وقال في هذا الصدد إن اجتماعات أسبوعية جمعته بقائد «فيلق القدس» وأضاف: «نسقنا كل أسبوع، في النقاشات الإقليمية، كل ما قمنا به، بتنسيق بعضنا مع بعض. المقربون من سليماني ومن يجالسونه، والمقربون من حسن نصر الله، والمقربون من المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين، إنهم يعلمون وليس أنتم، يعرفون مستوى علاقاتنا».
ورد عدد من النواب أن هذا الجزء من تصريحات ظريف إساءة لهم. لكن ظريف نقل خطابه إلى مستوى متقدم لقطع الطريق على الانتقادات عندما قال: «لم أنقل القضايا الداخلية إطلاقاً إلى الخارج»، وتابع أن «السياسة الخارجية ليست مجالاً للخصومات الحزبية والفئوية»، مشيراً إلى أن السياسة الخارجية «يحددها المرشد». وحاول بذلك تهدئة البرلمان بقوله: «جميعنا في سفينة واحدة، أميركا لا تميز بين إصلاحي، ومحافظ، وثوري، وليبرالي. الكيان الصهيوني، لا يميز بين إصلاحي ومحافظ. إنه معارض لكل إيران»، وحذر بأن وقوع أي حدث سيهدد الجميع.
من جانبه، توعد رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، بالوقوف أمام المطالب «المتزايدة» من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واصفاً الوكالة التابعة للأمم المتحدة بأنها «حلقة الاستخبارات والتجسس للدول المعادية». وقال تحديداً: «يجب على مجلس حكام الوكالة الدولية أن يعلم أن إيران لن تسمح بأن تكون قبضتها مفتوحة، وأن تفعل ما تريده دون قيود، وأن تكمل حلقات تجسس واستخبارات الدول الأخرى»، وأضاف: «سنقف في وجه المطالب المتزايدة. نريد من الحكومة ووزارة الخارجية أن تواصل سياسة خفض التزامات الاتفاق النووي».
ودعا قاليباف وزارة الخارجية الإيرانية إلى القيام بواجباتها في المجال الاقتصادي، قائلاً: «فيما يخض قضايا العملة؛ يتوقع أن تعمل (الخارجية) على إعادة الأموال التي بقيت في الدول الأخرى لفترة طويلة، وأن تقوم بجهود مضاعفة لنقل العملة إلى البلاد».
وأعرب رئيس البرلمان الإيراني عن اعتقاد بضرورة تغيير اسم «وزارة الخارجية» إلى «وزارة الخارجية والتجارة الدولية» في «فترة الحرب الاقتصادية».
وقدم 200 من نواب البرلمان الإيراني، إلى رئاسة البرلمان، مشروع مساءلة الرئيس حسن روحاني حول المشكلات الاقتصادية.
وفي تغريدة عبر «تويتر» كتب النائب عن مدينة طهران، علي خضريان: «الاضطراب الاقتصادي في سوق العملة والسكن والسيارات، وعدم اهتمام الحكومة بالإنتاج، وكذلك أخطاء السياسة الخارجية في الاتفاق النووي»؛ من بين القضايا التي طلب 200 نائب مساءلة روحاني بخصوصها. وواصل الريال الإيراني تراجعه إلى مستوى قياسي جديد من الانخفاض أمام الدولار في السوق غير الرسمية في ظل الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد جراء فيروس «كورونا» والعقوبات الأميركية.
وأفادت صحيفة «دنياي اقتصاد» الإيرانية بأن سعر الدولار في بعض دور الصرافة الكبيرة اقترب، أمس، من السوق غير الرسمية للدولار، وزاد سعر الدولار أمس 7500 ريال، ليبلغ 216 ألفاً و500 ريال، في دور الصرافة الكبيرة. وزاد سعر الدولار 5000 تومان في السوق غير الرسمية ووصل إلى 218 ألف ريال.
وحاول الرئيس الإيراني حسن روحاني أن يطمئن الإيرانيين، عندما توقع أن تؤدي عودة الصادرات إلى فترة ما قبل جائحة «كورونا»، إلى تحسن سوق العملة.
وقال روحاني في اجتماع اقتصادي للحكومة إن «مؤامرة الأعداء لهدم الاقتصاد الإيراني لن تؤدي إلى نتيجة». وأضاف: «في ظل الأوضاع الصعبة نتيجة الحرب الاقتصادية خلال العامين الماضيين، تتحقق أمنية الناس والنخب في تحقق اقتصاد لا يعتمد على النفط». وتابع: «رغم الاضطرابات والصدمات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات وتفشي (كورونا)، فإن مؤشرات الاقتصاد في قطاعي الإنتاج والتصدير تسير بشكل جيد».
ونقل موقع الرئاسة عن روحاني قوله إن «التلاعب بسعر العملة والذهب وسوق الاستثمار من المتغيرات الأساسية للحرب النفسية التي يشنها الأعداء لزعزعة اقتصاد البلد».
ورحب عضو «مجلس تشخيص مصلحة النظام»، أحمد توكلي بمساءلة روحاني أكثر من الوزراء، وقال لموقع «نامه نیوز» الإصلاحي، إن «رئيس الجمهورية يقرب البلاد من حافة الهاوية». وقال توكلي إن الطريقة الحالية لروحاني «ستؤدي إلى دمار البلاد. قد تؤدي المساءلة إلى لفت انتباهه».
من جانبه، انتقد النائب السابق علي مطهري انتقادات النواب لظريف، وعدّها موجهة لـ«كل النظام»، لكنه قال إن مساءلة روحاني «أمر إيجابي وفرصة له لكي يثير بعض القضايا ويوضح أوضاع البلاد للنواب والناس».
أما مستشار الرئيس الإيراني، حسام الدين آشنا، فقال تعليقاً على شجار ظريف والنواب، إن «زعماء الظل إذا عرفوا تبعات خطواتهم اليوم في تطورات العام المقبل، لما استسلموا لهذا الاصطفاف الخطير».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.