وزير الخارجية التونسي لـ {الشرق الأوسط}: قواتنا مستنفرة على الحدود الليبية

تحركات دبلوماسية من الجانبين لتأمين المعابر المشتركة والبوابات

المنجي الحامدي
المنجي الحامدي
TT

وزير الخارجية التونسي لـ {الشرق الأوسط}: قواتنا مستنفرة على الحدود الليبية

المنجي الحامدي
المنجي الحامدي

أكد وزير الخارجية التونسي المنجي الحامدي أن «القوات العسكرية والأمنية والجمركية في حالة استنفار قصوى على الحدود مع الشقيقة ليبيا لأن مستقبل تونس رهين المستجدات في الملف الليبي.. لكن الحكومة التونسية تتابع ما يجري من مستجدات في الشقيقة ليبيا باهتمام وهي لا تريد أن تكون طرفا في الصراعات الداخلية وتساهم بجهود سياسية ودبلوماسية لمحاولة إنجاح جهود الحوار السياسي بين مختلف الأطراف المتصارعة إيمانا منها بأن السلاح لن يمكن من معالجة الخلافات مهما صعبت».
وقال الحامدي في تصريحات خص بها «الشرق الأوسط»، فور وصوله إلى تونس عائدا من الخرطوم حيث ترأس الوفد التونسي في محادثات قيادات دول الجوار الليبي، إن «ندوة الخرطوم» حسب المنجي الحامدي «قامت بتشجيع كل الأطراف على المضي في الحلول السياسية ومنع تسليح مختلف الفرقاء».
وأضاف الوزير أن «الحكومة التونسية تتابع خاصة التطورات داخل أراضيها عبر تعزيز جهود قوات الجيش والأمن والجمارك على الحدود من الجانب التونسي».
وفي الوقت الذي تستعد فيه تونس للدور الثاني من انتخاباتها الرئاسية، ويستعد فيه مبعوث الأمم المتحدة الخاص برناردينو ليون بليبيا لتنظيم حوار سياسي مع ممثلين عن مختلف الأطراف السياسية الفاعلة في ليبيا الثلاثاء القادم، تعرضت بوابة «رأس الجدير - بوكماش» على الحدود التونسية الليبية إلى تصعيد أمني «غير مسبوق» منذ اندلاع التوترات الأمنية والعسكرية في ليبيا قبل نحو 4 أعوام، حسب السفير التونسي لدى ليبيا رضا بوكادي. وقد أكدت مصادر إعلامية ودبلوماسية ليبية أمس» لـ«الشرق الأوسط» أن «مركزا لقوات الأمن العام الليبية في بوابة بوكمّاش الحدودية - 5 كلم جنوبي بوابة راس الجدير - تعرض إلى قصف من سلاح جو الجيش الليبي في سياق صراعه مع ميليشيات مصراتة وحلفائها في المنطقة الغربية».
وأكد الإعلامي الليبي صالح إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» أن «القوات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر التي نجحت في توجيه ضربات موجعة إلى الميليشيات المسلحة القريبة من التنظيمات المتشددة في بنغازي والبيضاء ودرنة بدأت عمليات تتبع المتشددين والمتطرفين في طرابلس وفي المناطق الحدودية التونسية الليبية حتى لا يسيطر عليها الإرهابيون والمهربون للسلاح».
وقدرت الحصيلة الأولية للقصف الجوي الذي استهدف مركز الأمن العام في بوكماش الحدودية الليبية بقتيل و3 جرحى من بين الأمنيين الذين كانوا في نقطة أمن الجوازات والحدود الليبية. ولئن أكد شهود عيان ومقربون من «فجر ليبيا» أن المركز الأمني الحدودي «مدني بحت» وليست له أي صبغة عسكرية، اتهمتهم قوات «الكرامة» الموالية للواء حفتر وحلفاؤها من قبيلة الزنتان الحدودية بكونهم يوظفونه «أمنيا وعسكريا» ويستخدمونه لمحاولة توريد مزيد من الأسلحة إلى ليبيا من جهة الصحارى التونسية والجزائرية وسواحل البحر الأبيض المتوسط «التي لا تبعد عن البوابة إلا بضعة كيلومترات».
وحسب مصادر من نفس المكان، من الجانب الليبي، فقد سبقت هذه العملية العسكرية الجوية «الخاطفة» عمليات مماثلة يقول أنصار عملية «الكرامة» الموالون لحفتر إنها استهدفت «مسلحين ومخازن أسلحة ومراكز تموين» تابعة لقوات «فجر ليبيا»، أي للقوات التي تتزعمها قيادات عسكرية من «ميليشيات مصراتة وطرابلس» المعارضة لحفتر وحلفائها «المتشددين دينيا وبينهم مقاتلون سابقون من تنظيم القاعدة وداعش».
وحسب مصادر دبلوماسية ليبية في تونس فإن قوات قبيلة «الزنتان» الحدودية مع تونس والتي انسحبت من طرابلس بعد معارك المطار في الصائفة الماضية أصبحت تنسق مع قوات حفتر والجيش الليبي بهدف توجيه «ضربات استباقية» إليها تحسبا لسيناريو «سيطرة مزيد من الموالين لعصابات فجر ليبيا» على منافذ ليبيا الخارجية وعلى مصادر التحكم في موارد التموين بالمواد الغذائية والأسلحة.
في نفس السياق أكد السفير التونسي لدى ليبيا رضا بوكادي لـ«الشرق الأوسط» الموجود بتونس منذ استرجاع الدبلوماسيين المخطوفين من ليبيا واستفحال معارك مطار طرابلس، أن «الحضور الدبلوماسي التونسي والعربي والدولي أصبح ضعيفا جدا في طرابلس». وأن «من مصلحة تونس التزام الحياد في التصعيد في ليبيا مع تطوير التنسيق الأمني والعسكري لتجنب أي تدهور في مستوى بوابة راس الجدير وغيرها من المنافذ الحدودية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.