سجلت الولايات المتحدة معدل إصابات بفيروس «كورونا» قياسياً جديداً، إذ رصدت 53069 حالة جديدة في 24 ساعة، ما يرفع عدد الإصابات الإجمالي إلى أكثر من 2.7 مليون، وفق جامعة جونز هوبكنز، فيما تجاوز إجمالي الوفيات 128.670 وفاة، ما يجعلها الدولة الأكثر تضرراً من جائحة «كوفيد - 19» في العالم. وحذر كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، أنطوني فاوتشي، من أن حصيلة الإصابات اليومية قد ترتفع إلى مائة ألف ما لم تتخذ تدابير جديدة لاحتواء الجائحة، كما أقر بأن المرض في البلاد خارج عن السيطرة.
- كمامات إلزامية
وفي وجه هذا الارتفاع السريع في الإصابات، «تسلحت» بعض الولايات بفرض ارتداء الكمامات. وانضمت ولاية تكساس، التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في مستويات تفشي الفيروس، إلى كل من بنسلفانيا وأوريغون وكنتاكي ومين وماريلاند وماساتشوستس وميشيغان ونيوجيرسي وواشنطن وكنساس ونورث كارولاينا وكاليفورنيا ونيفادا ورودايلند ونيويورك وديلاوير وكونيكتيكوت ونيومكسيكو وإيلينوي، في إلزام سكانها بارتداء كمامة أو قناع للوجه في الأماكن العامة أو في الأماكن التي يصعب فيها احترام التباعد الاجتماعي.
وقد أرغم تزايد عدد الإصابات الحاكم الجمهوري غريغ أبوت، وهو حليف للرئيس دونالد ترمب، على فرض ارتداء الكمامات في الأماكن العامة رغم مواقفه المشككة السابقة. وقال أبوت في بيان: «يمكننا إبقاء الشركات مفتوحة وتطوير اقتصادنا كي يتمكن سكان تكساس من الاستمرار في كسب عيشهم، لكن ذلك يتطلب من كل شخص بيننا أن يلعب دوراً لحماية بعضنا، ما ينطوي على تغطية الوجه في الأماكن العامة».
وفرض وضع الكمامات بشكل إلزامي ليس أمراً سهلاً في الولايات المتحدة، إذ إنه بات مؤشراً على الانتماء السياسي في هذا البلد. ولا يضع أشد مؤيدي الرئيس الأميركي الكمامات إلا نادراً، رغم تخفيفه موقفه منها. فيما يتحدث آخرون عن «احترام حريتهم الشخصية».
من جهتها، أوردت شبكة «سي إن إن» خبراً يفيد بعزم الإدارة الأميركية على حل مكتب الاستجابة السريع للوباء التابع لمجلس الأمن القومي، وإطلاق مكتب مماثل في وزارة الخارجية ويكون منصب المدير فيه باسم منسق الأوبئة، وذلك نزولاً عند رغبة الرئيس ترمب. وأفادت الشبكة بأن مجلس الأمن القومي استضاف اجتماعاً مشتركاً بين الوكالات الأميركية في البيت الأبيض، أول من أمس (الخميس)، لمناقشة خطط المكتب الجديد، إذ إن الهدف من اجتماع الخميس هو استعراض التفاصيل وتقديم مقترح للرئيس ترمب، في الوقت الذي أثار فيه التقرير الإعلامي انتقادات من خبراء الصحة والمسؤولين السابقين، عما إذا كانت هذه الوحدة الجديدة يجب أن تكون في وزارة الخارجية، وليس في مجلس الأمن القومي.
- عيد استقلال استثنائي
تدخل الولايات المتحدة في عطلة نهاية أسبوع مهمة ستختبر قدرتها على كبح انتشار الفيروس، إذ يصادف اليوم (السبت) العيد الوطني (عيد الاستقلال) في الرابع من يوليو (تموز)، الذي يتسم تقليدياً بلقاءات عائلية وتجمعات كبيرة لحضور الألعاب النارية. وفي الوقت الذي تشهد فيه الولايات المتحدة الأميركية تسارعاً في حالات الإصابة بفيروس «كوفيد -19»، يعتزم الرئيس ترمب حضور احتفالات الاستقلال يشارك فيها حشود، متحدياً التوجيهات الصحية بتفادي التجمع.
وفي تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، قال ترمب إن ارتفاع حالات الإصابة يعود إلى زيادة الفحوصات اليومية التي تجريها الولايات، وهي أعلى من أي دولة في العالم، مضيفاً أن «هناك خبراً جيداً هو انخفاض عدد حالات الوفاة، كما أن فئة الشباب المصابين بالفيروس يتعالجون بسرعة أكبر».
ويعتزم الرئيس ترمب المشاركة مساء الجمعة في احتفال ضخم بمناسبة عيد الاستقلال، في موقع النصب التذكاري الوطني بجبل رشمور في ولاية ساوث داكوتا، إلى جانب تجمع ضخم قد يضم ما يصل إلى 7500 شخص. كما يتوقع أن يشارك اليوم (السبت)، في تنظيم احتفال آخر في العاصمة الأميركية واشنطن. واستبق خبراء الصحة الاحتفالات بعيد الاستقلال بالتحذيرات من الارتفاعات الأخيرة في مستويات الإصابة بعدوى فيروس كورونا، مطالبين بتجنب التجمعات الكبيرة واتباع الإجراءات الاحترازية، وذلك بارتداء الأقنعة واستخدام مظهرات، والإبقاء على مسافات متباعدة بين الأشخاص.
وقد أعلنت سلطات ولاية ساوث داكوتا بعض الإجراءات لفحص الضيوف المدعوين للحفل، موضحين أنه لا يوجد تعليمات تتعلق بمتطلبات التباعد الاجتماعي. كما أن المنظمين سيوزعون أقنعة للوجه، إلا أن ارتداءها لن يكون إلزامياً.
وقالت كريستي نيوم، حاكمة ولاية ساوث داكوتا الجمهورية، لشبكة «فوكس نيوز» إن «الولاية تستعد لحدث كبير وقد أخبرنا الأشخاص الذين لديهم مخاوف أنهم يمكنهم البقاء في منازلهم». وأضافت: «لكن بالنسبة لأولئك الذين يريدون القدوم والانضمام إلينا، فإننا سنقدم لهم أقنعة وجه مجانية إذا اختاروا ارتداءها. لكننا لن نفرض عليهم إجراءات التباعد الاجتماعي». وتابعت: «نحن نثق في وعي الناس وقدرتهم على ممارسة حياتهم والحفاظ على سلامتهم».
وأثار اختيار البيت الأبيض لهذا الموقع التاريخي لإقامة الاحتفال، كثيراً من الجدل خلال الأيام الماضية لما يحمله من دلالات سياسية. ويضم «ماونت راشمور» نحتاً بطول 60 قدماً لوجوه أربعة رؤساء أميركيين؛ هم جورج واشنطن، وتوماس جيفرسون، وإبراهام لينكولن، وتيودور روزفلت، تم نحتها من عام 1927 وحتى عام 1941 في منحدر من الغرانيت. ويرى البعض أن الموقع، إلى جانب دلالاته الوطنية التاريخية، يحمل كثيراً من الإرث العنصري، وذلك بسبب الميول العنصري للنحات الذي كان عضواً في جماعة «كي كي كي» المتطرفة. فيما ينتقد آخرون نحت وجوه الرؤساء على أرض تعود ملكيتها لقبائل الأميركيين الأصليين. وانتقد هؤلاء إقامة الرئيس ترمب فعاليات حفل الاستقلال في هذا المكان «المقدس» لديهم، وأثاروا مخاوف من تفشي الفيروس، وقالوا إنهم معروضون بشكل خاص للعدوى بسبب نقص نظم الرعاية الصحية وضعف التمويل في مناطقهم.
من جهتهم، حذر ناشطون بيئيون في وقت سابق من تسبب الألعاب النارية في حرائق بالغابات المحيطة بالموقع. ونشرت اللجنة الوطنية الديمقراطية تغريدة قالت فيها إن ترمب «لا يحترم الأميركيين الأصليين»، وإن الغرض من وراء إقامة الاحتفال في هذا الموقع «هو تمجيد التفوق الأبيض». إلا أن اللجنة قامت بحذف التغريدة في وقت لاحق، دون توضيح الأسباب.
وتعد إصابات كورونا مستقرة في ولاية ساوث داكوتا، وفقاً لإحصاءات جامعة جونز هوبكنز. إلا أن الخبراء والمسؤولين حذروا من مشاركة محتفلين من ولايات أخرى في الاحتفالات، حيث تشهد 36 ولاية أميركية ارتفاعاً قياسياً في الحالات اليومية. وتحتل ولاية ساوث داكوتا حالياً المرتبة 11 من بين 34 ولاية اعتبرها معهد هارفارد للصحة عرضة للانتشار المحتمل للفيروس، بمتوسط 6.2 إصابة جديدة لكل عشرة آلاف شخص.