صدام بين بكين ولندن حول تجنيس ٣ ملايين من هونغ كونغ

أستراليا تقدّم أراضيها ملاذاً لـ«قلقين» بشأن مستقبلهم

تظاهر الآلاف ضد قانون الأمن القومي تزامناً مع الذكرى الثالثة والعشرين لإعادة هونغ كونغ إلى الصين (إ.ب.أ)
تظاهر الآلاف ضد قانون الأمن القومي تزامناً مع الذكرى الثالثة والعشرين لإعادة هونغ كونغ إلى الصين (إ.ب.أ)
TT

صدام بين بكين ولندن حول تجنيس ٣ ملايين من هونغ كونغ

تظاهر الآلاف ضد قانون الأمن القومي تزامناً مع الذكرى الثالثة والعشرين لإعادة هونغ كونغ إلى الصين (إ.ب.أ)
تظاهر الآلاف ضد قانون الأمن القومي تزامناً مع الذكرى الثالثة والعشرين لإعادة هونغ كونغ إلى الصين (إ.ب.أ)

أدانت بكين أمس تصريحات الحكومة البريطانية حول خططها لتسهيل هجرة ما يقارب ثلاثة ملايين شخص من سكان هونغ كونغ ومنحهم الجنسية البريطانية مستقبلا، ردا على تطبيق قانون الأمن القومي الصيني في المستعمرة البريطانية السابقة، وهددت بأنها ستقوم بالرد المناسب على الخطوة البريطانية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، في مؤتمر صحافي في بكين أمس الخميس، إن بلاده تدين بشدة عرض المملكة المتحدة، بالسماح لنحو 3 ملايين مواطن من هونغ كونغ بالانتقال إلى بريطانيا. وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قال الأربعاء أمام البرلمان إن بلاده ستمهد الطريق لثلاثة ملايين مواطن في هونغ كونغ، يحملون ما يعرف بـ«جوازات سفر بريطانية لما وراء البحار»، للحصول على الجنسية البريطانية الكاملة. وقال جونسون إن قانون الأمن الصيني يمثل «انتهاكا واضحا وخطيرا للإعلان المشترك البريطاني الصيني»، مضيفا أنه ينتهك درجة كبيرة من الحكم الذاتي لهونغ كونغ ويتضارب مع القانون الأساسي للمدينة.
وأفادت وكالة «بلومبرغ» للأنباء بأنه بموجب خطة المملكة المتحدة، فإنه من المقرر أن يتم رفع وضع حاملي جوازات السفر الوطنية البريطانية (في الخارج)، لتمهد لهم الطريق للحصول على جنسية المملكة المتحدة.
يذكر أن بريطانيا قد سلمت مقاليد السيطرة على هونغ كونغ للصين في عام 1997 بعد أكثر من 150 عاما من الحكم الاستعماري. ووافقت بكين على الحفاظ على الحريات الأساسية في المنطقة، بموجب الإعلان الصيني - البريطاني عام 1984.
واحتجت لندن على خرق القانون للاتفاقية بناء على مبدأ «بلد واحد بنظامين». ويهدف المبدأ إلى أن تتمتع المدينة الواقعة جنوب الصين حتى عام 2047 بحريات غير موجودة في سائر البلاد. وأعلنت سفارة الصين في لندن، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية «إذا غيّر الجانب البريطاني القاعدة الحالية بشكل أحادي، فهذا سيشكل قطيعة مع موقفه ومع القانون الدولي كذلك». وأضافت «نعارض ذلك بحزم ونحتفظ بحق اتخاذ إجراءات مناسبة».
ليست بريطانيا البلد الوحيد الذي عرض أن يكون ملاذا لسكان هونغ كونغ القلقين بشأن مستقبلهم.
وبعدما اعتبر أن الوضع في هونغ كونغ «يثير قلقا عميقا»، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون أن حكومته تعتزم العمل «بنشاط كبير» على اقتراح استقبال سكان هذه المنطقة الصينية.
وأوضح أن حكومته ستدرس هذا الإجراء قريبا، ملمحا إلى أنه سيتم تبنيه. وردت الصين بالطلب من مواطنيها عدم الذهاب إلى أستراليا بهدف السياحة والدراسة، وفرضت عقوبات تجارية على المنتجات الأسترالية.
من جهتها، فتحت تايوان مكتباً لمساعدة سكان هونغ كونغ على الفرار. في الولايات المتحدة، حظي مشروع قانون لمنح اللجوء لهم بترحيب كبير.
ونددت عواصم غربية عدة بفرض القانون الصيني الذي يعاقب على التخريب والنزعة الانفصالية والإرهاب والتواطؤ مع قوة أجنبية.
وضمت نقابة المحامين في هونغ كونغ أيضا صوتها إلى أصوات المنتقدين، ونشرت تحليلاً قانونياً يشير إلى أن الصيغة المبهمة جداً لهذا القانون الذي دخل مساء الثلاثاء حيز التنفيذ، تقوض استقلالية القضاء والحريات في المنطقة التي تتمتع بشبه حكم ذاتي.
ويعتبر قانون الأمن القومي ردا من السلطات الصينية على الأزمة السياسية في هونغ كونغ عام 2019 عندما تظاهرت حشود هائلة على مدى أشهر للتنديد بتدخل بكين في شؤون المدينة الداخلية، والمطالبة بمزيد من الحريات.
وقال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا أمس الخميس إن اليابان تتابع الأحداث في هونج كونج «باهتمام بالغ». وذكر سوجا أن العلاقات التجارية الوثيقة التي تربط اليابان بهونغ كونغ تقوم على الوضع الذي تتمتع به بموجب صيغة «دولة واحدة بنظامين». ووافق مجلس النواب الأميركي الأربعاء بالإجماع على نص يقضي بفرض عقوبات بشكل آلي على المسؤولين الصينيين الذين ينتهكون التعهدات الدولية للصين حيال الحكم الذاتي في هونغ كونغ. واقتراح القرار يلقى دعم الجمهوريين والديمقراطيين.
ويرى منتقدو القانون الجديد أنه مقدمة لحملة قمع واسعة في المدينة، فقد استخدمت قوانين مماثلة في مناطق أخرى في الصين لكم الأفواه.
لفتت نقابة المحامين في هونغ كونغ إلى أن النص يلغي الفصل بين النظام القضائي المستقل في هونغ كونغ والنظام القضائي في الصين القارية، التي يسيطر الحزب الشيوعي على المحامين فيها.
ورأى المحامون في الوثيقة التي تقع في خمس صفحات أن الجرائم الواردة في القانون محددة بشكل مبهم جداً، بما يسمح «في استخدامها بشكل تعسفي وبطريقة تتعدى بشكل غير متناسب على الحقوق الأساسية، مثل حرية المعتقد والتعبير والتجمع». وأعربت النقابة عن قلقها من سلطات الرقابة الإضافية التي أسندت للشرطة خصوصاً في مجال التنصت دون رقابة قضائية، ومن إمكانية إجراء محاكمات مغلقة ومن واقع أن لبكين الكلمة الفصل في تفسير النص. ويشعر منتقدو النص بالقلق أيضاً لأن النص سيمنح الصين صلاحية قضائية في بعض القضايا التي يشملها القانون، وهو ما يتعارض مع وضع هونغ كونغ كمنطقة ذات سيادة قضائية، وبأنه يمكن لعناصر الشرطة الصينيين العمل على أراضي المنطقة، وهي سابقة.
وتظاهر الآلاف الأربعاء ضد النص، في يوم تزامن مع الذكرى 23 لإعادة هونغ كونغ إلى الصين. وردت الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه ورذاذ الفلفل. وأوقف أيضاً أكثر من 400 متظاهر، عشرة منهم بموجب القانون الجديد.
ألقت الشرطة القبض على شاب في الرابعة والعشرين من عمره في مطار المدينة صباح أمس الخميس للاشتباه في أنه طعن شرطيا خلال الاحتجاجات. وقالت وسائل إعلام محلية إن المعتقل كان على طائرة تابعة لخطوط كاثاي باسيفيك تتأهب للإقلاع إلى لندن عند إلقاء القبض عليه.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».