مصر: قفزة غير مسبوقة في معدل الوفيات

توسعة نطاق مراكز «التبرع بالبلازما» لاحتواء الفيروس ومعالجته

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال افتتاح مستشفى ميداني في القاهرة أمس (الحكومة المصرية)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال افتتاح مستشفى ميداني في القاهرة أمس (الحكومة المصرية)
TT

مصر: قفزة غير مسبوقة في معدل الوفيات

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال افتتاح مستشفى ميداني في القاهرة أمس (الحكومة المصرية)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال افتتاح مستشفى ميداني في القاهرة أمس (الحكومة المصرية)

بموازاة تسجيل قفزة غير مسبوقة في معدلات الوفيات خلال اليومين الماضيين، خطت الحكومة المصرية باتجاه تدشين المستشفيات الميدانية، وافتتح رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، أمس، مستشفى بجامعة عين شمس (في القاهرة)، بسعة مائتي سرير، تمهيداً لبدء تشغيله يوم الخميس المقبل.
وقالت إدارة المستشفيات بجامعة عين شمس إنه مخصص لـ«علاج الحالات المرضية المختلفة، ومنها استقبال المشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا المستجد، وكذا توفير العلاج الكامل، وفق البروتوكولات المعتمدة للعلاج بوزارة الصحة».
وأعلنت «الصحة المصرية»، أول من أمس، تسجيل 91 حالة وفاة جديدة بفيروس «كورونا»، وكان ذلك بعد يوم واحد من وفاة 62 مريضاً، في قفزات غير مسبوقة بمعدلات الوفاة منذ تسجيل أول حالة إصابة بالبلاد في مارس (آذار) الماضي.
ودعا مدبولي إلى «زيادة عدد المستشفيات الجامعية التي تقدم خدمة علاجية لمصابي (كورونا) في محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية)، خاصة أنها المحافظات الأكثر إصابة».
ووفق بيانات حكومية، فإن «المستشفى الميداني يقع على مساحة 4600 متر مربع، وقد أقيم في 15 يومياً، بإجمالي عدد أسرة بلغ نحو 200 سرير، منها 165 سرير إقامة، و11 سريراً للرعاية المركزة والعزل، و8 أسرة للفرز، والأسرة المتبقية لخدمة الأطقم الطبية والعاملين، وقد تم تنفيذها بتكلفة بلغت نحو 28 مليون جنيه (الدولار يساوي 16.17 جنيه مصري في المتوسط)».
وقال وزير التعليم العالي، الدكتور خالد عبد الغفار، إنه «تم تجهيز المدينة الجامعية للطالبات بجامعة عين شمس لاستقبال المواطنين العالقين العائدين من مختلف الدول، بطاقة استيعابية 815 سريراً، وقد بدأت المدينة الجامعية في استقبالهم اعتباراً من 20 مايو (أيار) الماضي».
وسجلت مصر، أول من أمس، 1618 حالة إيجابية جديدة للإصابة بفيروس كورونا، فضلاً عن خروج 402 من المصابين من مستشفيات العزل والحجر الصحي.
وفي مسعى لتحفيز المواطنين، أعلنت وزيرة الصحة، الدكتورة هالة زايد، أول من أمس، بالتزامن مع اليوم العالمي للتبرع بالدم، عن مشاركتها في حملة للتبرع بالدم لـ«تشجيع المواطنين على التبرع، والتوعية بأهميته في تلك الأوقات الحرجة»، مؤكدة «اتخاذ الإجراءات الوقائية والاحترازية كافة لضمان سلامة المتبرعين».
ودعت الوزيرة «المواطنين كافة للتبرع بالدم لاستمرار دعم النظام الصحي المصري، وذلك من خلال 28 فرعاً لمراكز نقل الدم القومية المنتشرة على مستوى المحافظات».
وفي إطار مساعي علاج المرضى بكورونا، قالت زايد إنه «تم تخصيص 5 مراكز للتبرع ببلازما المتعافين من الفيروس»، وأكدت أنه جارٍ «التوسع في الخدمة، وزيادة تلك المراكز من 5 إلى 20 مركزاً، خلال الأيام المقبلة».
وتعهدت «الصحة» بضمان أمان «نقل الدم في مصر، واتخاذ الإجراءات الوقائية والاحترازية كافة، واتباع بروتوكولات مكافحة العدوى، من تعقيم وتطهير مراكز التبرع وأفرعها كافة مرتين يومياً، قبل بداية وبعد نهاية العمل بكل مركز، وتعقيم كراسي التبرع بين كل متبرع والثاني، مع توفير وسائل الأمان والحماية الشخصية لجميع العاملين بخدمات نقل الدم، بالإضافة إلى تعقيم وتطهير سيارات التبرع كافة المنتشرة في جميع الميادين بشكل مستمر».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.