نظرة واسعة جديدة.. إلى عالم الجينات

علماء أميركيون يرصدون تماثلا مذهلا بين الحمض النووي للإنسان وذباب الفاكهة والديدان

نظرة واسعة جديدة.. إلى عالم الجينات
TT

نظرة واسعة جديدة.. إلى عالم الجينات

نظرة واسعة جديدة.. إلى عالم الجينات

في تاريخ علم الأحياء هناك حيوانان صغيران ظهرا كبيرين، ففي أوائل القرن الـ19 شرع العلماء بدراسة «دروسوفيليل ميلانوغاستر» Drosophila melanogaster ذبابة الفاكهة المعروفة. وقد بين البحث على هذه الحشرات السريعة التناسل، أن الجينات تكمن في الـكروموسومات، وهو ما تبين صحيحا في الحيوانات الأخرى، بما فيها البشر. ولأكثر من قرن استمر العلماء في جمع الأدلة واستخلاصها، من الذبابة البدائية في سلسلة المخلوقات، إلى الألغاز الأخرى في علم الأحياء (البيولوجيا)، مثل لماذا نخلد إلى النوم؟ وكيف يتطور مرض القلب؟.
وفي الستينات من القرن الماضي، انضم حيوان آخر إلى قائمة هذه الدراسات، ألا وهو دودة صغيرة تدعى «كيانورهابديتس إليغانس» Caenorhabditis elegans. وتبين لسيدني برينر العالم البيولوجي أن جسم هذه الدودة مكون من خلايا لا تتعدى الألفين، مما يوفر فرصة نادرة لمعرفة كيف أن بيضة واحدة من شأنها أن تنمو إلى حيوان كامل. واليوم يقوم الكثير من العلماء بدراسة الدودة بحثا عن دلائل حول كيفية تركيب أدمغتنا وعملها، ولماذا نتقدم بالعمر ونشيخ.

* نظرة علمية عميقة
وتقوم هاتان الفصيلتان حاليا بتأمين حتى نظرة أعمق في علم الأحياء. وقام فريق مكون من مئات من العلماء، بتسجيل خريطة عن جيناتهما مع تطورهما من بيوض إلى حيوانات كاملة بالغة. أن «الأمر لا يتوقف على هذا الجين أو ذاك»، كما يقول روبرت واترستون عالم الجينات في جامعة واشنطن، الذي كان من بين العلماء الذين عملوا في هذا المشروع الذي دعي «مود إنكود» modENCODE، والذي أضاف أن الدراسة «تمكننا الحصول على صورة شاملة» للجينات.
وقام واترستون ورفاقه بنشر آرائهم عن نتائج هذا البحث على 5 صفحات من مجلة «نيتشر» قبل أشهر. ووفقا إلى تحليلهم المبدئي، وجدوا تشابها مذهلا بين خريطة الجينات في ذباب الفاكهة والديدان، وبين حمضنا النووي نحن البشر. وقد يؤمن التوسع في اكتشاف هذا التشابه، للعلماء نظرة مستقبلية عن الاختلال الجيني وأمراض كالسرطان مثلا.
وفي عام 1998 وضع واترستون مع فريق كبير من زملائه العلماء كتالوغا لجميع الجينات المرمزة بروتينيا الخاصة بدودة «كيانورهابديتس إليغانس»، وعددها 19 ألفا مع دليل عام لبقية حمضها النووي. وفي عام 2000 أجرى العلماء المسح ذاته بالنسبة إلى ذبابة «دروسوفيليل ميلانوغاستر». وشكل هذان المسعيان مساعدة كبيرة للعلماء الذين يدرسون الخصائص البيولوجية لهذه الحيوانات. بيد أن هذه الجهود كشفت القليل عما تفعله الجينات في الكائن الحي. وبدا الأمر كما لو أنهم قاموا بوضع جردة كاملة لجميع الآلات الموسيقية التي تتألف منها الأوركسترا، من دون أن يتمكنوا من رؤية نوتة الموسيقى هذه.
إن الجين يتضمن معلومات يمكن للخلية استخدامها لتكوين جزيئة معينة، لكن الحيوان ككل قد يستخدم جينا معينا في وقت معين في حياته، أو في عضو محدد. والحمض النووي الخليوي Cellular DNA يلتف حول جزيئات تشبه البكرة، أو الملف، تدعى الـ«هستونات» histones. وعندما يكون الحمض النووي مدسوسا بعيدا، فإنه لا يمكن للجزيئات القارئة للجين أن تصلها. ولدى إضافة مركبات معينة تعرف بعلامات، أو إشارات الـ«هيستون» إلى تلك الـ«هيستونات»، تفتح الخلية جزءا من الحمض النووي.
ولدى تعرض الجين لأسلوب كهذا يقوم بروتين يدعى عامل النسخ (ترانسكريبشن) بالتعلق به مجندا جزيئات أخرى لـ«قراءته» وإنتاج بروتين جديد، أو جزيئة من الحمض النووي الريبي RNA. وقد يقوم عامل نسخ واحد أحيانا بإطلاق وتشغيل عشرات من الجينات الأخرى، بينما في أحيان أخرى تقوم هذه الجينات بترميز عوامل نسخ خاصة بها، لتمكين خلية واحدة لإنتاج مئات من الجزيئات الشبيهة بها دفعة واحدة.

* جينات بشرية
وكان فريق «مود إنكود» قد أخذ على عاتقه عملا جبارا، ألا وهو وضع صورة مفصلة لعمل الجزيئات هذه. فخلال الـ5 سنوات المنصرمة انهمك مئات من البيولوجيين في تسجيل نشاط الحمض النووي في الذباب والديدان، وبالتالي مقارنة النتائج منهجيا بنتائج ما يرونه في البشر.
ولدراسة الجينات في البشر، ركز العلماء على تشكيلة واسعة من الخلايا المتنوعة، مثل خلايا الأعصاب والدم والكبد، أما في التجارب التي تناولت الذباب والديدان، قام العلماء بتفحص أجسامها الكاملة، وهي تصل مرحلة البلوغ انطلاقا من البيض.
وقام العلماء بوضع كتالوغ لأجزاء الجينوم (ألخريطة الوراثية) التي تستخدمها الخلايا. كما قاموا بوضع خريطة لعلامات الـ«هيستون»، مع تحديد موقع عوامل النسخ التي تتعلق بالحمض النووي. ونظرا لأن العلماء استخدموا الأساليب ذاتها لجمع البيانات من الفصائل الحية الـ3. تمكنوا من مقارنتها على نحو لم يسبق له مثيل.
ويأتي الذباب والديدان والبشر من فروع بعيدة عن بعضها البعض في شجرة التطور. فآخر جد مشترك لهذه الكائنات عاش قبل 700 مليون سنة. ورغم الفارق الكبير بين هذه الفصائل الـ3، وجد فريق «مود إنكود» بعض الجوانب المتوازية والمتشابهة في عمل حمضها النووي. فقد تبين أن الكثير من جينات هذه الفصائل تميل إلى العمل والتوقف بالنمط ذاته متبعة إيقاعا يمكن توقعه. فقد وجد الباحثون أن كلا منها يحتوي على 16 مجموعة من هذه الجينات، تتضمن كل منها مئات من الجينات التي تعمل سوية. وعلى الرغم من عدم وضوح ما الذي تفعله هذه الجينات في جميع هذه الفصائل، لاحظ العلماء أن عشرات من التجمعات منها كانت ناشطة بشكل خاص في بعض مراحل تطور الدودة والذبابة. وقد يكون ذلك أمرا أساسيا في تحول البيضة إلى حيوان كامل بالغ.
كذلك وجد العلماء أن علامات الـ«هيستون» تقوم بالتحكم بالحمض النووي بالطريقة ذاتها في جميع هذه الفصائل. فإذا ما وجدت بعض العلامات المعينة حول الجين، يمكن للعلماء توقع مدى نشاطها، سواء كان ذلك عائدا للذبابة، أو الدودة، أو البشر. والأمر العجيب أن هذا التوقع يعمل جيدا، كما يقول مارك غيرشتاين من جامعة ييل في أميركا، وأحد أعضاء فريق «مود إنكود».
وتقوم عوامل النسخ بالإمساك بالجينات بطريقة معقدة مذهلة، كما فهم علماء الأحياء. وتقوم عوامل نسخ أخرى مختلفة بتنشيط الجينات ذاتها في خلايا مختلفة، وفي مراحل التطوير المختلفة، ومع ذلك فإنه تحت هذا التعقيد تقوم الفصائل الـ3 هذه بإتباع الكثير من القوانين ذاتها لتنظيم جيناتها. «فالكثير من المبادئ الأساسية هي نفسها»، يقول مايكل سنيدر خبير الجينات في جامعة ستانفورد في أميركا، وعضو فريق «مود إنكود».

* خدمة «نيويورك تايمز»



هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.