الحملة الجوية ضد «داعش» تتضاءل أمام عدو قادر على التكيف

تحديات جديدة أمام المخططين العسكريين في قاعدة كارولينا بعيدا عن الأهداف التي يختارونها

واشنطن دفعت بالمزيد من طائرات الهجوم والمراقبة إلى حملة الحرب الجوية التي تشنها ضد تنظيم داعش (نيويورك تايمز)
واشنطن دفعت بالمزيد من طائرات الهجوم والمراقبة إلى حملة الحرب الجوية التي تشنها ضد تنظيم داعش (نيويورك تايمز)
TT
20

الحملة الجوية ضد «داعش» تتضاءل أمام عدو قادر على التكيف

واشنطن دفعت بالمزيد من طائرات الهجوم والمراقبة إلى حملة الحرب الجوية التي تشنها ضد تنظيم داعش (نيويورك تايمز)
واشنطن دفعت بالمزيد من طائرات الهجوم والمراقبة إلى حملة الحرب الجوية التي تشنها ضد تنظيم داعش (نيويورك تايمز)

في قاعدة شاو الجوية - ولاية جنوب كارولينا – تدفع الولايات المتحدة بالمزيد من طائرات الهجوم والمراقبة إلى حملة الحرب الجوية التي تشنها ضد تنظيم داعش، مما يعمق من مستوى التدخل الأميركي في الصراع الدائر ويطرح تحديات جديدة أمام المخططين العسكريين الذين يعملون هنا في قاعدة جنوب كارولينا المركزية، بعيدا عن الأهداف التي يختارونها لتلك الطائرات.
وقد انتقلت نحو 10 طائرات للهجوم الأرضي طراز (A - 10) مؤخرا من أفغانستان إلى الكويت، حيث تبدأ في مهام الطيران لدعم القوات البرية العراقية في وقت مبكر من هذا الأسبوع، حسبما أفاد المسؤولون العسكريون. ومن المتوقع كذلك انتقال نحو 5 طائرات من دون طيار طراز (Reaper) لإطلاق الصواريخ من أفغانستان خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
ليس من مكان خارج منطقة الشرق الأوسط تكون فيه تلك الطائرات ذات تأثير فعال أكثر من قاعدة شاو الجوية، والتي صارت رمزا رائدا من حيث المقدرة العسكرية على تنفيذ العمليات العالمية من على بعد.
ولكن، في حين أن أفراد القوات الجوية الأميركية الذين يساعدون في التخطيط للهجمات الجوية ضد تنظيم داعش من مقرهم في الولايات المتحدة، سوف تتاح لهم قدرات نيرانية جوية أكبر، إلا أنهم يواجهون عدوا غير اعتيادي، فهو هجين بين الجيش التقليدي النظامي والشبكة الإرهابية، والذي أثبت أنه هدف غير سهل التعامل مع بالنسبة للقوة الجوية الأميركية.
يقول الجنرال سوني البردستون، وهو مسؤول الاستهداف هنا: «حينما نستهدف دولة قومية، فإننا نبحث عادة عن قدراتها على مدى عقود، ولدينا مجموعة كبيرة من الأهداف المحتملة. ولكن أولئك الرجال يتحركون كثيرا. فقد يكونون في أحد الأماكن، ثم وبعد أسبوع واحد، يختفون منه».
تماما كما توجه وزارة الدفاع الأميركية أساطيل الطائرات من دون طيار لديها من طراز (Predator) وطراز (Reaper) من القواعد الجوية في نيفادا وغير مكان داخل الولايات المتحدة، فإن مقرات القيادة الخلفية تلك التابعة لقيادة القوات الجوية المركزية تعمل على تنفيذ الجانب الأكبر من العمل من تحليل واختيار الأهداف التي تقوم طائرات قوات الحلفاء بضربها في سوريا والعراق.
تلك الأهداف عبارة عن مواقع ثابتة مثل مقرات القيادة العسكرية ومراكز الاتصالات، ومصافي النفط، ومعسكرات التدريب، وثكنات القوات، ومستودعات الأسلحة – اختصارا، كل ما يحتاج إليه تنظيم داعش لمواصلة القتال.
تركز مجموعة أخرى من المحللين واختصاصيي الاستهداف جهودها، على بعد أكثر من 7000 ميل في قاعدة العديد الجوية في قطر بالخليج العربي، على الأهداف المنبثقة المزعومة – مثل قوافل المتشددين أو الأسلحة الثقيلة المتحركة. ونالت تلك الأهداف أولى أولويات الحملة الجوية المستمرة منذ 3 شهور، رغم أن مهمة واحدة من أصل 4 مهام جوية لضرب تلك الأهداف كانت تلقي فعليا بقنابلها عليهم. أما بقية المهام فكانت ترجع إلى القواعد، فشلا منها في العثور على الأهداف التي صدرت إليهم الأوامر بضربها بموجب قواعد اشتباك جد صارمة ومصممة لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين.
من بين 450 مهمة جوية وجهت إلى سوريا خلال الأسبوع الفائت، كانت نسبة 25 في المائة منها فقط قيد التخطيط حسبما أفاد المسؤولون العسكريون. ومن بين 540 مهمة جوية في العراق خلال نفس الفترة، كانت هناك نسبة أقل قيد التخطيط بلغت 5 في المائة من إجمالي المهام.
يشكر النقاد من أن الحملة الجوية تتضاءل أمام عدو قادر على التكيف. حيث يقول السيناتور جيمس م. إنهوف من ولاية أوكلاهوما، وهو نائب جمهوري بارز لدى لجنة القوات المسلحة: «إننا في حاجة إلى المزيد من قدرات الاستهداف أكثر مما لدينا في الوقت الراهن»، والذي عاد لتوه من الأردن، حيث تُستخدم القواعد الجوية في الكثير من البلدان لتنفيذ المهام القتالية الجوية ضد تنظيم داعش، والمعروف اختصارا باللغة الإنجليزية باسم (ISIS) أو (ISIL). وكان الاستهداف أيضا أحد الموضوعات الرئيسية خلال الأسبوع الماضي، حينما استكمل نحو 200 مسؤول عسكري من 33 دولة مؤتمرا غير اعتيادي للتخطيط للمعارك في مقر القيادة المركزية في تامبا بولاية فلوريدا الأميركية. وكان الهدف «مزامنة وتنقيح خطط حملة التحالف والموجهة لتقويض ثم هزيمة تنظيم داعش»، حسبما أفاد بيان القيادة المركزية حول المؤتمر.
في الوقت نفسه، فإن حجم الموارد المتاحة لضرب تنظيم داعش مستمر في الازدياد. وكان المغرب هو آخر الدول العربية التي استجابت للطلب الأميركي من حيث زيادة القوة النيرانية، حيث أرسل الكثير من مقاتلات إف - 16 إلى القتال. وتدرس القيادة المركزية الأميركية كذلك خيار تعيين المقاولين المدنيين لتشغيل طائرات التجسس الإضافية لتلبية الحاجة الملحة من البحث عن المزيد من الأهداف.
يجتمع العقيد سكوت ف. مواري، كبير ضباط الاستخبارات في القاعدة والمقاتل المخضرم في الحملات الجوية السابقة في العراق وأفغانستان وكوسوفو، في فترة ما بعد الظهيرة مع كبار معاونيه لاستعراض الأهداف: المستكملة فعلا، والمزمع استهدافها، والضربات المستقبلية.
هناك بعض الأهداف خارج مجال الحملة الجوية تلقائيا، مثل السدود، والمدارس، والمستشفيات. وهناك عشرات الأهداف التي تأتي بالكثير من القيود، مثل قواعد تفيد بإمكانية ضربها ليلا فقط، حينما يفترض عدم تواجد أي أناس حولها. وفي أي وقت من الأوقات، هناك أقل من 100 هدف على القائمة قد حازت التصديق على ضربها.
يعمل المخططون لدى قاعدة العديد الجوية على إعداد تلك القائمة، حيث يطابقون الطائرات المحددة والأسلحة المحددة المناسبة لتدمير أو تعطيل الهدف عن العمل مع أقل مستوى ممكن من المخاطر حيال المدنيين، على نحو ما أفاد المسؤولون العسكريون.
* خدمة «نيويورك تايمز»



«يُلبي أكبر قدر من الطموحات»... تفاصيل المقترح المصري المعدّل لوقف حرب غزة‎

فلسطينيات ينظرن إلى موقع غارة إسرائيلية على منزل في دير البلح وسط غزة يوم الاثنين (رويترز)
فلسطينيات ينظرن إلى موقع غارة إسرائيلية على منزل في دير البلح وسط غزة يوم الاثنين (رويترز)
TT
20

«يُلبي أكبر قدر من الطموحات»... تفاصيل المقترح المصري المعدّل لوقف حرب غزة‎

فلسطينيات ينظرن إلى موقع غارة إسرائيلية على منزل في دير البلح وسط غزة يوم الاثنين (رويترز)
فلسطينيات ينظرن إلى موقع غارة إسرائيلية على منزل في دير البلح وسط غزة يوم الاثنين (رويترز)

تحدث مصدر مصري مطلع إلى «الشرق الأوسط» عن تفاصيل مقترح معدّل تقدمت به القاهرة لتحقيق اختراق يقود إلى وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، موضحاً أنه يتضمن «إطلاق نحو 8 رهائن أحياء من غزة، مقابل هدنة لوقف إطلاق النار لمدة تتراوح بين 40 و70 يوماً».

وأشار المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه إلى أن «القاهرة حاولت في التعديل الجديد تلبية أكبر قدر من طموحات كل طرف، حيث إن (حماس) كانت في البداية تريد الإفراج عن رهينتين فقط مقابل هدنة الخمسين يوماً، فيما ترغب إسرائيل في نصف الرهائن».

والتعديل الذي يشير إليه المصدر المصري، جاء تطويراً لمقترح سابق للقاهرة طرحته بعد أيام من خرق إسرائيل اتفاق الهدنة في 18 مارس (آذار) الماضي، وكان يتضمن أن تطلق «حماس» سراح 5 رهائن إسرائيليين دفعة واحدة، مقابل هدنة 50 يوماً، على أن تبدأ إسرائيل تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بعد الأسبوع الأول من الهدنة الجديدة.

ووافقت «حماس» على المقترح السابق، لكنه لم يلقَ قبولاً لدى إسرائيل، التي طلبت بدورها إطلاق نصف الرهائن الأحياء على الأقل دفعة واحدة.

أطفال فلسطينيون يقفون داخل مبنى مدمَّر الاثنين في دير البلح وسط غزة (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يقفون داخل مبنى مدمَّر الاثنين في دير البلح وسط غزة (أ.ف.ب)

ومساء الجمعة الماضي نقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن مصر «تقدمت بمقترح جديد لتسوية بخصوص وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، بهدف سد الفجوات». ويقع المقترح الجديد، وفق هيئة البث، «في مكان ما بين العرض الأصلي، الذي تضمن إطلاق سراح 5 أسرى أحياء، وبين العرض الإسرائيلي الذي تضمن إطلاق سراح 11 محتجزاً حياً في غزة».

وحسب التأكيدات الإسرائيلية، لا تزال «حماس» تحتجز 59 شخصاً في قطاع غزة، يقول جيش الاحتلال إن 35 منهم قُتلوا، وتعتقد الاستخبارات الإسرائيلية أن بينهم 22 ما زالوا على قيد الحياة، بينما وضع اثنين آخرين غير معروف. ومن بين المحتجزين 5 أميركيين.

«تطمينات»

وأوضح المصدر أن «قيادات من (حماس) طلبت تطمينات لمدى التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار بعد تسليم الرهائن، فتم التوصل لصيغة تقضي بألا يكون تسليم الرهائن الثمانية دفعة واحدة، بل قد يكون الإفراج عن رهينة كل يوم على مدى أسبوع حتى يكتمل العدد المتفق عليه، وأن توقف إسرائيل القصف وتسمح بإدخال المساعدات مع أول تسليم للرهائن، وكذلك الإفراج عن معتقلين في سجون إسرائيل، وبشكل متزامن يتم استئناف المفاوضات من أجل تنفيذ المراحل المتفق عليها في الهدنة الأصلية».

ونوه المصدر إلى أن «الرد النهائي من (حماس) لم يصل بعد، كما أن الجانب الإسرائيلي يدرس المقترح المعدل، ويبدو أنه سيرد بعد لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في واشنطن، الاثنين».

ووصل نتنياهو إلى واشنطن، مساء الأحد، وقال في بيان إن محادثاته مع ترمب «ستتناول قضية الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين في غزة منذ 18 شهراً، وتحقيق النصر في غزة».

فلسطينيون يشيّعون يوم الاثنين طفلاً قُتل بغارة إسرائيلية في غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يشيّعون يوم الاثنين طفلاً قُتل بغارة إسرائيلية في غزة (أ.ف.ب)

ويرى الخبير الاستراتيجي المصري، سمير راغب، أن «المقترح المصري الجديد قد يكون الفرصة الأقوى حالياً لتحقيق وقف إطلاق النار، وهو ضروري ومهم حتى لو بدا الطريق مسدوداً».

راغب قال لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة تعوِّل على الدعم الأوروبي الكبير للموقف المصري والعربي، الرافض للتهجير، والمساند لضرورة إدخال المساعدات وإعادة إعمار غزة، وكذلك تبذل القاهرة جهوداً مع الشركاء للضغط من أجل تحقيق اختراق يقود لوقف إطلاق النار والعودة إلى المفاوضات»، كما أن «هناك تعويلاً كبيراً على إمكانية قيام ترمب بالضغط على نتنياهو لتحقيق التهدئة، خصوصاً بعد الاتصال الأخير بين الرئيس الأميركي والرئيس المصري».

وعقد الرئيس المصري قمة ثلاثية، اليوم الاثنين، مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يزور القاهرة حالياً، والملك الأردني عبد الله الثاني، استجابةً لحالة الطوارئ في غزة، بحسب ما قاله ماكرون. فيما أكد السيسي «أهمية استعادة التهدئة من خلال الوقف الفوري لإطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية»، وفق بيان للرئاسة المصرية.

حراك فلسطيني

في سياق متصل، قال الصحافي المتخصص في الشؤون الفلسطينية، أشرف أبو الهول، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك حراكاً فلسطينياً من أجل حلحلة الخلافات بين السلطة الفلسطينية وحركة (حماس) للوصول إلى صيغة تضمن رؤية واضحة لكيفية إدارة غزة بعد الحرب، من أجل القضاء على حجج الاحتلال بشأن هذا الأمر الذي يتخذه ذريعة لتعطيل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار».

وحسب أبو الهول فإن «وفد حركة (فتح) الفلسطينية الذي التقى وزير الخارجية المصري بدر على العاطي، يوم السبت الماضي، طرح مبادرة لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني تقوم على جعل (حماس) شريكة في إدارة المشهد الفلسطيني عبر إدخالها في منظمة التحرير الفلسطينية، وهي مبادرة ليست جديدة لكنها متكررة وسبق واعترضت عليها (حماس) لأنها تقضي باعتراف الحركة باتفاقات (منظمة التحرير) مع إسرائيل».

لكن أبو الهول أكد أن «القاهرة تعتمد على موافقة (حماس) السابقة على المقترح المصري بتشكيل لجنة إسناد لإدارة غزة من أعضاء تكنوقراط ترشحهم الفصائل، وبالفعل رشحت (حماس) ممثلين لها وقدمتهم لمصر، وتتكون اللجنة عموماً من نحو 15 عضواً».