عبر فيديو قصير على موقعه الإلكتروني يشرح أليساندرو ترابوكو كيف تحولت وظيفته الأصلية دليلاً سياحياً في مدينة فينيسيا (البندقية) الإيطالية من الواقع إلى العالم الافتراضي. يبدأ الفيديو بالحديث عن الأوضاع الصعبة التي تعيشها المدينة العائمة حالياً بسبب انتشار «كورونا» فيها وفي باقي مدن إيطاليا، ويعرج بالحديث لتأثير الفيروس على عمله والآلاف غيره من العاملين بمجال السياحة. قرر ترابوكو الفرار من الوضع الذي فرضته الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار العدوى، وهو ما ترجم في الواقع إلى توقف تام في حركة السياحة في فينيسيا وإقفار شوارعها ومعالمها. انتقل ترابوكو من جولاته المكوكية في فينيسيا وجزرها، حيث كان يقود مجموعات من السياح في الشوارع الضيقة لفينيسيا، ليقبع الآن خلف مكتب مستعيناً بشاشة كمبيوتر وخرائط «غوغل» للعودة مرة أخرى لعمله. يقول في الفيديو «هي المرة الأولى التي أقوم بها بجولة سياحية عبر الإنترنت، الأمر ليس سهلاً، لكني أحاول الوصول إلى حل؛ ولهذا استخدم هذه الوسيلة».
ينطلق أليساندرو في جولته الأولى من صورة جوية لأشهر بقعة في فينيسيا وهي ساحة سان ماركو، يستخدم الرجل الأصفر على الخريطة للوصول إلى نقطة البداية، نحن الآن أمام واجهة قصر «دوج» دوق فينيسيا، القصر الضخم الشهير بواجهته المبنية على الطراز القوطي والمطل على القنال الكبير. يشرح أليساندرو أهمية القصر ويرفق ذلك ببعض المعلومات التاريخية، ويدور بمؤشر فأرة الكمبيوتر إلى بعض المعالم المهمة في الصورة أمامنا «هذا العمود على يسار القصر يحمل تمثالاً لأسد القديس ماركو، رمز مدينة فينيسيا»... على امتداد البصر يمكنكم رؤية كنيسة سالوتي والمشهورة بمعمارها وأيضاً بدورها خلال الطاعون الذي أصاب المدينة في 1630... وعلى اليسار يمكنكم رؤية جزيرة جوديكا....»، يضيف قائلاً مشيراً إلى طبيعة الجولة الافتراضية «هذا أمر صعب بعض الشيء، اعتدت على التعامل المباشر مع زبائني والحديث معهم ورؤية تعبيراتهم، لكن في جولتنا هنا يمكنكم الحديث معي عبر تطبيق (زووم) وإرسال الملحوظات، ليس أمراً مثالياً، لكنها طريقة للتفاعل».
محاولة أليساندرو للعودة إلى عمله مرة أخرى تلفت موقع مجلة إلكترونية عن السياحة في إيطالية، يناشد حساب المجلة الجمهور لمساندة أدلاء السياحة في إيطاليا. يلفتني الإعلان وأتواصل مع أليساندرو عبر البريد الإلكتروني لمعرفة معلومات أكثر عن حياته وحياة غيره من العاملين بمجال السياحة في إيطاليا.
يحرص أليساندرو في إجابته عن أسئلتي على التأكيد بأن رحلاته الافتراضية عبر فينيسيا لن تستمر طويلاً، ويضيف «عدد قليل منا لجأ للإنترنت لممارسة عملنا، لكن الجولات الافتراضية ستتوقف عند السماح بدخول السياح الأجانب لفينيسيا، فأنا أفضل الجولات على الأرض وفي أنحاء المدينة». محاولة أليساندرو جذبت البعض لموقعه وبدأ في تلقي طلبات لجولات خاصة في معالم المدينة والتي يضع لها سعراً معقولاً وهو 9 يوروات للشخص.
يبدو متفائلاً بعودة الحركة السياحية لمدينته الأثيرة، ويشير إلى أنه ليس من سكان الوسط التاريخي لفينيسيا؛ فهو يقطن في منطقة ميستير القريبة منها.
ورداً على سؤال حول شكاوى أهل المدينة في السابق من السياحة الزائدة لفينيسيا وتأثيراها السلبية، يقول «إنها لا تمثل أهمية في عصر ما بعد (كورونا)»، بل يعتقد بأن الحكومة لن تقوم بتحديد عدد السياح كما كان مقترحاً في السابق.
الحياة في فينيسيا تحت وطأة «كورونا» كانت بمثابة «صحراء كبيرة» على حد تعبيره، «أستطيع القول بأن الوضع هناك يائس جداً، كل الفنادق والمطاعم والمحال وغيرها من المنشآت أوصدت أبوابها».
في السنوات الأخيرة طالب كثيرون في المدينة بتقليل الحركة السياحية التي كانت «تقتل المدينة»، لكن ما يحدث الآن فاجأ الكل وأثار العزم على محاولة العودة لنمط حياة كان منتقداً، في تقرير لمحطة «آي تي في» البريطانية تحدث أحد رجال الدين في كنيسة سان ماركو قائلاً «هذه المدينة كانت تحتضر من تدفق السياح وهي الآن تحتضر من عدم وجودهم، يجب أن نجد الحل الوسط».
جدير بالذكر، أن فينيسيا كانت تستقبل 30 مليون سائح يمثلون شريان الحياة لاقتصادها القائم على السياحة بشكل جوهري، ولا شك أن عودتهم ستنقذ العاملين في المجال أمثال أليساندرو وغيره من العاملين في المطاعم والفنادق والمحال والبواخر.
فينيسيا في ظل «كورونا»... «صحراء كبيرة»
الدليل السياحي أليساندرو يأخذ عملاءه عبر الشوارع مستعيناً بـ«غوغل» و«زووم»
فينيسيا في ظل «كورونا»... «صحراء كبيرة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة