بعد توقف النشاط السياحي في تونس كلياً بسبب تدابير الإغلاق التام لمكافحة فيروس «كورونا»، بدأت السلطات تفكر في كيفية إنقاذ الموسم السياحي والخروج بأخفّ الأضرار على هذا النشاط الحيوي للاقتصاد التونسي، وذلك عبر فرض بروتوكول صحي والتعويل على السوق الداخلية. وقدرت السلطات التونسية الخسائر التي قد تلحق بالسياحة جراء الشلل التام الذي أصاب القطاع، في حدود 6 مليارات دينار (2.15 مليار دولار) وفقدان نحو 400 ألف وظيفة.
وتتصدر السياحة القطاعات الأكثر تضرراً من تدابير الإغلاق المفروضة منذ مارس (آذار) الفائت، وكانت قد بدأت تتعافى بعد سنوات من الاضطراب السياسي والأمني. ويرى خبراء أن بداية التعافي الجديد ستكون بحلول عام 2021 ليتمكن النشاط السياحي الذي يشغّل نحو نصف مليون شخص ويسهم بنحو 14% من الناتج المحلي الإجمالي، من النهوض من جديد.
وقالت المسؤولة بالديوان الوطني للسياحة، فريال قظومي، في مداخلة خلال نقاش عبر تقنية الفيديو: «بدأنا نسجل مطلع العام الحالي تطوراً بلغ 28% في العائدات المالية، لكننا نتوقع خسائر بستة مليارات دينار... حقاً الوضعية ستكون صعبة». وقال الخبير في المجال السياحي والتسويق الفندقي أنيس السويسي لوكالة «الصحافة الفرنسية» إن الوضعية «كارثية ولا نعرف متى ستنتهي، لذلك يجب أن تتعايش السياحة مع (كوفيد - 19)».
وأغلقت غالبية الفنادق والمنتجعات السياحية في البلاد أبوابها وتمّ تخصيص عدد قليل منها للحجر الصحي، وأصبحت المناطق السياحية أشبه بمدن أشباح، وقُدرت خسائر وكالات السفر بنحو 300 مليون دينار (نحو 108 مليارات دولار) في منطقة سيدي بوسعيد التي تمثل أولى وجهات الوافدين الأجانب إجمالاً، وقال محمد صدام بينما يجلس أمام محلّه لبيع التحف إنه يأتي ليفتح المحل «ساعة كل يوم لتهويته خوفاً من الرطوبة». وأضاف: «من المفروض أن نكون الآن في بداية الموسم ونستقبل العديد من السيّاح، لكن لا يوجد أحد... بالنسبة إليّ انتهى الموسم».
وتمثل تونس إحدى أهم الوجهات السياحية في شمال أفريقيا نتيجة موقعها المتوسطي، وتمتد سواحلها على 1300 كلم، كما يقصدها كثير من السيّاح الأوروبيين. وقدمت وزارة السياحة تصوّر بروتوكول صحي ليتم اعتماده في إنعاش السياحة، يفصل تدابير تجهيز الفنادق من الجانب الصحي. ومن هذه التدابير، وجوب احترام التباعد بين الطاولات والمظلات على الشواطئ والمسابح، وتجنب التجمعات سواء داخل الفندق أو خارجه. وسيُطالَب السائح بأن يجلب معه سائلاً مطهراً يلازمه حيثما تنقل. وقال السويسي الذي راكم خبرة في العمل الفندقي بمدينة الحمّامات خلال الأزمات التي مرّت بالقطاع: «يجب أن نبدأ في تقديم عروض نقول فيها: هذا نزل خالٍ ومحميٍّ من (كوفيد - 19)».
وشددت القظومي على أن هذه الإجراءات ضرورية «لاسترجاع ثقة شركائنا»، ولكن يبقى أن تتمكن كل الفنادق في البلاد فعلاً من تطبيقها. وتوقّعت المنظمة العالمية للسياحة تراجع عدد السياح في العالم بما يتراوح بين 60 و80% خلال العام الجاري. وشهدت السياحة في تونس منذ مطلع العقد الحالي والانتقال السياسي والديمقراطي، ثلاث أزمات حوّلتها من قطاع داعم لاقتصاد الدولة إلى هش يستدعي دعماً متواصلاً.
ومنذ ثورة 2011، تراجعت السياحة مع الاضطرابات الاجتماعية التي مرت بالبلاد والتي انتهت بسقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. وما إن بدأ القطاع يتعافى حتى تلقّى ضربة قاسية بسبب تراجع الاستقرار الأمني في البلاد وتنامي الهجمات المسلحة، خصوصاً في عام 2015 والتي قُتل فيها سياح في مدينة سوسة الساحلية ومتحف باردو بالعاصمة.
وعادت الدولة إثر ذلك لترميم صورتها وإعادة الروح إلى القطاع المنكوب عبر حملات دعائية مكثفة في الخارج، فزار قرابة 9,5 مليون سائح البلاد في العام الماضي، مقترباً من العدد المرجعي للوافدين قبل 2011، عشرة ملايين. وتؤكد السلطات الصحيّة في البلاد أنها تمكنت من كبح انتشار الجائحة، ولم تسجل أرقاماً مفزعة في عدد المصابين والوفيات، كما هي الحال في دول قريبة منها، خصوصاً الدول الأوروبية. ويبلغ عدد المصابين الإجمالي بفيروس «كورونا المستجد» في تونس نحو 1035، وعدد الوفيات 45.
«كوفيد ـ 19» يضرب قطاع السياحة الحيوي في تونس
حملة لترويج موسم «محميٍّ» من الفيروس بعد فقدان 400 ألف وظيفة
«كوفيد ـ 19» يضرب قطاع السياحة الحيوي في تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة