الجيش العراقي يلاحق «داعش» حتى الحدود السورية

مخاوف من تسلل الهاربين من مخيم الهول

الجيش العراقي يلاحق «داعش» حتى الحدود السورية
TT

الجيش العراقي يلاحق «داعش» حتى الحدود السورية

الجيش العراقي يلاحق «داعش» حتى الحدود السورية

أطلق الجيش العراقي، أمس، عمليات «أسود الجزيرة» لتفتيش صحراء الجزيرة شمال محافظة الأنبار، وجنوب محافظة نينوى، وغرب محافظة صلاح الدين، وصولاً إلى الحدود الدولية مع سوريا. ووفق بيان لخلية الإعلام الأمني، فإن العملية تنفذ تحت إشراف قيادة العمليات المشتركة.
وأوضحت الخلية أن العمليات ستشمل وادي الثرثار، ومطار جنيف، وسنيسله، وجبل المنايف، وسحول راوه، والشعباني، وطريفاوي، ووادي العجيج، وتلول الطيارات، مبينة أن قيادات «عمليات الجزيرة وصلاح الدين وغرب نينوى والحشد الشعبي والعشائري اشتركوا في العملية بأحد عشر محوراً، وبإسناد من طيران الجيش والقوة الجوية». وأكدت الخلية أن «هذه العملية تأتي لتعزيز الأمن والاستقرار في هذه المناطق، وملاحقة العناصر الإرهابية، وإلقاء القبض على المطلوبين».
من جهته، أكد كشف قائد عمليات الجزيرة اللواء الركن قاسم محمد صالح، في مقطع صوتي بثته خلية الإعلام الأمني، على موقعها، أن «العملية تستهدف البحث عن أوكار وعناصر الإرهاب، وعدم إعطاء العدو فرصة لمهاجمة قواتنا، وفرصة للتخفي في هذه الصحاري الواسعة التي تبلغ مساحتها المربعة أكثر من 200 كم». وأضاف: «حتى الآن تم قتل العديد من العناصر الإرهابية، وتدمير أوكار، وتفجير عبوات ناسفة»، مشيراً إلى أن «البحث مستمر عن أي خلايا تتخفى في الصحراء».
إلى ذلك، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع اللواء تحسين الخفاجي، في تصريح، أن «عملية (أسود الجزيرة) تجري دون اشتراك قوات التحالف الدولي». وأضاف الخفاجي أن «العمليات الإرهابية التي حصلت مؤخراً في ديالى وصلاح الدين كانت بسبب وصول الإمداد للتنظيمات الإرهابية من الصحراء والحدود السورية». وأوضح أن «عمليات (أسود الجزيرة) المنطلقة تستهدف تطهير 150 ألف كيلو متر من الخلايا الإرهابية».
في سياق ذلك، فإنه مع هروب عناصر من تنظيم «داعش» من معسكر الهول السوري المحاذي للحدود مع العراق، فإن الجهات العراقية بدأت تتخوف من إمكانية دخول هؤلاء إلى الأراضي العراقية، ليقوموا بدور التغذية للأنشطة التي يقوم بها تنظيم «داعش» في العديد من المناطق. وكانت وكالة الأنباء السورية أعلنت، أمس، عن هروب عدد من عناصر تنظيم «داعش» من سجن الهول بريف الحسكة على الحدود السورية - العراقية، الذي تسيطر عليه «قوات سوريا الديمقراطية».
وأكد مسؤول أمني عراقي أن «عملية (أسود الجزيرة) هي في الواقع سلسلة عمليات عسكرية أمنية ضمن قاطع مسؤولية عمليات الجزيرة، ولها أهداف محددة، وتقوم على مبدأ التفتيش والتأكد من خلو المناطق المستهدفة من عناصر (داعش)». وقال المسؤول الأمني لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه، إن «(داعش) ومثلما هو معروف ليس لديه مكان محدد حتى يمكن القضاء عليه بعملية عسكرية واحدة، بل عبارة عن مفارز متحركة، وهذا ما يتطلب استمرار عمليات الملاحقة له بين وقت وآخر».
من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم مجلس شيوخ صلاح الدين، مروان الجبارة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحركات عصابات (داعش) في صلاح الدين ليست جديدة، لأنه لا تزال هناك جيوب لمثل هذه العناصر في العديد من المناطق بالمحافظة، خصوصاً في المناطق الواقعة في حوض حمرين، وهي مثلث حدود إدارية لمحافظات صلاح الدين وكركوك وديالى، حيث إن هذه المنطقة تحتوي على تضاريس تسهل عملية اختباء التنظيم فيها وتصعب عملية ملاحقتهم». وأضاف الجبارة أن «هذه المنطقة لم يجر تفتيشها بشكل جيد، وهي نهايات سائبة، ما يجعل عملية مسك الأرض في غاية الصعوبة». وأوضح أن «المناطق الغربية والشمالية من المحافظة باتجاه سامراء تمثل الكثير منها حواضن لـ(الدواعش)، وهي مناطق مفتوحة، وصولاً إلى الحدود السورية، وتمثل مناطق مثالية لاختفائهم، حيث لا توجد قطعات عسكرية يمكن أن تملأ الفراغ في هذه المناطق التي يمكن مراقبتها من الجو، وهو ما يجعلنا في الواقع بحاجة إلى دعم التحالف الدولي في هذا المجال».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.