توصيل الطعام إلى المنازل... حبل نجاة المطاعم

المطاعم الراقية المكللة بنجوم ميشلان تستعين بـ«الديلفري» في زمن الإقفال

توصيل الطعام إلى المنازل... حبل نجاة المطاعم
TT

توصيل الطعام إلى المنازل... حبل نجاة المطاعم

توصيل الطعام إلى المنازل... حبل نجاة المطاعم

في ظل انتشار فيروس كورونا، لم يبق هناك من خيار أمام المطاعم حتى الفاخر منها، إلا التحول إلى خدمة توصيل الطلبات إلى المنازل بطريقة «الديلفري» أو استقبال الزبائن الذين طلبوا وجباتهم هاتفيا لتسلم الوجبات والمغادرة.
وقبل أسابيع كانت أحوال المطاعم الصينية في حي سوهو في لندن متردية بسبب عدم الإقبال عليها. الآن عم الإغلاق الجميع بلا استثناء. كذلك كانت المطاعم الفاخرة تشكو في الماضي من أن تطبيقات الهاتف الجوال التي تقوم بتسهيل عمليات «الديلفري» تقتل نشاط المطاعم وتقلل من عدد الزبائن. الآن انقلب الحال وأصبحت تطبيقات «الديلفري» هي حبل النجاة لكثير من المطاعم التي من دونها سوف تغلق أبوابها تماما.
واتخذت بريطانيا ومعظم دول أوروبا والعديد من الولايات الأميركية قرارات إغلاق مشابهة في محاولات للحد من انتشار فيروس كورونا على رغم الخسائر الفادحة لهذه المشروعات الصغيرة وفقدان ملايين الوظائف.
وفي قطاع المطاعم الفاخرة، تغير واقع نشاطها في عدة أسابيع. فلم يعد هناك تقدير لجهود «الشيف» الحاصل على نجوم ميشلان ولا تقييم للمناخ الذي تقدم فيها وجباتها ولا الفخامة التي تجعل منها مطاعم نخبوية ضمن الأفضل في العالم. فقد أسدل الستار على كل هذا ولم يبق لها إلا وسيلة تواصل واحدة باقية مع زبائنها، وهي «الديلفري». والأصعب في المعادلة كلها لهذه المطاعم أنها لا تعرف حدودا زمنية لهذه الأزمة التي قد تستمر أسابيع أو شهور أو حتى سنوات.

- خدمة جديدة
في بريطانيا، تريد المطاعم الفاخرة أن تحتفظ بالفارق بينها وبين خدمات التوصيل السريع للوجبات الشعبية والسريعة. ولذلك، نشأت خدمة جديدة لتوصيل الأطعمة الفاخرة إلى المنازل اسمها «سابر» (Supper) توصل الطلبات الفاخرة على دراجات يابانية ذات تصميم خاص، بها أماكن لتخزين الأطعمة الساخنة أو المبردة لكي تصل في أفضل حال.
ويقول القائمون على خدمة «الديلفري» الفاخرة أن المطاعم «تريد الاحترام في كيفية توصيل وجباتهم إلى الزبائن الذين يريدون خدمة أفضل». وتقدم «سابر» خدمة متميزة بالتواصل مع المطاعم واستشارة خبراء المطابخ بحيث لا تتحرك الأطباق في مكان حفظها خلف الدراجة حتى يتم توصيلها في أفضل حال. وتقول الشركة إن دراجة واحدة يمكنها أن توفر وجبات لعدد كبير من الزبائن في الوقت نفسه، قد يصل إلى 30 زبونا. وتضمن الشركة بهذا وصول جميع مكونات الوجبات المطلوبة في الوقت نفسه. وتضمن الشركة درجات حرارة ثابتة للطعام أثناء التوصيل، سواء أكان ذلك ساخنا أو باردا أو بدرجتي سخونة وبرودة منفصلتين على الدراجة نفسها.
وتتخصص الخدمة حاليا في مطاعم النخبة وتوفر «ديلفري» من أفخم المطاعم. ومن نماذج المطاعم التي تستخدم خدمة «سابر» كل من «جان جورج إت كونوت» و«دايليسفورد أورغانيك» و«هوم سلايس» و«فارزي كافيه»، والأخير مطعم هندي. ويمكن اختيار الوجبات من المطعم المفضل وطلبها من «سابر» التي تتكفل بتوصيل الطعام في الموعد وفي أفضل حال.
وهناك العديد من خدمات التوصيل الأخرى المتخصصة في مجالات معينة مثل الوجبات ذات السعرات الحرارية المحددة والوجبات الهندية أو اليابانية أو الوجبات الصحية والنباتية.
مما يذكر أن قرار إغلاق المطاعم في بريطانيا يشمل أيضا المطاعم السريعة مثل ماكدونالدز التي حولت مطاعمها إلى مراكز «تيك أواي» فقط أو «ديلفري» عبر خدمات توصيل الطلبات إلى المنازل مثل خدمة «ديلفرو» و«أوبر». واتخذت الحكومة البريطانية هذه الخطوة بعد انطلاق حالات الإصابة بفيروس كورونا تصاعديا من ثماني حالات يوم 10 فبراير (شباط) الماضي إلى 2626 حالة في 17 مارس (آذار) منهم 233 حالة وفاة. وبالطبع تتغير هذه الأرقام إلى أعلى على نحو يومي. ورفعت بريطانيا حالات اختبار الإصابة من 5000 إلى 25 ألفا يوميا.
ويشمل الإغلاق أيضا شركات مطاعم كبرى مثل «زيزي» التي تدير 167 مطعما ومجموعة «ويتبريد» التي تملك 400 مطعم بالإضافة إلى مطاعم «بيف إيتر» و«بايرون» و«بريزو» و«آسك». وفي الوقت الذي طمأنت بعض المطاعم الكبرى زبائنها بأنها تدخل هذه الأزمة وهي في موقف مالي قوي، اعترفت العديد من المطاعم الصغرى بأنها على شفا الإفلاس وأن رأس المال المتاح إليها لن يغطيها إلا لعدة أسابيع أخرى. واعترفت جميعا أن خدمات «الديلفري» لا تكاد تغطي تكاليفها.

- المطاعم الأميركية
دخلت كلمة «ديلفري» قاموس المطاعم الأميركية حديثا، خصوصا بعد أن لجأت الولايات إلى إغلاق الآلاف منها للحد من انتشار فيروس كورونا. وفي قطاع المطاعم الفاخرة لم تعد الأولوية هي تقديم الطعام بابتسامة في مناخ فاخر وإنما توصيل الطلبات لنخبة الزبائن كضرورة تفرضها الظروف وأيضا كوسيلة للبقاء في السوق.
من ناحيتها تحاول مواقع إدارة طلبات الزبائن تشجيع إقبال المطاعم عليها خلال الأزمة بإلغاء الرسوم للمشتركين الجدد وتخفيضها للمطاعم الأخرى. وتأمل مطاعم نيويورك بأن تتكفل الأزمة وأوامر الإغلاق بزيادة الطلب على «الديلفري» من دون الحاجة إلى جهود تسويق إضافية. وفي منافسة المطاعم السريعة لم تجد المطاعم الفاخرة مفرا من تخفيض الأسعار بحيث تبيع وجبات لأربعة أشخاص بسعر أقل من 40 دولارا مقارنة بثلاثة أضعاف هذا الثمن إذا ما كان تناولها داخل المطعم قبل الإغلاق.
ويتطور الموقف للمطاعم يوميا وهي تبحث عن أساليب جديدة للبقاء والحفاظ على عمالها. وما يجعل الأمر صعبا عليها أنها لا تدري طول هذه الأزمة ولا تفاعلاتها في المستقبل. ويعرف أصحاب المطاعم الصغيرة أنه لو زادت فترة الإغلاق عن ثلاثة أشهر فلن يكون أمامهم إلا إغلاق مطاعمهم والخروج من السوق.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».