تمسك دولي بحلحلة الأزمة اليمنية عبر المسار الأممي واتفاق الرياض

مجلس الأمن دعم جهود غريفيث وطالب «الانتقالي» بإلغاء إجراءاته

المبعوث الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث
المبعوث الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث
TT

تمسك دولي بحلحلة الأزمة اليمنية عبر المسار الأممي واتفاق الرياض

المبعوث الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث
المبعوث الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث

تمخضت جلسة مجلس الأمن الدولي (الخميس) في شأن اليمن عن إجماع دولي على دعم مبعوث الأمم لمتحدة مارتن غريفيث الرامية إلى تحقيق السلام بين الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية، فضلاً عن الإجماع على ضرورة تراجع «المجلس الانتقالي» عن إجراءاته التي تتحدى الشرعية والالتزام بتنفيذ «اتفاق الرياض».
وتوصل المجلس إلى بيان وصف فيه الوضع الإنساني في اليمن بأنه «رهيب» بسبب تفشي جائحة «كوفيد - 19»، معلناً دعم الخطوات التي يقوم بها المبعوث الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث لإنعاش المفاوضات بين الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة الحوثي المدعومة من إيران. كما طالب المجلس الانتقالي الجنوبي بـ«عكس أي إجراءات تتحدى الشرعية في اليمن ودعا إلى تجديد التزام الفرقاء باتفاق الرياض.
وفي الوقت الذي أجمع أعضاء المجلس على تجديد دعمهم لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 25 مارس (آذار) لوقف إطلاق النار في اليمن، رحبوا كذلك بقرار تحالف دعم الشرعية في اليمن وقف إطلاق النار من جانب واحد، مطالبين الحوثيين بالقيام بعمل مماثل.
وأعرب الأعضاء في بيانهم عن «قلقهم في شأن الأعمال العدائية بين الحكومة اليمنية والحوثيين»، مؤكدين «دعمهم الثابت» للمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث وجهوده للتوصل إلى اتفاق في شأن وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، والتدابير الإنسانية والاقتصادية، واستئناف العملية السياسية الشاملة.
وأشار بيان الأعضاء إلى «قلقهم من بطء وتيرة المفاوضات بشأن هذه المقترحات». وطالبوا الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي بـ«تخفيف حدة التوترات العسكرية والانخراط بموجب اتفاق الرياض»، معبرين عن «تقديرهم للوساطة السعودية». ودعوا المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «عكس أي إجراءات تتحدى شرعية اليمن وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه، بما في ذلك تحويل الإيرادات».
وأكدوا أنه «في خضم تزايد حالات (كوفيد – 19)، يجب ضمان الوصول الكامل إلى داخل اليمن للعاملين في مجال المساعدات الدولية والأدوية والإمدادات الطبية».
ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت أكدت في كلمتها أن بلادها «تقف بجانب الشعب اليمني الذي عانى المشقات كافة التي قد تخطر على البال ويحاول بكل بساطة البقاء على قيد الحياة في خضم الصراع وانعدام الأمن الغذائي والفيضانات المدمرة وانتشار فيروس (كوفيد – 19)». ورحبت السفيرة الأميركية كرافت بتمديد تحالف دعم الشرعية الذي تقوده السعودية لوقف إطلاق النار أحادي الجانب دعماً لعملية السلام الأممية وجهود محاربة فيروس «كوفيد – 19».
وقالت إن الولايات المتحدة «تحث الحوثيين بقوة على الانضمام إلى الحكومة اليمنية ووقف العمليات الهجومية دعما لوقف إطلاق النار وبهدف تمكين الأطراف كلها من تركيز جهودها على محاربة فيروس (كوفيد – 19) والعمل نحو التوصل إلى حل سياسي دائم للصراع».
وأضافت كيليك «ينبغي أن يعيد الحوثيون الالتزام بتخفيف التصعيد، وبعد ذلك استئناف المحادثات التي تهدف للتوصل إلى حل سياسي. ونحث أطراف الصراع على مواصلة مراجعة مسودات مقترحات المبعوث الخاص وتقديم تغذية رجعية ذات مغزى عليها، مما يمثل روحية التوافق المطلوبة للمضي قدماً نحو تسوية سياسية دائمة».
وفي شأن التطورات في المحافظات الجنوبية «أعربت الممثلة الأميركية عن قلق بلادها إزاء إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي مؤخراً عن إدارته الذاتية لمحافظات اليمن الجنوبية»، ووصفت تلك الإجراءات بأنها «تؤدي إلى صرف التركيز عن الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لضمان التوصل إلى حل سياسي ووقف لإطلاق النار في مختلف أنحاء البلاد».
وقالت كيلي، إن واشنطن «تشعر بالقلق إزاء التقارير عن تدخل المجلس الانتقالي الجنوبي المتزايد في عمليات البنك المركزي اليمني»، وأضافت «ينبغي أن تواصل الأطراف كافة احترام المؤسسات الحكومية التي تدعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في اليمن، ونحن ندعو المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الجمهورية اليمنية إلى إعادة الانخراط في العملية السياسية المحددة بموجب اتفاق الرياض».
وحول القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، أكدت ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، أن الجماعة «تواصل تدخلها المتعمد في عمليات المساعدة والحد من قدرة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى على توفير احتياجات أكثر فئات اليمنيين ضعفا، وهو تدخل يمثل تحديا صارخا للمبادئ الإنسانية».
وفي حين اعترفت كيلي «ببعض الخطوات الإيجابية التي اتخذها الحوثيون في بعض المناطق، بما في ذلك قرار إلغاء الرسم البالغ اثنين في المائة على مشاريع المساعدات وتوقيع اتفاقات المنظمات غير الحكومية والموافقة على عمليات تقييم مستقلة أساسية للاحتياجات»، قالت «إن تحقيق المزيد من التقدم يبقى أمراً حاسماً، وبخاصة فيما يتعلق بتسجيل البصمات وضمان تمكن العاملين في المجال الإنساني من تنفيذ برامجهم ومراقبتها».
ودعت السفيرة الأميركية الحوثيين إلى الشفافية الكاملة بخصوص الإصابات بفيروس «كوفيد - 19» بغية تسهيل استجابة فعالة للشعب اليمني، كما جددت الدعوة للجماعة من أجل السماح للأمم المتحدة بفحص ناقلة النفط «صافر» وصيانتها.
وقالت «ينبغي أن يتمكن مسؤولون أمميون من الوصول إلى ناقلة النفط فوراً لتجنب كارثة بيئية ستكون آثارها بعيدة المدى في اليمن ومنطقة البحر الأحمر. ونحن ممتنون لمارتن غريفيث؛ لأنه يثير هذه المسألة مع صنعاء بشكل متكرر. ينبغي على الحوثيين الكف عن عرقلة التوصل إلى حل لهذه المشكلة والسماح بإجراء عمليات التقييم والإصلاح الضرورية».
وسبق للمبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث، أن أعلن خلال إحاطته الافتراضية لمجلس الأمن أنه قدم خطة «قابلة للتنفيذ» لحل الأزمة اليمنية، وأن «الأمر متروك لمن يملكون السلاح والقوة وإمكانية اتخاذ القرارات لتحقيق ذلك». بحسب قوله.
وعبر غريفيث عن انزعاجه «من إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي، ومحاولته السيطرة على المؤسسات المحلية في عدن ومن التوترات العسكرية المتصاعدة في الجنوب؛ خصوصاً في أبين وسقطرى»، داعياً إلى «ضبط النفس الفوري، وتطبيق اتفاق الرياض بشكل عاجل».
وكشف عن أنه أطلع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والحوثيين، على مسودات اتفاقات في شأن وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، والتدابير الإنسانية والاقتصادية، والاستئناف العاجل للعملية السياسية. وحدد «نقاط التقارب» بين الطرفين، فضلاً عن اقتراحه «نصوصاً توفيقية؛ حيث لا تزال توجد خلافات».
كما أعلن أنه «أحرز تقدماً كبيراً في هذه المفاوضات، ولا سيما فيما يتعلق بوقف إطلاق النار».


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
TT

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)

أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه «في يومي السبت والأحد الماضيين، رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».

وأوضح اللواء المالكي أنه «استنادًا لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

وأكد اللواء المالكي «استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي (حضرموت والمهرة) ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف انجاح جهود المملكة والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع».


«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
TT

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)

دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، اليوم، جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكدًا أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.

وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، قد صرح السبت الماضي، أنه استجابة للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة (حضرموت) نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرارًا للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد وخروج قوات الانتقالي وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها فإن قوات التحالف تؤكد أن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وانجاح الجهود السعودية الإماراتية.

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، كما أنها تهيب بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية وضبط النفس والاستجابة لجهود الحلول السلمية لحفظ الأمن والاستقرار.


«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.