تتفق شريحة لا يستهان بها من أرباب العمل في لبنان أنّهم باتوا متمسكين أكثر بقاعدة ممارسة موظفيهم العمل في مكاتب شركاتهم لأنه أكثر إنتاجية. وفي المقابل تجد فيها نسبة أخرى منهم وسيلة مقبولة لم تؤثر كثيراً على طبيعة أعمالهم. فانقسم اللبنانيون بين مؤيد ومعارض، خصوصا أنهم يعتبرون العمل عن بعد، مؤقتا، ولا بد أن ينتهي قريبا.
فزمن «كورونا» فرض على نسبة كبيرة من مديري العمل إقفال أبواب مؤسساتهم والاكتفاء بتصريف متطلبات أشغالهم مع موظفيهم من منازلهم. هذا الأمر ولّد عند البعض بلبلة وفوضى لم يسبق أن شهدوها في مسار العمل. البعض اعتبروها تجربة غير مستحبة، يفضلون عدم اللجوء إليها في المستقبل القريب. وهو ما يدفعهم اليوم إلى إلزام موظفيهم بالتوجه إلى مكاتب العمل تحت طائلة المسؤولية.
الأوضاع الاقتصادية المتردية دفعت بعض أرباب العمل في بداية الجائحة إلى إعطاء موظفيهم إجازات عمل فرضوها عليهم للتّخفيف من أعبائهم الاقتصادية. ومن ثمّ تطور هذا الإجراء ليتحول إلى باب يشرّع لتسريحهم والاستغناء عن خدماتهم. ومع البقية الباقية من عمال وموظفون في تلك المؤسسات والشركات أكمل مدراؤها دورة العمل من مراكزها مباشرة.
ويقول وديع لبس مدير شركة لتوزيع المنتجات الغذائية: «لم أحبذ بتاتا ممارسة الموظفين العمل من منازلهم. فلقد لمست من خلالها هبوطاً بنسبة الإنتاج وصلت إلى 20 في المائة، إضافة إلى حصول فوضى في عملية عقد الاجتماعات وتوزيع المهام على الموظفين، سيما وأن 70 في المائة منهم ليسوا إداريين يعملون من وراء المكاتب بل سائقون وبائعون وموزعون». ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لقد كان التوتر سيد الموقف في هذه التجربة. ذلك ينطبق علي شخصيا وعلى الموظفين عندي. إذ كان التواصل معهم مشتتا إلى حد كبير. فتنظيم العمل ضمن دوام محدد هو أفضل بكثير من عمل مفتوح ليلا نهارا لا قواعد ولا نظام يتحكمان به».
أما باميلا معوض وهي تعمل كمديرة قسم في شركة مبيعات معروفة في لبنان، فتؤكد أن العمل من المنزل متعب جدا وأنها لم تكن تتصور بأنه يشكل هدرا للوقت بدل العكس. وتتابع في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «كل شيء انقلب رأسا على عقب أثناء العمل عن بعد ومن المنازل. وحتى تعاملنا مع شركات خارج لبنان عمّه الفوضى بعد أن ضيعنا في زمن «كورونا» منطق الوقت والأيام. فصرنا لا نفرق بين يوم دوام وآخر عطلة، واختلط الحابل بالنابل. كل ذلك دفعنا إلى اتخاذ قرار واضح وصريح نطالب به موظفينا بالعودة إلى مكاتبهم، خصوصا أننا من الشركات المعفاة من قرار الإقفال بسبب طبيعة خدماتها».
وكانت أزمة «كورونا» من ناحية وتدهور سعر الليرة من ناحية ثانية تسببتا بتخفيض عدد الموظفين في بعض الشركات وصرفهم من العمل. ويقول زيادة متى مدير شركة مشاريع هندسية وديكور: «أوضاعنا الاقتصادية المتدهورة لم تعد غائبة عن بال أحد، وجاء فيروس «كورونا» ليزيد الأمر سوءا. وعندما فرض علينا ممارسة العمل من المنزل لمست عدم حاجتي لعدد من الموظفين عندي إذ بات وجودهم يشكل ثقلا ماديا على كاهلي. فارتأيت صرفهم ودفع تعويضاتهم بعد أن صرت أدفع لهم نصف معاشات لفترة زادت عن الشهرين».
أما كارل حداد صاحب شركة تقدم الخدمات الإعلانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي فرأيه يختلف تماما عن سابقيه ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم أنزعج بتاتا من أسلوب العمل عن بعد ومن المنزل. فإيقاع عملي الترويجي لم يتغيّر خصوصاً أنّه يمارس عبر وسائل التواصل. فعمليات التخطيط لحملة دعائية وكذلك كتابة محتواها، إضافة إلى تنفيذ مقاطع مصورة تتعلق به، أمور يمكنني الاطلاع عليها عن بعد، وكل منا يستطيع تنفيذها من مقر إقامته عبر الإنترنت. وحالياً لا أفكر بإعادة الموظفين إلى الشركة كون العمل مستمر ولو بإيقاع أخف بسبب إقفال عام تشهده بلدان مختلفة. كل ما أفتقده في هذه الآونة هو عقد اجتماعات مباشرة مع الموظفين للوقوف على خطط العمل وبرامجها والأخذ بآرائهم بعدد من الموضوعات. ولكنّني استعضت عنها باجتماعات افتراضية أعقدها معهم عبر خدمة الفيديو كول المتوفرة عبر تطبيقات إلكترونية عديدة («سكايب» و«واتس أب») وغيرهما. وهذه الإجراءات تلجأ إليها كبرى الشركات في العالم.
8:20 دقيقه
تجربة العمل عن بُعد تقسم اللبنانيين بين متحمس ومشكك
https://aawsat.com/home/article/2280721/%D8%AA%D8%AC%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%B9%D9%86-%D8%A8%D9%8F%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D9%82%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%AA%D8%AD%D9%85%D8%B3-%D9%88%D9%85%D8%B4%D9%83%D9%83
تجربة العمل عن بُعد تقسم اللبنانيين بين متحمس ومشكك
تجربة العمل عن بُعد تقسم اللبنانيين بين متحمس ومشكك
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

