صراع «انقلابي ـ انقلابي» يراكم القمامة في إب

TT

صراع «انقلابي ـ انقلابي» يراكم القمامة في إب

أدى الصراع القائم بين قادة الميليشيات الحوثية حول المنهوبات من إيرادات المكاتب الخدمية في محافظة إب (جنوب صنعاء) إلى إيقاف رواتب عمال صندوق النظافة وإغراق المحافظة بأطنان القمامة، بالتزامن مع موسم الأمطار، مما زاد من انتشار البعوض الذي يتسبب عادة بنقل الأمراض والأوبئة المعدية.
وأكدت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، استمرار قيادات ومشرفي الجماعة الحوثية بالمحافظة في إيقاف صرف مرتبات عمال صندوق النظافة بالتزامن مع تهديدات متصاعدة بإيقاف العمل من قبل العمال، في وقت لا يزال يتهدد السكان خطر تفشي وباء كورونا المستجد «كوفيد - 19».
وفي إطار الاستهداف الحوثي الممنهج ضد محافظة إب وسكانها، أفادت المصادر المحلية بأن الجماعة الحوثية أقدمت مؤخراً على إيقاف حساب صندوق النظافة والتحسين في البنك المركزي التابع لها، والخاص برواتب العمال ونفقات التشغيل المتعلقة بآليات صندوق النظافة في المحافظة عقب خلافات وقضايا وصفقات فساد بين قيادات الجماعة.
وتسبب إيقاف حساب صندوق النظافة في إب، بحسب المصادر، بتوقف رواتب عمال النظافة ونفقات تشغيل آليات الصندوق في المحافظة، وذلك في وقت لا يزال فيه العمال يعانون من انقطاع شبه متكرر لرواتبهم الزهيدة التي لا تتجاوز مبلغ 26 ألف ريال شهرياً (الدولار حوالي 600 ريال).
وتحدث عدد من عمال النظافة في إب عن صراعهم المرير مع الانقطاع شبه التام للراتب في ظل إدارة الميليشيات لزمام الأمور في المحافظة، وأكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن معاناتهم كانت ولا تزال مستمرة ومتعددة الأشكال والأوجه، بما في ذلك تعرض رواتبهم للاستقطاع من قبل الميليشيات.
وأفاد «م. س» وهو عامل نظافة في إب، بأن جميع العاملين وأسرهم يعانون من أزمات اقتصادية ومعيشية كبيرة رغم أن إيرادات الصندوق عالية ويعد من أكثر الصناديق إيراداً في المحافظة، غير أن قيادات حوثية عليا تتحكم بها وتحرم العمال بشكل دائم من أبسط حقوقهم المعيشية والمادية، بحسب قوله.
ويتهم عامل النظافة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» القيادات الحوثية التي تدير صندوق النظافة في إب بالفساد والتلاعب وتضييع ملايين الريالات.
وبخصوص الخطوات الاحترازية لمجابهة كورونا، شكا عامل نظافة آخر، وسط مدينة إب، من غياب أدنى أدوات السلامة والوقاية من هذا الوباء القاتل الذي يتهدد اليمن وتعاني من مخاطره أغلب دول العالم.
وتتلخص مطالب عمال النظافة - بحسب تصريحاتهم - في ضرورة إعادة صرف رواتبهم ومستحقاتهم وإطلاق حسابات الصندوق وصرف مستلزمات الوقاية من كورونا لجميع العاملين.
وفي السياق نفسه، حذرت النقابة العامة لعمال البلديات والإسكان في إب في رسالة وجهتها لوزير مالية الميليشيات الحوثية، من الكوارث البيئية والصحية التي قد يخلفها ذلك القرار، خصوصاً في هذا التوقيت الحرج والخطير جداً.
وأخلت النقابة في بيان لها مسؤوليتها التامة من حدوث أي كارثة بيئية أو صحية نتيجة ذلك التصرف الحوثي غير المسؤول، وطالبت بسرعة إلغاء ذلك القرار وإعادة الأمور إلى نصابها.
كما ندد ناشطون في المحافظة بالتعسف الحوثي، وأكدوا أن تراكم أطنان القمامة إضافة إلى مياه الصرف الصحي الطافحة في أكثر من منطقة في إب دون وضع حلول لها، واستمرار هطول الأمطار، جميعها توفر بيئة مواتية لنمو وتكاثر وانتشار الفيروسات والأوبئة، وخصوصاً الكوليرا والملاريا وغيرهما.
وعلى صعيد استمرار فساد ونهب الميليشيات، كشفت وثائق مسربة نشرها ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي عن حجم الاختلاس والنهب الذي مارسته وما زالت تمارسه الجماعة الحوثية في مختلف المؤسسات الحكومية، بما فيها صندوق النظافة في إب.
وأظهرت سندات سربها موظفون في الصندوق بالمحافظة تورط قيادات حوثية بجرائم فساد واختلاسات فاقت أكثر من 30 مليون ريال، في وقت يعاني فيه عمال النظافة من انقطاع رواتبهم. وقامت الجماعة الانقلابية، وفقاً لوثائق متداولة، بعمليات نهب واسعة عن طريق تزوير دفاتر تحصيل رسوم صندوق النظافة وجني أموال طائلة في ظل الانفلات الذي أحدثته سيطرة الميليشيات على مؤسسات الدولة.
وعلى مدى خمسة أعوام ماضية من اجتياح الجماعة لمحافظة إب كشفت تقارير محلية عن عمليات اختلاس ومصادرة حوثية كبيرة لمبالغ مالية من إيرادات ومخصصات النظافة في المحافظة.
وكانت مصادر خاصة في المحافظة كشفت عن قيام قيادات حوثية بمصادرة ثمانية ملايين ريال من تبرعات حملة النظافة في مدينة إب (مركز المحافظة)، فضلاً عن قيام هذه القيادات بمصادرة عوائد مالية أخرى من ضمنها مبالغ كان قد تحصل عليها الصندوق من منظمات دولية وأخرى تم فرضها على مؤسسات أهلية ومغتربين من أبناء المحافظة.
وفي إطار فساد الجماعة المالي والإداري المستشري بكل قطاعات الدولة بالمحافظة، عمدت الميليشيات طيلة الفترة السابقة إلى إقالة الكثير من الموظفين المحليين وأحلت مكانهم موالين لها استقدمتهم من محافظات صعدة وعمران وذمار.
كما اتجه عناصر الجماعة الحوثية صوب تنفيذ عمليات اختطاف واسعة بحق موظفين آخرين في صندوق النظافة كانوا رفضوا أن يساندوا قادة الجماعة في تسهيل عمليات السطو على موارد الصندوق لمصلحتهم الشخصية.


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

«التحالف» يستجيب لطلب اليمن حماية المدنيين في حضرموت

مسلح من أتباع «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي إلى الانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح من أتباع «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي إلى الانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
TT

«التحالف» يستجيب لطلب اليمن حماية المدنيين في حضرموت

مسلح من أتباع «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي إلى الانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح من أتباع «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي إلى الانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)

دفع التصعيد العسكري المستمر لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» في شرق اليمن، لا سيما في حضرموت والمهرة «تحالف دعم الشرعية»، بقيادة السعودية إلى إعادة رسم خطوط التهدئة المطلوبة من الاحتواء السياسي إلى الردع العسكري، وذلك بعد ساعات من طلب رئيس مجلس القيادة اليمني، رشاد العليمي، من التحالف التدخل لحماية المدنيين في حضرموت.

وفي هذا السياق، وجّه وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، خطاباً مباشراً إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، دعا فيه إلى الاستجابة الفورية لجهود الوساطة السعودية - الإماراتية، وإنهاء التصعيد في محافظتَي حضرموت والمهرة.

وقال الأمير خالد بن سلمان: «إن الوقت حان للمجلس الانتقالي الجنوبي في هذه المرحلة الحساسة لتغليب صوت العقل والحكمة والمصلحة العامة ووحدة الصف، بالاستجابة لجهود الوساطة السعودية - الإماراتية لإنهاء التصعيد، وخروج قواته من المعسكرات في المحافظتين وتسليمها سلمياً لقوات درع الوطن، والسلطة المحلية».

وأضاف وزير الدفاع السعودي، في منشور على حسابه في منصة «إكس» بعنوان «إلى أهلنا في اليمن»، بالقول «استجابةً لطلب الشرعية اليمنية، قامت المملكة بجمع الدول الشقيقة للمشارَكة في تحالف دعم الشرعية بجهودٍ ضخمة في إطار عمليتَي (عاصفة الحزم وإعادة الأمل)، في سبيل استعادة سيطرة الدولة اليمنية على كامل أراضيها، وكان لتحرير المحافظات الجنوبية دورٌ محوريٌ في تحقيق ذلك».

وأشار الأمير خالد بن سلمان إلى أن المملكة تعاملت مع القضية الجنوبية بوصفها «قضيةً سياسيةً عادلة لا يمكن تجاهلها أو اختزالها في أشخاص، أو توظيفها في صراعات لا تخدم جوهرها ولا مستقبلها»، موضحاً أن الرياض جمعت مختلف المكونات اليمنية في «مؤتمر الرياض»؛ لوضع مسار واضح للحل السياسي الشامل، بما في ذلك معالجة القضية الجنوبية.

وأكد أن اتفاق الرياض «كفل مشاركة الجنوبيين في السلطة، وفتح الطريق نحو حل عادل لقضيتهم يتوافق عليه الجميع من خلال الحوار دون استخدام القوة».

وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان يستقبل رئيس الحكومة اليمني سالم بن بريك (إكس)

كما شدَّد على أن المملكة باركت قرار نقل السلطة، الذي أتاح للجنوبيين حضوراً فاعلاً في مؤسسات الدولة، ورسخ مبدأ الشراكة بديلاً عن الإقصاء أو فرض الأمر الواقع بالقوة، مشيراً إلى ما قدَّمته المملكة من دعم اقتصادي، ومشروعات ومبادرات تنموية وإنسانية، أسهمت في تخفيف معاناة الشعب اليمني، وتعزيز صموده في مواجهة التحديات الاقتصادية.

ولفت وزير الدفاع السعودي إلى أن المملكة، ومعها أشقاؤها في التحالف، قدَّموا تضحيات كبيرة بأبنائهم وإمكاناتهم لتحرير عدن ومحافظات يمنية أخرى، مؤكداً أن الحرص الدائم كان أن تكون هذه التضحيات من أجل استعادة الأرض والدولة، لا أن تكون مدخلاً لصراعات جديدة.

وقال: «الأحداث المؤسفة منذ بداية ديسمبر (كانون الأول) 2025 في محافظتَي حضرموت والمهرة أدت إلى شق الصف في مواجهة العدو، وإهدار ما ضحَّى من أجله أبناء المملكة وأبناء اليمن، والإضرار بالقضية الجنوبية العادلة».

وأضاف أن كثيراً من المكونات والقيادات والشخصيات الجنوبية أظهرت دوراً واعياً وحكيماً في دعم جهود إنهاء التصعيد، والمساهمة في إعادة السلم المجتمعي، وعدم جر المحافظات الجنوبية الآمنة إلى صراعات لا طائل منها، مشدداً على أن المملكة تؤكد أن القضية الجنوبية «ستظل حاضرة في أي حل سياسي شامل، ولن تُنسى أو تُهمَّش».

تحذير من التصعيد

بعد ساعات من طلب العليمي التدخل العسكري لحماية المدنيين في حضرموت، حذَّر المتحدث الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، اللواء الركن تركي المالكي، من أي تحركات عسكرية تخالف خفض التصعيد، «سيتم التعامل المباشر معها في حينه»، داعياً إلى خروج قوات المجلس الانتقالي من محافظة حضرموت، وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن، وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها

وقال المالكي إن ذلك يأتي «استجابةً للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة حضرموت، نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي».

العليمي مجتمعاً مع المجلس الأعلى للدفاع الوطني اليمني (سبأ)

وأضاف المالكي في تصريح نشرته «واس»، أن هذه الخطوات تأتي «استمراراً للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد، وخروج قوات (الانتقالي)، وتسليم المعسكرات لقوات (درع الوطن)، وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها».

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف، الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، مهيباً بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية، وضبط النفس، والاستجابة لجهود الحلول السلمية، بما يحفظ الأمن والاستقرار، ويمنع اتساع رقعة المواجهات.

العليمي يشكر... والبرلمان يرحب

في ضوء هذه التطورات ثمّن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، الاستجابة العاجلة من قيادة «تحالف دعم الشرعية» لطلبه باتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، بموجب توصيات مجلس الدفاع الوطني في بلاده.

وأكد العليمي أن هذه الإجراءات تفضي إلى استعادة الأمن والاستقرار، وصون السلم الأهلي، والحفاظ على المركز القانوني للجمهورية اليمنية، مجدداً دعمه الكامل لجهود المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

ودعا المجلس الانتقالي إلى الاستجابة الفورية لهذه الجهود، والانسحاب من حضرموت والمهرة، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية؛ حفاظاً على وحدة الصف والمصلحة العليا للبلاد.

وكان البرلمان اليمني رحَّب بموقف السعودية الداعي إلى إعادة الأوضاع في حضرموت والمهرة إلى ما كانت عليه، وخروج قوات المجلس الانتقالي، وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف «تحالف دعم الشرعية».

وأكد البرلمان، في بيان رسمي، متابعته بقلق بالغ التطورات الخطيرة في المحافظتين، داعياً المجلس الانتقالي إلى تحكيم العقل، وتغليب المصلحة الوطنية، والاستجابة لدعوات الأشقاء، بما يجنب البلاد الانزلاق إلى صراع داخلي جديد لا يخدم سوى ميليشيات الحوثي.

وكانت السعودية نفذت، الجمعة، ضربة جوية تحذيرية لقوات تابعة للمجلس الانتقالي في مديرية غيل بن يمين بمحافظة حضرموت، في سياق السعي لفرض التهدئة وإعادة الأمور إلى نصابها.


مقتل عنصر من «الدفاع» السورية بإطلاق نار في حلب

أشخاص يسيرون على طول طريق في حلب بعد موافقة «قسد» على خفض التصعيد الأسبوع الماضي (رويترز)
أشخاص يسيرون على طول طريق في حلب بعد موافقة «قسد» على خفض التصعيد الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

مقتل عنصر من «الدفاع» السورية بإطلاق نار في حلب

أشخاص يسيرون على طول طريق في حلب بعد موافقة «قسد» على خفض التصعيد الأسبوع الماضي (رويترز)
أشخاص يسيرون على طول طريق في حلب بعد موافقة «قسد» على خفض التصعيد الأسبوع الماضي (رويترز)

أفادت قناة «الإخبارية» السورية، السبت، بمقتل عنصر من وزارة الدفاع إثر إطلاق نار من قبل مجهولين في حلب.

يأتي ذلك غداة إصابة عنصر من قوى الأمن الداخلي السوري جراء هجوم لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) استهدف حاجزا لوزارة الداخلية السورية في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب.

وأعلن قائد الأمن الداخلي في محافظة حلب، العقيد محمد عبد الغني، عن وقوع خرق جديد من قبل قوات "قسد" للاتفاقات المبرمة، مؤكدا أن الاستهدف وقع أثناء قيام عناصر الحاجز بمهامهم في تنظيم حركة المدنيين بمنطقتي الشيخ مقصود والأشرفية، مما أسفر عن إصابة أحد العناصر بجروح. بحسب ما أورده موقع «تلفزيون سوريا» على الإنترنت اليوم.

وأشار عبد الغني إلى أنه تم التعامل مع مصادر النيران وفق القواعد العسكرية المعتمدة، فيما جرى إسعاف الجريح ونقله لتلقي العلاج.

ووجه قائد الأمن الداخلي تحذيرا لقوات «قسد» في الحيين، مؤكدا أن استمرارها في خرق الهدن والاعتداء على النقاط الأمنية «سيقابل باتخاذ الإجراءات اللازمة»، مع تحميلها المسؤولية الكاملة عن أي تصعيد أو تداعيات تنتج عن هذه الانتهاكات.

وأكد عبد الغني أن الدولة السورية تواصل جهودها للحفاظ على التهدئة وحماية المدنيين، في إطار مسؤولياتها عن حفظ الأمن في المحافظة.


أنفاق ومنصات صواريخ… استحداثات حوثية تحاصر سكان إب

غبار تسببت به أعمال حفر وتفجيرات حوثية في مديرية السياني بمحافظة إب (إكس)
غبار تسببت به أعمال حفر وتفجيرات حوثية في مديرية السياني بمحافظة إب (إكس)
TT

أنفاق ومنصات صواريخ… استحداثات حوثية تحاصر سكان إب

غبار تسببت به أعمال حفر وتفجيرات حوثية في مديرية السياني بمحافظة إب (إكس)
غبار تسببت به أعمال حفر وتفجيرات حوثية في مديرية السياني بمحافظة إب (إكس)

تشهد محافظة إب اليمنية استحداثات عسكرية حوثية متواصلة منذ أسابيع، بحفر أنفاق وخنادق عميقة وشق طرقات جديدة، وتحويل عدد من المرتفعات إلى مواقع عسكرية معززة بأسلحة متنوعة، وسط العزلة التي تعيشها، في حين يحذّر خبراء عسكريون من أن تكون هذه التحركات وسيلة للتمويه على نشاط عسكري آخر.

وواصلت الجماعة الحوثية استحداثاتها العسكرية في عدد من مرتفعات محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، منذ أكثر من شهر، في جبال مديريات السياني وذي السفال والسبرة، وأرفقت ذلك بإجراءات أمنية مشددة في الطرقات، ومنعت السكان من الاقتراب، وإيقاف واختطاف عددٍ غير معروف منهم، بتهمة التصوير أو مراقبة تلك الأعمال.

وذكر سكان في المنطقة أن الجماعة الحوثية استحدثت، خلال الأيام الماضية، منصة صواريخ في معسكر لها في جبل المهلالة في منطقة النقيلين ضمن مديرية السياني، جنوب المحافظة، في حين استنكر الأهالي خداع القادة والمشرفين الحوثيين لهم، بادعاء أن تلك الإنشاءات تهدف إلى تقوية شبكات الاتصالات، في حين أدت إلى الإضرار بشبكات المياه الريفية وانقطاعها عن قرى في مناطق واسعة.

وتمنع الجماعة السكان من التنقل عبر الطرق القريبة من المعسكر، أو رعي المواشي جواره، وفي مناطق أخرى أوقفت عدداً ممن حاولوا الاقتراب من الإنشاءات دون علمهم بإجراءاتها، قبل أن تفرج عنهم، وأغلقت جميع الطرق المؤدية القريبة من مواقع أنشطتها.

القيادات الحوثية في إب أوهمت السكان أن الاستحداثات العسكرية لتقوية شبكات الاتصالات (إعلام حوثي)

ويتوقع عبد الرحمن الربيعي، الباحث العسكري والسياسي اليمني، أن يكون أحد أهداف الأنشطة العسكرية الحوثية في محافظة إب هو التمويه، في حين لم تتوقف عن الحشد والتجهيز في مختلف الجبهات القابلة للاشتعال في أي وقت.

احتمالية التمويه

يقول الربيعي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك حاجة ملحة لدى الجماعة الحوثية للأنشطة العسكرية الميدانية مثل بناء التحصينات والمناورة بالقوات وحشد المقاتلين لتلبية احتياجات طارئة وعملياتية، وهو ما يشمل مختلف الجبهات والمناطق الخاضعة لسيطرتها التي تطوقها القوات الموالية للحكومة الشرعية من كل الاتجاهات.

ويوضح أن الحالة المعقّدة التي تعيشها الجماعة بعد مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة المهرّبة إليها واستهداف المنشآت الحيوية التي كانت تدر عليها الأموال وعزلتها السياسية، قد تدفعها إلى التمويه والإيحاء بتنفيذ عمليات عسكرية في اتجاه محدد، فيما هي تنشط سراً في اتجاه آخر مختلف تماماً، وتسعى لتنفيذ هجمات على جبهات بعيدة عن مواقع هذه الاستحداثات.

الجماعة الحوثية تعاني تراجعاً في الإيرادات بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية على مواقعها (أ.ف.ب)

وتأتي هذه الإنشاءات ضمن حركة تحصينات واسعة لجأت إليها الجماعة في عدة مرتفعات وسلاسل جبلية وتكوينات جغرافية مختلفة، وتركزت، أخيراً، في محافظة إب والمناطق التي تسيطر عليها من محافظة تعز (جنوب غرب).

وأكّدت المصادر أن الجماعة كلّفت القيادي علي النوعة الذي عيّنته وكيلاً للمحافظة، بالإشراف على إنشاء طريق جديد يربط بين مديريتي السياني وذي السفال، مرجحة أن يكون خطاً لإمداد مواقع الجماعة ويسهّل تحركاتها في المنطقة المعقدة جغرافياً.

واقتحم قياديون ميدانيون في الجماعة، خلال الأسبوع الماضي، مسجد ومركز الفرقان للقرآن الكريم في منطقة محطب في المديرية، وطردوا الطلاب والطالبات منه، تمهيداً لتحويله إلى ثكنة عسكرية، ومركز لتحركات عناصرهم في المنطقة طبقاً لإفادات السكان.

قيادات حوثية تزور مركزاً لتحفيظ القرآن في إب للاستيلاء عليه وتحويله إلى ثكنة عسكرية (إعلام محلي)

ومنذ أشهر تنقل الجماعة أسلحتها إلى مخازن جديدة داخل أنفاق في تضاريس جبلية شديدة الوعورة، بعد استهداف مخابئها ومواقعها بهجمات جوية أميركية، رداً على هجماتها على الملاحة في البحر الأحمر.

اختناق وحصار

أدت الهجمات الأميركية التي استمرت قرابة شهرَين، منذ مارس (آذار)، وحتى مايو (أيار) الماضيين، إلى تدمير مواقع وأسلحة ومخازن ومنشآت تستخدمها الجماعة لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، وسقوط قيادات عسكرية، تكتمت الجماعة على مقتل العديد منهم، قبل أن تعلن تشييعهم أواخر الأسبوع الماضي.

وحسب الباحث العسكري الربيعي، فإن الجماعة تعيش حالة من القلق والترصد، وتتوقع حدوث عمليات عسكرية ضدها في أي لحظة، خصوصاً بعد ما تكبدته من خسائر بسبب الهجمات الأميركية والإسرائيلية على مواقعها، إلى جانب الاختناق السياسي والعزلة التي تعيش فيها، وفشل مساعيها للعودة إلى خوض مسار سياسي.

الخبراء العسكريون يحذّرون من أن تكون الأنشطة الحوثية في إب تمويهاً لتصعيد في جبهة بعيدة (أ.ف.ب)

من جهته، يبدي الكاتب باسم منصور خشيته من أن تكون هذه الاستحداثات مقدمة لمزيد من الانتهاكات التي تطول سكان محافظة إب، خصوصاً أنها بدأت بإجراءات مشددة ضدهم، ومنعتهم من ممارسة أنشطتهم المعتادة.

ويحذّر منصور، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، من أن تستخدم الجماعة تحركاتها العسكرية في إب مبرراً للتوسع في نهب الأراضي ذات الملكية العامة أو الخاصة، خصوصاً أنها قد جعلت المحافظة ساحة لنفوذ وثراء العديد من قياداتها من خلال السطو على الممتلكات، وأشاعت الانفلات الأمني فيها لإحكام سيطرتها عليها.

ويؤكّد أهالي المحافظة أن أعمال الحفر توسعت، خلال الأيام الماضية، لتشمل مواقع حاكمة في جبل الحيزم وجبل عميد الداخل في مديرية السياني، إلى جانب تلّ في منطقة السبرة.