اهتمام عراقي شعبي ورسمي بانفصال «حشد المرجعية»

وسط معلومات عن «خلافات عميقة» داخل «هيئة الحشد الشعبي»

TT

اهتمام عراقي شعبي ورسمي بانفصال «حشد المرجعية»

يتواصل الاهتمام الرسمي والشعبي منذ أيام بقضية انفصال «حشد المرجعية» الدينية عن هيئة «الحشد الشعبي» الرسمية. وتتحدث أوساط المراقبين المحللين عن «خلافات عميقة» داخل مؤسسة الحشد، بين الفصائل ذات المنحى والولاء العراقي من جهة، وبين الفصائل الموالية لولاية الفقيه الإيرانية من جهة أخرى وأدت إلى الانقسام الأخير.
وفي هذا الإطار انشغلت الأوساط العراقية أمس، بالرسالة التي وجهها قائد لواء «أنصار المرجعية» حميد الياسري من جزيرة نينوى إلى من وصفهم بـ«الأحرار فقط من شعب العراق العظيم». وقال الياسري في رسالته: «كنت ومنذ سنوات طوال أقول إن (الدين هو الوطن ولا قيمة لركوع وسجود ومسبحة ومحراب صلاة وأنت توالي غير العراق)»، الأمر الذي فسر على نطاق واسع على أن قول الياسري يأتي في سياق التعريض ببعض الفصائل الموالية لإيران داخل «الحشد الشعبي».
وتابع الياسري في رسالته: «كنت وحيداً في ذلك الوقت وصفوني بالمروق عن الدين وحاولوا صلبي فوق خشبات الخيانة». وأضاف «اليوم أقولها ومعي آلاف يرددون هذه العبارات في الساحات والشوارع ومن أعلى المآذن وفي المظاهرات والاعتصامات وفي خدر المخدرات ومن دماء زاكيات طاهرات لـ800 حر ثائر بوجه الفساد»، في إشارة إلى أعداد الضحايا الذين سقطوا في التظاهرات الاحتجاجية مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي واستمرت لنحو 5 أشهر وبقاء أعداد قليلة من المعتصمين في ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات حتى الآن. وختم الياسري رسالته بوسمين (من يوالي غير وطنه لا دين له) و(أنا عراقي لا أخاف)، في إشارة إلى ما تردد عن تهديدات مبطنة وصلت إلى الياسري من جهات موالية لإيران طالبت بعدم إحداث انقسام داخل مؤسسة الحشد الشعبي.
وانتقل الوسم الذي أطلقه الياسري (من يوالي غير وطنه لا دين له)، أمس، من التداول العادي في المواقع الخبرية ليتصدر «تريند» العراق في منصة «تويتر». وأصبح الوسم، مناسبة لروّاد موقع التدوين المصغر، للتشديد على ولائهم للعراق، وابتعادهم عن سياسة المحاور والاستقطاب الحاصل في المنطقة.
ويعد لواء «أنصار المرجعية» الذي يقوده حميد الياسري من بين أبرز أربعة ألوية شكلتها العتبات الدينية في النجف وكربلاء لقتال «داعش» عقب صعوده في عام 2014، وتحظى بدعم ورعاية المرجعية الدينية في النجف.
وكان رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة المستقيل عادل عبد المهدي قرر، مطلع الأسبوع الماضي «ربط الألوية (ل 2، ل 11، ل 26، ل 44) إداريا وعملياتيا بالقائد العام للقوات المسلحة».
وأعلنت قيادة قوات «العتبات الدينية»، الخميس الماضي، في بيان عن أنها «انتقلت من هيئة الحشد الشعبي على وفق الأمر الصادر من القائد العام للقوات المسلحة». وبينت القيادة أنها «تدرس انضمام بقية القوات والألوية الراغبة بذلك على وفق المعايير الوطنية، والضوابط القانونية، والالتزامات الدستورية، كما أنها ستتواصل مع قيادة الحشد ومديرياته لتنسيق الانتقال».
غير أن دعوة « حشد المرجعية» بقية الفصائل للانضمام إليه لم تلق ارتياحا من القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، وأصدر المتحدث باسم عبد الكريم خلف أول من أمس، بيانا قال فيه إن «القائد العام للقوات المسلحة لم يشاور أو يوافق على البيان الصادر (بيان حشد المرجعية)». وأضاف أن «عملية ارتباط هذه الفصائل المجاهدة بالقائد العام هو ارتباط إداري وعملياتي فقط، ولا يتناول الكثير من الأمور التي ذكرها البيان. ونؤكد مرة أخرى على أهمية الحفاظ على وحدة الحشد وخضوع جميع ألويته للسياقات الانضباطية والعسكرية وأوامر القيادات العليا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.