الصورة الدائمة عن رمضان السعودية، تملكها الروحانية لما يحمله الشهر الفضيل من قدسية، إلا أن ما يمنح الروحانية بعض مسك هو اجتماعات الأسر، وفعاليات المواقع التي انتشت في العامين الماضيين. كل هذا الحديث كان يسبق «كورونا»، الذي فرض معادلة جديدة للتواصل والحياة.
يمر أكثر من 30 يوماً تقريباً على إعلان السعودية واتخاذها قرار منع التجول في كل مدن البلاد، وعزل المدن، ووقف التنقل والرحلات الداخلية، ومن المتوقع أن تعتاده الغالبية، لكن الأمر الأكثر صعوبة أن يكون الشهر الأول للسعوديين منذ 7 عقود حين كان وباء «الطاعون» في مواقع من البلاد. موائد رمضان، لم تعد في أحيائها أو منازل العائلات الكبرى، ولأن السعوديين والسعوديات يمنحون هالة من القداسة حين يعززون المائدة بالاجتماع، كان ذلك غائباً، لا طلبة بين المدن عادوا، ولا الجار الذي يرسل بعضاً من طعامه عاد للعادة.
الحرمان الشريفان، في مكة والمدينة، كانا الأبرز، لأن الطيف الواسع من المسلمين، يتسمر بكرة وأصيلاً أمام شاشات ترصد جموعاً تطوف وأخرى تأخذ امتداد السفرة الرمضانية لاجتماع من تعرف ومن لا تعرف، في حميمية الشهر الذي يعيد بناء العلاقات غالباً. والمدينة المنورة، التي تعد سوق الحضارات في اجتماع كبير في مواقع المدينة التاريخية أو عبر ساحات ترسم الاجتماع لزيارة بيت النبي محمد. صوت المساجد وتراويح ما بعد الإفطار، لم تعد إلا صفاً وحيداً في البيوت.
عودة لذاكرة قريبة كان رمضان معها بالذكرى كارتباط الجسد والروح، من جدة غرب البلاد، كانت «جدة التاريخية» أحد أبرز مواقع الجلسات الرمضانية، كانت تموج فيها القوافل لأسباب، منها فرادة المكان بتاريخه وعودة فعاليات رمضان القديمة التي لا تتغير عادة لدى السعوديين، ولقوافل معتمرين تتجه إلى مكة أو منها لتستقر أياماً في جدة، فكانت موجة حضارية تلمع في رمضانات سابقة، وهي اليوم تنشد العودة. أيضاً، الدرعية، العاصمة السعودية الأولى، يحتجب رمضانها هذا العام بعد أن كانت «ليالي الدرعية» رونق البهاء لمساءات الرياض التي تطوي شتاءها، وتمنح بعض النفس مع اشتعال صيفها، خصوصاً في عامين أخيرين كانت الدرعية فيها ذات الطلة الأبرز في خلق منصات الاجتماع الإنساني، بفعاليات متنوعة للترفيه.
الشرقية، وسوق القيصرية التاريخي بها، عاد لمرحلة ما قبل التطوير، حائل، وقصورها، أصبحت علامات مضاءة دون بشر، وعسير حين كانت ساحات القرى مجمع الأحبة أصبحت في غياهب اللحظة التي زرعتها جائحة «كورونا».
«كورونا» فرض معادلة جديدة للتواصل بين السعوديين في رمضان
«كورونا» فرض معادلة جديدة للتواصل بين السعوديين في رمضان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة