الحكومة الجزائرية تستنكر «حملات وقحة» تستهدف رئيسها

انتقدت غوتيريش لفشله في فرض لعمامرة ممثلاً له في ليبيا

TT

الحكومة الجزائرية تستنكر «حملات وقحة» تستهدف رئيسها

استنكرت الحكومة الجزائرية «حملات تستهدف رئيسها» عبد المجيد تبون، وصفتها بـ«الوقحة»، وقالت إنها «قادرة على الرد بالمثل، لكن نوفر طاقتنا لما يبني بلادنا». كما انتقدت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بعد أن رفضت الولايات المتحدة ترشيحه وزير الخارجية السابق رمضان لعمامرة كممثل له في أزمة ليبيا.
ولم يوضح الوزير المستشار المتحدث باسم الرئاسة، محمد السعيد، صاحب هذه التصريحات، والذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي بالعاصمة، أول من أمس، من كان يقصد بـ«الحملات الوقحة ضد الرئيس»، لكن فهم من كلامه انتقادات أحزاب بالمعارضة، وتنظيمات حقوقية محلية ودولية، ضد الرئيس تبون، بسبب ملاحقة نشطاء الحراك، وسجنهم وحجب صحيفتين إلكترونيتين وإذاعة تبث على الإنترنت. كما وصف الرئيس بأنه «يعاني من نقص الشرعية»، بحجة المقاطعة الكبيرة للاستحقاق الذي جاء به إلى الحكم نهاية العام الماضي.
وسئل محمد السعيد عن سجن نشطاء الحراك ومناضلين سياسيين وصحافيين، فقال إن الحكومة «تشجع حرية الصحافة، إذ لا توجد أية دولة تملك كل هذا العدد من الفضائيات الخاصة، والمواقع الإلكترونية والمنصات الإعلامية، الذي يوجد بالجزائر». مشيرا إلى أن «الدولة تتحمل الانتقادات لأن الديمقراطية تحتاج للصوت الآخر».
وتم قبل يومين حجب الصحيفة الإلكترونية الإخبارية «إنترلاين»، بسبب «خطها غير المهادن للسلطة»، حسب تصريحات مديرها بوزيد إشعلالن. فيما يستمر حجب «ماغريب إيمرجنت»، والإذاعة التابعة له «راديو.إم»، للأسبوع الثاني.
وكان وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة، عمار بلحيمر، قد أكد أن الحكومة هي من تقف وراء ذلك، لأن مدير الصحيفة قاضي إحسان هاجم الرئيس تبون في مقال بمناسبة مرور مائة يوم على ممارسته الحكم.
وأفاد محمد السعيد بأن رئيس الجمهورية «يشجع حرية الصحافة بكل قوة، ويشجع تكوين الصحافيين والاحترافية، لكن في حدود القانون واحترام الأخلاق، واحترام الآداب العامة. ومن خرج عن هذه الحدود سيشمله تطبيق القانون العام كسائر المواطنين». ويوجد في السجن صحفيان هما خالد درارني، مراسل «مراقبون بلا حدود» الذي يقبع في الحبس الاحتياطي منذ نهاية الشهر الماضي، وسفيان مراكشي مراسل فضائية لبنانية، حكم عليه بثمانية أشهر سجنا، ستنقضي الشهر المقبل. وبينما قال محامون إنهما في السجن بسبب نشاطهما الصحافي، ذكرت الحكومة أن متابعتهما «تمت في إطار القانون العام، بعيدا عن جرائم الصحافة».
وبخصوص سحب وزير الخارجية السابق رمضان لعمامرة، ترشيحه بشأن خلافة غسان سلامة، كمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، ذكر السعيد أنه «لم يطلب الترشح، بل رشحه الأمين العام». مشيرا إلى «وجود أطراف رأت في هذا الترشح فشلا للجزائر (في مساعيها لحل أزمة ليبيا)، ولذلك أطالب منها تصحيح حكمها. فهذا فشل للأمين العام للأمم المتحدة، الذي لم يستطع فرض اختياره رجلا كفؤا مشهودا له بأسلوبه المتميز والبسيط في حل الأزمات». مشيرا إلى أن «كون الأمين العام الأممي فكر في جزائري لهذه المهمة، فذلك شيء يزرع فينا الفخر والاعتزاز بما أنجبته الدبلوماسية الجزائرية. لكن إذا لم يحظ هذا الترشح بقبول أحد أعضاء مجلس الأمن، فذلك قد يعود لاعتبارات محلية تمليها بعض الأنظمة، ليس لها مصلحة في حل مشكلة الشعب الليبي». وفي هذا السياق، شدد المسؤول الجزائري على أنه «لا يمكن أن يتم أي شيء في ليبيا دون موافقة الجزائر أو ضد الجزائر، وسنواصل أداء دورنا الوطني النزيه، غير المرتبط بالحسابات التي تتاجر بدماء الأبرياء في ليبيا».
وبخصوص التغييرات الكبيرة، التي حدثت في جهاز المخابرات الأسبوع الماضي، وذلك بعزل مديري جهازي الأمن الداخلي والخارجي، أوضح محمد السعيد أنها «تندرج ضمن تصور الرئيس لدولة القانون والمؤسسات».
ويعود للرئيس، حسب الدستور، صلاحية التعيين والإقالة في المناصب الكبيرة، بما فيها الجيش والمخابرات. لكن بعض المراقبين اعتبروا التغييرات الأخيرة «تصفية لإرث قائد الجيش السابق»، الجنرال قايد صالح، الذي توفي نهاية العام الماضي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.