رحلات الكروز البحرية... من حلم أسطوري إلى كابوس مخيف

عودة الروح إليها سوف تستغرق وقتاً طويلاً

سفن الكروز الحديثة تحول بعضها إلى سجون
سفن الكروز الحديثة تحول بعضها إلى سجون
TT

رحلات الكروز البحرية... من حلم أسطوري إلى كابوس مخيف

سفن الكروز الحديثة تحول بعضها إلى سجون
سفن الكروز الحديثة تحول بعضها إلى سجون

سوف تتعزز إجراءات النظافة والتطهير على متن السفن في رحلات ما بعد حقبة كورونا. فقد كان هذا الجانب مهملاً في الماضي، وتسبب في انتشار كثير من الأمراض المعوية والفيروسية في كثير من السفن. وربما تدخل أيضاً تعديلات قانونية لخفض العدد الأقصى للركاب، وتوفير مساحات رحبة بين المقصورات، وتسهيلات لنقل الركاب إلى بلدانهم في حالات الإصابة بالعدوى، أو في حالات الحوادث من أي نوع.
ينظر بعض الناس إلى الإبحار بسفن الكروز على أنها رحلة العمر التي يجري التخطيط والادخار لها لسنوات طويلة، لتكون ذروة الرحلات السياحية العائلية. ويزيد الإقبال عليها بين كبار السن الذين يقضون وقتهم في الاسترخاء والنظر إلى البحار والتجول في المرافئ التي ترسو فيها سفن الكروز. ولكن هذا العالم المثالي انهار، وانقلب إلى كابوس مزعج بعد انتشار فيروس كورونا في أنحاء العالم، وعلى متن هذه السفن.
فقد تحول الإبحار السياحي في سفن فاخرة فجأة إلى سجن، للركاب والطواقم على حد سواء، حيث ترفض الموانئ استقبالها، وتمنع الركاب من الخروج منها، وكأنهم مرضى الجذام في العصر الحديث. والحقيقة أن ما أصاب بعض سفن الكروز كان أشد من الجذام، فانتشار عدوى فيروس كورونا بسرعة أثار مخاوف موانئ العالم التي عدت أن عزل هذه السفن هو الحل الأفضل لسلامة مواطنيها.
وكانت أشهر حالات الحجر الصحي لسفينة الكروز البريطانية «دايموند برنسيس» التي فرض عليها ميناء يوكوهاما الياباني عزلة منذ يوم 4 فبراير (شباط) هذا العام. وانتشرت العدوى بين نحو مائة شخص على متن السفينة، ولكن مع استمرار عزل السفينة سرعان ما ارتفع الرقم إلى 700 مصاب. وصرحت منظمة الصحة العالمية، في 20 فبراير (شباط) الماضي، بأن المصابين على ظهر السفينة يمثلون أكبر عدد إصابات في العالم خارج الصين.
وتكرر الموقف مع كثير من سفن الكروز التي ظهرت عليها إصابات، وأحياناً فرض العزل على سفن لم تثبت الإصابة عليها. وعانت سفينة الكروز «زاندام» الهولندية من رفض موانئ تشيلي توقفها، وتعطيل مرورها في قناة بنما، واستطاعت في نهاية المطاف الرسو في ميناء «إيفرغليد» الأميركي.
ومنعت كندا رسو السفن التي تحمل أكثر من 500 راكب في كل موانئها بداية من منتصف شهر مارس (آذار) الماضي. وقرر حرس السواحل الأميركي منع رسو أي سفن أجنبية تحمل أكثر من 50 راكباً في موانئ ولايات فلوريدا وجورجيا وساوث كارولينا، بالإضافة إلى ميناء بورتوريكو، وذلك بداية من 29 مارس (آذار) الماضي. وشمل القرار إجبار السفن على علاج المصابين على متنها، أو نقلهم إلى بلدانهم الأصلية.
وخلال شهر مارس (آذار) أيضاً، منعت أستراليا استقبال أي سفن كروز أجنبية في موانئها، وأجبرت الباقي منها في الموانئ الأسترالية على الرحيل. ولكنها لم تستطع منع سفينة كروز أسترالية اسمها «روبي برنسيس» من الرسو في ميناء سيدني. وتسببت هذه السفينة وحدها في نسبة 10 في المائة من إصابات فيروس كورونا في أستراليا.
وأصدرت ألمانيا قراراً تحذيرياً لمواطنيها بأن مخاطر الحجر الصحي على سفن الكروز عالية في الوقت الحاضر، ونصحتهم بالتوقف عن الحجز عليها. وبعدها، قررت شركة سفن الكروز «فايكنغ» تجميد رحلات أسطولها البالغ حجمه 79 سفينة حتى نهاية شهر أبريل (نيسان) الحالي. وتبعتها شركة «برنسيس»، بوقف أسطولها المكون من 18 سفينة فاخرة لمدة شهرين.
وذكر تقرير من قوات خفر السواحل الأميركي أن هناك 114 سفينة كروز تحمل 93 ألف فرد من الطواقم تتوقف قريباً من السواحل الأميركية، بالإضافة إلى 41 سفينة كروز أخرى، عليها 41 ألف فرد من طواقم الخدمة، تبحر قريباً من المياه الإقليمية الأميركية. وليست كل هذه السفن مصابة، حيث ثبتت الإصابات على متن 21 سفينة كروز فقط حتى الآن. ولكنها تبحر شاغرة من الركاب حتى يتم اتخاذ القرار في استئناف السفر العادي بالركاب.
بعض هذه السفن المصابة هائلة الحجم، مثل «دايموند برنسيس» التي تحمل في المتوسط 2666 راكباً، و1045 من أطقم الخدمة، و«غراند برنسيس» التي تحمل ما مجموعه 3533 من الركاب وطواقم الخدمة. وبعضها الآخر من النوع الصغير لرحلات الكروز النهرية، بحمولات تقل عن 200 راكب. وكانت أكبر سفن الكروز المصابة هي «ورلد دريم» التي تحمل قرابة 7 آلاف راكب، وهي تطوف على الموانئ الصينية والآسيوية، وكانت آخر محطة لها في الفلبين، حيث تظاهر أهالي العاصمة مانيلا لمنع رسو السفينة فيها. وتم السماح للمواطنين الفلبينيين فقط بمغادرة السفينة.
الإجراءات المتبعة حالياً، بعد الكشف عن حالات إصابة بفيروس كورونا على متن سفن الكروز، هي عزل المريض عن بقية الركاب، ونقله إلى موطنه للعلاج، أو إلى أي ميناء يقبله. وعند رسو السفينة في الميناء التالي، يتم فرض الحجر الصحي لمدة أسبوعين على الركاب وأفراد الطاقم، قبل السماح لهم بمغادرة السفينة. وتختلف معاملة السفن وفقاً لقوانين البلد الذي ترسو في موانئه، حيث تسمح بعض الدول برسو السفن وتموينها، مع منع الركاب والطاقم من مغادرتها، بينما تأمر دول أخرى سفن الكروز بالتوقف في عرض البحر، في حالة وجود إصابات عليها.
ويقول خبراء مركز التحكم ومنع الأمراض المعدية الأميركي إن سبب انتشار العدوى السريع على سفن الكروز هو أنها تحمل أعداداً كبيرة من الركاب في مساحات محدودة وكبائن ملاصقة بعضها لبعض. ولا تقتصر العدوى على فيروس كورونا، فقد رصد المركز الأميركي 10 حالات على الأقل لانتشار العدوى من فيروسات وأمراض معوية على سفن الكروز خلال عام 2019.
تغييرات حتمية
في الوقت الحاضر، جمدت الأغلبية الساحقة من سفن الكروز، البحري والنهري، نشاطها إلى مواعيد في المستقبل، أقربها في نهاية شهر أبريل (نيسان) الحالي، وأبعدها قبيل نهاية العام. وعندما تعود الرحلات البحرية مرة أخرى، سوف تطبق عليها كثير من التغييرات الحتمية، سواء بالقانون أو طواعية.
سوف تتعزز إجراءات النظافة والتطهير على متن السفن في رحلات ما بعد حقبة كورونا. فقد كان هذا الجانب مهملاً في الماضي، وتسبب في انتشار كثير من الأمراض المعوية والفيروسية في كثير من السفن.
ولأن حجوزات رحلات الكروز تكون مبكرة، وقبلها بشهور، سوف تدخل على التعاقدات ضمانات جديدة لتسهيل إلغاء أو تأجيل الرحلات، ورد الأموال لأصحابها، وتأمين العلاج الصحي على السفن. وربما تدخل أيضاً تعديلات قانونية لخفض العدد الأقصى للركاب، وتوفير مساحات رحبة بين المقصورات، وتسهيلات لنقل الركاب إلى بلدانهم في حالات الإصابة بالعدوى، أو في حالات الحوادث من أي نوع. ولكن عودة الروح إلى صناعة الكروز سوف تستغرق بالتأكيد فترات أطول من مجرد عدة أسابيع.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.