لبنان يدخل تجربة الزيارات الافتراضية لمتاحف ومعالم تاريخية

تتضمن أفلاماً وثائقية ولوحات رسم وقلاعاً وقطعاً أثرية

متحف بيروت الوطني
متحف بيروت الوطني
TT

لبنان يدخل تجربة الزيارات الافتراضية لمتاحف ومعالم تاريخية

متحف بيروت الوطني
متحف بيروت الوطني

قررت وزارة الثقافة تعديل شعار «خليك بالبيت» الذي يفرض على اللبنانيين ملازمة منازلهم لمواجهة انتشار وباء «كورونا»، ليصبح «خليك بالبيت وتثقّف». ومساهمة منها لإعطاء اللبناني فسحة ثقافية يروّح بها عن نفسه، أطلقت برنامج الزيارات الافتراضية لعدد من الأماكن والمعالم الأثرية وكذلك لمتحف لبنان الوطني. وفي موازاة ذلك أعلن كل من «المتحف الوطني الفني الحديث» لجامعة البلمند و«متحف سرسق» في بيروت عن فتح أبوابهما لجولات افتراضية، يطّلع خلالها الزائر على نحو 500 عمل فني تشكيلي في الأول وعلى معرض «بعلبك أرشيف الخلود» في الثاني.
ويشير وزير الثقافة في لبنان عباس مرتضى إلى أنّ هذه التجربة كانت ضرورية ليتجاوز اللبناني المرحلة التي يعيشها. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «رغبنا في مؤازرة اللبنانيين في محنتهم هذه، سيما وأنهم يلازمون منازلهم ويشعرون بالقلق والملل معاً». ويتابع في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «كان على الدولة اللبنانية أن تجد لهم سبيلاً يسهم في الترفيه عن أنفسهم وتثقيفهم في الوقت نفسه. ومن المفروض أن تستمر هذه الخدمة حتى ما بعد زمن «كورونا». فهي بمثابة فرصة يكتشف فيها اللبناني معالم بلاده فتحفزه على زيارتها على الأرض لاحقاً».
ويرى الوزير عباس مرتضى أن هناك خطة مستقبلية تعمل عليها وزارة الثقافة لإضافة معالم أثرية أخرى على اللائحة سيما وأن لبنان غني بها. «هذا يسمح للبنانيين من مقيمين ومغتربين وسياح أجانب أن يكتشفوا أماكن وآثاراً لبنانية فيضعونها على أجندتهم السياحية ويزورونها في الوقت المناسب».
وتروج وزارة الثقافة لزيارة موقعها الإلكتروني (زيارة افتراضية للمتحف الوطني) على مواقع التواصل الاجتماعي وبينها «فيسبوك». وتحث اللبنانيين على القيام بهذه الجولة متوجهة لهم بالقول «خليك - بالبيت»، لا يعني أن تنعزل داخل منزلك وتتوقف عن ممارسة عملك ونشاطاتك، بل على العكس تماماً، اغتنم الفرصة واستثمر وقتك في اكتشاف غنى لبنان الثقافي والتاريخي».
وخلال زيارتك للموقع تجول على الطوابق الثلاثة للمتحف الوطني: السفلي المخصص لقطع أثرية خاصة بالجنازات القديمة. وفي الأرضي تتفرج على القطع الأثرية الكبيرة. فيما الطابق الأول مخصص للقطع الصغيرة من مجوهرات وزجاجيات وفخاريات تمتد من فترة ما قبل التاريخ إلى الفترة الحديثة.
وينضم إلى «متحف بيروت الوطني» قلاع أثرية بحيث خصصت لها وزارة الثقافة مواقع إلكترونية تسمح بزيارتها والتمعن بتفاصيلها عن قرب. ومن بين هذه المعالم قلاع بعلبك وجبيل وصور والمسيلحة وصيدا البحرية وقلعة شقيف أرنون.
ويشير سركيس خوري مدير عام الآثار في لبنان، إلى أنّ هذه المواقع تلقى إقبالاً كبيراً من قبل الزوار بحيث فاق عددهم الـ100 ألف شخص في ظرف ثلاثة أيام. ويتابع في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إننا وبتوجيهات من منظمة اليونيسكو و(إيكوم) المنظمة العالمية التي تهتم بالمتاحف، طبقنا هذه الخدمة السياحية الافتراضية في لبنان. فهناك متاحف كثيرة في العالم تتبع هذا النوع من الزيارات وبينها «متحف بريطانيا» و«متحف اللوفر» و«متحف الفاتيكان» وغيرها. فالولوج إلى هذه المواقع سلس وسهل ويزود صاحبه بمتعة الاكتشاف. كما يحفزه على زيارة المعلم مباشرة على الأرض عندما تسنح له الفرصة بذلك. فتاريخنا غني بالحقبات التاريخية التي برهن فيها لبنان على تجاوزه أهم الصعوبات والحروب. ومع هذه الخدمة وفي ظل كارثة «كورونا» التي نعيشها نعطي اللبناني بارقة أمل بأننا سنتجاوز حالتنا اليوم من خلال محطات تاريخية تحكي عن صلابة لبنان عبر التاريخ».
ومن ناحية ثانية، طوّر قسم الإنسانيّات الرقميّة بالتعاون مع وزارة الثقافة في لبنان والأكاديميّة اللبنانيّة للفنون الجميلة (جامعة البلمند) أوّل متحفٍ افتراضي فني حديث في لبنان. يضمّ أكثر من 500 عملٍ فنّي (لوحات ومنحوتات) من أصل نحو 1800 عمل، هي مجموعة أعمال الفنّانين التشكيليين اللبنانيين من مقتنيات وزارة الثقافة، التي تعرضها على الجمهور الواسع، عبر استحداث موقع المتحف الوطني الافتراضي للفنّ الحديث. وتنقسم محتويات هذا المتحف إلى المجموعة الدائمة والأفلام الوثائقية والزيارة الافتراضية.
ويستطيع الزائر للمجموعة الأولى والتي تضمّ عدداً من الأعمال الفنّيّة (لوحات ومنحوتات) لفنّانين لبنانيين، معاينة هذه الأعمال كما يمكنه إجراء بحثٍ عن فنّان معيّن أو عن عملٍ معيّن عبر الخدمة الإلكترونية لـ«غوغل». وفي المجموعة الثانية (الأفلام الوثائقية) نتعرف إلى مجموعة مميّزة وفريدة من الأفلام الوثائقيّة التي تعرّف بأبرز الفنّانين اللبنانيين وبأعمالهم وإنجازاتهم.
وتستمدّ هذه الأفلام الوثائقيّة مادّتها من أرشيف «تلفزيون لبنان» ومن أرشيف وزارة الثقافة. وأعادت الأكاديميّة اللبنانيّة للفنون الجميلة إنتاج وإخراج هذه الأفلام بشكلٍ يسمح بعرضها على الموقع الإلكتروني للمتحف، الأمر الذي يؤمّن دائرة مشاهدة أوسع. ويجد الزائر في هذا القسم تقارير عن جبران خليل جبران وإيفيت أشقر وجميل ملاعب وحسام حاطوم وهاروت طوروسيان وموسى طيبا وبول واكيم وجان خليفة ومارون حكيم وأمين الباشا وعائلة بصبوص ومحمد الرواس وصليبا الدويهي وغيرهم. وخلال الزيارة الافتراضية للمتحف نطل على مبنى افتراضي مؤلّف من خمس قاعاتٍ لعرض اللوحات والمنحوتات. تمّ تخصيص كلّ قاعة لفترة زمنيّة محدّدة، فيما تعرض المنحوتات في قاعة خاصّة.
ومن ناحيته فقد دعا «متحف سرسق» في ظل جائحة «كورونا» وملازمة الناس منازلهم إلى القيام بجولة افتراضية على معرض «بعلبك أرشيف الخلود»، الذي أقامه متحف سرسق الصيف الماضي في قاعة المعارض الكبرى. ويجمع المتحف بين المنظورات الأركيولوجية والإثنوغرافية والأنتروبولوجية والثقافية والفنية لإلقاء الضوء على تاريخ بعلبك منذ بداياتها حتى الزمن المعاصر.



مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.