حملات تبرع شعبية في الجزائر لإنقاذ الخدمات الصحية في مواجهة «كورونا»

جزائري يضع مطهراً في يده من زجاجة معلقة بعمود في شارع (أ.ف.ب)
جزائري يضع مطهراً في يده من زجاجة معلقة بعمود في شارع (أ.ف.ب)
TT

حملات تبرع شعبية في الجزائر لإنقاذ الخدمات الصحية في مواجهة «كورونا»

جزائري يضع مطهراً في يده من زجاجة معلقة بعمود في شارع (أ.ف.ب)
جزائري يضع مطهراً في يده من زجاجة معلقة بعمود في شارع (أ.ف.ب)

تشكلت في الجزائر سلسلة تضامن لجمع تجهيزات طبية ومواد التطهير وتوزيع مواد غذائية، في ظل ضعف الخدمات الصحية، لمواجهة انتشار وباء فيروس كورونا المستجد.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فرضت الحكومة الجزائرية، حيث تم تسجيل 25 وفاة و367 حالة إصابة مؤكدة بوباء «كورونا»، الحجر التام على ولاية البليدة التي انطلقت منها العدوى وحظر التجوال في العاصمة من السابعة مساءً إلى السابعة صباحاً.
وبينما انخفضت وتيرة حركة المواطنين انخفضت معها كل النشاطات، وزادت وتيرة العمل في المستشفيات، ويخشى الأطباء عدم قدرتهم على مواجهة الوباء عندما يصل إلى ذروته، مندّدين بنقص الموارد وظروف العمل السيئة لرعاية المرضى.
وفي بداية الأسبوع، كتبت رئيسة مصلحة بمستشفى البليدة، خديجة بن صديق، على صفحتها بموقع «فيسبوك»، «أضرب الممرضون في مصلحة الإنعاش في مستشفى فرانز فانون في البليدة بسبب عدم وجود وسائل للحماية (لا توجد أقنعة ولا قفازات ولا محلول تنظيف، لا شيء على الإطلاق)».
وانتقدت غياب السلطات متسائلة: «أين الدولة الجزائرية؟ أين وزارة الصحة؟ أين الخمسون مليون قناع يا سيدي الرئيس؟!»، داعية المواطنين «للتجنيد من أجل جمع وسائل العمل».
والخميس، حيا الرئيس عبد المجيد تبون الفرق الطبية كافة، وعبر «عن فخره واعتزازه بالجهود الخيرة التي يبذلونها».
وكتب في رسالة لهم «إنكم أخواتي وإخواني بناتي وأبنائي مصدر فخر لنا جميعاً لأنكم تقفون أحياناً بوسائل غير كافية، لكن في الصف الأمامي تخوضون حرباً ضروساً بإرادة حديدية لا حدود لها في مواجهة وباء فتاك»، وأمر بتخصيص نحو 91 مليون يورو لاستيراد الأدوية ومعدات الحماية وأجهزة التحليل الكيميائي.
وفي غضون ذلك، احتشد الجزائريون من خلال التبرع بالقليل الذي يجمعونه للمصالح الصحية الأكثر احتياجاً، وقالت طبيبة الأسنان منى بن شيحة في وهران (شمال غرب) «نحن مجبرون على التوقف عن العمل؛ لذلك نجمع مع زملائنا الآخرين معدات وقاية للمستشفيات: قفازات وأقنعة ومحلول التطهير الكحولي ومواد التنظيف أو المواد الغذائية».
وأوضحت، أنه عندما لم تعد المنتجات متوفرة في الصيدليات، فإن أفراداً بالقطاع الخاص يتبرعون بمخزونهم لدعم القطاع العام، الذي تزايدت احتياجاته فجأة.
وإلى جانب المعدات الطبية، يهتم المتطوعون أيضاً بتوزيع المواد الغذائية، ففي وهران، تستخدم الجمعيات الخيرية تجربتها مع «قفة رمضان» وهو تقليد جزائري لتوزيع سلة تحتوي المواد الأساسية خلال شهر الصيام، في الأزمة الناجمة عن ظهور محرومين جدد بسبب توقف الكثير من النشاطات الاقتصادية، كما يقومون بتوصيل الوجبات للمستشفيات، بالتنسيق مع السلطات.
وفي تيزي وزو شرق الجزائر العاصمة، يعمل الطلاب في جامعة مولود معمري على صناعة محلول كحولي للتطهير، بحسب ما نقلت وسائل الإعلام المحلية.
وقالت صحيفة «الوطن» اليومية، إن المحلول الذي ينتجه طلاب الصيدلة والكيمياء يتم توزيعه في المقام الأول على الطلاب والأساتذة الذين لا يزالون موجودين في الحرم الجامعي على الرغم من توقف الدراسة.
وبعد قرار الحكومة بوقف وسائل النقل العمومية، قدم تطبيق «يسير» للنقل بالأجرة - بالتعاون مع السائقين «المتطوعين» - خدمة مجانية للأطباء والممرضين ومساعدي التمريض وعمال الصيانة.
كما وفرت المنصة لمستخدمي الإنترنت دليلاً طبياً للاستشارات من أجل «تخفيف الضغط على المستشفيات والعيادات التي تمثل بيئة مواتية لانتشار الفيروس».
وكذلك، برزت مبادرات تطوعية مثل وضع موزعات لمحلول التطهير في الأماكن العامة، وصنع أقنعة من القماش والتنظيف الجماعي للشوارع.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك حملة توعية شاملة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام باستخدام شعار: «#إبق في دارك».
وفي فيديو، بادر الفنانون والنشطاء الذين أطلقوا أغنية «حرّروا الجزائر» الموجهة ضد النظام في الربيع الماضي، إلى حض الجزائريين الآن على الحفاظ على صحتهم، وفي أسفل الشاشة يمكن قراءة رسائل مثل «صحتنا أولاً» و«لنحم أنفسنا حتى يكون للثورة مستقبل».
وأمام انتشار الفيروس، اضطر الحراك إلى توقيف سلسلة مظاهراته الأسبوعية ضد النظام التي استمرت بشكل متوالي لثلاثة عشر شهراً، وبقوة الظروف غيّر «الحراك» وجهته وأصبح يفضّل الآن «التعبئة الصحية» حتى يتمكن من العودة للتظاهر في الشارع.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.