الرئيس الجزائري يتسلّم مسودة مراجعة الدستور من «لجنة الخبراء»

الحكم بالسجن عاماً لمعارض من رموز الحراك

TT

الرئيس الجزائري يتسلّم مسودة مراجعة الدستور من «لجنة الخبراء»

ذكرت رئاسة الجمهورية الجزائرية، في بيان أمس، أن الرئيس عبد المجيد تبون استقبل، أمس، بالعاصمة أستاذ القانون أحمد لعرابة، رئيس «لجنة الخبراء المكلفة صياغة مقترحات مراجعة الدستور»، الذي «سلّم له المشروع التمهيدي للتعديلات الدستورية، التي اقترحتها اللجنة».
وأفاد البيان، بأن تبون «شكر بهذه المناسبة، أعضاء اللجنة (عددهم 15 وكلهم أساتذة بالجامعة) على كل الجهود، التي بذلوها طوال شهرين لترجمة إرادة التغيير الجذري في مواد دستورية، والتي سوف تشكل أساساً لبناء الجمهورية الجديدة بعد مصادقة الشعب عليها في صيغتها التوافقية النهائية». ولم يوضح البيان المقصود بـ«مصادقة الشعب عليها». لكن يفهم بأن مقترحات تعديل الدستور تعكس الرغبة في التغيير والديمقراطية، والتداول على الحكم، التي عبّر عنها الحراك الشعبي منذ اندلاعه قبل 13 شهراً. واللافت، أن مظاهرات الأشهر الماضية أكدت بوضوح رفض المحتجين مسعى تعديل الدستور، بحجة أنه «سيكون مفصلاً على مقاس الرئيس الجديد كما فعل الرؤساء السابقون».
وبحسب بيان الرئاسة، فإنه «تم تأجيل توزيع وثيقة التعديلات على الشخصيات الوطنية، وقيادات الأحزاب السياسية والنقابات، وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام؛ نظراً للظروف التي تمر بها البلاد في مواجهة محنة وباء (كورونا المستجد)».
في موضوع آخر قضت محكمة الاستئناف بالجزائر العاصمة أمس بالسجن سنة مع النفاذ بحق المعارض وأحد رموز الحراك كريم طابو، الموجود في السجن منذ ستة أشهر، بحسب ما أعلن أحد محاميه لوكالة الصحافة الفرنسية أمس.
وقال المحامي أمين سيدهم إن «قاضي الاستئناف نطق بحكم عام نافذ، بدون مرافعة وبدون سماع المتهم، في محاكمة تمت برمجتها بدون علمنا».
وكانت المحكمة الابتدائية قد قضت في 11 من مارس (آذار) بإدانة طابو (46 عاماً) بالسجن سنة، منها ستة أشهر نافذة، وذلك بتهمة «المساس بسلامة وحدة الوطن».
وكان يفترض أن يغادر طابو الذي اعتقل في 12 سبتمبر (أيلول) السجن غداً الخميس، «لكن بعد تشديد عقوبته سيبقى في السجن» كما أوضح سيدهم.
وتحوّل طابو، الذي شارك في كل تظاهرات الحراك قبل توقيفه، إلى إحدى الشخصيات البارزة، وربما الأكثر شعبية، ضمن الحركة الاحتجاجية المناهضة للنظام.
في السياق نفسه، أفاد محامو الناشط السياسي سمير بلعربي، والكاتب الصحفي فضيل بومالة، بأن محاكمتهما في جلسة الاستئناف ستكون في الرابع من الشهر المقبل بالنسبة لسمير، و14 من الشهر نفسه بالنسبة لفضيل.
واستفاد الناشطان المعارضان للسلطة من البراءة من تهمة «إضعاف معنويات الجيش»، وغادرا السجن منذ أكثر من الشهر، وذلك بعد خمسة أشهر من الحبس الاحتياطي. غير أن النيابة طعنت في الحكم.
وعاد بلعربي إلى السجن منذ 10 أيام بعد اعتقاله في مظاهرة، واتهمته النيابة بـ«التجمهر غير المرخص»، وتم إيداعه الحبس الاحتياطي رفقة ناشط آخر بالحراك.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».