«دبلوماسية الهواتف» تتحرك لتعويض انقطاع توافد السياسيين على طرابلس

TT

«دبلوماسية الهواتف» تتحرك لتعويض انقطاع توافد السياسيين على طرابلس

غيرت الأجواء المصاحبة لفيروس «كورونا» جميع الترتيبات المتعلقة باللقاءات السياسية أو الدبلوماسية داخل ليبيا، وباتت المحادثات الهاتفية السبيل الوحيد للتشاور والتواصل على جميع المستويات.
فبعد أن كانت طرابلس محطة رئيسية لوفود غربية وعربية، تصل تباعاً على مدار الأسبوع للتباحث مع سلطات العاصمة الرسمية، وغير الرسمية، حول مجريات العمليتين السياسية والعسكرية، انقطعت هذه الجولات بسبب الانشغال الدولي بمواجهة جائحة «كورونا».
وفي واحدة من هذه المباحثات الهاتفية، التي غدت الوسيلة الأنجع للتباحث، جرى اتصال بين فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، مساء أول من أمس، يُعد هو الأول لهما على خلفية تداعيات تلك الأزمة.
وكان كونتي دائم التردد على ليبيا وخاصة عاصمتها طرابلس، لكن تصاعد مخاطر الفيروس في روما منعه من مواصلة جهود بلاده لحل الأزمة الليبية، مكتفياً بمكالمة هاتفية تم فيها التطرق إلى مجموعة من الشواغل المتعلقة بالحرب، وفيروس «كورونا» أيضاً.
ونقل السراج لكونتي تضامن الحكومة والشعب الليبي مع الحكومة والشعب الإيطالي «الصديق» في مواجهة أزمة وباء «كورونا» المستجد، معرباً عن «ثقته في قدرة إيطاليا على تخطي هذه الأزمة، والتعاون مع ليبيا لمنع تفشّي الوباء».
في المقابل، شكر رئيس الوزراء الإيطالي السراج على ما أبداه من «مشاعر الود والتضامن، التي تُلخص المعنى الحقيقي للصداقة بين الشعوب»، مشيداً بـ«الإجراءات الاحترازية» التي أعلنتها ليبيا في مواجهة وباء «كورونا»، متمنياً تجاوز هذه المحنة.
كما تطرقت المباحثات الهاتفية إلى الحرب الدائرة على أطراف طرابلس، وعدم التفاعل مع الهدنة الإنسانية لوقف العملية العسكرية، مما أدى إلى مقتل عدد من المدنيين بشكل يومي، رغم دعوة إيطاليا والأمم المتحدة ودول عديدة أخرى للوقف الإنساني للعمليات العسكرية، و«التي تجاوبت معها حكومته».
كما بحث السراج مع الرئيس التونسي قيس سعيد، هاتفياً، أمس، وفقاً للمكتب المجلس الرئاسي لـ«الوفاق»، سبل الدعم والتعاون بين بلديهما لمواجهة فيروس كورونا. وعبر السراج عن وضع كل إمكانات ليبيا لخدمة الشعب التونسي للمساعدة في التصدي لهذه الجائحة.
لكن في المقابل، فإن بعض الأطراف السياسية في شرق البلاد ترى أن التطورات الجديدة ستعمل على عزل حكومة «الوفاق» نسبياً. لكن أحد السياسيين المقربين من السراج أبدى استغرابه من هذه النظرة، وقال إن العالم «أصبح محكوماً بالمتغيرات الجديدة؛ ذلك أن فيروس (كورونا) تسبب في عزل العالم، ولم يستثن أحداً».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.