حوار سياسي | المسماري لـ«الشرق الأوسط»: وجود عناصر لـ«حزب الله» أو للأسد في ليبيا «أكاذيب إخوانية»

المتحدث باسم «الجيش الوطني» أكد دراسة وقف القتال في طرابلس لمحاربة «كورونا»

اللواء أحمد المسماري (أ.ف.ب)
اللواء أحمد المسماري (أ.ف.ب)
TT

حوار سياسي | المسماري لـ«الشرق الأوسط»: وجود عناصر لـ«حزب الله» أو للأسد في ليبيا «أكاذيب إخوانية»

اللواء أحمد المسماري (أ.ف.ب)
اللواء أحمد المسماري (أ.ف.ب)

كشف اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم «الجيش الوطني» الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، عن أن القيادة العامة للجيش تدرس حالياً دعوات وجّهتها البعثة الأممية ودول صديقة، وأبناء الشعب الليبي لـ«وقف فوري للقتال بالعاصمة طرابلس» لمواجهة فيروس «كورونا المستجد»، متوقعاً في مقابلة مع «الشرق الأوسط» أن تتخذ قيادة الجيش قراراً بشأن هذا الأمر «خلال الساعات المقبلة»، رغم وجود تحديات كثيرة، في مقدمتها «استمرار التهديدات، وتزايد أعداد المرتزقة السوريين، والعناصر التركية بالأراضي الليبية»، على حد قوله... وفيما يلي نص الحوار:

> كيف يقيّم الجيش دعوة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا طرفي الصراع لوقف الاقتتال في البلاد لأغراض إنسانية، بما يتيح المجال لمواجهة خطر فيروس «كورونا المستجد»، وهي دعوة طالب بها أيضاً عدد كبير من أبناء الشعب الليبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟
- يمكن أن نذهب في هذا الاتجاه احتراماً لهذه الدعوات، واحتراماً للموقف الإنساني الحالي. فالموقف الحالي خطير جداً؛ لأن هذا الوباء ينتشر بسرعة كبيرة جداً في العالم، وإذا لم تقف البشرية جمعاء في مواجهته فقد يقضي على شعوب وحتى على دول بأكملها... ولذلك؛ فإن وقف إطلاق النار قد يكون مقبولاً في ظل هذا الظرف الراهن، والقيادة العامة لا تزال تدرس الأمر، أي أن القرار لم يصدر بعد... لكن التحدي في عامل الوقت ذاته، فهل يجدي وقف إطلاق النار مع السوريين والأتراك، الذين بات عددهم بالآلاف في بلادنا، وبات خطرهم يتزايد بما يحملونه من أسلحة ومعدات، وما شكلوه من غرف عمليات للقيادات؟ وهل هناك وقف إطلاق نار مع مستعمر؟.. هذا ما تتم دراسته على أعلى مستوى بالقيادة العامة، وأتوقع صدور القرار النهائي خلال الساعات المقبلة.
> كم يبلغ تعداد الجيش الليبي حالياً؟ وكيف تصف ترتيب الهيكلة العسكرية بداخله، مقارنة بتعداد الميليشيات بالغرب، وترتيب ووضع القيادات بها؟
- تعداد الجيش الوطني تجاوز الـ85 ألف عنصر، ما بين ضابط وضابط صف، وجندي نظامي في جميع التخصصات والمجالات، وجزء كبير جداً من هذا العدد هم عسكريون سابقون، أي من أعضاء المؤسسة العسكرية القديمة. لكن هناك دماء جديدة تم ضخها بالجيش، يقدر عددها ما بين 25 و30 ألف عنصر من ضابط وضابط صف. أما فيما يتعلق بالميليشيات في الغرب فلا أستطيع أن أقدم تقديراً عن أعدادها؛ كونها لا تعمل وفق ترتيب أو إدارة عسكرية، بل وفق المال. أي أنك تستطيع اليوم جلب ألف مقاتل، وغداً قد لا تستطيع جلب أكثر من 50 مقاتلاً في حال نقص الأموال. لكن في المجمل قد يكون لديهم ما بين 5 و10 آلاف عسكري نظامي. ونحو 60 إلى 70 في المائة من هؤلاء العسكريين النظاميين هم عناصر تمت إعادتهم للخدمة، أي أنه تم تسريحهم خلال عهد النظام السابق، أو قدموا استقالتهم، أو جرى إحالتهم للخدمة المدنية في بداية عملهم العسكري، لكن تم الآن إعادتهم برتب ودرجات عسكرية كبيرة، بالمخالفة للقانون العسكري الليبي الذي لا يجيز ذلك، ومن بين هؤلاء مثلاً أحمد أبو شحمة، رئيس العمليات الآن ورئيس وفد حكومة الوفاق بلجنة العسكريين بجنيف. هذا الشخص سبق أن استقال وهو الآن برتبة نقيب... وهناك أيضاً ضباط قدامى نظاميون ينتمون إلى المؤسسة العسكرية ممن أجبروا على الدخول في هذه المعركة، ربما لظروف الإقامة أو لظروف أخرى.
> كشفتم مؤخراً عن أن الجيش الوطني قدم أكثر 7000 شهيد؟ لكن ماذا عن الجرحى وعدد الأسرى من أبناء الجيش الذين وقعوا بقبضة قوات الوفاق؟
- نعم... عدد شهداء الجيش تجاوز الـ7000 شهيد، وهذا الرقم ليس حصيلة معركة طرابلس وحدها، بل هو مجموع ما سقط من أبناء الجيش في كل المعارك السابقة في بنغازي ودرنة، وغيرهما من المدن. أما الجرحى فأعدادهم كبيرة، وكذلك من تعرضوا لإصابة نتجت منها إعاقة، كبتر للأطراف. هؤلاء قد يتجاوز عددهم الألف. أما بخصوص أسرى الجيش ممن وقعوا بقبضة الجماعات الإرهابية خلال المعارك، فيتراوح عددهم ما بين 75 و80 أسيراً، يوجدون في كل من مصراتة، وطرابلس، والزاوية، وفي غريان أيضاً، وعلى رأسهم اللواء طيار ركن عامر الجقم، الذي أسقطت طائراته على تخوم الزاوية، ولدينا أيضاً ما بين 100 و130 شخصاً من كتيبة واحدة، وهؤلاء لم يقعوا في الأسر جراء اشتباكهم بالمعارك، بل تم التغرير بهم، وتسليمهم في أحد المحاور للمجموعات الإرهابية في غرب البلاد في الرابع من أبريل (نيسان) من العام الماضي. ولا نزال نتساءل عن كيفية حدوث ذلك الأمر، خاصة أن تلك الكتيبة لم تشارك في أي قتال في بنغازي ودرنة، فضلاً عن انتمائها إلى كل من منطقة صرمان والعجيلات بالمنطقة الغربية.
> وماذا عن ملف استثمارات الجيش ومصادر تمويله باعتباره الملف الذي دارت حوله الكثير والكثير من الأقاويل والشائعات في الفترات الأخيرة؟
- بالفعل هناك دعايات كثيرة مضللة حول هذا الملف، كالقول بأن الجيش يقتسم قوت الشعب في أماكن سيطرته بالشرق والجنوب، لكن الحقيقة هي أن أبناء الأهالي في المنطقة الشرقية تحديداً، بل وحتى في المنطقة الغربية حتى ترهونة، والزنتان، والعجيلات، والرجبان، والصرمان، أي الجنوب الغربي بالكامل، هم أبناؤنا بالمؤسسة العسكرية، أي عناصر تخوض معركتها ضد الإرهاب حالياً. ولذلك؛ فإن فكرة اقتسام قوت الليبيين ما هي إلا شماعات يطلقها العدو. لكن الحقيقة هي أن الجيش يملك إدارات وهيئات ورئاسة أركان، ومن ضمن هذه الإدارات هناك إدارة «الاستثمار العسكري»، وهي إدارة قديمة تم تفعيلها الآن، لديها مشاريع زراعية وصناعية عدة... وللإشارة، فإن هذه الاستثمارات والمشاريع قديمة، وكانت موجودة قبل سنة 2011، لكن تمت إعادتها بالكامل من طرف أشخاص استولوا عليها خلال الفترات السابقة. لكن تم الآن استرجاعها وتفعيلها والعمل بها، ومن حق القوات المسلحة أن يكون لها مشاريع استثمارية لتطوير الجيش، خاصة أن مصاريف الجيش كبيرة، وتحتاج إلى إيرادات غير الإيرادات الرسمية، التي تخرج من الدولة.
وفي هذا الإطار، يجب أن نلاحظ أنه لم يكن يتدفق شيء من عوائد النفط الليبي على المناطق المذكورة. والكل يعلم جيداً أن عوائد النفط تذهب للمصرف المركزي بطرابلس، الذي كان يقدمها ويوزعها لجماعة «الإخوان». وللأسف، لم يقدم شيئاً للمواطنين... ونحن بالقيادة العامة من يتحمل نفقات المواطنين في بعض الأزمات، مثل أزمة فيروس «كورونا المستجد»، وكمثال على ذلك، فقد تبرعت القوات المسلحة بإقامة المستشفيات، وإجراءات أخرى عدة لمواجهة هذا الوباء. وفي كل مدينة تعرف أزمة معينة تقوم القوات المسلحة بتسيير قوافل التموين والوقود على نفقتها إلى تلك المدن، إضافة إلى نقل وعلاج المرضى على نفقة المؤسسة، مما تحصل من عليه من الحكومة المؤقتة، أو من استثماراتها ومصادر أخرى.
> ماذا عن أزمة المفقودين؟ هناك الكثير من الأسر لا تزال تبحث عن مصير أبنائها المفقودين خلال فترة ما قبل قيام الجيش الوطني بتحرير مدن الشرق، أي بنغازي ودرنة؟
- بالنسبة لبنغازي لدينا قوائم تضم ما بين 650 و660 شخصاً مفقوداً. هؤلاء فُقدوا قبل أو مع بداية «عملية الكرامة»، أي ما بين عامي 2014 و2015 حين كانت بنغازي تحت سيطرة الميليشيات بالكامل. وللأسف، لا نعرف أي شيء عنهم على الإطلاق... فهناك من يردد بأنه تم نقلهم إلى مصراتة، وهناك من يقول إنه قد تمت تصفيتهم، أو تم نقلهم إلى دولة أخرى. لكننا لا نعلم في الحقيقة أي شيء عنهم، وقد طالبنا الصليب الأحمر بالمساعدة في إيضاح الأمر، وكذلك من بعثة الأمم المتحدة. لكننا لم نتلقَ أي رد... القضية مهمة جداً. فهناك بطرابلس الآن الكثير من المفقودين؛ ونظراً لأهمية هذا الملف، فإن القيادة العامة ستعهد به إلى لجنة خاصة للتعامل معه، إلى جوار اللجان الموجودة بالأساس لمتابعته، كاللجنة التابعة للمدعي العام العسكري، وأيضاً إدارة الشهداء والأسرى والمفقودين... وللإشارة، فإن أُسر هؤلاء المفقودين بالمنطقة الشرقية تتواصل معنا بشكل مباشر، وأيضاً بالجنوب، وحتى بالمنطقة الغربية. وقد أعددنا كشوفاً بالأسماء، وسنتابع الأمر.
> الكثير من أهالي طرابلس ومدن أخرى بالغرب يتخوفون وينظرون بقلق بالغ لخطة الجيش وتعاملاته وأحكامه بعد تحرير العاصمة، والكثير من هؤلاء ليسوا من جماعة الإخوان، أو ربما كانوا أعضاء بالتنظيم، أو من مؤيديه، لكنهم لا يمارسون أي عمل مسلح. ما هو مصيرهم في هذه الحالة؟ كما أن هناك عائلات كثيرة انضم أبناؤها دون رغبة منهم للميليشيات؛ سعياً وراء المال فقط... كيف تخططون للتعامل معهم؟
- القيادة العامة ترى أنه سيتم بعد تحرير طرابلس تشكيل حكومة وحدة وطنية، تعتمد من البرلمان الليبي الراهن، وسيكون لها واجبات ومهام محددة، كتقديم الخدمات السريعة للمواطن وحل الأزمات، والبدء أيضاً في التحضير لإجراء انتخابات من مراجعة الدستور والقوانين وقواعد البيانات، وكل ما يلزم لتكون لدينا تجربة انتخابية نزيهة، يشهد ويشيد بها الجميع. أما فيما يتعلق برؤيتنا للعناصر المسلحة المنضمة للميليشيات بالغرب، فقد قلنا سابقاً ونؤكد مجدداً بأن معركتنا هي فقط مع الجماعات المتطرفة والإرهابيين والمسلحين، وكل من ارتكب جريمة في حق الوطن والمواطن، والأمثلة على ما نذهب إليه كثيرة. فقد دخلنا سرت في يناير (كانون الثاني) الماضي ولم يتم اعتقال أي مواطن على الإطلاق. كما دخلنا الجفرة وسبها ودرنة أيضاً، دون اعتقال أي أحد.
نحن نعمل جاهدين من أجل حماية المواطن، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بنزع السلاح غير الشرعي، ومحاربة الجماعات الإرهابية... هناك عناصر مدنية من جماعة الإخوان في بنغازي، ولم تتعرض للاعتقال أو أي مضايقة على الإطلاق. لكن في حال ارتكب أحدهم أي خطأ فسيصنف على أنه تهديد للأمن الوطني، وهذا له حديث آخر.
> يطرح عدد من المراقبين للمشهد الليبي وجود توتر راهن بين الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق، ويرجع بعضهم سبب الخلاف إلى رغبة وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، في إضعاف ميليشيات طرابلس لحساب ميليشيات موالية له بمسقط رأسه بمصراتة... ما هو تقييمك لهذا الأمر. وهل تتوقع أن يصب ولو بدرجة ما في صالح الجيش الوطني؟
- هناك في طرابلس ميليشيات مسلحة كثيرة، وفصائل إرهابية ومتطرفة للغاية، مثل ميليشيا «لواء الصمود»، التي يقودها صلاح بادي، وميليشيا «البقرة» بقيادة بشير خلف الله، وميليشيات «الفاروق» في مصراته والزاوية. وهناك ميليشيات أخرى إجرامية، علاوة على ميليشيات جهوية.
ومن هذا المنطلق الجهوي، يحاول فتحي باشاغا الآن، خاصة بعد أن قوى ظهره بالمرتزقة والفصائل السورية، أن يقوم بإخراج، أو تحديداً القضاء على ميليشيات طرابلس والزنتان، عبر تقوية بعض الميليشيات في مصراته، وإعطائها غطاءً شرعياً بتواجدها تحت إدارة وزارته؛ حتى تتمكن من تنفيذ مهمته وهدفه... هو يرى أن ذلك قد يسهل خطته الرامية في أن يكون بديلاً لرئيس المجلس الرئاسي الحالي لحكومة الوفاق فايز السراج في أي حوار سياسي قادم، أو بأي طرح لحل الأزمة الليبية، بدعم من المشروع «الإخواني» الداعي للحرب، والاستمرار في جلب السلاح وتكديسه بالبلاد، بقيادة تركيا وقطر... باشاغا ينسق ويتعاون بالأساس منذ فترة مع شركات دولية متخصصة بمجال الدعاية والعلاقات العامة لتحقيق هذا الهدف، أي أن يكون واجهة بديلة للسراج، وربما للمجلس الرئاسي برمته، ومن خلال توجهه هذا يؤكد على أنه رجل وابن مصراتة، الذي سيحافظ على حقوقها بأي حل سياسي، أو بالمستقبل بشكل عام...
بالطبع، هذه المهمة صعبة جداً؛ كون أن شبان طرابلس منتبهون جيداً لها، بل إن بعض الميليشيات بمصراتة ترفض هذا التوجه، وبطبيعة الحال، فإن أي خلاف بين الميليشيات بطرابلس سينجم عنه خروج بعض الشباب خارج مسرح العمليات، وسيرفع نسبة الوعي لديهم، وبالتالي سيعرفون حقيقة تلك الميليشيات؛ ولذلك فإن إنقاذ هؤلاء الشبان المغرر بهم من الاستمرار بهذه المعركة هو أكبر فائدة لنا.
> كيف تقيّمون ما يطرح عن محاولة قيادات من جماعة الإخوان استغلال «الفزاعة الروسية» خلال جولاتهم الأخيرة للعاصمة الأميركية، عبر التحدث لشخصيات وقوى عدة بدوائر صنع القرار الأميركي، والتحذير من أن سيطرة الجيش الوطني يعني وقوع ليبيا وثرواتها بيد روسيا؟
- «الإخوان» لديهم «فزاعات» كثيرة... يطلقونها من حين إلى آخر، وتحديداً عندما نقوم بتوجيه ضربة جوية ناجحة ضد أهدافهم... هم يحاولون إقناع المجتمع الدولي بهذا الحديث، وأن هذا الطرف أو ذاك يدعمنا، كما يسعون لتضليل وجذب الشبان، وتجنيدهم لصالحهم بالمعركة عبر إقناعهم بأنهم يقاتلون مستعمرين، بل إن أحد المرتزقة السوريين قال عندما وقع بقبضتنا إنه قدِم لمحاربة وقتال الروس، أي أنه ترك الروس في إدلب بسوريا، وقدِم لقتالهم هنا بطرابلس... وآخر أكاذيب «الإخوان» وتضليلهم أن قوات «حزب الله» وقوات سورية من جيش النظام، برئاسة بشار الأسد، هي من تحارب الميليشيات بطرابلس وليس «الجيش الليبي» وأبناؤه.
لقد تعودنا على أكاذيب الإخوان وتضليلهم... لكن الحقيقة الموجودة بساحة المعركة هي أن الجيش للليبي، بسلاحه وأبنائه، هم الموجودون، ومن يرد التأكد من ذلك من السادة الإعلاميين العرب والغربيين فنحن نرحب به، وسوف نقوم بإيصاله للداخل ليعاين تلك الحقيقة بنفسه.



وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن بلاده لن تتساهل أو تتسامح مع أي مساس أو إضرار بمياه نهر النيل «الذي تعتمد عليه مصر اعتماداً كاملاً».

وأضاف عبد العاطي في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية جنوب السودان مونداي سيمايا كومبا أن مصر ليست لديها أي مشكلات مع دول حوض النيل «باستثناء دولة واحدة في حوض النيل الشرقي»، في إشارة إلى إثيوبيا.

وافتتحت إثيوبيا في سبتمبر (أيلول) الماضي «سد النهضة» الضخم على نهر النيل الذي بدأت تشييده في 2011، وهو مشروع بلغت تكلفته مليارات الدولارات، وتعدّه مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه أطول أنهار أفريقيا.

من جانب آخر، قال وزير الخارجية المصري إنه ناقش مع نظيره في جنوب السودان أهمية الوصول إلى تهدئة في السودان، والتوصل لهدنة إنسانية وإطلاق عملية سياسية شاملة.

ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023 أشعلها صراع على السلطة خلال مرحلة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.


مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
TT

مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)

سجَّلت تحويلات المصريين في الخارج «رقماً قياسياً» جديداً خلال الأشهر الـ10 السابقة، مقتربة من الـ34 مليار دولار (الدولار نحو 48 جنيهاً)، بنسبة زيادة 42.8 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2024، وبينما تحتفي الحكومة والبنك المركزي، بزيادة التحويلات التي تعدّ أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في البلاد، يرى خبراء أنها «تظل غير كافية لسد احتياجات الدولة من النقد الأجنبي».

ووجَّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحكومة والبنك المركزي إلى زيادة الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة خلال الفترة المقبلة، خلال اجتماع مع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزير المالية أحمد كجوك، الأحد.

ووفق عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب محمود الصعيدي، فإن «أي زيادة في تحويلات المصريين بالخارج تعني زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، ما يمكِّنها من زيادة احتياطاتها من النقد الأجنبي، الذي وصل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى 50.215 مليار دولار».

وأشار الصعيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مصادر النقد الأجنبي الأخرى وهي السياحة، وقناة السويس، والاستثمار، والتصدير تشهد تحسناً هي الأخرى».

مؤتمر مصري يستعرض جهود الدولة في رعاية أبنائها بالخارج... أغسطس الماضي (وزارة الخارجية المصرية)

ووفق البنك المركزي، حقَّقت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «تدفقات قياسية خلال الأشهر الـ10 الأولى من عام 2025، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، لتسجِّل نحو 33.9 مليار دولار، مقابل نحو 23.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق».

وأضاف البنك المركزي، في بيان الأحد، «على المستوى الشهري، ارتفعت التحويلات خلال شهر أكتوبر 2025 بمعدل 26.2 في المائة، لتسجل نحو 3.7 مليار دولار، مقابل نحو 2.9 مليار دولار خلال شهر أكتوبر 2024».

وبينما يعدّ النائب البرلماني زيادة تحويلات المغتربين إنجازاً يُحسب للحكومة، التي «استطاعت القضاء على السوق السوداء، وأصبحت تحويلات المصريين بالخارج تتدفق عبر القنوات الرسمية»، يشكك خبيرا الاقتصاد خالد الشافعي ووائل النحاس في «قدرة هذه التحويلات على سد احتياجات الدولة من العملة الصعبة».

واتخذت الحكومة في مارس (آذار) 2024، قراراً بتعويم الجنيه، ارتفع بموجبه سعر الدولار رسمياً في البنوك إلى 50 جنيهاً بعدما كان يسجل نحو 30 جنيهاً، وانعكس ذلك على تحجيم السوق السوداء للعملة الصعبة.

ويرى الشافعي أن زيادة تحويلات المصريين تظل دون المأمول، وغير قادرة هي أو المصادر الأخرى للدولار على سد احتياجات مصر من العملة الصعبة، «ما دام هناك دين على الدولة، وعجز في الموازنة العامة، فذلك يعني أن الأزمة ما زالت قائمة».

وارتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 6 مليارات دولار منذ بداية 2025، ليصل إلى 161.2 مليار دولار في نهاية الرُّبع الثاني من العام، أي يونيو (حزيران) الماضي، وفق بيانات رسمية.

وزير العمل المصري يلتقي الجالية المصرية في إيطاليا خلال زيارته... ديسمبر 2025 (وزارة العمل المصرية)

يتفق معه الخبير الاقتصادي وائل النحاس، قائلاً إن «تحويلات المصريين في الخارج تحقق نوعاً من الوفرة في المعروض النقدي بالسوق المصرية، تكفي لسد فوائد الدين، لكن لا تكفي لسد أصل الدين، أو تقلل حجم الأزمة الاقتصادية، التي تحتاج إلى زيادة موارد الدولة الدولارية التي تقوم بالأساس على نشاط خاص بها مثل عوائد قناة السويس، أو تصدير معادن وغيرها، أو نتاج صناعة وطنية».

وعدّ النحاس أن «البيانات الرسمية مرة تتحدث عن التحويلات بالسنة المالية، وأخرى بالسنة الميلادية، في محاولة للتركيز على هذه الزيادات بوصفها إنجازاً».

ويتساءل النحاس: «بالنظر إلى عدد المصريين العاملين في الخارج لو قدرناه بـ10 ملايين مصري، فيعني أن متوسط التحويل من كل مصري شهرياً نحو 300 دولار، والتي يحولها عادة لأهله في الداخل، فأين ادخارات هؤلاء؟»، مشيراً إلى أن «حجم التحويلات مقارنة بأعداد المصريين يكشف عن أن جزءاً منهم ما زال يفضِّل قنوات أخرى لادخار أمواله».

ويوجد أكثر من 11 مليون مصري في الخارج حتى عام 2022، وفق الجهاز المركزي للإحصاء.

أما الشافعي، فيرى أن الحكومة تحتاج إلى العناية بملف المغتربين بصورة أكبر، سواء من خلال طرح أوعية ادخارية واستثمارية لاجتذابهم بعوائد مرتفعة، أو تقديم تسهيلات على الاستثمار وفتح مشروعات متوسطة وصغيرة، بالإضافة إلى العمل على زيادة أعدادهم ومعها زيادة الموارد الدولارية.

وظهرت توجهات حكومية لافتة خلال الشهور الماضية لفتح أسواق عمل للعمالة المصرية، حيث زار وزير العمل المصري محمد جبران قبل يومين إيطاليا «لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات التشغيل، والتدريب المهني، ونقل العمالة»، وفق بيان للوزارة. ويرى الشافعي أن هذا التوجه «جاء متأخراً».

وزير الخارجية المصري خلال اجتماع مع وفد للجالية المصرية في اليونان (وزارة الخارجية)

ويقول الشافعي: «غالبية المصريين في الخارج سافروا بجهودهم الشخصية، ولم تعمل الحكومة سابقاً بشكل فعال في هذا الملف»، مطالباً بإنشاء مراكز تأهيل للمصريين الذين يرغبون في العمل بالخارج بداية من العامل، وحتى رئيس مجلس الإدارة، والعلماء، وفتح أسواق لهذه العمالة. وعلق: «وقتها ستقفز التحويلات إلى 100 مليار دولار وأكثر وليس فقط 39».

ويتخوف النحاس من أن «زيادة تحويلات المغتربين وموارد السياحة وكلها موارد رغم أهميتها في تحقيق وفرة دولارية في السوق، لكنها تظل غير متينة، وقابلة لأن تشهد هزات في أي وقت، ومعها عودة أزمة العملة الصعبة».

بالتزامن، وجَّه الرئيس المصري الحكومة، الأحد، إلى «تسريع مسار الاستدامة المالية، وتعزيز الانضباط المالي، وتحسين هيكل المديونية، والتركيز على زيادة مستويات الاحتياطي من النقد الأجنبي».


«النواب» المصري يغادر القاهرة نهائياً إلى العاصمة الجديدة

مجلس النواب المصري الجديد في العاصمة الإدارية (مجلس النواب)
مجلس النواب المصري الجديد في العاصمة الإدارية (مجلس النواب)
TT

«النواب» المصري يغادر القاهرة نهائياً إلى العاصمة الجديدة

مجلس النواب المصري الجديد في العاصمة الإدارية (مجلس النواب)
مجلس النواب المصري الجديد في العاصمة الإدارية (مجلس النواب)

ودّع مجلس النواب المصري مقره التاريخي في قلب القاهرة نهائياً، بعد أن ظل على مدى نحو 160 عاماً شاهداً على تحولات سياسية وتاريخية مفصلية في مصر. وانتقل المجلس بكامل موظفيه إلى مقرّه الجديد بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، ليُسجل مرحلة جديدة من عمر الحياة البرلمانية المصرية، بحسب مراقبين.

وبدأت أمانة مجلس النواب وكامل الموظفين مباشرة أعمالهم في مقرهم الجديد، الأحد، بعد أن غادر آخر موظف المبنى القديم يوم الخميس الماضي، في حين أشار المستشار أحمد عزت مناع، الأمين العام لمجلس النواب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قرار تخصيص أصول المبنى القديم لمجلس النواب متروك للدولة المصرية واستراتيجيتها في هذا الشأن، ولم يتم الإعلان عنه بعد».

وكان مجلس النواب عقد أولى جلساته التجريبية بمقره الجديد في أبريل (نيسان) 2024، ألقى خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة خلال مراسم أداء اليمين الدستورية لرئاسته لفترة جديدة. في حين لا يزال مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) يواصل انعقاده داخل المبنى التاريخي بوسط القاهرة، وفق مناع.

السيسي يلقي كلمة بمقر مجلس النواب الجديد في أبريل 2024 (الرئاسة المصرية)

وتقول الحكومة المصرية إن «هذا الانتقال تتويج لجهود استمرت عقوداً لتحديث البنية البرلمانية في مصر وتوفير بيئة عمل متكاملة تتواكب مع التطور العمراني للعاصمة الجديدة».

ومع ذلك تبقى أنظار مصريين معلقة بالمبنى القديم لمجلس النواب، الذي يصفه الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، بأنه «شاهد عيان وسجل تاريخي حيّ».

ويبرز عفيفي لـ«الشرق الأوسط» ارتباط هذا المبنى بـ«تطور الحياة البرلمانية في مصر منذ عهد الأسرة العلوية، ونشأة مجلس شورى النواب كأول برلمان مصري عام 1866، مروراً بمجلس النواب، ثم مجلس الأمة بعد ثورة يوليو (تموز)، وصولاً إلى مجلس الشعب في عهدَي الرئيسين السابقين أنور السادات وحسني مبارك، ثم مجلس النواب بصيغته الحالية».

ويضيف: «المبنى لم يكن مجرد مقر إداري، بل عاصر تحولات تاريخية وسياسية وتشريعية كبرى، وشكّل محطة مهمة في رسم ملامح النظام النيابي عبر عقود متتالية».

ويقع المبنى التاريخي في «شارع قصر العيني» بوسط القاهرة، وكان مخصصاً في البداية لنظارة الأشغال العمومية، واستضاف أول اجتماع رسمي لمجلس شورى القوانين والجمعية التشريعية في 26 ديسمبر (كانون الأول) 1881.

ويعد مبنى مجلس النواب بالعاصمة الإدارية الجديدة من أكبر مقار البرلمانات في الشرق الأوسط؛ إذ أقيم على مساحة 26 فداناً (109 آلاف م²). وتتسع القاعة الرئيسية لـ1000 عضو، وتعلوه قبة بارتفاع 65 متراً وقطر 55 متراً.

ويتكون المبنى من ثلاثة أجنحة رئيسية، ويضم قاعات استماع، ومركزاً إعلامياً، ومركز معلومات وتدريب، ومباني خدمية تشمل مركزاً طبياً وشرطة ومسجداً وإطفاء.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال جلسة تأدية اليمين الدستورية بمقر مجلس النواب الجديد في أبريل 2024 (الرئاسة المصرية)

ويتزامن الانتقال مع قرب إسدال الستار على أطول وأكثر انتخابات نيابية جدلاً في تاريخ مصر الحديث؛ إذ تستعد الهيئة الوطنية للانتخابات لإجراء إعادة لانتخابات 49 دائرة، سبق أن جرى إلغاء نتائجها بسبب أحكام قضائية أو قرار من الهيئة الوطنية للانتخابات نتيجة «مخالفات وشبهات تزوير»، في حين يُنتظر إعلان النتائج النهائية يوم 10 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وتُجرى جولة الإعادة لـ30 دائرة سبقت إعادة الانتخابات فيها عقب إلغائها في المرحلة الأولى، على أن تُجرى خارج مصر يومَي 31 ديسمبر الحالي و1 يناير المقبل، في حين ستُجرى داخل البلاد يومَي 3 و4 يناير.

أما بالنسبة لـ19 دائرة سبق أن أعيد الاقتراع فيها بعد إلغاء نتائجها، فهي موزعة على 7 محافظات، وتتنافس على 35 مقعداً برلمانياً، وستُجرى انتخاباتها خارج مصر يومَي 24 و25 ديسمبر، وداخل البلاد يومَي 27 و28 ديسمبر.

كما يترقب مرشحون برلمانيون خاسرون وأنصارهم قرار المحكمة الإدارية العليا بجلسة الاثنين، للفصل في 32 طعناً على نتائج 30 دائرة انتخابية أعيد التصويت فيها بعد إلغاء نتائجها ضمن المرحلة الأولى من الانتخابات.