غانتس يبدأ مشاورات حكومة وحدة وطنية... واليمين يقطع الطريق عليه

ليبرمان يطرح مشروع قانون يمنع نتنياهو من تشكيل حكومة

مؤتمر صحافي لرفلين غانتس رئيس حزب «كحول لفان» بعد تكليفه أمس بتشكيل الحكومة (د.ب.أ)
مؤتمر صحافي لرفلين غانتس رئيس حزب «كحول لفان» بعد تكليفه أمس بتشكيل الحكومة (د.ب.أ)
TT

غانتس يبدأ مشاورات حكومة وحدة وطنية... واليمين يقطع الطريق عليه

مؤتمر صحافي لرفلين غانتس رئيس حزب «كحول لفان» بعد تكليفه أمس بتشكيل الحكومة (د.ب.أ)
مؤتمر صحافي لرفلين غانتس رئيس حزب «كحول لفان» بعد تكليفه أمس بتشكيل الحكومة (د.ب.أ)

مع تسلمه كتاب التكليف من رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، بدأ رئيس حزب «كحول لفان»، بيني غانتس، أمس (الاثنين)، الجهود لتشكيل الحكومة قائلاً إنه يفضل حكومة وحدة وطنية بقيادته، وليس حكومة وسط - يسار مع العرب. لكن الخطوة الأولى التي أقدم عليها بعد أداء القسم كانت محاولة تغيير رئيس الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، يولي أدلشتاين، من حزب الليكود، واستبدال رئيس آخر من حزبه به، فيما قام حليفه الجديد رئيس حزب اليهود الروس، أفيغدور ليبرمان، بطرح مشروع قانون يمنع تكليف نائب متهم بقضايا جنائية بتشكيل حكومة، وهو مخصص لمنع رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، من تشكيل الحكومة القادمة.
وقد أكد مراقبون أن إسرائيل ستشهد في الحقبة القريبة أزمة سياسية أكثر اشتداداً من الأزمة السائدة منذ مطلع السنة الماضية. وعادوا ليتحدثوا من الآن عن الانتخابات الرابعة القادمة. وكان الرئيس الإسرائيلي رؤوبين رفلين، قد استدعى كلاً من غانتس ونتنياهو للاجتماع بهما، وراح يحثهما على تشكيل حكومة وحدة لمواجهة الأحوال الطارئة، وخصوصاً انفجار أزمة فيروس كورونا والأخطار الاقتصادية المداهمة. فاتفقا على تشكيل طواقم مفاوضات. لكن الطرفين أرفقا هذه الخطوة بتبادل الهجمات والانتقادات والتشكيك. وسلم رفلين كتاب التكليف بتشكيل الحكومة القادمة إلى رئيس قائمة «كحول لفان»، بيني غانتس، وذلك لأن 61 نائباً في الكنيست أوصوا بتشكيله الحكومة.
وقال غانتس، في خطابه عقب تكليفه بمهمة تشكيل الحكومة، إن «البلاد تمر بأزمة لم تعهدها من قبل، وهي على شفا أزمة عميقة. فمئات آلاف العائلات في حجر وعزل بمنازلها، وهي قلقة حيال إمكانية تفشي فيروس كورونا في البلاد. والوضع الاقتصادي يعيش أزمات حادة. والوضع الأمني غير مستقر. وحيال هذا الوضع وفي مثل هذه الأيام نحن بحاجة إلى قيادة تضع جانب الاعتبارات الشخصية. وإنني أعدكم بأنني سأعمل جاهداً من أجل تشكيل حكومة وطنية واسعة خلال أيام، حكومة من خلاها سأخدم الجميع من مصوتي (كحول لفان) والليكود وجميع الأحزاب من معسكري اليمين واليسار».
وأضاف غانتس: «منذ انتشار فيروس كورونا، التزمت الصمت وامتنعت عن توجيه الانتقادات لرئيس الحكومة نتنياهو، وذلك على الرغم من الانتقادات التي وجهت ضدي من قبل الليكود والوزراء في الحكومة ونتنياهو. يهاجمونني بأساليب خطيرة. يطلقون تصريحات عنصرية صعبة، وتهديدات، ما ينذر بإمكانية انهيار أسس الديمقراطية الإسرائيلية. رئيس الحكومة بنفسه يدير التحريض ويحاول إجهاض إجراءات القضاء والمحاكمة، وتقويض الجهاز القضائي. ونحن نريد أن يكون واضحاً أنه لا يوجد أي شخص فوق القانون، ولا يوجد أي شخص أهم من المشروع الإسرائيلي الصهيوني. وعلينا أن نعلم جميعاً أن الجمهور الإسرائيلي ضاق ذرعاً من الحقد والكراهية وتعميق الشرخ وعدم الوضوح، وهو يتوقع أن تخرج البلاد من حالة الشلل، والعمل على توحيد الصفوف».
من جهته، قال الرئيس رفلين، إن «القانون يمنح غانتس 28 يوماً للبدء في مهمة تشكيل الحكومة، لربما المهلة قصيرة، لكن في ظل حالة الطوارئ في البلاد والعالم، فإن هذه الفترة تعتبر طويلة. والتحديات التي تواجهنا تلزمنا تشكيل حكومة لخدمة جميع المواطنين في إسرائيل، لذا تقع على جميع الأحزاب مسؤولية المشاركة في تشكيل الحكومة، في ظل الأزمة التي نواجهها. أما انتخابات رابعة، فغير معقولة في هذه الظروف».
غير أن كتل اليمين من جهة، وغانتس من جهة ثانية، باشرا تعزيز قوة كل منهما في مواجهة الآخر. وقد عاد نتنياهو إلى تشكيل «بلوك اليمين» المؤلف من أحزاب اليمين والمتدينين ويضم 58 نائباً ليوقعوا على تعهد جديد يمتنعون فيه عن مفاوضة غانتس على الائتلاف، ويتمسكون بنتنياهو. فيما باشر غانتس إقامة تكتل مقابل، وحاول جس النبض لدى حزب «يمينا»، فاتصل برئيس كتلة أحزاب اليمين «يمينا»، الوزير نفتالي بنيت، ودعاه إلى جلسة مشاورات لتشكيل حكومة واسعة، لكن بنيت رفض الدعوة واشترط أن يتنصل «كحول لفان» من دعم القائمة المشتركة «العربية». ثم أجرى غانتس اتصالين مع رئيسي الحزبين الدينيين، رئيس «يهدوت هتوراة»، الوزير يعقوب ليتسمان، ورئيس «شاس»، أريه درعي، بيد أنهما اعتذرا ورفضا التكلم معه.
واتفق غانتس مع كل من رئيس «يسرائيل بيتنو»، أفيغدور ليبرمان، ورئيس تحالف «العمل - غيشر - ميرتس»، عمير بيرتس، لعقد جلسة أولى لإطلاق مفاوضات رسمية لتشكيل الحكومة. واتفق مع القائمة المشتركة للأحزاب العربية على مساندته في الخطوات المقبلة، مقابل تعهده بتحقيق المساواة ومكافحة العنف.
وباشرت كتلة «كحول لفان» الخطوات الإجرائية للسيطرة على اللجنة المنظمة للكنيست، وتعيين رئيس جديد وتشكيل لجان برلمانية تضمن لها السيطرة على سير العملية التشريعية خلال فترة الكنيست الـ23 لينتهي بها المطاف إلى تشريع قانون يمنع متهماً بقضايا جنائية من تشكيل الحكومة.
لكن رئيس الكنيست، يولي إدلشتاين (الليكود)، رفض مساعي «كحول لفان» لاستبداله، وهدد بامتناعه عن الدعوة لاجتماع الهيئة العامة للكنيست للمصادقة على تشكيل اللجنة المنظمة، وقال في بيان صدر عنه: «مقتضيات الساعة لدولة إسرائيل تتطلب تشكيل حكومة وحدة واسعة. الحاجة لمثل هذه الحكومة ليست فقط بسبب أزمة كورونا. لقد ولدت قبل وقت طويل من تفشي الفيروس. لكن الحسابات الفئوية الصغيرة تغلبت مراراً على الاعتبارات الوطنية». وأضاف أن «التحركات السياسية العاجلة، مثل انتخاب رئيس دائم للكنيست وإصدار تشريعات مثيرة للجدل، تهدف بالأساس إلى سد الطريق أمام فرص تشكيل الحكومة التي يريدها الجمهور».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».