خلافات القوى الشيعية تفاقم أزمة رئاسة وزراء العراق

عشية انتهاء مهلة اختيار مرشح جديد غداً

TT

خلافات القوى الشيعية تفاقم أزمة رئاسة وزراء العراق

تنتهي غداً المهلة الدستورية الثانية لاختيار مرشح لرئاسة الوزراء في العراق. الزعامات الشيعية الرئيسية شكلت الأسبوع الماضي لجنة سباعية تضم كل الكتل البرلمانية الشيعية الممثلة في البرلمان، لمناقشة سيَر أكثر من 31 مرشحاً للمنصب، على أن يتم الاتفاق على مرشح واحد منهم، يقدم إلى رئيس الجمهورية برهم صالح لغرض تكليفه.
وكان صالح الذي سبق له أن رفض تكليف محافظ البصرة أسعد العيداني بسبب عدم توافق كامل عليه من قبل القوى الشيعية، وعدم وضوح الكتلة الأكبر، قد كلف محمد توفيق علاوي الذي اعتذر في آخر يوم من الأيام التي يمنحها الدستور له، بسبب شعوره بأن كابينته التي اختارها دون توافق بين الكتل لن تمر داخل البرلمان. وبينما يمنح الدستور رئيس الجمهورية مهلة أمدها 15 يوماً لتكليف مرشح بديل، فإن هذه المهلة التي تنتهي غداً سوف تدخل البلاد بعدها في خرق دستوري، ما لم يتم الاتفاق على مرشح.
وحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع، فإن «رئيس الجمهورية ليس بوسعه التمديد؛ لأن الدستور لا يسمح له بذلك أصلاً، ولأنه لا يريد أن يكون طرفاً في معادلة تتحكم بها القوى السياسية المعنية بترشيح رئيس للوزراء».
وأضاف المصدر المطلع الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، أن «رئيس الجمهورية قد لا يلجأ إلى تكليف أي مرشح يراه هو مناسباً لهذه المهلة؛ لأنه يراعي التوازن وكذلك حجوم الكتل في البرلمان، وعدم إمكانية مرور شخص بالتصويت داخل قبة البرلمان ما لم يكن مرضياً عنه من غالبية الكتل؛ لكنه قد يخرج بموقف واضح حتى لا يتحمل الشراكة في الوقوع في الخرق الدستوري».
إلى ذلك، انتهت اللجنة السباعية التي شكلتها القوى الشيعية الرئيسية لمناقشة المرشحين لمنصب رئيس الوزراء، إلى اختيار 3 أسماء لم يتم الإفصاح عنهم، بانتظار عرضهم على الزعامات للاتفاق إما على اختيار واحد منهم وإما الذهاب إلى الخيار الآخر الذي تدافع عنه بعض هذه الزعامات، وهو اختيار شخصية أكاديمية، وبالذات رئيس جامعة وليس مرشحاً من داخل العملية السياسية.
وبينما لا تريد القوى السنية المشاركة في اختيار المرشح لرئاسة الحكومة، فإنها تتمنى أن يكون قادراً على إنقاذ البلاد من الأزمات التي تعانيها؛ لا سيما في ظل التداعيات المحتملة لانهيار أسعار النفط. ففي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال النائب عن تحالف «القوى العراقية» في البرلمان العراقي، عبد الله الخربيط، إن «أهم ما يجب أن يميز رئيس الوزراء القادم هو أن يكون قوياً وقادراً على مواجهة التحديات التي تواجه البلاد؛ سواء في الجانب السياسي؛ لا سيما إعادة هيبة الدولة وضبط السلاح تحت سيطرتها بشكل كامل، أو الأزمة الاقتصادية التي لم يكن أحد يتوقع حصولها بالطريقة التي تبدو عليها اليوم وفي الأيام القادمة».
وأوضح الخربيط أن «تحالف (القوى العراقية) ليس بوسعه الاعتراض على ما يرشحه الشيعة للمنصب؛ لكن من حقنا طبقاً لتمثيلنا البرلماني أن نصوت أو لا نصوت؛ طبقاً للبرنامج الحكومي لهذا المرشح، وكذلك الكابينة الحكومية التي يأتي بها للتصويت».
من جهته، يرى السياسي المستقل وعضو البرلمان السابق حيدر الملا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا توجد أي مؤشرات واضحة حتى الآن على أن القوى الشيعية، سواء على مستوى زعامات الخط الأول أو اللجنة السباعية التي تم تشكيلها، قد توصلت إلى أسماء محددة لغرض تقديمها إلى رئيس الجمهورية الاثنين». وأضاف: «من الواضح عدم وجود جدية في التعامل مع هذه القضية، بسبب عمق الخلافات بين الأطراف الشيعية نفسها». وأوضح الملا أن «الأمر قد يصل إلى نوع من إسقاط الفرض على صعيد عملية الترشيح لأغراض كسب الوقت، وذلك من خلال تكليف شخصية دون حصول توافق عليها، فلا تستطيع المرور داخل قبة البرلمان أو تعتذر».
وحول ما إذا كان بالإمكان إبقاء رئيس الوزراء الحالي (المستقيل) عادل عبد المهدي، يقول الملا إن «من الصعب استمرار حكومة تصريف الأعمال؛ نظراً للتحديات التي تواجه البلاد والتي تحتاج إلى حكومة كاملة الصلاحيات إلا في حالة واحدة، وهي إعادة تكليف رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».