إردوغان: عرضت على بوتين تقاسم إدارة النفط السوري وسأتحدث مع ترمب

جاويش أوغلو يعلن أن تركيا ستراقب شمال «إم 4»... ويهاجم الإعلام الروسي

سوريان على دراجة وراء قافلة تركية في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
سوريان على دراجة وراء قافلة تركية في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

إردوغان: عرضت على بوتين تقاسم إدارة النفط السوري وسأتحدث مع ترمب

سوريان على دراجة وراء قافلة تركية في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
سوريان على دراجة وراء قافلة تركية في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن أنه عرض على روسيا تقاسم إدارة حقول النفط في دير الزور في شمال شرقي سوريا الخاضعة حالياً لإشراف الإدارة الكردية، في وقت أعلنت أنقرة أنها ستتولى مراقبة على الممر الآمن على طريق حلب - اللاذقية (إم 4) من الناحية الشمالية، بينما ستتولى روسيا مراقبة الناحية الجنوبية.
وقال إردوغان إنه «طلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين الاشتراك في إدارة حقول النفط في دير الزور بشمال شرقي سوريا بدلاً عن (استغلال الإرهابيين) لها»؛ (في إشارة إلى تولي تحالف قوات سوريا الديمقراطية «قسد» الذي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية مكونه الأكبر حراسة حقول النفط بالاتفاق مع الولايات المتحدة).
وأضاف إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه أثناء عودته من بروكسل ليل أول من أمس نشرت أمس (الثلاثاء): «عرضت على السيد بوتين أنه إذا قدم الدعم الاقتصادي فبإمكاننا عمل البنية، ومن خلال النفط المستخرج يمكننا مساعدة سوريا المدمرة في الوقوف على قدميها». وأشار الرئيس التركي إلى أن بوتين يدرس العرض، مضيفاً: «يمكن أن أقدم عرضاً مماثلاً للرئيس الأميركي دونالد ترمب».
في الوقت ذاته، قال إردوغان إن وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب السورية، الذي تم التوصل إليه مع روسيا، يسير بشكل جيد رغم أنه مؤقت، معرباً عن أمله في أن يتحول إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وعن مشهد انتظاره والوفد المرافق له لفترة في قاعة الاستقبال قبل لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس الماضي وتناول وسائل الإعلام الروسية له، قال إردوغان: «لا يمكن التضحية بالعلاقات التركية - الروسية بسبب محاولات التضليل الإعلامي».
وأشار إردوغان إلى أن مدينة إسطنبول ستحتضن في 17 مارس (آذار) الجاري، قمة تركية أوروبية لبحث ملف طالبي اللجوء والهجرة، وسيتم خلالها التطرق إلى التطورات الأخيرة في إدلب.
وأضاف أنه سيلتقي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في إسطنبول، الثلاثاء القادم، وهناك احتمال بأن يحضر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن استطاع لتصبح القمة رباعية. وتابع أن «مسألة إدلب وسوريا واللاجئين تعد اختبار إرادة وقيادة للاتحاد الأوروبي أكثر من تركيا»، داعياً الاتحاد إلى القيام بمسؤولياته في الوقت الذي دفعت فيه تركيا «ثمناً باهظاً لوقف إطلاق النار في إدلب وتوفير الأمن للمدنيين».
وبدأ وفد عسكري روسي مباحثات في أنقرة أمس حول تنفيذ اتفاق موسكو بشأن إدلب. وكشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قبل اللقاء عن أن جنوب الطريق الدولي حلب - اللاذقية (إم 4) سيخضع للرقابة الروسية بينما سيكون شماله تحت رقابة تركيا.ونص الاتفاق التركي الروسي على وقف الأعمال القتالية في إدلب اعتبارا من منتصف ليل الخميس الماضي، وإقامة ممر آمن بعمق 6 كيلومترات في شمال وجنوب طريق «إم 4» خلال أسبوع وتسيير دوريات عسكرية مشتركة تركية روسية على جانبي الممر اعتبارا من 15 مارس الجاري.
ويشير، ما كشف عنه جاويش أوغلو، إلى أن تركيا لن تتواجد في مناطق جبل الزاوية وأريحا وسهل الغاب، وأن روسيا ستكون لها السيطرة على طريقي حلب - اللاذقية (إم 4) وحلب - دمشق (إم 5)، وهو ما يعني بالتالي إفساح المجال أمام النظام وروسيا للسيطرة على مساحات واسعة من جبل الزاوية وأريحا وجسر الشغور وسهل الغاب.
وأضاف أن بلاده تواصل العمل من أجل وقف إطلاق نار دائم في إدلب، مشيراً إلى أن روسيا حذرت النظام السوري بصرامة، بشأن انتهاك وقف إطلاق النار في إدلب، قائلاً: «أمس (أول من أمس) حدث خرق من قبل النظام وروسيا حذرته بصرامة».
وتابع أن الجنود الأتراك سيقومون بما قاموا به سابقا (الهجوم على قوات النظام)، في حال حاول النظام التقدم رغم وقف إطلاق النار في إدلب. وأشار إلى أن وقف إطلاق النار يصب في مصلحة القاطنين هناك، وأن تركيا تسعى للقضاء على التهديدات الموجهة ضدها وإتاحة الفرصة لنحو 1.5 نازح سوري للعودة إلى ديارهم.
ولفت إلى أن وقف الاقتتال يعد شرطاً أساسياً لحل الأزمة السورية، وأن وقف إطلاق النار في إدلب يمهد لفتح الطريق الدولي (إم 4)، والوفد الروسي الموجود في تركيا حالياً يبحث التدابير التي سيتم اتخاذها على جانبي هذا الطريق.
وطالب جاويش أوغلو الولايات وأوروبا بالتعامل كحليف صادق ودائم مع تركيا، لافتاً في هذا السياق إلى حاجة تركيا لمنظومة الدفاع الجوي الأميركية (باتريوت). وقال: «الأميركيون صرحوا بأنهم سيوفرون دعما استخباراتيا وبريا لتركيا فيما يخص الأوضاع في إدلب، وبإمكانهم نشر منظومة باتريوت على الحدود»، معتبرا أن «وجود منظومة (إس 400) الروسية في تركيا لا يعيق نشر منظومة باتريوت، فتركيا بحاجة لمنظومة دفاع جوي».
في السياق ذاته، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري إن بلاده تدرس كل الخيارات لدعم تركيا في سوريا عبر حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وأضاف جيفري، في تصريحات أدلى بها عقب وصوله إلى بروكسل، أمس، لإجراء محادثات مع حلفاء الولايات المتحدة في الناتو، أن «كل الخيارات مطروحة على الطاولة».
واعتبر أن وقف إطلاق النار في سوريا بضمانات روسية كان مؤقتاً في السابق وينبغي ألا يكون هذا هو الحال في إدلب، مضيفاً: «لا أعتقد أن روسيا والحكومة السورية مهتمتان بوقف دائم لإطلاق النار في إدلب وتسعيان لتحقيق نصر كامل، وإذا انتهكت روسيا والحكومة السورية وقف إطلاق النار فإن أميركا وحلفاءها الأوروبيين سيردون بسرعة بإجراءات، وربما عقوبات».
وكان ينس ستولتنبرغ، الأمين العام للناتو، قال في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في بروكسل أول من أمس، إن «تركيا هي البلد الأكثر تضرراً من العنف والاضطراب في سوريا، إلى جانب استضافتها الكثير من اللاجئين».
وأشار إلى أنه بحث مع إردوغان أزمة اللاجئين والهدنة في إدلب، مضيفاً: «تركيا ساهمت كثيراً في أمننا المشترك... الأيام القليلة الماضية شهدت انخفاضاً في أعمال العنف في إدلب... هجمات روسيا والنظام السوري ضد المدنيين تسببت في معاناة إنسانية لم يشهد العالم مثلها».
من ناحية أخرى، علق جاويش أوغلو، في لقاء مع وكالة أنباء الأناضول الرسمية أمس، على نشر وسائل إعلام روسية مشاهد، وصفها بالبروتوكولية الروتينية، قبل لقاء رئيسي تركيا رجب طيب إردوغان وروسيا فلاديمير بوتين، الخميس الماضي، قائلاً إنها قدمت بطريقة تعكس «قلة احترام». وأضاف: «لم يكن صائباً من وسائل الإعلام الروسية تناولها (المشاهد البروتوكولية) بهذا الشكل الإثاري».
وانتقد وزير الخارجية التركي أسلوب تعامل الإعلام الروسي قائلاً: «في أقل اختلاف بوجهات النظر بين تركيا وروسيا يبدأون (الإعلام الروسي) بانتهاج الدعاية السوداء بحق تركيا، وعند تحسن العلاقات يكفون عن ذلك». ولفت إلى أن حملات إعلامية ضد تركيا زادت في الآونة الأخيرة بالإعلام الرسمي الروسي، مشيراً إلى أن بعض وسائل الإعلام التركية المعارضة أبدت امتنانها من تلك الدعاية السوداء ضد الرئيس إردوغان.
وتابع جاويش أوغلو: «الذين قاموا بهذه الدعاية الإعلامية السوداء، لا يعرفون القواعد البروتوكولية، وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أبلغ الرئيس إردوغان سابقاً، بأن أي حالة عدم احترام تطاله تعد بمثابة عدم احترام مفتعل لشخصه».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».