إيران تعلن الحرب على «كورونا» مع ارتفاع سريع في عدد المصابين

خامنئي يطالب الإيرانيين بـ «غسل الأيدي»... والوفيات تتجاوز 77

إيرانيون يرتدون كمامات في مركز «بالاديوم» للتسوق شمال طهران (أ.ب)
إيرانيون يرتدون كمامات في مركز «بالاديوم» للتسوق شمال طهران (أ.ب)
TT

إيران تعلن الحرب على «كورونا» مع ارتفاع سريع في عدد المصابين

إيرانيون يرتدون كمامات في مركز «بالاديوم» للتسوق شمال طهران (أ.ب)
إيرانيون يرتدون كمامات في مركز «بالاديوم» للتسوق شمال طهران (أ.ب)

واصلت حصيلة ضحايا فيروس «كوفيد 19» مسارها التصاعدي في أنحاء إيران. وبلغت حالات الإصابة 2336 شخصاً، بعد تسجيل 835 إصابة جديدة، فيما أكدت وزارة الصحة وفاة 11 مصاباً، ما يرفع إجمالي الوفيات حتى منتصف نهار الثلاثاء إلى 77.
ووضع المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، بلاده في حالة حرب مع فيروس كورونا الجديد؛ حيث أمر جميع الأجهزة الخاضعة لسلطته، بما فيها القوات المسلحة، بمساعدة الحكومة في التصدي لتفشي الفيروس.
وعلى منوال الأيام الماضية، خرج نائب وزير الصحة علي رضا رئيسي في مؤتمر صحافي مؤكداً أن الوباء بلغ رقماً قياسياً جديداً بتسجيل 835 حالة جديدة، ما يعادل تقدماً بنسبة 55 في المائة خلال 24 ساعة. وهو أعلى معدل يومي تكشفه السلطات منذ الإعلان رسمياً عن أول حالة في 19 فبراير (شباط).
وتبدأ إيران اليوم ثالث أسبوع في مواجهة الوباء، وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في نفس السياق إن 435 شخصاً تماثلوا للشفاء. وسجلت العاصمة طهران أكبر عدد من المصابين بـ1043 حالة، وجيلان 218 حالة، وجاءت قم التي كانت بؤرة الوباء في المرتبة الثالثة بتسجيل 253 إصابة، فيما ارتفع عدد المصابين في مركزي إلى 141 شخصاً، وفي أصفهان إلى 120، وفي البرز إلى 93، وفي أذربيجان الشرقية إلى 46. وفي الأحواز إلى 36، وفي فارس إلى 35. فيما وصلت في خراسان إلى 29. وسجلت المحافظات الأخرى أقل من 12 حالة جديدة.
وتتوقع السلطات الإيرانية أن تستمر أزمة الوباء، في أسوأ الحالات، حتى نهاية مايو (أيار). وتعليقاً على تفشي الوباء بسرعة، قال رئيس مجلس بلدية طهران، محسن هاشمي، أمس: «ربما كان من الأفضل أن نقوم بإدارة الأمر، لكن في الوقت الحالي، يتعارض تضعيف المعنويات العامة وتكريس الشائعات والتشاؤم، مع المصالح العامة».
في السياق نفسه، قال نائب عن تبريز، مركز محافظة أذربيجان، شهاب الدين بي مقدار، في تصريح لوكالة «إيلنا» إن «التأخير في بدء الخطوات الوقائية» من بين أخطاء المسؤولين، منتقداً عدم فرض الحجر الصحي على مدينة قم، مشيراً إلى أن ذلك أدى إلى تفشي العدوى في محافظات إيرانية وبعض دول الجوار.
ورغم المخاوف المتزايدة بين الإيرانيين من سيناريوهات أسوأ، وسط أزمة ثقة بين الشارع الإيراني والمؤسسة الحاكمة، ظهر المسؤول الأول في البلاد، المرشد علي خامنئي على التلفزيون الإيراني يزرع ككل سنة بمناسبة اليوم الإيراني شجرة. وقال: «يجب تطبيق توصيات الحكومة تفادياً لانتشار الوباء». وبثت وسائل الإعلام الرسمية صوراً للمرشد البالغ من العمر 80 عاماً وهو يغرس شتلة مرتدياً قفازات غير قابلة لإعادة الاستخدام، ما يدل على مدى الهلع من الفيروس وإمكانية وصوله الآن إلى أعلى هرم سلم السلطة، وفقاً لوكالة «أسوشيتد برس».
وتسبب الإعلان عن عشرات الوفيات ومئات الإصابات بفيروس كورونا خلال فترة قصيرة من الوقت، في اتهامات للسلطات على الإنترنت بإخفاء الحقائق. ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية عن مكتب خامنئي، قوله في هذا السياق، إن الفيروس «انتشر في دول كثيرة. قادتنا السياسيون أبلغوا (الناس بالفيروس) بصدق وشفافية منذ اليوم الأول»، في حين «سعت دول تفشى فيها الوباء على نطاق أكبر إلى التستر على ذلك».
وكانت السلطات الإيرانية وجهت انتقادات لاذعة إلى خدمة «بي بي سي» باللغة الفارسية، بعدما نسبت لمصادر مسؤولة إن الفيروس خلف 200 وفاة في إيران. واتهمت الولايات المتحدة ومنظمة «مراسلون بلا حدود» إيران بإخفاء معلومات عن الوباء، وسط مخاوف داخلية من أن عدد حالات الإصابة بالفيروس قد يكون أعلى من المبلغ عنه حالياً.
وتراهن السلطات الإيرانية على كسب ثقة الشارع مع مرور الوقت، وذلك عبر مخاطبة الإيرانيين ونشر الإحصائيات، لكن تباين المسؤولين في مختلف الأجهزة يعرقل تلك المحاولات.
وأثار تباين في التصريحات الرسمية اهتمام الإيرانيين، إذ تحدّث وزير الصحة، سعيد نمكي، عن إرسال 300 ألف فريق طبي، بالاستعانة مع قوات الباسيج، بهدف إجراء فحوص في منازل الإيرانيين للتأكد من الإصابات. في حين قال حسين عرفاني مسؤول قسم الأمراض المُعدية في وزارة الصحة، أمس، إن المشروع ليس مطروحاً.
في سياق متصل، أكدت مصادر برلمانية، أمس، إصابة 3 نواب، ليرتفع العدد إلى 23 نائباً. ونقلت وكالة «المراسلون الشباب» عن نائب رئيس البرلمان، عبد الرضا مصري، قوله إن الفحص الطبي أظهر إصابة 23 نائباً. وكانت وكالة مهر الحكومية كشفت عن إصابة 20 نائباً من بين 100 خضعوا للفحص الطبي.
وبذلك، تشكل إيران حالة فريدة في كيفية تأثير الفيروس على حكومتها، حتى بالمقارنة مع الصين، مركز تفشي المرض. فوفاة عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، محمد مير محمدي، تجعله أعلى مسؤول في قيادة إيران يلقى مصرعه بسبب الفيروس. وأشارت إليه وسائل الإعلام الحكومية باعتباره أحد المقربين لخامنئي.
وقال مصري: «هؤلاء الأشخاص لديهم علاقة وثيقة بالشعب، وهم يحملون فيروسات مختلفة من أنحاء مختلفة من البلاد، ما قد يخلق فيروساً جديداً، لذلك نوصي المشرعين بقطع علاقتهم مع الجمهور في الوقت الحالي».
ومن المتوقع، أن يعلن البرلمان تأجيل عودة النواب، بعدما علق جلساته لأسبوع. وأصدر المرشد الإيراني أوامر دولة أمس لتمرير الموازنة العامة، ليتخطى البرلمان أهم أجندته قبل نهاية السنة الإيرانية في 21 مارس (آذار) المقبل.
وقالت وكالة العمال الإيرانية إن رئيس خدمات الطوارئ الطبية، بير حسين كوليفاند، أصيب بفيروس كورونا. وجاء في بيان لمكتب كوليفاند أن صحته «جيدة، وليس هناك ما يدعو للقلق».
وحذرت مسؤولة في منظمة خيرية معنية بالإدمان، من أن المدمنين والمشردين معرضون لخطر الوباء، بحسب وكالة «إيلنا».
وقال المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية إن موظفة الإغاثة البريطانية الإيرانية، نازنين زاغري راتكليف، بصحة جيدة، وذلك بعدما أصدر زوجها بياناً السبت يقول إنه يشتبه في إصابتها بفيروس كورونا أثناء وجودها بالسجن.
ومنحت السلطات نحو 40 سجيناً سياسياً إجازة مؤقتة بعد تقارير عن إصابات في سجون طهران.

حجب «ويكيبيديا فارسي»

أعلن ناشطون أمس أن السلطات حجبت موقع «ويكيبيديا» بالفارسي في إيران على ما يبدو بعد وفاة أحد المقربين. وربطت منظمة «نت بلوكس» غير الحكومية المعنية بمراقبة أمن الشبكات على الإنترنت، وفاة مير محمدي بإصابته باضطراب، رغم أن المسؤولين الإيرانيين ووسائل الإعلام الحكومية لم يعترفوا بذلك على الفور.
ووصفت منظمة «نت بلوكس» تعطيل الوصول إلى «ويكيبيديا فارسي» أنه يشمل أنحاء البلاد، قائلة إن اختباراتها الفنية تشير إلى أن الموسوعة الإلكترونية تم حظرها بواسطة نفس الآلية المستخدمة لمنع «تويتر» و«فيسبوك».
وتم حظر مواقع التواصل الاجتماعي تلك منذ الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها في إيران عام 2009 واحتجاجات الحركة الخضراء.
وقال بعض الإيرانيين إنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى موقع ويكيبيديا بالفارسية منذ الاثنين، بينما قال آخرون إنهم استطاعوا ذلك، بما في ذلك صفحات الموقع عبر الهاتف المحمول.
وذكرت «نت بلوكس» في تحليلها: «تأتي القيود الجديدة في الوقت الذي تواجه فيه إيران أزمة متنامية بعد فقدان كبار الشخصيات الحكومية بفيروس كورونا، وانتشرت سلسلة من الانتقادات والمعلومات الخاطئة عبر وسائل التواصل الاجتماعي».
وسبق أن أبلغت «نت بلوكس» عن خلل في الإنترنت يؤثر على إيران في الأيام الأخيرة، وأبلغ المستخدمون في جميع البلاد عن مشكلات.
ويثير هذا الاضطراب مخاوف من احتمال أن تغلق إيران شبكة الإنترنت بالكامل مرة أخرى، كما فعلت لمدة أسبوع خلال الاحتجاجات التي انطلقت في نوفمبر (تشرين الثاني). وقامت إيران بشكل منفصل بإنشاء شبكة تسمى «الحلال» خاصة بها، من المواقع الإلكترونية المعتمدة من الحكومة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«الذرية الدولية»: إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
TT

«الذرية الدولية»: إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

وافقت إيران على تشديد الرقابة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منشأة فوردو الواقعة تحت الجبال، بعدما سرعت على نحو كبير تخصيب اليورانيوم بما يقترب من الدرجة المطلوبة لصناعة أسلحة.

وذكر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تقرير سري لدول الأعضاء، أن إيران «وافقت على طلب الوكالة بزيادة وتيرة وكثافة تدابير الرقابة في منشأة فوردو لتخصيب الوقود، وتسهيل تطبيق هذا النهج الرقابي».

والأسبوع الماضي، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران ضاعفت وتيرة تخصيبها إلى نقاء يصل إلى 60 في المائة في منشأة فوردو، وهو مستوى قريب من 90 في المائة المطلوب لصنع الأسلحة النووية، ما اعتبرته القوى الغربية تصعيداً خطيراً في الخلاف مع إيران بشأن برنامجها النووي.

وأعلنت الوكالة أنها ستناقش الحاجة إلى إجراءات وقائية أكثر صرامة، مثل زيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وهي واحدة من منشأتين تصلان إلى هذا المستوى العالي من التخصيب.

وجاء في التقرير السري الموجه إلى الدول الأعضاء: «وافقت إيران على طلب الوكالة زيادة وتيرة وشدة تنفيذ إجراءات الضمانات في منشأة فوردو، وتساهم في تنفيذ هذا النهج المعزز لضمانات السلامة».

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن لفوردو الآن إنتاج أكثر من 34 كيلوغراماً شهرياً من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، مقارنة بـ5 إلى 7 كيلوغرامات كانت تنتجها مجتمعة في فوردو ومنشأة أخرى في نطنز فوق الأرض.

ووفقاً لمعايير الوكالة، فإن نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة تكفي نظرياً، إذا تم تخصيبها أكثر، لصنع قنبلة نووية. إيران تمتلك بالفعل أكثر من أربعة أضعاف هذه الكمية، بالإضافة إلى ما يكفي لصنع المزيد من الأسلحة عند مستويات تخصيب أقل.

وتؤكد القوى الغربية أنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب إيران إلى هذا المستوى، حيث لم تقم أي دولة أخرى بذلك دون إنتاج أسلحة نووية. فيما تنفي إيران هذه الادعاءات، مؤكدة أن برنامجها النووي ذو أهداف سلمية بحتة.