«الجنائية الدولية» تبدي استعدادها لمحاكمة البشير والمطلوبين في الخرطوم

الرئيس المعزول عمر البشير
الرئيس المعزول عمر البشير
TT

«الجنائية الدولية» تبدي استعدادها لمحاكمة البشير والمطلوبين في الخرطوم

الرئيس المعزول عمر البشير
الرئيس المعزول عمر البشير

أعلنت «المحكمة الجنائية الدولية» استعدادها لمحاكمة المتهمين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من المسؤولين السودانيين، بمقرها في لاهاي أو في الخرطوم، بمن فيهم الرئيس المعزول عمر البشير.
ونقلت «العين الإخبارية» عن مكتب المدعي العام للمحكمة فاتوا بنسودا، أمس، طلبها من السلطات السودانية الانخراط في مباحثات بشأن محاكمة المتهمين لضمان تحقيق العدالة لضحايا جرائم دارفور.
وكان فيصل محمد صالح، الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية، الذي يشغل منصب وزير الثقافة والإعلام، قد حدد ثلاثة خيارات للتعامل مع محاكمة المتهمين بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، تتمثل في تسليمهم للمحاكمة في لاهاي، أو محاكمتهم من قبل الجنائية الدولية في الخرطوم، أو من طرف محكمة مختلطة، دون أن يحدد مكانها.
وذكر صالح في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن هناك لجاناً مختصة معنية بمتابعة الملف، مبرزاً أن أوراق القضية مكتملة لدى المحكمة الجنائية الدولية، ومكتب المدعي العام التابع لها.
من جهته، قال مكتب المدعي العام للجنائية إن محكمته مستعدة لمحاكمة المتورطين في هذه الجرائم في لاهاي بهولندا، أو في قاعة محكمة بالسودان، مشترطاً تعهد السودان بخضوع المتهمين للمحاكمة، بما فيهم الرئيس المعزول عمر البشير.
وذكر مكتب المدعي العام أن المحكمة تشجع تصريحات الحكومة السودانية التي التزمت فيها بمساءلة المتهمين بجرائم دارفور، وأن المحكمة لم تتلق تأكيد بمحاكمة البشير دولياً.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت في عامي 2009 و2010 مذكرات توقيف بحق الرئيس المعزول عمر البشير، لاتهامات تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وجريمة إبادة جماعية في دارفور إبان الحرب، التي كان يقودها في دارفور منذ 2003. كما أصدرت المحكمة مذكرات قبض ضد ثلاثة من مساعدي البشير بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهم: وزير الدفاع وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووالي جنوب كردفان آنذاك الوقت أحمد محمد هرون، وقائد ميليشيا الجنجويد علي عبد الرحمن الشهير بـ«كوشيب».
ويقبع الرجال الثلاثة، بمن فيهم البشير، في سجن كوبر منذ سقوط نظام حكمهم، ولا يعرف مكان المتهم الرابع علي كوشيب، الذي كان يعمل في شرطة الاحتياطي المركزي. إلا أنه غادر إلى جهة غير معلومة بعد أن سيل حساباته المصرفية.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر متطابقة أن مذكرة قبض صدرت بحق كوشيب، وأن الهدف من فراره إلى منطقة قبلية في جنوب دارفور الاختفاء وتجنب القبض، فيما تناقلت تقارير صحافية أن الرجل فر إلى دولة أفريقيا الوسطى المحادة.
وأدت الحرب في إقليم دارفور إلى مقتل أكثر من 300 ألف، وتشريد أكثر من مليوني لاجئ ونازح، بحسب تقارير أممية، فيما اعترف البشير ذات نفسه بمقتل 10 آلاف فقط. ولحماية المدنيين في دارفور كونت الأمم المتحدة ثاني أكبر بعثة حفظ سلام في تاريخ الأمم المتحدة المعروفة بعثة «يوناميد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».