تل أبيب تريد دعماً أوروبياً لرفض التعامل مع فلسطين بوصفها «دولة»

TT

تل أبيب تريد دعماً أوروبياً لرفض التعامل مع فلسطين بوصفها «دولة»

بعد أن قدمت ألمانيا طلباً إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، أمس الجمعة، بأن تكون «صديقة المحكمة» في الإجراءات القضائية حول التحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية، توجهت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى كل من لندن وبرلين بطلب تطبيق الاتفاقات الاقتصادية معهما في الضفة الغربية أيضاً، وذلك لمساعدتها على رفض اعتبار فلسطين بمثابة «دولة».
وقالت مصادر في الخارجية الإسرائيلية إن «هناك مجالاً لتقويض حجة الفلسطينيين الذين توجهوا إلى المحكمة الدولية طالبين محاكمة إسرائيل بجرائم حرب ضدهم، كما لو أنهم دولة، في حين لا تعترف دول العالم بهم كدولة. وإسرائيل بحاجة إلى موقف مناصر لها في هذا الشأن والتعامل مع الضفة الغربية كجزء من إسرائيل يضع النقاط على الحروف ويبين أنه لا توجد في الضفة دولة فلسطينية». وقالت هذه المصادر إن عدة دول في أوروبا الشرقية وافقت على طلب إسرائيلي بهذا الشأن وستعلنه قريباً.
وأكدت الخارجية الإسرائيلية أن المعركة التي تخوضها ضد إعلان المدعية في محكمة لاهاي، فاتو بنسودا، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عزمها التحقيق في جرائم حرب إسرائيلية، بدأ يؤتي ثماره. فقد تجاوبت ألمانيا مع طلب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، والرئيس رؤوبين رفلين، وقررت الانضمام إلى المحكمة بصفة «صديق»، حتى تساعد على إبقاء البحث في المحكمة بعيداً عن السياسة. وقالت مصادر قريبة من السفارة الألمانية في تل أبيب إنها أقدمت على هذه الخطوة لأنها «تريد من المحكمة أن تحل المشكلات لا أن تعقّدها. ولأنها تعارض استخدام التسييس في ملفات من أي نوع. ونأمل بالتدقيق في كافة القضايا».
وتعتبر إسرائيل هذه الخطوة الألمانية داعمة لها في مواجهة المحاكمة؛ خصوصاً أن ألمانيا لم تعترف بفلسطين دولة. وكانت تشيكيا قد سبقت ألمانيا في هذا الموقف. وحسب التقديرات الإسرائيلية فإن دولاً أخرى ستعقبهما مثل هنغاريا وبولندا وسلوفاكيا.
المعروف أن إسرائيل لا تعترف بالمحكمة الدولية ولا تشارك فيها. ولكنها تسعى بكل قوة لإشراك أصدقائها لتمثيل مصالحها فيها. وقدمت نقابة المحامين في إسرائيل، أول من أمس، طلباً كالذي قدمته تشيخيا وألمانيا. وقد شكلت النقابة مجموعة عمل من أجل كتابة وجهات نظرها، برئاسة المحامي نيك كاوفمان، الذي تولى منصباً رفيعاً في النيابة العامة الإسرائيلية سابقاً، ويعمل كمستشار لدول في لاهاي حالياً. وكتب حيمي إلى أعضاء النقابة أنه يريد تمثيل الموقف الإسرائيلي «كي لا يبقى موقف السلطة الفلسطينية من دون رد». وصادق معظم أعضاء النقابة على طلبه، لكن عارضه أعضاء عرب ويهود في النقابة، الذين شددوا على أن هذه مسألة سياسية وقضائية مختلف حولها ولا يتعين على النقابة التدخل فيها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».