البرهان لـ «الشرق الأوسط»: التطبيع مع إسرائيل لمصلحة السودان

قال إن السعودية «حليف استراتيجي»... ويزور الرياض قريباً تلبية لدعوة من خادم الحرمين الشريفين

رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان
رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان
TT

البرهان لـ «الشرق الأوسط»: التطبيع مع إسرائيل لمصلحة السودان

رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان
رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان

قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إن لقاءه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا، في الثالث من الشهر الحالي، أتي «في إطار بحث السودان عن مصالحه الوطنية والأمنية»، مشيراً إلى أن «الاتصالات لن تنقطع، في ظل وجود ترحيب كبير وتوافق كبير داخل السودان».
وأوضح البرهان في مقابلة مع «الشرق الأوسط» أنه سيعمل على تحقيق مصالح السودان متى ما كان الأمر متاحاً، وأن الجهاز التنفيذي (مجلس الوزراء) سيتولى ترتيب الاتصالات المقبلة وإدارة العلاقات الدبلوماسية بمجرد التوافق على قيامها.
وأشار إلى تكوين «لجنة مصغرة» لمواصلة بحث الأمر، مؤكداً أن تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل يلقى تأييداً شعبياً واسعاً، ولا ترفضه إلا مجموعات آيديولوجية محدودة، فيما تقبله بقية مكونات المجتمع، مؤكداً وجود دور إسرائيلي في قضية رفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.
وأعلن البرهان في اللقاء الذي تم داخل القصر الجمهوري في الخرطوم، أنه في انتظار اكتمال الإجراءات لتحديد موعد للذهاب إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس دونالد ترمب.
وأكد أن «مثول» المطلوبين من النظام السابق أمام المحكمة الجنائية الدولية، لا يعني تسليمهم ليحاكموا في لاهاي. وقال إن «مسألة إخراج شكل المحاكمة ومكانها أمر قابل للمراجعة والتباحث بشأنه بين الأجهزة المعنية في الحكومة وشركائها».
واتهم «ناشطين» لم يسمهم، بمحاولة «دق إسفين بين الجيش والمدنيين». وقال إن العلاقة بين الجيش السوداني والمواطنين «قوية جداً، ولا يمكن لأي ناشط أو من يحمل نية سيئة الحيلولة دون استمرار ثقة الشعب السوداني في قواته المسلحة». واعتبر أن «القوات المسلحة ظلت تستجيب للوطن وأبنائه في كثير من المواقف العصيبة، وموقفها من الثورة السودانية خير شاهد على ذلك». وإلى نص الحوار...

> تحتفظون بعلاقات حميدة مع دول الخليج العربي. لكنه تردد في الآونة الأخيرة وجود برود في العلاقات. كيف تسير الأمور مع الخليج؟
- تربطنا علاقات جيدة مع دول الخليج، وكل المحيط الإقليمي، وهي تقوم على روابط مشتركة كثيرة، وتعززها المصالح، من أجل تحقيق أمن ورفاهية كل شعوب المنطقة. أما علاقتنا بالمملكة العربية السعودية فذات خصوصية واستراتيجية، وسأزور الرياض قريباً تلبية لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
علاقاتنا دائماً مع الخليج تقوم على الإخاء والاحترام المتبادل، والتنسيق المستمر في كل قضايا الإقليم والمنطقة العربية، ولا توجد توترات أو حتى بوادر توتر.
> هل ستعيدون القوات السودانية العاملة في اليمن، مع ارتفاع نبرة الدعوة إلى الحل السياسي، أم ستبقى هناك؟
- نحن مع الحل السياسي للأزمة اليمنية، ومع إعادة الهدوء في اليمن، وهذا لن يتم بمعزل عن رؤية الحل السياسي، فالوجود العسكري الحالي ضمن قوات التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، وبقاء قواتنا أو عودتها مرهون بما يمكن أن يتحقق واقعياً بشأن الحل السياسي، بما يحقق المصلحة التي أدت لتكوين التحالف.
> نقلت وسائل إعلام أخيراً دعوات لتبادل الأسرى السودانيين مع الحوثيين. أين وصلت عملية التبادل؟
- الأسر واحد من إفرازات الحروب وواحد من نتائجها المتوقعة بين أي طرفين، وقطعاً طالما هناك أسرى سيتم العمل على استعادتهم.
> هناك كثير من الملفات الشائكة في العلاقة مع مصر، مثل قضية حلايب و«سد النهضة» والملف الليبي. ما رؤيتكم للتعامل مع هذه الملفات؟
- المشتركات التي تجمعنا مع الجانب المصري، وتصب في مصلحة شعبي وادي النيل كثيرة، وذلك نسبة للمصير الواحد، لذلك يعالج السودان تداخلاته مع مصر وفقاً للنهج الذي يحفظ حقوق الشعب السوداني، وفي الوقت ذاته يراعي الحفاظ على الأمن والسلم في الإقليم، والابتعاد به عن التوترات. كل مراقب يعلم مواقفنا المعلنة تجاه قضية حلايب، ومشاركاتنا في حل إفرازات قيام «سد النهضة»، على أساس ضمان التدفق المائي الآمن، بالحصص التي تحفظ حقوق كل من مصر والسودان وإثيوبيا.
أما الوضع في ليبيا، فنتمنى أن يصل الفرقاء هناك لحلول سياسية ناجعة في وقت قريب، ولا تنفك رؤيتنا للأوضاع في ليبيا عن الرؤية الأمنية للأمم المتحدة. والسودان بسبب حساسية الموقف لا يتدخل في الملف الليبي، إلا وفقاً للرؤى الإقليمية والدولية.
> تعاني دول عربية من توترات ناتجة عن العلاقة المضطربة بين الجيوش والمدنيين. هل أفلحتم في خلق نموذج سوداني لتفادي سوء العلاقة بين الجيش والمدنيين؟
- يحتفظ الجيش السوداني بعلاقة متميزة وقوية جداً مع الشعب السوداني، بحكم خصوصية تركيبة المجتمع السوداني. ولا يمكن لأي ناشط أو من يحمل نية سيئة الحيلولة دون استمرار ثقة الشعب السوداني في قواته المسلحة، والمواقف التاريخية والآنية. وقد أثبتت قواتنا المسلحة جدارة في تنفيذ مهامها وواجباتها بمهنية واحترافية، ما جعلها تستجيب في الوقت المناسب للوطن وأبنائه في كثير من المواقف العصيبة التي مرت بها البلاد، والثورة السودانية خير شاهد على ذلك.
نطمئنكم على متانة العلاقة بين العسكريين والمدنيين في السودان، ونعد بأن تظل صلبة وقوية، مهما حاول أصحاب الأغراض المريضة التأثير عليها. ومثال على ذلك أن مجلس السيادة كقمة مستويات الحكم في السودان يجمع فريقاً واحداً من العسكريين والمدنيين، يعملون في تجانس تام. وقيام الشراكة الحالية التي تدير دفة البلاد دليل على متانة العلاقة.
> حدثت متغيرات في موقف «سد النهضة»، تتمثل في المطالبة بالحقوق المائية، على عكس موقف النظام السابق الذي كان تابعاً للموقف الإثيوبي. هل سيؤثر هذا على علاقات البلدين؟
- أعلن السودان بعد ثورته المجيدة البعد عن سياسة المحاور والتبعية، وأن تقوم علاقاته الخارجية على تحقيق مصلحة شعبه. والجارة إثيوبيا والجارة مصر، تقوم علاقتنا معهما بما يحقق مصلحة شعوب هذه الدول، ولذلك نتعامل مع مشتركات ملف «سد النهضة» بالحوار المستمر، والسودان يقع ضمن دائرة هذا الحوار، بكل حيادية بين الطرفين، وفي الوقت ذاته يبحث عما يحقق مصالحه المشروعة في مياه النيل.
> أثار لقاؤك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضجة كبيرة، على المستويين المحلي والدولي.
- من حق السودان أن يبحث عن مصالحه الوطنية والأمنية في كل مكان، متى ما كان ذلك متاحاً، وسيتم الوصول إلى هذه المصلحة.
> هل ما زال هناك تواصل مع الجانبين الأميركي أو الإسرائيلي بهذا الخصوص؟
- يقوم الجهاز التنفيذي (مجلس الوزراء) بترتيب الاتصالات وإدارة العلاقات الدبلوماسية بمجرد التوافق على قيامها. وقد تم تكوين لجنة مصغرة لمتابعة الأمر... فالتفاهم مع الجانب الأميركي مستمر ولم ينقطع. أما مع الجانب الإسرائيلي فمتروك للجهاز التنفيذي.
> متى ستلبي الدعوة لزيارة واشنطن؟
- ستتم متى ما اكتملت الترتيبات لها.
> كيف تمت هذه الاتصالات؟ وماذا يستفيد منها السودان؟
- القاعدة فيما حدث هي المصلحة الوطنية. أما كيف تمت الاتصالات، فهناك طرف ثالث قام بترتيب الاتصالات الأولية. في اللقاء الذي تم في عنتيبي بأوغندا، أكدنا على دور الجانب الإسرائيلي في دعم السودان فيما يتعلق بلائحة الدول الراعية للإرهاب.
> هل هناك معارضة سودانية؟
- مصلحة السودان يؤيدها قطاع واسع من السودانيين، ولا يعارضها سوى عدد محدد من الجماعات الآيديولوجية.
> فجر ملف التطبيع ما يمكن أن نطلق عليه «انقساماً» بين مكونات الحكومة الانتقالية، فإلى أي مدى استطعتم احتواءه؟
- لم تتعود أنظمتنا السابقة على قبول الرأي والرأي الآخر، وفي أجواء الديمقراطية لا تفسد التباينات للود قضية، وما بيننا كمجلس سيادة ومجلس وزراء، وقوى إعلان الحرية والتغيير، أكبر من أن يحدث فيه انقسام، فنحن نتعامل جميعاً بالتنسيق المشترك وبالحوار. نحن نعمل كفريق واحد، لإنجاز مهام الفترة الانتقالية، وإكمال شعارات الثورة السودانية، وتحقيق تطلعات الشعب السوداني في العيش الكريم من دون معاناة. لهذا مهما اختلفت وجهات النظر في أمر، ففي النهاية نصل إلى الحلول التي ترضي أشواقنا من أجل خدمة قضايا الانتقال.
> قرر المجلس الأعلى للسلام برئاستكم مثول المطلوبين أمام المحكمة الجنائية الدولية، بمن فيهم الرئيس المعزول عمر البشير. هل ستسلمونهم إلى لاهاي؟
- سؤالكم منطوقه يقول «مثول المطلوبين»، ولم يفد بتسليمهم. وهذه الكلمة بكل حيثياتها لا تفيد دفع المذكورين إلى لاهاي، فقط تبقى مسألة إخراج شكل المحاكمة ومكانها أمراً قابل للمراجعة والتباحث بشأنه بين الأجهزة المعنية في الحكومة وشركائها.
> خرجت تصريحات إيجابية من المفاوضين في جوبا عن قرب الوصول لاتفاق سلام، هل أنت متفائل بحدوث اختراق قريب في هذا الملف؟
- مفاوضات السلام تسير بأمل كبير للتوصل إلى سلام دائم، وعودة الحركات المسلحة للبلاد والانضمام لعملية بناء الوطن، لأنهم شركاء في الثورة السودانية، والاختراقات حدثت في كثير من الملفات، ونتوقع استجابة لنداء السلام، باعتباره مطلباً وطنياً لجميع السودانيين.
> ما أكبر عقبة تواجه الفترة الانتقالية الآن؟
- إنهاء الحرب وتحقيق السلام يعد أكبر وأصعب مهمة، تليها مواجهة الأزمات الاقتصادية والمعيشية.
> رئيس الوزراء طلب بعثة أممية لدعم السلام في السودان. ما رأيكم فيها؟
- نقوم بإجراء التعديلات اللازمة على المقترح، فنحن نحتاج إلى مساعدة الأمم المتحدة.
> يتداول كثيرون معلومات تقول إن العسكريين في الحكومة يعرقلون تصفية مراكز نفوذ النظام السابق. ما مدى صحة هذه المزاعم؟ وهل هناك تناغم حول هذا المطلب الثوري؟
- التناغم بيننا وبين المدنيين في الحكومة ومجلس السيادة كبير جداً. ومطالب الثورة السودانية فرض عين يتعين الإيفاء به من قبل الجميع عسكريين ومدنيين، والتشكيك في إخلاص العسكريين يقف وراءه داء مستحكم من بعض أصحاب الأجندة الآيديولوجية.
عملية تصفية النظام السابق ورئاسة لجنة تفكيك التمكين برئاسة عسكري بمجلس السيادة. وجميع علميات تجريد ممتلكات النظام السابق أنجزت بمساعدة القوات النظامية. هذا حديث لا يسنده منطق، ولا أساس له من الصحة تماماً.
> جعلت تجربة «تمرد قوات هيئة العمليات» التابعة لجهاز الأمن الوطني السابق، من إعادة هيكلة القوات قضية ملحة. أين وصلت الهيكلة؟
- إعادة الهيكلة وإعادة ترتيب كل مؤسسات الدولة، بما يتوافق مع شعارات الثورة السودانية ومطالباتها، قد بدأت بالفعل منذ بداية الفترة الانتقالية. أعادت القوات المسلحة تنظيم نفسها بهدف الوصول إلى جيش مثالي محترف وقادر على استيعاب كل من هو قادر وفقاً لمتطلبات التجنيد على الانخراط في أداء هذا الواجب الوطني، سواء من قطاع الشباب أو ممن سينضمون من الحركات المسلحة عقب اكتمال مفاوضات السلام، بحسب إجراءات الترتيبات الأمنية.
أما قوات الدعم السريع، فهي جزء من القوات وتأتمر بأمرها، وتعمل حسب خططها العسكرية المختلفة، وتعلمون حجم التغيرات التي حدثت على مستوى قيادات وإعادة ترتيب القوات النظامية الأخرى، بما يحقق الحفاظ على أمن البلاد، والدفاع عنها ضد المهددات الداخلية والخارجية.
> أكدت في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» أنكم كعسكريين زاهدون في السلطة. هل ما زلتم على هذا الموقف؟
- نؤكد موقفنا هذا مجدداً، ونعض عليه بالنواجذ، فمسيرتنا مع الثورة السودانية، وأداؤنا في الفترة الانتقالية يستند على هذه المعاني، وهذا عهدنا مع شعبنا الكريم، ولن نخذله، ولن نسلمه إلا طموحاته التي خرج من أجلها وناضل.
> يدور جدل بشأن بقاء ولاة (حكام) الولايات العسكريين المكلفين، ومطالبات بتعيين مدنيين، ويتردد أنكم طلبتم من العسكريين الالتحاق بوحداتهم، وإيكال المهمة للمديرين التنفيذين لحين تعيين حكام مدنيين.
- الولاة العسكريون باقون في مناصبهم بطلب من الجهاز التنفيذي، لكننا أبلغنا حكام الولاة العسكريين بالعودة إلى قيادتهم العسكرية، إذا تصاعدت المطالب من قبل المواطنين بتنحيهم.



رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.