مظاهرات في رام الله وغزة ضد الخطة الأميركية

مفتي القدس يحرّم التعاطي معها

مظاهرات فلسطينية واسعة برام الله بالضفة الغربية أمس ضد «صفقة القرن» (إ.ب.أ)
مظاهرات فلسطينية واسعة برام الله بالضفة الغربية أمس ضد «صفقة القرن» (إ.ب.أ)
TT

مظاهرات في رام الله وغزة ضد الخطة الأميركية

مظاهرات فلسطينية واسعة برام الله بالضفة الغربية أمس ضد «صفقة القرن» (إ.ب.أ)
مظاهرات فلسطينية واسعة برام الله بالضفة الغربية أمس ضد «صفقة القرن» (إ.ب.أ)

تظاهر آلاف الفلسطينيين، أمس، في الضفة الغربية وقطاع غزة، ضد «صفقة القرن» الأميركية، وهتفوا ضد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وأحرقوا صوره في أكبر تظاهرات منذ إعلانه خطته الخاصة للسلام في المنطقة، وذلك في وقت أفتى فيه مفتي فلسطين بتحريم التعاطي مع هذه الصفقة.
وشارك مسؤولون كبار في المظاهرة المركزية في رام الله، بينهم نائب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قيادة حركة «فتح»، محمود العالول، ورئيس الوزراء محمد أشتية، وأعضاء مركزية وأعضاء لجنة تنفيذية وقادة فصائل.
واستبقت التظاهرات خطاباً لعباس ألقاه في مجلس الأمن.
وقال نائب رئيس حركة «فتح»، محمود العالول، «إن مئات آلاف المواطنين الذين زحفوا من كل المحافظات، جاءوا ليؤكدوا وقوفهم خلف القيادة ممثلة بالرئيس محمود عباس، في موقف الثابت ضد (صفقة القرن)». وأضاف: «كيف يمكن أن يقبل شعبنا هذا الكم من الإذلال الذي يرفضه أي فلسطيني»، مضيفاً: «سنظل نقول لا ولا نتراجع، على الرغم من الضغوط الكبيرة والضغوط الاقتصادية والحرب التي تشن علينا».
وتعهد رئيس الوزراء محمد أشتية، بإسقاط «الصفقة». وقال «مثلما أسقطنا كل مشاريع التصفية التي استهدفت قضيتنا الفلسطينية، سنسقط (صفقة القرن)، وسنبقى الأوفياء لهذه الأرض ولمدينة القدس وللأغوار الفلسطينية».
وسرعان ما تحولت المظاهرة إلى مناسبة للمواجهة مع قوات الاحتلال على مدخل رام الله الشمالي. واشتبك متظاهرون مع القوات الإسرائيلية في مواجهات عند مدخل البيرة الشمالي، عقب قمع مسيرة سلمية، منددة بـ«صفقة القرن». وأطلق جنود الاحتلال وابلاً من قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع صوب المواطنين، الذين تجمهروا في المكان، بعد مشاركتهم في المهرجان المركزي، ما أدى إلى إصابة العشرات منهم بالاختناق. كما استهدفت القوات الطواقم الطبية والصحافية الموجودة في محيط المكان، ما أدى إلى إصابة مصور تلفزيون فلسطين بالاختناق. وفي قطاع غزة، شارك متظاهرون غاضبون في مسيرة جماهيرية، وسط المدينة، رفضاً لـ«صفقة القرن». وجاءت مشاركة الفلسطينيين تلبية لدعوة من القوى الوطنية والإسلامية.
وتزامناً مع التحركات السياسية، وعلى الأرض، أفتى المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، محمد حسين، بتحريم التعاطي بأي شكل من الأشكال مع «صفقة القرن»، المزعومة، والهادفة لتصفية القضية الفلسطينية. وقال: «نصدر فتوى بتحريم التعاطي مع هذه الصفقة، ومروجيها»، مستنداً في ذلك إلى مسوغات عدة، من أبرزها أن «الصفقة تسلب القدس من أصحابها الشرعيين، وتحرم المسلمين من ثالث مساجدهم، وتضيع حقوق اللاجئين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».