عودة السباق على خلافة ميركل بعد استقالة زعيمة الحزب الحاكم

مخاوف من توجه حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي نحو اليمين بعد أزمة تورينغن

صورة أرشيفية لميركل وكرامب كارنباور في نوفمبر الماضي (رويترز)
صورة أرشيفية لميركل وكرامب كارنباور في نوفمبر الماضي (رويترز)
TT

عودة السباق على خلافة ميركل بعد استقالة زعيمة الحزب الحاكم

صورة أرشيفية لميركل وكرامب كارنباور في نوفمبر الماضي (رويترز)
صورة أرشيفية لميركل وكرامب كارنباور في نوفمبر الماضي (رويترز)

أطاحت أزمة ولاية تورينغن بزعيمة حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» الحاكم، أنغريت كرامب كارنباور، بعد أقل من 7 أشهر على انتخابها للمنصب. وتواجه كرامب كارنباور اتهامات بأنها ضعيفة منذ أن «تمرد» أعضاء حزبها في ولاية تورينغن، وتحالفوا مع حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف لانتخاب رئيس وزراء للولاية، في خرق للعرف والتوصيات بعدم التعامل مع هذا الحزب المتطرف.
وأعلنت كرامب كارنباور في اجتماع للهيئة الرئاسية للحزب الحاكم، بحضور المستشارة أنجيلا ميركل، صباح أمس، أنها لن تسعى للترشح لمنصب المستشارية، وأنها ستتنازل كذلك عن منصبها لقيادة الحزب، فيما ستبقى وزيرة للدفاع في الحكومة الفيدرالية. ورغم استقالتها، فهي ستبقى في منصبها لحين اختيار زعيم جديد للحزب في الصيف المقبل. وعادة، فإن زعيم الحزب الفائز في الانتخابات هو الذي يشكل الحكومة ويصبح المستشار.
وبررت كرامب كارنباور استقالتها بوجود علاقة مقلقة بين بعض أعضاء حزبها مع «البديل لألمانيا»، وحزب «دي لينكا» اليساري المتطرف، مضيفة أنها لا يمكن لها أن تقبل أي تعاون مع أي من الحزبين المتطرفين.
وفي مؤتمر صحافي عقدته لاحقاً لشرح أسباب استقالتها، قالت كرامب كارنباور إنها تنتمي لحزب «يرفض التعامل المباشر وغير المباشر مع (البديل لألمانيا)» اليميني المتطرف. وحذرت من تقوية الجناح المتطرف في حزبها بعد رحيلها، وقالت إن «أي تقارب مع حزب (البديل لألمانيا) هو عكس مبادئ الاتحاد المسيحي الديمقراطي».
وفور انتشار الخبر الصادم، بدأت المخاوف من اتجاه حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» نحو اليمين أكثر، بعد أن تحول إلى حزب وسطي منفتح طوال العقدين الماضيين اللذين قضتهما المستشارة أنجيلا ميركل في قيادته التي أعلنت أن هذه الولاية ستكون الأخيرة لها، علماً بأنها تنتهي العام المقبل.
وعبر مايكل روث، وزير الشؤون الأوروبية في الخارجية الألمانية، عن هذا القلق، وكتب على صفحته في «تويتر»: «بات الوضع الآن أكثر ضبابية، حتى فيما يتعلق بوقوف الديمقراطيين من مختلف الأحزاب معاً في معركة الديمقراطية ضد القوميين»، في إشارة إلى انتقاد بعض السياسيين داخل حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» لقرار الزعامة بعدم التحالف مع حزب «البديل لألمانيا».
وما يزيد من هذا القلق ترحيب زعيم كتلة «البديل لألمانيا» في البرلمان، ألكسندر غولان، باستقالة كرامب كارنباور، ملوحاً بإمكانية التعاون الآن مع الحزب الحاكم بعد رحيلها، إذ قال: «ليس منطقياً بتاتاً عدم التعامل مع (البديل لألمانيا) على المدى الطويل»، مضيفاً أن سياسة كرامب كارنباور «الحزبية التي تعتمد على الإقصاء لم تنجح»، واتهمها بأنها «أغرقت حزبها في الفوضى بسبب أجندتها المعتمدة على الإقصاء».
وكان من المرحبين كذلك برحيلها رئيس المخابرات الداخلية السابق هانس يورغ ماسن الذي طرد من منصبه قبل عامين، بعد تشكيكه بفيديو يظهر ملاحقة أفراد ينتمون لليمين المتطرف لشباب لاجئين في مدينة كيمنتس وهم يضربونهم ويشتموهم. ويعد ماسن، وهو محامٍ في الأصل، من المنتمين للجناح المتطرف في الحزب الحاكم. وبعد طرده من منصبه، انضم لشركة محاماة تتكفل بالدفاع عن «البديل لألمانيا»، مما زاد من الشبهات حوله ارتباطه أو تعاطفه مع الحزب المتطرف.
ومع استقالة كرامب كارنباور، عاد السباق من جديد على خلافة ميركل التي استقالت من زعامة الحزب الصيف الماضي، وأعلنت أنها تريد التفرغ لآخر ولاية لها.
ومن الأكثر حظاً لخلافة الزعيمة المستقيلة رجلان: الأول رئيس حكومة نورث راين وستفاليا، أرمين لاشيت، الذي لطالما حمل طموحاً بأن يصبح المستشار المقبل، وهو يعد من اليمين المحافظ في الحزب؛ والثاني رجل الأعمال الغني فريدريش ميرز الذي نافس كارنباور على زعامة الحزب في المرة الماضية، وخسر بنسبة ضئيلة جداً. ولم يكشف ميرز عن نيته الترشح بعد خلفاً لكرامب كارنباور، ولكنه كان يحضر على ما يبدو لخوض الانتخابات النيابية العام المقبل، والخوض في السياسة أكثر، إذ أعلن قبل أيام استقالته من شركة «بلاك روك» الأميركية التي يشغل فيها منصب رئيس المجلس الاستشاري.
ويعد ميرز من المنتمين للجناح المتطرف في الحزب، ولكنه يتمتع بقاعدة شعبية واسعة داخل الحزب، ليس فقط بين الجناح المتطرف، بل بين الرجال المحافظين الذين ربما يسعون للتغيير بعد عقدين من حكمهم من قبل امرأة حولت الحزب إلى وسطي، خاصة في سياسة اللجوء، وهو ما لم يعجب كثيرين داخل «الاتحاد المسيحي الديمقراطي». ويحمل هؤلاء ميركل مسؤولية خسارة الحزب لكثير من الأصوات لصالح «البديل لألمانيا» الذي يعتمد خطاباً معادياً للاجئين والمسلمين. ويرى هؤلاء في كارنباور نسخة مصغرة من ميركل، لا تختلف عنها كثيراً في السياسة والمقاربة الحزبية.
وبعد أزمة تورينغن، مطلع الأسبوع، وجد استطلاع للرأي نشرته «بيلد أم زونتاغ» أن 72 في المائة يعتقدون أن كرامب كارنباور هي الشخص الخطأ في منصب زعيمة الحزب، فيما رأى 33 في المائة أن ميرز هو من يفترض أن يقود الحزب الحاكم.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».