معتقلون سابقون يتظاهرون لمطالبة الحكومة المغربية بحل ملف سجناء الإرهاب

حملوا مسؤولية التحاق عدد منهم بـ«داعش» إلى فتوى «النفير العام»

سجناء إسلاميون مغاربة سابقون يتظاهرون أمام مقر حزب العدالة والتنمية في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
سجناء إسلاميون مغاربة سابقون يتظاهرون أمام مقر حزب العدالة والتنمية في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

معتقلون سابقون يتظاهرون لمطالبة الحكومة المغربية بحل ملف سجناء الإرهاب

سجناء إسلاميون مغاربة سابقون يتظاهرون أمام مقر حزب العدالة والتنمية في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
سجناء إسلاميون مغاربة سابقون يتظاهرون أمام مقر حزب العدالة والتنمية في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)

تظاهر أمس عدد من المعتقلين الإسلاميين المغاربة السابقين الذين أدينوا على خلفية قضايا الإرهاب أمام مقري البرلمان وحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، متزعم الائتلاف الحكومي، للمطالبة بحل ملف السجناء الإسلاميين.
وفي غضون ذلك، لوحظ أمس وجود عنصرين مسلحين من عناصر الجيش أمام مبنى البرلمان يحملان شارة على الذراع كتب عليها «حذر» نسبة إلى الخطة الأمنية الجديدة التي شرع في تنفيذها أمس، والتي تقضي بنشر وحدات عسكرية وأمنية أمام المؤسسات الحساسة في البلاد في 6 مدن مغربية. وهي خطة استباقية لمواجهة أي تهديد إرهابي محتمل، وبث الطمأنينة في نفوس المغاربة.
كما اصطفت عناصر من الشرطة والقوات المساعدة أمام مقر البرلمان بالتزامن مع المظاهرة التي نظمها المعتقلون الإسلاميون.
ولم يخرج المعتقلون الإسلاميون السابقون إلى التظاهر منذ نحو 8 أشهر، وذلك بعد أن تراجع الحديث عن ملفهم بشكل كبير وفقدوا إلى حد ما الدعم الذي كانوا يحظون به من قبل عدد من الجمعيات الحقوقية التي تبنت قضيتهم، ومن بينها مؤسسات رسمية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
ويأتي هذا التراجع بعد أن عاد شبح الإرهاب يخيم على الأجواء من جديد، وظهور تنظيم «داعش» الذي التحق عدد من المغاربة للقتال إلى جانبه، وإلى جانب تنظيمات أخرى مثل «جبهة النصرة»، و«أحرار الشام»، ومنهم أعضاء بارزون في اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين وهي الجهة الوحيدة التي تتبنى بشكل مباشر قضيتهم وتتابع أوضاعهم داخل السجون، وتنظم مظاهرات الاحتجاج.
وفي هذا السياق، قال عبد الرحيم الغزالي المتحدث الإعلامي باسم اللجنة لـ«الشرق الأوسط» ردا على سؤال حول موقفه من التحاق عدد من أعضاء اللجنة السابقين بالتنظيمات المتطرفة في العراق وسوريا، بأن «النشطاء السابقين في اللجنة الذين التحقوا بتلك التنظيمات كانوا قد قدموا استقالتهم منها قبل أن يذهبوا، وبالتالي نحن غير مسؤولين عن اختياراتهم»، مضيفا أن عمل اللجنة حقوقي بالدرجة الأولى، ويهدف إلى تسليط الضوء على قضية المعتقلين الإسلاميين سياسيا وحقوقيا.
وكان أنس الحلوي، المتحدث الإعلامي السابق في اللجنة قد التحق قبل عام بالمقاتلين في سوريا، وقتل هناك بعد مدة قصيرة فقط من سفره.
وحمل الغزالي مسؤولية سفر الشباب المغربي للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، إلى الجهة التي أفتت بـ«النفير العام» في إشارة إلى المؤتمر الذي عقده عدد من العلماء المسلمين والهيئات الإسلامية في القاهرة إبان حكم الرئيس محمد مرسي في 13 يونيو (حزيران) 2013 والذي أعلنوا فيه النفير العام، وفتح باب الجهاد إلى سوريا لنصرة أهل السنة من بطش نظام بشار الأسد.
وقال الغزالي بأن من بين الذين وقعوا على الفتوى يوجد أزيد من 7 علماء محسوبين على حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية المغربي الحاكم بينهم أحمد الريسوني الرئيس الأسبق للحركة، ونائب رئيس الاتحاد العام لعلماء المسلمين حاليا. وأضاف متسائلا: «كيف يفتون للشباب بالذهاب إلى القتال وعندما يعودون يعتقلون؟»، وعد الأمر «مفارقة غريبة».
ووجهت اللجنة في بيان لها أصدرته أمس انتقادات لاذعة للحكومة، وقالت: إنها ساهمت في إقبار ملف المعتقلين الإسلاميين من خلال تصريحات مغرضة لوزراء من حزب العدالة والتنمية، وأبرزهم مصطفى الرميد وزير العدل الحالي، الذي كان من أبرز المدافعين عن هؤلاء المعتقلين باعتباره محاميا.
كما انتقد البيان البرلمان وأشار إلى أنه على «الرغم من صدور التقارير التي تتحدث عن الأوضاع الكارثية التي يعيشها المعتقلون هناك، لم يكلف نفسه عناء إنشاء لجنة تقصّي حقائق وزيارة السجون والبحث في ملابسات وأسباب هذه الوفيات».
وتأتي مظاهرة الاحتجاج بالتزامن مع بدء لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب مناقشة قانون يجرم الالتحاق بمعسكرات التدريب التابعة للتنظيمات الإرهابية، وفي المقابل يخفف من عقوبات التحريض على الإرهاب لتصل من 5 إلى 15 عاما بدل المؤبد أو الإعدام في القانون الجنائي الحالي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.