«رئة ألمانيا الاقتصادية» مهددة بـ«كورونا»

أكبر تراجع للناتج الصناعي منذ الأزمة العالمية

«رئة ألمانيا الاقتصادية» مهددة بـ«كورونا»
TT

«رئة ألمانيا الاقتصادية» مهددة بـ«كورونا»

«رئة ألمانيا الاقتصادية» مهددة بـ«كورونا»

سجل الناتج الصناعي الألماني، الذي يُعدّ بمثابة رئة الاقتصاد الألماني وأحد أهم روافعه، أكبر تراجع له في أكثر من عشر سنوات، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مسلطاً الضوء على ضعف قطاع الصناعات التحويلية، الذي يثقل كاهل النمو في أكبر اقتصاد أوروبي بأكبر قدر منذ الأزمة الاقتصادية العالمية، في مؤشر آخر على أن أكبر نظام اقتصادي في أوروبا ما زال بعيداً عن تجاوز حالة الركود الصناعي التي يمر بها. وهوى الإنتاج الصناعي 3.5 في المائة، في ذلك الشهر، بينما كان من المتوقَّع أن يهبط 0.2 في المائة، وفقاً للبيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات. وهذا أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2019. ويأتي بعد زيادة 1.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وأظهرت بيانات منفصلة نمو الصادرات المعدلة في ضوء العوامل الموسمية 0.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول)، بينما تراجعت الواردات 0.7 في المائة.
وكان معهد إيفو الاقتصادي قال، أمس (الخميس)، إن الفيروس التاجي قد ينال من النمو الألماني أيضاً. وتجدر الإشارة إلى أن الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، من الأسواق المهمة للمنتجات الألمانية. ويكابد المصنّعون الألمان المعتمدون على التصدير طلباً ضعيفاً في الخارج وحالة من الضبابية، في ظل نزاعات التجارة وقرار بريطانيا مغادرة الاتحاد الأوروبي... لكن قطاع الخدمات يبدو أحسن حالاً.
ولا يتوقع قطاع الصناعة في ألمانيا خلال هذا العام تعافياً جذرياً للنشاط الاقتصادي. وقال المدير التنفيذي لاتحاد الصناعات الألمانية، يواخيم لانغ، في تصريحات لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، أمس (الجمعة): «لا تزال المخاطر العالية بالنسبة للتجارة الخارجية للشركات الألمانية قائمة، مثل الإبرام غير المؤكد لاتفاقية تجارية مع المملكة المتحدة عقب خروجها من الاتحاد الأوروبي».
ومن الأمور المسببة لاضطرابات جديدة في الاقتصاد العالمي، التفشي السريع لفيروس «كورونا» الجديد في الصين، حيث قال لانغ: «نتوقع تأثيرات على النمو الاقتصادي في الصين».
ويتوقع الاتحاد نمواً ضعيفاً للاقتصاد العالمي خلال هذا العام بنسبة 3 في المائة، حيث قال لانغ: «من المستبعَد حدوث تعافٍ ملحوظ»، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن تسجل التجارة العالمية ارتفاعاً هذا العام بنسبة 1.5 في المائة، مقابل 1 في المائة عام 2019، موضحاً أن أوروبا تفتقر للقوة التي تمكّنها من تفادي قصور القيادة للولايات المتحدة والصين.
ونظراً لعدم توقع حوافز إيجابية من التجارة الخارجية بالنسبة للاقتصاد الألماني، فإنه من المتوقَّع أن يتجنب أكبر اقتصاد في أوروبا الركود، بفضل ازدهار قطاع البناء والاستهلاك الخاص.
ويطالب اتحاد الصناعات الألمانية بتعزيز الاستثمارات العامة، وتحسين شروط الاستثمارات الخاصة، وخفض ضرائب الشركات، وإسراع إجراءات منح التصاريح.
وكشف تقرير آخر، أول من أمس (الخميس)، أن حجم طلبيات المصانع الألمانية تراجع بأسرع وتيرة له منذ أكثر من عشر سنوات. وأظهرت بيانات اقتصادية الجمعة تباطؤ نمو الصادرات الألمانية، العام الماضي، على نحو ملحوظ، مقارنة بعامي 2017 و2018.
وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي، في مقره بمدينة فيسبادن، أنه رغم ارتفاع الصادرات الألمانية العام الماضي إلى مستوى قياسي، فإنها سجّلت ارتفاعاً بنسبة 0.8 في المائة فقط، وهي نسبة أدنى بكثير من نسبة الارتفاع التي سجلتها الصادرات في عام 2018، وبلغت 3 في المائة، وعام 2017، وبلغت 6 في المائة.
وارتفعت الصادرات نهاية العام الماضي بوتيرة سريعة، حيث بلغت قيمتها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي 98 مليار يورو، بزيادة قدرها 2.3 في المائة مقارنة بالشهر ذاته، عام 2018. وارتفعت الواردات إلى ألمانيا خلال العام الماضي بأكمله بنسبة 1.4 في المائة.
وأضر النزاع التجارة بين الولايات المتحدة والصين على وجه الخصوص بالاقتصاد العالمي، العام الماضي، وحدّ من النمو الاقتصادي الصيني، وهو ما أثر على النشاط التصديري لألمانيا.
ولا يتوقع الاتحاد الألماني لتجارة الجملة والتجارة الخارجية والخدمات تحسناً جذرياً في الصادرات خلال هذا العام. ورغم وجود اتفاق جزئي حالياً بين واشنطن وبكين في حل النزاع التجاري بينهما، لا تزال مخاطر خروج فوضوي لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي قائمة. ومن الأمور المسببة لاضطرابات جديدة في الصادرات، التفشي السريع لفيروس «كورونا» في الصين، أحد الشركاء التجاريين المهمين لألمانيا.
وكانت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد حذرت، في وقت سابق هذا الأسبوع، من أن تفشي فيروس «كورونا» المتحور الجديد يشكل تهديداً جديداً لآفاق النمو الاقتصادي.
وقالت لاغارد إن «الذخيرة النقدية» لدى البنك اللازمة للتصدي للتراجع الاقتصادي المقبل أوشكت على النفاد، وطالبت حكومات دول الاتحاد الأوروبي بتوفير الدعم المالي للبنك.


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تقرير التضخم الأميركي يضغط على معنويات السوق اليابانية

أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
TT

تقرير التضخم الأميركي يضغط على معنويات السوق اليابانية

أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)

محا مؤشر «نيكي» الياباني خسائره ليغلق مرتفعاً قليلاً يوم الأربعاء، مع عودة المستثمرين إلى شراء الأسهم الرخيصة، في حين أثر تقرير التضخم الرئيس في الولايات المتحدة على المعنويات؛ إذ من المرجح أن يؤثر في مسار أسعار الفائدة في مجلس «الاحتياطي الفيدرالي».

وأغلق مؤشر «نيكي» مرتفعاً بنسبة 0.01 في المائة، ليصل إلى 39372.23 نقطة، بعد أن هبط بنسبة 0.65 في المائة في وقت سابق من الجلسة. كما ارتفع مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً بنسبة 0.29 إلى 2749.31 نقطة، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال محلل السوق في مختبر «توكاي طوكيو» للاستخبارات، شوتارو ياسودا: «لم تكن هناك إشارات كبيرة تحرّك السوق اليوم، لكن المستثمرين عادوا لشراء الأسهم عندما انخفضت إلى مستويات معقولة». وأضاف: «لكن المكاسب كانت محدودة بسبب الحذر المرتبط بنتيجة تقرير أسعار المستهلك في الولايات المتحدة».

وقد افتتحت الأسهم اليابانية منخفضة، متأثرة بتراجع مؤشرات «وول ستريت» الرئيسة يوم الثلاثاء، قبل صدور بيانات التضخم لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وهي واحدة من آخر التقارير الرئيسة قبل اجتماع مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» المقرر يومي 17 و18 ديسمبر (كانون الأول).

كما ينتظر المستثمرون قرار «بنك اليابان» بشأن السياسة النقدية، والمقرر صدوره في التاسع عشر من ديسمبر. وأشار محافظ «بنك اليابان»، كازو أويدا، إلى استعداد البنك لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في المستقبل القريب إذا أصبح أكثر اقتناعاً بأن التضخم سيظل عند مستوى 2 في المائة، مدعوماً بالاستهلاك القوي ونمو الأجور. وحقّق سهم شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية «يونيكلو»، ارتفاعاً بنسبة 0.37 في المائة؛ ليصبح أكبر داعم لمؤشر «نيكي».

في المقابل، هبطت أسهم الشركات الكبرى في قطاع الرقائق؛ حيث خسرت شركتا «أدفانتست» و«طوكيو إلكترون» بنسبة 0.51 في المائة و0.49 في المائة على التوالي. وتعرّض سهم شركة «ديسكو»، مورد أجهزة تصنيع الرقائق، لهبوط حاد بنسبة 3.65 في المائة؛ ليصبح أكبر الخاسرين بالنسبة المئوية على مؤشر «نيكي».

في المقابل، قفز سهم شركة «كاواساكي» للصناعات الثقيلة بنسبة 10.28 في المائة، ليصبح أكبر رابح بالنسبة المئوية على المؤشر، في حين ارتفع سهم شركة «آي إتش آي» بنسبة 6.25 في المائة. وسجل سهم شركة «توب كون» ارتفاعاً مذهلاً بنسبة 23 في المائة، ليصل إلى الحد الأقصى اليومي، بعد إعلان الشركة أنها تدرس التحول إلى القطاع الخاص بين تدابير أخرى لرفع قيمتها، في أعقاب تقارير تفيد بأن شركات الاستثمار الخاص تقدمت بعروض لشراء الشركة.

وفي سوق السندات، ارتفع العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات يوم الأربعاء، متتبعاً نظيراتها من سندات الخزانة الأميركية. وقد ارتفع العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات بمقدار 0.5 نقطة أساس، ليصل إلى 1.065 في المائة، في حين ارتفع العائد على سندات السنوات الخمس بمقدار 0.5 نقطة أساس أيضاً، ليصل إلى 0.73 في المائة.

وفي الوقت نفسه، يستعد المستثمرون للتحول السلس للعقود الآجلة من تلك المستحقة في ديسمبر إلى تلك المستحقة في مارس (آذار)، التي ترتبط بسندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات رقم «366» التي كان «بنك اليابان» يمتلكها بكثافة.

وقال كبير الاستراتيجيين في شركة «سوميتومو ميتسوي تراست» لإدارة الأصول، كاتسوتوشي إينادومي: «يشير التحول السلس للعقود الآجلة إلى إزالة المخاوف بشأن نقص السندات اللازمة لتسوية العقود».

وقد تجاوز حجم التداول وعدد الاهتمامات المفتوحة لعقود مارس تلك الخاصة بعقود ديسمبر قبل تاريخ التجديد الرسمي المقرر يوم الجمعة. وكانت الأسواق قلقة بشأن النقص المحتمل في السندات اللازمة لتسوية العقود الآجلة المقبلة.

ويحتاج المستثمرون إلى سندات الحكومة اليابانية رقم «366» لإغلاق العقود الآجلة المستحقة في مارس. ولكن هذه السندات كانت مملوكة بنسبة تزيد على 90 في المائة من قبل «بنك اليابان» نتيجة لشرائه العدواني للسندات، في إطار دفاعه عن سياسة أسعار الفائدة المنخفضة للغاية. وقد انخفضت ملكية «بنك اليابان» للسندات إلى 89 في المائة الأسبوع الماضي بعد أن سمح البنك المركزي للاعبين في السوق بالاحتفاظ بنحو 200 مليار ين (1.32 مليار دولار) من السندات التي أقرضها لهم من خلال مرفق إقراض الأوراق المالية.

كما باعت وزارة المالية 350 مليار ين من سندات رقم «366» في مزادات تعزيز السيولة في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر. وأشار الاستراتيجيون إلى أن السوق أمّنت ما يقرب من تريليون ين من السندات اللازمة لتسوية عقود مارس نتيجة لهذه العمليات.