شبح حرب تجارية جديدة يخيم على «دافوس» في يومه الثاني

قادة العالم شددوا على ضرورة التمسك بالتعددية

موكب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى مغادرته دافوس أمس عقب إثارة مخاوف من إشعال حرب تجارية جديدة مع أوروبا (رويترز)
موكب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى مغادرته دافوس أمس عقب إثارة مخاوف من إشعال حرب تجارية جديدة مع أوروبا (رويترز)
TT

شبح حرب تجارية جديدة يخيم على «دافوس» في يومه الثاني

موكب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى مغادرته دافوس أمس عقب إثارة مخاوف من إشعال حرب تجارية جديدة مع أوروبا (رويترز)
موكب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى مغادرته دافوس أمس عقب إثارة مخاوف من إشعال حرب تجارية جديدة مع أوروبا (رويترز)

أثبت المنتدى الاقتصادي العالمي، في دورته الخمسين، أن المشككين في استمراره منصة مفضّلة لدى القادة كانوا مخطئين عندما تنبّأوا بتراجع شعبيته العام الماضي... وعلى عكس «شح» المستجيبين لدعوة المنتدى في عام 2019 شهد «دافوس» هذه السنة حضورا دوليا لافتا، هيمن عليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب على مدى يومين.
وبعدما ألقى الرئيس «خطاب أمل» على منصّة «دافوس» الثلاثاء، عاد ليشعل مخاوف حرب تجارية جديدة مع حلفائه الأوروبيين. وقال ترمب في تصريحات على هامش المنتدى إن «التفاوض مع الاتحاد الأوروبي أصعب من التفاوض مع أي أحد آخر. لقد استفادوا من بلدنا على مدى سنوات كثيرة». وتابع: «إذا لم نتوصل إلى شيء ما (اتفاق تجاري)، فسأتخذ إجراءات، وستكون عبارة عن ضرائب مرتفعة جداً على سياراتهم ومنتجاتهم الأخرى (المصدرة) إلى بلدنا»، لافتا إلى أنه يريد «الانتظار حتى أنتهي من الصين. لا أريد أن أنشغل بالصين وأوروبا في الوقت نفسه. والآن انتهينا من الصين»، في إشارة إلى الاتفاق الجزئي الذي أبرمته واشنطن وبكين في وقت سابق هذا الشهر.
ولم تقتصر نبرة ترمب الحادة أمس على القضايا التجارية، بل هاجم بقوة مجريات محاكمته في واشنطن على خلفية تهمتي سوء استغلال سلطته وعرقلة العدالة، وأكّد: «أود المشاركة (في المحاكمة). أرغب في أن أجلس في الصف الأول وأراقب وجوههم الفاسدة». إلا أنه استدرك بالقول إن محاميه قد يجدون تلك الفكرة «إشكالية».
إلى ذلك، أكد ترمب أنه كان «ليحب» لقاء ومحادثة الناشطة الشابة من أجل المناخ غريتا تونبرغ، إلا أنه اعتبر في الوقت نفسه أن الناشطين البيئيين رفعوا مطالبهم «إلى مستوى غير واقعي»، إلى درجة «لا يمكنك فيها أن تعيش حياتك» بشكل طبيعي.
وعند سؤاله إن كان لا يزال يعتبر الاحتباس الحراري «خدعة»، أجاب ترمب «لا، على الإطلاق، لكن بعض أوجهه خدعة».
وكان الرئيس الأميركي قد ندد أول من أمس بـ«المتشائمين الأزليين وتنبؤاتهم بنهاية العالم» أمام رواد «دافوس» وفي حضور غريتا تونبرغ. وردّت الأخيرة بعد ذلك في خطاب بعنوان: «تجنب نهاية العالم بسبب التغيرات المناخية». وقالت تونبرغ، التي ضاعفت انتقاداتها لترمب على «تويتر»، إن «منزلنا لا يزال يحترق (...) نحن نقول إنه يجب أن نفزع».
وبينما طغت تصريحات الرئيس الأميركي، على أعمال المنتدى أمس، توجّه عدة قادة إلى منصة «دافوس» للإعلان عن مبادرات بيئية والتشديد على التمسك بالتعددية، ودعوة قطاع الأعمال إلى الاستثمار في بلدانهم، واستعراض برامجهم السياسية والاقتصادية استعدادا لإعادة انتخاب، أو عقب انتخابهم بفترة قصيرة.
كان ذلك حال رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، الذي شكل حكومة أقلية مطلع العام. وكرّر سانشيز التزام بلاده بالتعددية، وعرّف خمسة تحديات تواجهها بلاده والعالم، أبرزها التحضير لوظائف المستقبل، وتحقيق نمو اقتصادي يستفيد منه الجميع، والتغير التكنولوجي الذي يغيّر حياتنا ويتطلب تكيف التعليم والمهارات، فضلا عن النقلة الإيكولوجية التي يشهدها العالم، محذّرا أن «الكوارث المناخية لا تعرف الحدود».
كما خاطبت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية المنتخبة أخيرا، رواد «دافوس»، وشدّدت على ضرورة بذل المزيد من الجهود لحل الأزمات العالمية، ضاربة المثال بليبيا. وقالت: «لا يتطلب الأمر سوى قدر ضئيل من القوة لكسر توازن هش، لكن القوة الحقيقية تكمن في إعادة تجميع الأجزاء مرة أخرى». وأضافت «لقد تعلمنا أهمية الاستثمار أكثر في الاستقرار على المدى الطويل».
وعن قضية المناخ، قالت إن «الصفقة الخضراء» هي استراتيجية النمو الجديدة لأوروبا، وتعهدت بأن تصبح أوروبا أول قارة «محايدة للمناخ» بحلول عام 2050.
وككل مسؤول أوروبي، توقّفت فان دير لاين عند قضية «بريكست»، وقالت إن «الرسالة الأولى في هذا السياق هي أننا أصدقاء»، وأوضحت: «يتعين علينا التوصل إلى صيغة لسوق موحدة، إما أن تلتزم (بريطانيا) بالقواعد؛ وإما تصبح أكثر بعداً (عن السوق الأوروبية)... هذا هو اختيار المملكة المتحدة». وعادت لتؤكد أن «الرسالة العامة هي أننا أصدقاء. كنا أصدقاء وسنبقى أصدقاء، لأن لدينا الكثير من القواسم المشتركة».
في الواقع لم يحظ خطاب فان دير لاين في «دافوس»، وهو الأول منذ تسلمها منصبها، بالاهتمام الذي أولاه الحضور والإعلام إلى تصريحاتها الجانبية حول شبح الحرب التجارية مع واشنطن، خاصة تلك التي أدلت بها عقب لقاء سيد البيت الأبيض. وأبدت فان دير لاين، في حديثها لوكالة الأنباء الألمانية، تفاؤلا حذرا من نتيجة المحادثات التجارية المرتقبة مع واشنطن. وقالت إنه من المهم أن تتواصل المحادثات، وإلا «فلن يخرج أحد بشيء إذا دخلنا في نزاع تجاري فسيستمر على مدار شهور». كما أكّدت وزيرة الدفاع الألمانية السابقة: «لذلك، فمن الذكاء التفاوض الآن، وبحث الحقائق مع بعضنا البعض وإتمام المفاوضات والتوقيع».
من جانبه، قدم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عرضا ترويجيا لبلاده، ودعا إلى الاستثمار فيها. ولم يُطل هذا الكوميدي السابق في الحديث عن برنامجه السياسي، لكنه أشار إلى ضرورة إنهاء الاحتلال الروسي بجزء من بلاده.
بدورها، أدانت حاكمة إقليم هونغ كونغ كاري لام التي حظيت جلستها بإقبال واسع مستوى العنف في بين المتظاهرين. وقالت إن الرئيس الصيني شي جينبينغ أكد أنه لن يستغل المظاهرات لتعزيز سيطرة بكين على الإقليم.



مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

وأشار رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، خلال لقائه الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر، وزير الخارجية، في العاصمة الإدارية الجديدة، إلى «التأكيد على رغبة البلدين في تعزيز التعاون المشترك في عددٍ من المجالات التي نتطلع إلى إحراز تُقدم سريع في تنفيذها على الأرض خلال الفترة القليلة المُقبلة».

وأوضح رئيس الوزراء أن «أحد مجالات التعاون المشتركة بين مصر وقطر خلال المرحلة المُقبلة سيكون من خلال مشروع استثمار عقاري مُهم للغاية في منطقة الساحل الشمالي».

وخلال المباحثات، أكد عبد الله بن حمد بن عبد الله العطية، وزير البلدية القطري، أن مشروع التعاون المرتقب في المجال العقاري في الساحل الشمالي سيكون مشروعاً مهماً للغاية، مُضيفاً: «سنجري مشاورات مع الفريق المصري المسؤول عن المشروع».

وأكد مدبولي: «جاهزون لعقد هذه المشاورات على الفور، بما يُسهم في سرعة تنفيذ المشروع في أقرب وقت».

وأضاف مدبولي، وفق بيان صحافي، أن «الشركات القطرية المتخصصة في مجال التشييد والبناء أثبتت كفاءة كبيرة خلال تنفيذها المشروعات التي تمت في فترة استضافة قطر لكأس العالم وأصبح لديها خبرة كبيرة في مجال التطوير العقاري، وهي فرصة مُهمة لعقد شراكات معها هنا في مصر للاستثمار في هذا القطاع الواعد في السوق المصرية سواء في الساحل الشمالي أو في مناطق أخرى أو حتى التعاون مع شركات التشييد المصرية العاملة الآن بالسوق الأفريقية في كثير من المشروعات».

وأضاف أن مشاورات اليوم مع الجانب القطري أكدت أن القاهرة والدوحة لديهما رغبة حقيقية في تعزيز معدلات التبادل التجاري، مُؤكداً أن الجانب المصري سيتعاون مع الجهات المعنية القطرية لتحقيق هذه المستهدفات، في ضوء الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها الدولتان.

وأضاف مدبولي أن الجانب القطري أعرب أيضاً عن رغبته في التعاون مع مصر في مجال التصنيع، مشيراً في هذا الصدد إلى أن مصر لديها عدد كبير من الفرص الاستثمارية وقائمة متعددة لمشروعات مختلفة في قطاع الصناعة يُمكن عقد شراكات بها مع الجانب القطري.

واستطرد رئيس الوزراء قائلاً: «يُمكن للجانب القطري الاستفادة من إقامة شراكات صناعية في مصر عبر تصدير منتجات هذه المشروعات إلى السوق الأفريقية التي تُعد مصر بوابتها الرئيسية، فضلاً عن تصدير هذه المنتجات أيضاً إلى البلدان التي ترتبط مع مصر باتفاقيات تجارة حرة.

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن هناك طلباً من الجانب القطري بشأن فرص استثمارية في قطاع السياحة والضيافة في منطقة الساحل الشمالي، والحكومة المصرية تُرحب بهذه الرغبة من الأشقاء القطريين، مُضيفاً أن «هناك قائمة أيضاً، سنعرضها على الإخوة القطريين، تضم مجموعة من الفرص الاستثمارية في هذا القطاع في منطقة القاهرة الكبرى، وكذلك في العاصمة الإدارية الجديدة، وهي فرص متاحة للاستحواذ أو الشراكة مع شركاء مصريين من القطاع الخاص»، مؤكداً: «مُستعدّون للتحرك في هذا الملف في أسرع وقت».

بدوره، أكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية، أن بلاده لديها رغبة حقيقية في تعزيز آفاق التعاون الاستثماري مع القاهرة في المجالات المختلفة بما يُسهم في تحقيق مصلحة مشتركة للبلدين.

وأوضح في هذا الصدد: «لدى الشركات القطرية سجل متميز في مجال التطوير العقاري في السوق المصرية، كما أن هناك فرصاً مهمة لدى مصر وقطر لمضاعفة معدلات التبادل التجاري»، مشيراً إلى أنه كلّف الجهات المعنية في الحكومة القطرية بوضع مستهدفات زيادة التبادل التجاري محل التنفيذ خلال الفترة المقبلة.

من جانبه قال نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل المصري، الفريق كامل الوزير، خلال المباحثات، إن هناك فرصاً للتعاون المشترك بين البلدين، عبر تخصيص منطقة صناعية للمصانع القطرية على غرار ما حدث مع عدد من الدول. وأضاف: «عرضنا أيضاً على الجانب القطري إمكان مشاركته في مصانع قائمة بالفعل ومنتجة، لكنها تحتاج إلى ضخ مزيد من الاستثمارات بما يسهم في رفع كفاءتها وزيادة إنتاجيتها».

وأشار إلى وجود «فرص مهمة للتعاون مع الجانب القطري منها على سبيل المثال قطاعا الألمنيوم والحديد».