أميركا تطالب بخروج {المرتزقة} فوراً من ليبيا

TT

أميركا تطالب بخروج {المرتزقة} فوراً من ليبيا

رحبت الولايات المتحدة بالجهود الدبلوماسية المبذولة لإنهاء العنف في ليبيا، إذ قال أرون تيستا، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، في رسالة لـ«الشرق الأوسط»، إن واشنطن «تقف مع الشعب الليبي من أجل بناء مستقبل آمن وخال من التدخل الأجنبي».
مبرزا أن الإدارة الأميركية «تقدر إيجابيا قادة ليبيا الذين يدركون الحاجة إلى وقف إطلاق النار، ويلي ذلك عملية سياسية تأتي من الأطراف الليبية نفسها، ولا تفرض عليها من الخارج».
وشدد تيستا على ضرورة سحب قوات جميع الدول الأجنبية، التي غذّت النزاع في ليبيا، حاثا جميع الأطراف الليبية على اغتنام هذه الفرصة لمعالجة القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية التي تفرق بينها. كما أكد دعم بلاده لسيادة ليبيا وسلامتها الإقليمية، وطالب الدول التي تدّعي دعم الاستقرار في ليبيا سحب قواتها على الفور، بما في ذلك المرتزقة الروس والمقاتلون السوريون، الذين ترعاهم، والذين أدى تدخلهم إلى تردي الأوضاع الإنسانية بشكل كبير.
وفيما تؤكد واشنطن رغبتها في تخفيف تدخلها في المنطقة لمصلحة حلف «الناتو»، شدد تيستا على أن الولايات المتحدة تشارك في عملية الحوار الدولي التي تستضيفها ألمانيا والأمم المتحدة بشكل مشترك الأحد المقبل، معربا عن أمله في أن تؤدي مشاركة واشنطن في هذه الجهود إلى استمرار وقف إطلاق النار، وإطلاق حوار داخل ليبيا، وانسحاب القوات الأجنبية، والعودة إلى عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة.
وجاء موقف الخارجية الأميركية في أعقاب فشل الاجتماع في موسكو بين المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، وعقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي في طبرق من جهة، وفائز السراج رئيس حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، في توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار يوم الاثنين.
وعزت أوساط أوروبية وأميركية امتناع المشير حفتر عن التوقيع على الاتفاق إلى عدم إضافة بند طالب به، يوصي بحل الميليشيات في طرابلس التي تدعم حكومة السراج. وفي هذا السياق كتب بيتر ميليت، سفير بريطانيا السابق لدى ليبيا، على «تويتر» قائلا إن «حفتر ومن يدعمه يعتقدون أن بإمكانه الانتصار عسكريا»، وهذا هو السبب وراء تعنته وعدم توقيعه بنود الاتفاق. لكن محللين آخرين لم يستبعدوا وجود اتفاق سري بين أنقرة وموسكو لم يرق لحفتر ومؤيديه.
وكانت أوساط عدة قد شككت في نيات روسيا، واهتمامها بإنجاح هذه المفاوضات، حيث تواجه موسكو اتهامات من بعض الدول الغربية والولايات المتحدة بالتدخل في ليبيا، وتأجيج الصراع بين الأطراف المتنازعة، بسبب دعمها قوات حفتر عبر مجموعات من المرتزقة الروس، تعرف باسم «فاغنر»، وتمارس أنشطتها بتنسيق مع الحكومة الروسية. وفي هذا الصدد نقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن مسؤولين غربيين أن أكثر من 1400 مرتزق روسي، من بينهم 25 طيارا، وصلوا ليبيا منذ سبتمبر (أيلول) الماضي فقط.
وإضافة إلى الأطماع الروسية في النفط الليبي، ومحاولة الاستيلاء عليها من خلال دعمها لحفتر، لا تخفي موسكو رغبتها القديمة في أن يصبح لها وجود في جنوب البحر المتوسط. بينما تتهم الولايات المتحدة موسكو بالتدخل في ليبيا، واستغلالها الصراع ضد إرادة الشعب الليبي، معلنة في المقابل تمسكها بسيادة البلاد ووحدة أراضيها. لكنها لم تقطع علاقاتها بالمشير خليفة حفتر، الذي التقى مسؤولين أميركيين في مناسبات عدة، خصوصا أن شعار حملته العسكرية يركز على إنهاء الميليشيات المتطرفة، التي نفذ أحد فصائلها الهجوم الشهير على القنصلية الأميركية في بنغازي، وقتلت السفير الأميركي عام 2011.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».