المدعي العام اللبناني يمنع غصن من السفر ويطلب ملفّه من اليابان

TT

المدعي العام اللبناني يمنع غصن من السفر ويطلب ملفّه من اليابان

ثلاث ساعات أمضاها رجل الأعمال اللبناني الأصل كارلوس غصن، داخل قصر العدل في بيروت، خضع خلالها لاستجوابين مفصّلين، الأول مرتبط بمذكرة الإنتربول التي تطلب توقيفه استجابة للنشرة الحمراء الصادرة عن القضاء الياباني، والثاني بدخوله إسرائيل، ولقائه قيادات إسرائيلية في تلّ أبيب، قبل أن يترك بسند إقامة ويغادر قصر العدل مرتاحاً للقرار الذي اتخذه القضاء، كما لمسار التحقيق معه.
ولدى وصوله عند العاشرة من صباح أمس، إلى ديوان النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات، مثُلَ غصن أمام رئيس المباحث الجنائية المركزية العميد موريس أبو زيدان، الذي استجوبه بإشراف مباشر من القاضي عويدات، حول مضمون النشرة الحمراء التي أصدرتها السلطات اليابانية وجرى تعميمها عبر الإنتربول الدولي، وطلبت بموجبها من لبنان توقيفه. وفي نهاية الاستجواب، تركه النائب العام التمييزي بسند إقامة ومنعه من السفر، وأرسل كتابا إلى السلطات اليابانية، طلب بموجبه إيداعه ملف غصن القضائي وطلب استرداده، وبناء على هذا الملف يتخذ القرار المناسب، إما بملاحقته أمام القضاء اللبناني في حال ثبوت ارتكابه الجرائم المتهم بها أو تركه حرا إن لم تتوفر عناصر جريمة.
ويرى غصن أن منعه من السفر «إجراء» روتيني. وأوضح في مقابلة مع تلفزيون «إم تي في» المحلي أمس أنه لا يخطط أساساً لمغادرة لبنان، وسلّم جواز سفره الفرنسي الذي استخدمه للدخول إلى لبنان إلى السلطات القضائية.
وأفادت مصادر مواكبة للتحقيقات التي خضع لها غصن أمس، أن «النشرة الحمراء اتهمته بمخالفة قانون الصرف ومخالفة قانون الشركات اليابانية، وسوء إدارة الشركات التي تولى مسؤوليتها لسنوات طويلة». وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المدعي العام وفي ضوء ما يتضمنه الملف الياباني، سيدرس مدى مطابقة الجرائم المدعى بها على القانون اللبناني، وما إذا كانت تستوجب الملاحقة أم لا»، مستبعدة كلياً «الاستجابة لطلب تسليمه إلى السلطات اليابانية، لكونه مواطناً لبنانياً، ويخضع لسلطة القضاء الوطني، على فرض ثبوت ارتكابه أي جرم يعاقب عليه القانون».
وما إن انتهى استجواب غصن أمام رئيس المباحث، حتى انتقل إلى مكتب القاضي عويدات، وخضع للتحقيق في الإخبار المقدم ضده بشأن دخوله إسرائيل ولقائه قيادات سياسية (بينها الرئيس الإسرائيلي الراحل شيمون بيريس ورئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت) في تل أبيب، وإبرام صفقات مع شركات إسرائيلية، وفي نهاية الاستجواب قرر تركه بسند إقامة.
وسيعكف عويدات على دراسة محضر الاستجواب، فإذا توفرت عناصر جرم فتجري إحالته على المحكمة العسكرية لمحاكمته، وإذا لم تتوفر عناصر الجرم فيحفظ الملف. وأوضحت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط»، أن غصن برر أمام المدعي العام أسباب ذهابه إلى إسرائيل في العام 2008، مؤكدا أن «شركة «رينو» فرضت عليه الانتقال إلى إسرائيل بصفته مديرا للشركة ويحمل الجنسية الفرنسية، ومنذ ذلك التاريخ لم يزر الدولة العبرية، وأن أشخاصا آخرين تابعوا الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي لإبرام اتفاق تأسيس مركز لشركة «رينو» هناك، لكن الاتفاق لم يُوقّع وجرى صرف النظر عن إنشاء فرع للشركة هناك». ولفتت إلى أن غصن «وعد بتقديم مستندات ووثائق تثبت صحّة ما أدلى به بهذا الخصوص».
ولدى مغادرته قصر العدل برفقة وكيله القانوني، عبّر غصن عن ارتياحه للتحقيق الذي حصل معه، وقال: «شعرت بالاطمئنان منذ لحظة وصولي والقاضي غسان عويدات سألني عن زيارتي لإسرائيل، وقد أجبت بأني لم أزر إسرائيل كمواطن لبناني بل كمواطن فرنسي، بناء على إصرار من شركة رينو». وأكد أنه سيتعاون مع الدولة والقضاء في لبنان، ووصف كلام وزيرة العدل اليابانية بحقه بأنه «سخيف». كما وصف النظام القضائي الياباني بـ«الرجعي جداً». وقال: «يوجد آلاف المظلومين في السجون هناك».
من جهته، اكتفى وكيل غصن المحامي كارلوس أبو جودة، بالتأكيد أن موكله «مرتاح جداً للمسار القضائي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».