روسيا تقدم «خريطة طريق» للتوسط بين دمشق والإدارة الكردية

تضمنت المشاركة في اللجنة الدستورية وأموراً خدماتية

TT

روسيا تقدم «خريطة طريق» للتوسط بين دمشق والإدارة الكردية

عقد وفد روسي برئاسة قائد عسكري اجتماعات ماراثونية مع قادة أكراد ووجهاء في القامشلي شرق سوريا نهاية العام الماضي اجتماعا تناول المفاوضات مع دمشق.
وأفادت مصادر بأن الوفد حمل «خريطة طريق» من عشر نقاط للتفاوض بين دمشق و«الإدارة الذاتية لشمال وشرق»، تضمنت «المشاركة الكردية في العمل باللجنة الدستورية السورية» و«تمثيل الحركة السياسية الكردية في الحكومة السورية»، أما النقطة الثالثة فتركزت على «انتشار حرس الحدود السوري على طول الحدود السورية الشمالية من معبر (سيمالكا) الحدودي حتى مدينة منبج بريف حلب الشرقي».
كما شملت الأفكار «إقامة حوار بين الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا والحكومة السورية، وتشكيل لجان مشتركة اقتصادية وعسكرية» و«إصدار وثائق رسمية للأكراد» و«إصدار شهادات تعليمية رسمية لتلاميذ المدارس الكردية»، إضافة إلى التنسيق «للاستفادة من موارد الطاقة، وتحديداً سد الفرات في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة» و«خروج الجيش السوري من المدارس والمجمعات التربوية في المناطق الكردية».
ومن الأفكار الأخرى، «فتح الطريق البري الذي يربط مدينة حلب بالحدود العراقية مروراً ببلدة البوكمال» و«تذليل المخاطر والتهديدات الكردية والعمل على سلامة حواجز الجيش السوري المنتشرة شرقي الفرات».
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الوفد الروسي سافر بداية إلى العاصمة السورية وعقد اجتماعات مكثفة يومي 25 و26 ديسمبر (كانون الأول) العام الفائت مع الحكومة ثم توجه بعدها إلى القامشلي عشية 26 الشهر نفسه، والتقى بقادة «حزب الاتحاد الديمقراطي السوري» أحد أبرز مكونات «حركة المجتمع الديمقراطي» التي تدير 7 إدارات محلية شرقي الفرات، ونائب سكرتير «حزب الوحدة الكردي» أكبر أحزاب «التحالف الوطني الكردي»، وأعضاء من المكتب السياسي من «الحزب التقدمي الكردي»، والرئيس المشترك لـ«حزب الاتحاد السرياني» الأشوري المسيحي، وشخصيات ووجهاء عرب من مدن وبلدات منبج والطبقة والرقة ودير الزور، ورجحت المصادر لقاءه بمسؤولين بارزين من رئاسة «المجلس الوطني الكردي» المعارض.
وذكرت المصادر أنّ الروس استمعوا إلى آراء المشاركين ورؤيتهم للحل، آخذين بالحسبان انقسامات الحركة السياسية الكردية بين ثلاثة أطر على نقيض بتحالفاتها والحزب التقدمي الذي يعمل خارجها.
وتركزت النقاشات حول ثلاث نقاط رئيسية: أولى هذه المحاور بحث مصير سبع إدارات محلية بمثابة هياكل حكم مدنية تدير مساحة تشكل نحو 20 في المائة من مساحة البلاد. ثانيها، احترام خصوصية «قوات سوريا الديمقراطية» العربية الكردية والشرطة المحلية «الأسايش» ودورها المستقبلي ومناطق انتشارها ومشاركتها في حروب خارج حدودها. كما ركز المشاركون في النقطة الثالثة والأهم على أنّ سوريا قبل العام 2011 ليست كما هي اليوم 2020، وفي حال استمر النظام بنهجه الأمني وتبنيه الحسم العسكري فإن المنطقة برمتها ذاهبة إلى حروب لا متناهية ستكون كارثية على جميع الجهات.
في دمشق وقبل مجيء الوفد الروسي أجرى كبار مساعدي الرئيس الروسي اتصالات مع كل الأطراف، وكان المفروض أنْ يعقد اجتماع موسع يضم الحكومة السورية وممثلين عن «إدارة شمال وشرق» سوريا، وجهات سياسية كردية وعربية وأشورية مسيحية، بالإضافة إلى دعوة زعماء وقادة محليين، لعرض «خريطة الطريق» وإعلان الأحرف الأولى من الاتفاق. غير أنّ الحكومة السورية طلبت الاستمهال، حسب المصادر.
كانت الحكومة السورية استمعت إلى آراء وفد الأحزاب السياسية المرخصة التي زارت مدينة القامشلي منتصف ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي. وصرح مسؤولون من الحكومة للوفد الروسي بأن الأحزاب المرخصة حملت مجموعة مقترحات، بعضها مرحب بها، على رأسها تفعيل قانون الإدارة المحلية، ونقاط ثانية تحتاج للنقاش من بينها ضم «قوات سوريا الديمقراطية» في فيلق عسكري يتولى مهام الدفاع وحماية المناطق التي ينتشر فيها حالياً، ومشاركة مكونات الإدارة في الحكومة والبرلمان، لكن بقي بند توزيع ثروات البلاد بما يتناسب مع المناطق التي تنتجها كمدينتي دير الزور والحسكة مستبعدا لدى الحكومة لحساسية الملف.
وتوقعت المصادر أن يعود الوفد الروسي في الأيام القادمة بمقترحات جديدة بعد سماع آراء الأطراف المختلفة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.