ماذا تعني مجلة الموضة والأزياء في غياب الصور المتنوعة؟ من دون تلك الصور البراقة للعارضات والعارضين، التي يجري التقاطها في مختلف الأماكن الجذابة والرائعة مع جهود الجيش الصغير من مصففي الشعر، فناني الماكياج، والمحررين، والمساعدين!
إنها المجلة التي تعتبر نفسها أكثر صداقة للبيئة من غيرها من المجلات. أو هكذا تزعم النسخة الإيطالية من مجلة «فوغ» الشهيرة، التي تهدف إلى الإعلان عن بيان خاص بشأن الاستدامة خلال عدد الشهر الحالي، الذي سوف يصدر بلا صور فوتوغرافية على الإطلاق.
وفي كلمته إلى القراء في عدد يناير (كانون الثاني) من عام 2020 الجديد، يصف إيمانويل فارنيتي، رئيس تحرير المجلة الإيطالية، كل ما يلزم لملء عدد واحد من المجلة بالصور الأصلية، (وهو يعني في مثاله عدد سبتمبر (أيلول) التقليدي السميك).
يقول السيد فارنيتي: «يشارك 150 شخصاً في الأمر. ونحو 20 رحلة طيران، بخلاف عشرات الرحلات بالقطار أو نحوها. مع وجود 40 سيارة على أهبة الاستعداد. و60 حالة من التسليمات الدولية. مع الأضواء العاملة لفترة لا تقل عن 10 ساعات بلا توقف، وهي تعمل بمولدات الوقود بصورة جزئية. إلى جانب نفايات الطعام من مختلف المطاعم، والمواد البلاستيكية المستخدمة في تغليف الملابس. والكهرباء اللازمة لإعادة شحن الهواتف والكاميرات».
كان التعهد بالنأي التام عن التلوث قدر الإمكان من المهمات بالنسبة إلى السيد فارنيتي، لا سيما بعد أن تعهد هو و25 من المحررين الدوليين الآخرين لمجلة «فوغ» في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بالمساعدة على الحفاظ على كوكبنا لأجل الأجيال القادمة مع إظهار الاحترام للبيئة الطبيعية.
ولا تعتبر هذه التصريحات استثنائية بحال، على اعتبار هوس صناعة الموضة والأزياء بالمحافظة على الاستدامة. ولكن التصريحات ليست كافية بعينها، كما قال السيد فارنيتي في مقابلة شخصية سابقة: «من المهم للغاية أن تتحول الأقوال إلى أفعال».
وكان نصيبه من ذلك يتمثل في استبدال الصور الفوتوغرافية بالصور والرسوم التوضيحية، مع استئجار الفنانين لإظهار الملابس على صفحات المجلة من دون تصويرها، على نحو ما وصف بنفسه في كلمته الافتتاحية.
يأتي العدد الجديد من المجلة، الموجود في أكشاك بيع الصحف والمجلات اعتباراً من 7 يناير، موزعاً بين 8 أغلفة مختلفة. كل منها يصور إحدى العارضات التي ترتدي إحدى منتجات «غوتشي»، وعلى الرغم من اختلاف الأغلفة الثمانية في الأناقة من الرسومات الملصقة إلى الخيالات اليابانية التي تتقابل مع النهضة الإيطالية. وكل الأغلفة تعرض لعبارة واحدة: «جرى إخراج العدد الحالي بلا صور فوتوغرافية».
وفي الغلاف، جاء رسم للعارضة الإيطالية فانيسا بيكروفت في وضع مائل يحاول ثني الجسد بالقوة، كي يتماهى مع حدود غلاف المجلة. وقالت العارضة الإيطالية إن الغلاف الجديد هو أول مشروعات الأزياء المرسومة بالنسبة إليها.
وقدم كاسي نامودا، الرسام الأميركي من موزمبيق، رسماً للعارضة أمبر كريستال زارزويلا، وهي تبكي حال جلوسها على حافة كرسي من اللون الأحمر. وإلى جانب رأسها توجد دماء متساقطة من ناموسة، وهو رسم يعكس ظاهرة الاحتباس الحراري المناخية.
وكانت العارضة أوليفيا فينتين، المفضلة دائماً لدى رسام الصور ميلو مانارا، ترتدي قفازات من الجلد الأحمر وتمسك بسوط من الجلد الأسود، وهي تقف على خلفية كثيفة من السحب الحالمة. وقال السيد فارنيتي إنه كانت هناك مناقشات بشأن ما إذا كان من المناسب العودة إلى المثيرات الجسدية على أغلفة المجلة المخصصة بالأساس إلى النساء في عصر تمكين المرأة الحالي: «لكن في نهاية الأمر، قررنا أن الفتيات هن من يسيطرن على أنفسهن»، واصفاً أن الرسم مستوحى من تمثال «ديفيد» لمايكل أنجلو.
كانت مجلة «فوغ» الإيطالية طالما ما استعانت بالقضايا الاجتماعية مثل «علف الأزياء» في موضوعاتها. وفي عام 2008، نشرت فرانكا سوزاني، المحررة السابقة للمجلة، غلافاً لا يصور إلا العارضات السمراوات فقط، مع محاولتها المستمرة لإثارة الجدل طيلة فترة وجودها في المجلة من خلال المقالات الافتتاحية التي تتعلق بقضايا شائكة مثل العنف المنزلي، وتسريب النفط، والحرب على الإرهاب.
ومنذ تولي أمر المجلة إثر وفاة السيدة سوزاني في عام 2016، واصل السيد فارنيتي اعتماد الاتجاه نفسه. وفي عام 2017، تصدر عناوين وسائل الإعلام الرئيسية بعدما نشر قبلة على غلاف المجلة، ثم خصص عدداً من المجلة لمناقشة قضية النساء اللائي تجاوزن الستين عاماً من أعمارهن. (لقد أثار العديد من الانتقادات أيضاً في عام 2018 عندما اتهمت المجلة بأنها وضعت صورة للعارضة الأميركية البيضاء جيجي حديد بوجه أسمر!).
ويعتبر عدد يناير المقبل والمرسوم بالكامل من بين أكثر أعداد المجلة جرأة لدى السيد فارنيتي حتى الآن. ومع ذلك، فهي مجرد إيماءة في نهاية المطاف، وليست شكلاً من أشكال التغيير طويل الأجل الذي يمكن أن يقلل فعلياً من بصمات الكربون في صناعة مجلات الموضة والأزياء، والسيد فارنيتي يدرك ذلك تماماً.
وهو يقول: «أعتقد أن أكثر الأساليب أمانة في مواجهة مشكلة من المشكلات هو البدء بالاعتراف بوجودها أولاً»، مشيراً إلى النفقات البيئية التي ذكرها في مقالته الافتتاحية. «كانت تلك طريقتنا في الإعراب عن اعتقادنا بأننا جزء من الأعمال التي هي أبعد ما تكون عن الاستدامة».
وباعتبارها خطوة إلى الأمام، قال السيد فارنيتي إنه في عام 2020 سوف تكون مجلة «فوغ» الإيطالية من أولى مطبوعات «كوندي نيست»، التي تستخدم الغلاف البلاستيكي القابل للتحلل العضوي بنسبة 100 في المائة.
وعلى الصعيد المحلي، فإن الأموال التي جرى توفيرها من تجاوز الصور الفوتوغرافية سوف يتم التبرع بها إلى مركز «فوندازيوني كويريني ستامباليا»، وهو مركز ثقافي ومكتبة عامة في مدينة فينيسيا كانت قد تضررت كثيراً، بسبب ارتفاع مياه الفيضان في المدينة. ولن تكشف المجلة عن مبلغ التبرع للمركز.
مجلة «فوغ» الإيطالية تصدر من دون صور فوتوغرافية وتعتمد على الرسومات
ضمن توجه من رئيسها الجديد لاحترام البيئة
مجلة «فوغ» الإيطالية تصدر من دون صور فوتوغرافية وتعتمد على الرسومات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة