حصاد الممارسات الإسرائيلية في القدس: 7 قتلى و2078 معتقلاً و173 عملية هدم لبيوت

صبية فلسطينيون في متنزه يضم قطاراً أُطلق عليه «قطار العودة» في جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
صبية فلسطينيون في متنزه يضم قطاراً أُطلق عليه «قطار العودة» في جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
TT

حصاد الممارسات الإسرائيلية في القدس: 7 قتلى و2078 معتقلاً و173 عملية هدم لبيوت

صبية فلسطينيون في متنزه يضم قطاراً أُطلق عليه «قطار العودة» في جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
صبية فلسطينيون في متنزه يضم قطاراً أُطلق عليه «قطار العودة» في جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)

أصدر «مركز معلومات وادي حلوة» في القدس الشرقية المحتلة، تقريراً يلخص فيه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في المدينة، خلال العام الماضي، فبين أن هناك ارتفاعاً وتصعيداً بارزين في الانتهاكات، حيث بلغ عدد الضحايا 7، وعدد البيوت التي هدمت بحجة عدم وجود ترخيص 173 بيتاً، وعدد المعتقلين 2078 شخصاً.
وأشار تقرير المركز إلى أن «سلطات الاحتلال واصلت عمليات الإعدام الميدانية للفلسطينيين بحجة الاشتباه أو محاولة تنفيذ عمليات طعن»، وكان «استخدام السلاح لقتل الفلسطينيين» هو الخيار الأول لجنود الاحتلال، وارتقى خلال العام الماضي 7 قتلى فلسطينيين، هم: الشاب رياض محمد شماسنة، والفتاة سماح زهير مبارك (16 عاماً)، والشاب يوسف وجيه (18 عاماً)، والمسن موسى أبو ميالة من مخيم شعفاط، والأسير المحرر محمد سمير عبيد (20 عاماً)، والفتى نسيم مكافح أبو رومي (14 عاماً)، والشاب فارس أبو ناب من بلدة سلوان. وأوضح المركز أن سلطات الاحتلال تواصل احتجاز جثامين ثلاثة مقدسيين في الثلاجات وهم: مصباح أبو صبيح منذ 2016، وفادي القنبر منذ 2017، وعزيز عويسات منذ 2018. ويأتي ذلك مع قرار المحكمة الإسرائيلية العليا الذي صدر في سبتمبر (أيلول) 2019، ويسمح باحتجاز جثامين القتلى الفلسطينيين من أجل مبادلتها مع الجنود الأسرى لدى الفصائل في قطاع غزة.
وقال مركز المعلومات إن سلطات الاحتلال عملت بمؤسساتها المختلفة وبدعم حكومي، على فرض سيادتها وسيطرتها على المسجد الأقصى المبارك خلال عام 2019، بإغلاقه ومنع الدخول إليه تارة، والسماح لأعداد غير مسبوقة من المستوطنين باستباحته وأداء الصلاة العلنية فيه تارة أخرى، وحجز الهويات ومنع قوائم من دخول الأقصى فترة اقتحامات المستوطنين ضمن محاولات التقسيم الزمني للأقصى، ناهيك بمحاولات الاحتلال لتقسميه مكانياً بمنع الوجود والصلاة في منطقة مصلى باب الرحمة خلال أوقات الاقتحامات.
وأضاف المركز أن قوات الاحتلال اقتحمت الأقصى مرات عدة واعتدت على المصلين ونفذت اعتقالات من ساحاته، وكان أبرز الاعتقالات في أول أيام عيد الأضحى المبارك للسماح للمستوطنين باقتحامه في ذكرى ما يُسمى «خراب الهيكل»، وفي الثامن والعشرين من شهر رمضان للسماح للمستوطنين باقتحامه فيما يُسمى «توحيد القدس».
ولفت المركز إلى إغلاق مسجد قبة الصخرة مطلع العام الماضي لساعات، وإغلاقه في يوم 12 مارس (آذار) 2019 منذ ظهيرة اليوم حتى فجر اليوم التالي، ومنع صلوات العصر والمغرب والعشاء فيه، بحجة إضرام النار في مركز الشرطة داخل المسجد الأقصى المبارك بزجاجة حارقة ومفرقعات، وإغلاقه بتاريخ 15 أغسطس (آب) 2019 منذ ساعات العصر حتى بعد العشاء، وكذلك في 26 سبتمبر (أيلول)؛ حيث أُغلِق لأكثر من ساعة، بحجة محاولة فتى طعن مجندة على بابه.
كما تحدث التقرير عن «هبّة باب الرحمة» في شهر فبراير (شباط) ، بعد إغلاق سلطات الاحتلال الباب الحديدي المؤدي إلى مصلى باب الرحمة ووضع الأقفال والسلاسل الحديدية عليه، فكان الرد على ذلك بإعلان الاعتصام المفتوح في الساحة العلوية للمصلى، مما أجبر الاحتلال على التراجع.
ورصد المركز المذكور 2078 حالة اعتقال في مدينة القدس، سنة 2019. بينها 94 من الإناث بينهن 9 قاصرات، 33 طفلاً قاصراً (أقل من 12 عاماً)، و489 قاصراً في جيل 12 – 17 عاماً. وقال المركز إن بلدة العيساوية شهدت أعلى حالات الاعتقال بـ775 معتقلاً، يليها المسجد الأقصى، إذ اعتقل في باحاته 363 معتقلاً، و300 من سلوان، و182 من القدس القديمة، و124 من مخيم شعفاط وعناتا وحزما وبلدتي بيت حنينا وشعفاط، و91 من الطور، و46 من واد الجوز والصوانة والشيخ جراح، و40 من جبل المكبر، و24 من صور باهر، و5 من كفر عقب، إضافة إلى اعتقالات متفرقة من شوارع مدينة القدس.
وأصدر وزير الداخلية في الحكومة الإسرائيلية قراراً بسحب هويتي الأسيرين المقدسيين إسحق عرفة والمحكوم بالسجن المؤبد، و60 عاماً، ومنير الرجبي المحكوم بالسجن لمدة 20 عاماً.
وتطرق التقرير إلى سياسة بلدية الاحتلال لهدم المنازل والمنشآت التجارية والزراعية في مدينة القدس، بحجة البناء دون ترخيص، في وقت تفرض البلدية الشروط التعجيزية والمبالغ الطائلة لإجراءات الترخيص، التي تمتد لسنوات طويلة. كما أجبرت بلدية الاحتلال المقدسيين على تنفيذ أوامر وقرارات الهدم بأنفسهم، «الهدم الذاتي»، بعد تهديدهم بالسجن الفعلي وفرض غرامات باهظة إضافة إلى إجبارهم على دفع أجرة الهدم لطواقم وآليات البلدية وقوات الاحتلال المرافقة لها.
ورصد «مركز معلومات وادي حلوة» هدم 173 منشأة في مدينة القدس، من ضمنها 51 منشأة هدمت ذاتياً بأيدي أصحابها، وتشمل منشآت قيد الإنشاء: 21 بناية سكنية، 67 منزلاً، 1 بركس سكني، 41 بركس مواشي، 6 مخازن، 5 غرف سكنية، 3 أسوار، 19 منشأة تجارية، 2 أساسات منزل، 2 شرفة، 2 كراج، 1 كونتير، 3 غرف. وكانت أعلى معدلات الهدم شهدتها بلدة جبل المكبر، حيث هدمت 47 منشأة، تليها 42 منشأة في سلوان، و29 منشأة في صور باهر، و23 في بيت حنينا وشعفاط ومخيم شعفاط، إضافة إلى تنفيذ عمليات هدم في معظم الأحياء الأخرى.
وتضمن التقرير فقرة عن اعتداءات المستوطنين على المقدسيين وممتلكاتهم في مدينة القدس، ورصد مركز المعلومات خط شعارات عنصرية تدعو لقتل العرب وترحيلهم من المدينة وتخريب إطارات مركبات وتحطيم زجاجها، وأبرزها جرى نهاية العام الماضي، بتخريب إطارات ما يزيد على 150 مركبة وشاحنة في بلدة شعفاط شمال القدس. وسيطر المستوطنون، العام الماضي، على منزل عائلة أبو عصب في القدس القديمة، كما سيطروا على بنايتين سكنيتين في القدس القديمة، وعلى عقار مكون من «شقة وأرض ومخزن» لعائلة صيام في بلدة سلوان، وعلى بناية في حي الصوانة.



«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
TT

«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

قال فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، اليوم الاثنين، إنه كان من المقرر أن يقوم قائد «قسد» مظلوم عبدي والوفد المفاوض لشمال وشرق سوريا، بزيارة لدمشق، اليوم، إلا أن الزيارة تأجلت «لأسباب تقنية».

وأضاف، عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه سيجري تحديد موعد جديد لزيارة قائد «قسد» مظلوم عبدي لدمشق، في وقت لاحق يجري الاتفاق عليه بالتوافق بين الأطراف المعنية.

وأكد أن تأجيل زيارة عبدي لدمشق في إطار ترتيبات لوجستية وفنية، ولم يطرأ أي تغيير على مسار التواصل أو الأهداف المطروحة.

كان التلفزيون السوري قد أفاد، الجمعة، بإصابة جندي من قوات الأمن الداخلي برصاص قناصة من قوات سوريا الديمقراطية «قسد» على حاجز أمني في مدينة حلب، في حين ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن الجيش أسقط مُسيّرات أطلقتها «قسد» باتجاه مواقع تابعة له في سد تشرين، بريف حلب الشرقي.

وأوضح التلفزيون أن عناصر «قسد» المتمركزين في حي الأشرفية بحلب يطلقون النار على عناصر الأمن الداخلي الموجودين عند حاجز دوار شيحان.

لكن «قسد»، من جهتها، أكدت أن فصائل تابعة لحكومة دمشق أطلقت قذيفتين صاروخيتين على قواتها، ما أجبرها على الرد.

وفي وقت لاحق، قالت «قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة السورية شنّت «هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية» على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، ووصفت الهجوم بأنه «اعتداء سافر يهدد أمن المدنيين ويُنذر بتداعيات خطيرة».


الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
TT

الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)

حذّر زعيم جماعة «الحوثي» عبد الملك الحوثي، يوم الأحد، من أن أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال سيكون «هدفاً عسكرياً»، في آخر إدانة للتحرّك الإسرائيلي للاعتراف بالإقليم الانفصالي.

وقال الحوثي، في بيان، إن جماعته تعتبر «أي وجود إسرائيلي في إقليم أرض الصومال هدفا عسكرياً لقواتنا المسلحة، باعتباره عدواناً على الصومال وعلى اليمن، وتهديداً لأمن المنطقة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

واعترفت إسرائيل، الجمعة، رسمياً، بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة، في قرار لم يسبقها إليه أحد منذ إعلان الأخيرة انفصالها عن الصومال عام 1991.

وتقع أرض الصومال التي تبلغ مساحتها 175 ألف كيلومتر مربع، في الطرف الشمالي الغربي من الصومال. وأعلنت استقلالها من جانب واحد، في عام 1991، بينما كانت جمهورية الصومال تتخبّط في الفوضى عقب سقوط النظام العسكري للحاكم سياد بري. ولأرض الصومال عملتها الخاصة وجيشها وجهاز شرطة تابع لها.


«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
TT

«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)

تشهد المناطق الشرقية من اليمن، وتحديداً في حضرموت، مرحلة حساسة من إعادة ضبط التوازنات داخل معسكر «الشرعية»، على وقع التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، وما يقابله من رفض إقليمي ودولي؛ إذ قال مراقبون إنه لا يمكن السماح بفرض أمر واقع عن طريق القوة المسلحة مهما كانت المزاعم أو المبررات.

وبحسب المراقبين، فإن ما يجري ليس تفصيلاً محلياً عابراً، يمكن التغاضي عنه سواء من قبل «الشرعية» اليمنية أو من قبل الداعمين لها، بل اختبار سياسي وأمني متعدد الأبعاد، تتقاطع فيه حسابات الداخل الجنوبي نفسه، ومسار الحرب مع الحوثيين، وخيارات السلام الإقليمي.

وحتى الآن، يظهر سلوك المجلس الانتقالي أقرب إلى المناورة تحت الضغط منه إلى التحدي المباشر. فاللغة المستخدمة في بياناته الأخيرة - التي تمزج بين التبرير السياسي والتحركات العسكرية، وبين الحديث عن «التنسيق» و«تفهّم الهواجس» - تعكس إدراكاً متزايداً بأن مساحة المناورة تضيق بسرعة. لكن لا بد من التقاط القرار الصائب.

كما يشار إلى أن تحذيرات السعودية التي تقود «تحالف دعم الشرعية» في اليمن لم تكن عابرة أو قابلة للتأويل، بل جاءت متزامنة ومتدرجة، وانتقلت من مستوى التنبيه السياسي إلى الردع التحذيري الميداني من خلال ضربة جوية في حضرموت.

عناصر من المجلس الانتقالي الجنوبي يرفعون صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

هذا التحول في اللهجة يعني عملياً أن هناك قراراً واضحاً بمنع انتقال حضرموت والمهرة إلى مسرح صراع داخلي، أو إلى ساحة لفرض مشاريع جزئية بالقوة.

وربما يدرك المجلس الانتقالي وناصحوه معاً، أن تجاهل هذه الرسائل يضعه في مواجهة مباشرة مع الطرف الإقليمي الأثقل وزناً في الملف اليمني، وهو السعودية قائدة «تحالف دعم الشرعية»، وهو صدام لا يملك المجلس أدوات تحمّله، لا سياسياً ولا عسكرياً.

لذلك، يُنصح «الانتقالي» من قبل مراقبين للشأن اليمني بأن يتعامل مع التحذيرات بجدية، وعدم الركون إلى تكتيك الإبطاء، هذا إذا كان يبحث عن مخارج تحفظ له الحد الأدنى من المكاسب التي راكمها خلال السنوات الماضية، وإلا فلن يكون أمامه سوى الانصياع المتوقع بالقوة، وهو إن حدث سيعني لأنصاره هزيمة مدوية لا يمكن استيعابها.

ورطة غير محسوبة

وفق مراقبين للشأن اليمني، فقد أوقع «الانتقالي» نفسه في ورطة غير محسوبة؛ إذ جرى تسويق التحركات الأخيرة بوصفها «حماية للقضية الجنوبية» و«استجابة لمطالب شعبية»، ولقطع طرق التهريب وإمدادات الحوثيين ومحاربة التنظيمات الإرهابية، وفق زعمه، إلا أن الأوان لم يفت كما بينته الرسالة السعودية بوضوح عبر وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان؛ إذ بالإمكان الخروج من الورطة بأقل الخسائر، من خلال مغادرة قواته الوافدة إلى حضرموت والمهرة بشكل عاجل.

من ناحية ثانية، تشير المعطيات إلى أن المجلس الانتقالي لا يملك القدرة على تثبيت وجوده في حضرموت والمهرة، في ظل مجموعة عوامل ضاغطة، أبرزها وجود رفض محلي واسع، بخاصة في حضرموت، حيث تتمتع المكونات الاجتماعية والقبلية بحساسية عالية تجاه أي وجود مسلح وافد.

عناصر من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن (إ.ب.أ)

إلى جانب ذلك، يفتقد المجلس - الذي يهيمن على قراره قيادات من مناطق بعينها - غياب الغطاء الإقليمي الذي يشكل شرطاً أساسياً لأي تغيير أمني في مناطق حساسة، وكذا في ظل موقف دولي واضح يرفض أي تغيير للواقع بالقوة، ويؤكد دعم وحدة المؤسسات الرسمية.

لذلك، يبدو السيناريو الأفضل والأسهل - كما يقترحه محللون - هو انسحاب منظم، تحت أسماء فنية مثل «إعادة انتشار»، أو «ترتيبات أمنية»، أو بأي طريقة تسمح للمجلس بالخروج من المأزق بأقل الخسائر السياسية الممكنة.

أما إذا قرر المجلس الانتقالي تجاهل الإشارات والاستمرار في التصعيد، فإن تكلفة ذلك - طبقاً للمراقبين - ستكون مرتفعة ومتعددة المستويات؛ فعلى المستوى السياسي سيخسر المجلس ما تبقى من صورة الشراكة في السلطة الشرعية، وسيتحول تدريجياً - في الخطاب الإقليمي والدولي - من فاعل سياسي ضمن «مجلس القيادة الرئاسي» والحكومة اليمنية إلى عنصر مُعطِّل للاستقرار، وقد يصل الأمر إلى فرض عقوبات دولية على قادته.

أما عسكرياً، فالرسالة السعودية واضحة بعد بيان «تحالف دعم الشرعية»؛ إذ لن يُسمح بفرض أمر واقع بالقوة في شرق اليمن، وأي تصعيد إضافي قد يُقابل بردع مباشر، ما يعني خسائر ميدانية مؤسفة لا يملك المجلس القدرة على تعويضها أو تبريرها.

وعلى المستوى الشعبي، فإن حضرموت والمهرة ليستا بيئة حاضنة للمجلس الانتقالي، واستمرار التصعيد سيُعمّق الهوة بينه وبين قطاعات واسعة من الجنوبيين، ويحوّل القضية الجنوبية من مظلة جامعة إلى مشروع انقسامي، بل إن أخطر الخسائر - كما يقرأها المحللون - تكمن في تشويه جوهر القضية الجنوبية، عبر ربطها بالعسكرة والانتهاكات وفرض الوقائع بالقوة، بدل ترسيخها كقضية سياسية عادلة قابلة للحل ضمن مسار تفاوضي، كما هو الأمر في الطرح الذي تتبناه القوى اليمنية المنضوية تحت «الشرعية»، والذي تدعمه السعودية.

عبء الانتهاكات

من جانب آخر، تمثل الانتهاكات الموثقة في حضرموت نقطة تحوّل خطرة في مسار التصعيد. فعمليات المداهمة، والاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، وفرض الحصار على مناطق مأهولة... لا تُقرأ فقط كإجراءات أمنية، بل كنمط قمعي ممنهج، يضع المجلس الانتقالي في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي الإنساني.

وبحسب تقارير حقوقية موثوقة، شملت الانتهاكات في الأيام الأخيرة اقتحام منازل مدنيين، واحتجازاً تعسفياً، وإخفاء قسرياً، وحصاراً عسكرياً لمناطق قبائل «الحموم»، ومنع تنقل المرضى، ونهب ممتلكات عامة وخاصة... وهذه الممارسات لا تُضعف موقف المجلس أخلاقياً فحسب، بل تُحوّل ملفه إلى عبء قانوني وسياسي قابل للاستخدام دولياً، وتفتح الباب أمام مساءلة مستقبلية قد لا تسقط بالتقادم.

المجلس الانتقالي الجنوبي صعّد عسكرياً في حضرموت والمهرة بشكل أحادي (إ.ب.أ)

من كل ذلك، يمكن القول إن ما يجري اليوم هو اختبار نضج سياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، فإما أن يلتقط الرسالة الواضحة محلياً وسعودياً ودولياً، ويعود إلى المسار السياسي، ويحدّ من الخسائر، وإما أن يواصل التصعيد، ويدفع أثماناً سياسية وعسكرية وقانونية قد يصعب تعويضها، وفق تقديرات المراقبين.

وطبقاً لتقديرات المرحلة وما يراه المشفقون على مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن اللحظة الراهنة لا تحتمل المغامرة، ومن يخطئ قراءتها سيدفع الثمن وحده.