«فتح» تعتبر جولة هنية ترويجاً لـ«صفقة القرن»

رداً على اتهام مخابرات السلطة بالتعاون على اغتيال أبو العطا

فلسطينيون يتفحصون موقعاً في خان يونس تعرض لغارة إسرائيلية الخميس الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفحصون موقعاً في خان يونس تعرض لغارة إسرائيلية الخميس الماضي (أ.ف.ب)
TT

«فتح» تعتبر جولة هنية ترويجاً لـ«صفقة القرن»

فلسطينيون يتفحصون موقعاً في خان يونس تعرض لغارة إسرائيلية الخميس الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفحصون موقعاً في خان يونس تعرض لغارة إسرائيلية الخميس الماضي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يسعى فيه الفلسطينيون إلى التفاهم على ترتيب الانتخابات التشريعية، تمهيداً للانتخابات الرئاسية، دخلت حركتا «فتح» و«حماس» في جولة جديدة من الهجمات المتبادلة. بدأت باتهامات «حماس» للسلطة الفلسطينية بالتهرب من هذه الانتخابات؛ لأن الرئيس محمود عباس لم يصدر مرسوماً بذلك، وردت «فتح» بالقول إنها تنتظر القرار الإسرائيلي رداً على طلبها بأن تكون القدس الشرقية المحتلة مشمولة.
ويوم أمس شهدت هذه الحملة تصعيداً جديداً، بعد أن ادعت «حماس» أن مخابرات السلطة تعاونت مع إسرائيل على اغتيال زعيم «الجهاد الإسلامي»، بهاء أبو العطا، وردت «فتح» بأن «حماس» تتبنى «صفقة القرن»، ورئيسها إسماعيل هنية يقوم بجولة للترويج لها.
وقال نائب رئيس حركة «فتح»، محمود العالول، إن الرئيس عباس هو الذي بادر إلى إجراء الانتخابات وتجنيد العالم إلى دعمها، واحتاج إلى شهور طويلة لإقناع «حماس» بالموافقة عليها: «والآن تتهمنا بعرقلتها لكي تغطي على موقفها الحقيقي الرافض لها، والمتعاون مع حكومة إسرائيل والإدارة الأميركية، لتكون بديلاً عن منظمة التحرير، وتمرير (صفقة القرن) المتآمرة عليها وعلى الشعب الفلسطيني».
وردت «حماس» بقضية أخرى عن طريق وزارة الداخلية والأمن الوطني التابعة لها في حكومة الانقلاب في قطاع غزة، زاعمة «اعتقال خلية تابعة لجهاز المخابرات الفلسطينية برام الله، قامت بجمع معلومات حول بهاء أبو العطا، القيادي في (سرايا القدس) الذراع العسكرية لحركة (الجهاد الإسلامي)، الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي في الشهر الماضي».
وردت «فتح» بنفي الاتهام، واعتباره افتراء هدفه التستر على حقيقة أن «أمن (حماس) هو الذي أوقع الشهيد أبو العطا، الذي كانوا يعتبرونه مشاغباً». وقال مسؤول في «فتح»، إن «(حماس) لن تستطيع تغطية السماوات بالعموات، وهي التي تركت (الجهاد الإسلامي) وحدها ترد على الاغتيال الإجرامي، بينما شن الاحتلال الإسرائيلي، في الثاني عشر من نوفمبر (تشرين الثاني)، عملية عسكرية على غزة، أسفرت عن ارتقاء 35 شهيداً، بينهم 8 أطفال و3 نساء، وإصابة 111 آخرين بجراح مختلفة، في حين تم تدمير عدد كبير من المنازل والمنشآت والمؤسسات، و(حماس) تتفرج».
وأصدرت حركة «فتح»، بياناً، أمس الاثنين، اتهمت فيه «حماس» بالتآمر على القضية الفلسطينية، واعتبرت جولة إسماعيل هنية في الخارج خطوة «جاءت بهدف تسويق دور (حماس) في (صفقة العصر)، وتكريس مشروع دويلة غزة، ومبدأ الانفصال النهائي عن فلسطين وشعبنا». وقالت «فتح» في البيان الصادر عن مفوضية الإعلام والثقافة، إن «الهدف من جولة التآمر هذه هو الانخراط مع الثنائي (ترمب – نتنياهو) لتمرير الصفقة، وتصفية القضية الفلسطينية مقابل ضمانات وتفاهمات واهية، تستمر (حماس) من خلالها في حكم دويلة غزة، مع ميناء ومطار في البحر، تحت إشراف الأمن الإسرائيلي وبالتنسيق معه، وخير دليل على ذلك المحطة الأمنية على أراضي قطاع غزة، بالتفاهم مع أجهزة أمن (حماس)، وأجهزة الأمن الإسرائيلية والأميركية، تحت اسم (المستشفى الميداني)».
وأوضحت «فتح» أن «حماس» ومنذ تأسيسها وبدعم ورعاية أجهزة الأمن الإسرائيلية، جاءت لتكون بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية، وأنها بذلك لا هدف لها سوى هدم البيت الفلسطيني من الداخل، وتقويض الوطنية الفلسطينية، لتحافظ على هذا الدور التآمري وضمان قبولها من دولة الاحتلال وداعميها. وحذرت كافة الأطراف الإقليمية والدولية «من مغبة التعامل والتعاطي مع هنية؛ لأنه لا يمثل شعبنا الفلسطيني، إنما يمثل من يتآمر عليه، والمشروعات التآمرية لتصفية القضية الفلسطينية». وقالت إنها ستقوم بكشف ما لديها من معلومات ووثائق في الوقت المناسب، وإنها ستواجه هي وجماهير الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية الحية مؤامرة «حماس» بكل صلابة وحزم.
وفي السياق، تواصلت في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، أمس ولليوم الثاني، أعمال الدورة العادية الثالثة للمجلس الاستشاري لحركة «فتح» (دورة الانطلاقة). وأشار المشاركون إلى أن «المشروع الوطني الفلسطيني يتعرض لأشرس حملة تهدف لإنهائه، وذلك عبر مشروعات مشبوهة»، محذرين من «تساوق البعض مع هذه المشروعات الأخطر على قضيتنا الوطنية». وجدد المتحدثون في مداخلاتهم، أهمية قضية الانتخابات وإجرائها بأسرع وقت ممكن، على أن تكون القدس وسكانها مشاركين تصويتاً وانتخاباً داخل مدينتهم المقدسة في هذه الانتخابات، محذرين من بعض الدعوات الضاغطة لإصدار مرسوم رئاسي بتحديد موعدها، قبل التأكد من مشاركة القدس وأهلها الصامدين فيها بشكل مباشر.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.