سوريا تزداد انقساماً في 2019... والمعاناة «توحد» أهلها

«زحمة» شرق الفرات بالجيوش الأجنبية... والمجهول ينتظر أهالي إدلب... والوجود الإيراني على المحك

دورية أميركية قرب حقل للنفط شرق الفرات (أ.ف.ب)
دورية أميركية قرب حقل للنفط شرق الفرات (أ.ف.ب)
TT

سوريا تزداد انقساماً في 2019... والمعاناة «توحد» أهلها

دورية أميركية قرب حقل للنفط شرق الفرات (أ.ف.ب)
دورية أميركية قرب حقل للنفط شرق الفرات (أ.ف.ب)

إذا كان مستقبل الوجود الأميركي في شمال شرقي سوريا مطروحاً في نهاية 2018، فإن نهاية العام الجاري حسمت الجدل حوله. لكن الأنظار اتجهت إلى إدلب، حيث يعيش ثلاثة ملايين مدني حالة القلق، اقتلعت حملة القصف والمعارك أكثر من 300 ألف منهم، وأخذتهم إلى المجهول... بانتظار جولة جديدة، أو صفقة أخرى.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرر ثلاث مرات الانسحاب من سوريا خلال 12 شهراً. وغيَّر رأيه ثلاث مرات. المرة الأخيرة كانت في بداية أكتوبر (تشرين الأول)، بعد اتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان الذي دشن العمليات العسكرية شرق الفرات في 7 أكتوبر ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية، المكون الرئيسي في «قوات سوريا الديمقراطية»، حلفاء واشنطن في الحرب ضد «داعش».
غير أن ضغوطاً من «الكونغرس» ودول أوروبية دفعت ترمب إلى التراجع، ووافق على الاحتفاظ بنحو 600 جندي في القسم الشرق من شرق الفرات. ولأول مرة بات ترمب مقتنعاً بالوجود العسكري شرق الفرات في سوريا: حماية النفط وامتلاك النفط والدفاع عن النفط. لأول مرة منذ 2016، دخل الموضوع إلى عقل الرئيس ترمب الباحث عن الانكفاء من الشرق الأوسط والتدخل العسكري خارجياً. صحيح أنه عقّد مهمة أعضاء التحالف الدولي خلال اجتماعهم في واشنطن منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، لأن «الدفاع عن النفط» ليس سبباً شرعياً للبقاء العسكري في سوريا، لكنهم باتوا أقل قلقاً من تغريدات ترمب المفاجئة حول ديمومة هذا الوجود.
عام 2019، بدأ بضغط أيضاً من حلفاء واشنطن المحليين والإقليميين والدوليين لإقناع ترمب بأن ما قاله بعد الاتصال بنظيره التركي في ديسمبر (كانون الأول) 2018، ليس صحيحاً: «داعش» لم يُهزَم 100 في المائة، لا جغرافياً ولا عقائدياً.
عليه، صعَّد التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة واشنطن بالتعاون مع «قوات سوريا الديمقراطية» عملياته ضد التنظيم في ريف دير الزور، إلى أن تمت السيطرة الكاملة على الباغوز، آخر جيوب «داعش»، في 23 مارس (آذار) 2019. وقتذاك، صار بإمكان التحالف الإعلان عن القضاء الكامل على «داعش»...جغرافياً.
المفارقة أنه بعد أيام على إعلان ترمب، وهو الثالث، الانسحاب من سوريا في أكتوبر، شن الجيش الأميركي عملية معقدة، وأعلن ترمب نفسه في 27 أكتوبر القضاء على زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي... أين؟ ليس غرب العراق ولا شرق الفرات أو البادية السورية، بل في باريشا في ريف إدلب. صار بإمكان ترمب أن يعلن ما فعل غريمه وسلفه باراك أوباما؛ بقتل أسامة بن لادن، بتبني القضاء على البغدادي ثم أحد المرشحين لخلافته.
القضاء على «داعش» جغرافياً وزعيمه، لم ينهِ التهديدات التي يشكلها التنظيم أو «القاعدة» خصوصاً مع تولي شخص «شرس» قاتل الأميركيين في العراق، خلافة البغدادي. وسنرى لاحقاً تكرار غارات أميركا ضد متطرفين في مناطق نفوذ روسية غرب نهر الفرات، خصوصاً شمال غربي سوريا. قد يكون هذا معلماً من معالم 2020.

تقسيم المقسم

المناطق التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية»، بدعم التحالف، تشكل ثلث مساحة سوريا البالغة 185 ألف كلم مربع، وتضم معظم ثروات البلاد النفطية والغازية والمائية والزراعية. هذا الصورة تغيرت في أكتوبر، حيث قُسّم المقسم. إذ إن قرار ترمب سحب قواته من حدود تركيا فتح الطريق للجيش التركي وفصائل سورية موالية للتوغل في شرق الفرات ضمن عملية «نبع السلام». خلال أيام، سيطروا على منطقة بين تل أبيض ورأس العين بعمق 30 كلم. وفي 17 أكتوبر، تم التوصل إلى اتفاق أميركي - تركي تضمن وقفاً للنار وانسحاب «وحدات حماية الشعب» الكردية مع سلاحها الثقيل بعمق 30 كلم.
وفي 23 أكتوبر، تم التوصل إلى اتفاق بين إردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في سوتشي. تضمن الإقرار بوجود تركيا وفصائل موالية بين تل أبيض ورأس العين، مقابل عودة حرس الحدود السوري إلى حدود تركيا في باقي المناطق شرق الفرات، وتسيير دوريات روسية - تركية بعمق 10 كيلومترات أو 30 كيلومتراً.
قرار ترمب وشعور «قوات سوريا الديمقراطية» بـ«خيانة» أميركية دفعا قيادة هذه القوات للذهاب إلى دمشق، والتوصل إلى اتفاق معها لنشر قوات الحكومة في مناطق محددة شرق الفرات، وعلى الحدود مع تركيا.
وإذ أحكمت أميركا، بعد التراجع، سيطرتها على الشريط النفطي قرب حدود العراق بنشر معدات متطورة رغم تراجع عدد عناصرها، فإن الدوريات الروسية - التركية، ذات دلالة رمزية أكثر منها تعبيراً عن قوة السيطرة، ذلك أن أدوات الأمن والحكم المحلي بقيت في أيدي «قوات سوريا الديمقراطية»، ما يشكل قلقاً لتركيا، وقد يحرضها على التدخل مرة أخرى، إثر تعزيز الهياكل الأمنية والإدارية في مناطق «نبع السلام» بين تل أبيض ورأس العين.
ربما تحتاج تركيا لإنجاز ذلك من 4 إلى 6 شهور، إضافة إلى ارتباط التوسع بمصير إدلب والعلاقة التركية - الأميركية.

«فيتنام إيرانية»

المنطقة التي كانت حكراً على حلفاء واشنطن، وتريدها إدارة ترمب أداة للضغط على روسيا لإضعاف إيران، باتت مسرحاً للقوات الروسية والتركية والسورية، إضافة إلى محاولات توغل إيراني وتجنيد سوريين في ريف دير الزور.
النقطة الجديدة في 2019، هي تركيز إيران جهودها على البوكمال وشرق الفرات بعدما انسحبت في بداية 2018 من جنوب سوريا بموجب تفاهمات روسية - أميركية - أردنية وبعلم إسرائيلي.
تكثيف الحضور الإيراني في البوكمال وشرق الفرات قوبل بغارات إسرائيلية عدة تزامنت مع قصف إسرائيلي على «مواقع إيرانية» في العراق، إذ شنت تل أبيب عشرات الغارات على ريف دمشق، قيل إنها استهدف الوجود الإيراني، ولعل شهر نوفمبر (تشرين الثاني) شهد جولة من أشد وأوسع الغارات. وفي ديسمبر (كانون الأول)، شنّت طائرات «إف 35» إسرائيلية غارات مكثفة على «مصنع إيراني» في البوكمال، على بعد بضع مئات من الكيلومترات من نقاط انتشار القوات الروسية في القامشلي.
وفي 25 ديسمبر (كانون الأول)، قُتِل خمسة مقاتلين من الفصائل الموالية لإيران في غارات على البوكمال. قبل ذلك، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، شنّت إسرائيل غارات مشابهة. سبق ذلك مقتل 28 مقاتلاً «إيرانياً» في سبتمبر (أيلول). وكان مسؤول أميركي في واشنطن أعلن أن المسؤولية عن القصف في أقصى الشرق السوري تقع على إسرائيل.
ولعل كلام وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت يفسر هذه الغارات التي بقيت غامضة تجنّبت أطراف إعلان المسؤولية عنها. إذ أعلن بينيت أن تل أبيب ستحول سوريا إلى «فيتنام إيرانية»، وأن قواته ستتحول من «العمل الوقائي إلى الهجومي».
اللافت أن الجولة الأخيرة من الغارات جاءت بعد اجتماعات بين رئيسي الأركان الروسي فاليري غيراسيموف، والأميركي الجنرال مارك ميلي، في جنيف، من جهة، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات ونظيره الأميركي روبرت أوبراين في البيت الأبيض، من جهة ثانية، لتنسيق العمليات العسكرية و«منع الاحتكاك» في سوريا. يعني هذا أن 2020 سيكون امتداداً لطرح سؤال حول الوجود الإيراني، لعلاقة ذلك بملفات إقليمية والوضع داخل إيران.

مصير مجهول

إذا كان مصير إدلب وأهلها غامضاً في بداية العام، فإن نهايته جلبت مزيداً من عدم اليقين لنحو ثلاثة ملايين شخص يعيشون في ظلها وسط اضطرار نحو 320 ألفاً، للنزوح من القصف والمعارك إلى المجهول.
حاولت قوات الحكومة التوغل، الصيف الماضي، في شمال حماة وجنوب إدلب الخاضعة لتفاهم روسيا وتركيا منذ سبتمبر 2018، وتم قضم بعض المناطق، إلى أن توصل إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في نهاية أغسطس (آب) الماضي إلى هدنة واتفاق يفسر الاتفاق السابق، مع مهلة لأنقرة لتنفيذ بندين: الأول، فتح الطريقين الرئيسيين بين اللاذقية وحلب، وبين حماة وحلب. الثاني، إخلاء المنطقة الآمنة من الإرهابيين وسلاحهم الثقيل.
في 12 ديسمبر (كانون الأول) شنّت قوات الحكومة هجوماً جديداً، بانخراط روسي جوي، ذلك أن دمشق تريد السيطرة الكاملة على إدلب، وتساند موسكو دمشق في المنطقة، لكنها تدرك كذلك التداعيات الإنسانية الهائلة على تركيا المجاورة. كما أن التعامل مع تهديدات «هيئة تحرير الشام» يستلزم صياغة المقاربة العسكرية التي ترمي إلى تشجيع أو إجبار مكونات «الهيئة» على الانقسام والتفكك، بدلاً من المواجهة في منطقة قريبة من قاعدتي حميميم وطرطوس الروسيتين.
تحت غبار القصف، وبين رماد الخراب والرياح التي تلفّ النازحين، تدل المؤشرات على إعطاء دمشق بدعم موسكو الأولوية للسيطرة على الطريقين السريعين بين حلب واللاذقية، وبين حلب ودمشق، تفسير موسكو امتداد لتفاهم روسي وتركيّ على فتح طريق حلب - القامشلي شرق الفرات.
إنسانياً، أدّت الحملة إلى نزوح أكثر من 235 ألف شخص بين 12 و25 الشهر الحالي من جنوب إدلب، تزامناً مع تكثيف قوات النظام وحليفتها روسيا وتيرة غاراتها على المنطقة. كثير منهم فروا من منطقة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، التي باتت «شبه خالية» من السكان.

«خطوة متأخرة»

في بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، انعقدت اللجنة الدستورية السورية. كان ذلك أول اتفاق سياسي بين الحكومة والمعارضة، تضمن تشكيل اللجنة والاتفاق على القواعد الإجرائية. وعُقِدت جولة أولى بداية نوفمبر تواصل فيها الطرفان لتشكيل لجنة مصغرة و«مدونة السلوك». لكن الجولة الثانية، اصطدمت بالجدار. إصرار وفد الحكومة على موافقة وفد المعارضة على «مرتكزات وطنية» تضمن رفض العقوبات الغربية والإرهاب والتدخل التركي قبل بحث الإصلاح الدستوري.
صحيح أنه لم تسفر التطورات عن تغييرات كبيرة في الحسابات السياسية للأطراف المعنية، لكن الصحيح أيضا أن دمشق لا ترى إلى الآن مصلحة أو قيمة واضحة في الاستثمار باللجنة، نظراً للمخاطر السياسية العالية على ضعف سقف عمل اللجنة. كما أنها تريد تأجيل أي مسار سياسي على تواضعه إلى ما بعد الحسم العسكري واستعادة كامل البلاد.
في المقابل، تريد موسكو إحداث تقدم في صياغة الدستور والعملية السياسية لإقناع الاتحاد الأوروبي بزيادة المساعدات وتخفيض العقوبات على نحو تدريجي، كوسيلة من وسائل تحفيز المزيد من التقدم في تسوية الأزمة. لكن إقرار الرئيس ترمب «قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين» في 11 ديسمبر (كانون الأول)، أي بعد أيام من زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى واشنطن، شكّل صدمة في موسكو، إذ إنه بات من أدوات الضغط الأميركية على موسكو، ورسالة إلى حلفاء دمشق بأن الوضع الراهن قد يزداد سوءاً مع مرور الوقت.
ويتيح القانون، رغم قسوته، تخفيف العقوبات أو إلغاءها، إذا وجد الرئيس الأميركي مصلحة. هذا يسمح بالتفاوض إذا اختارت دمشق وحلفاؤها المقايضة مع واشنطن. وبالنسبة إلى الجانبين الأميركي والأوروبي، هناك اعتقاد بوجود أدوات للضغط على روسيا: الأولى، المساهمة في إعادة إعمار سوريا. الثانية، التطبيع مع دمشق. الثالثة، العقوبات الاقتصادية. الرابعة، الوجود العسكري شرق الفرات. الخامسة، السيطرة على الموارد الاستراتيجية من نفط وغاز وثروات. لكن إلى الآن، ليست هناك محفزات واضحة لاتخاذ الإجراءات التي يمكن أن تستفيد منها دمشق، ما لم تعبر عن استعدادها للمشاركة والتفاعل والانخراط.
قبل أن تطوي سنة 2019، شهرها الأخير، حصلت أربعة تطورات: الأول، إعلان المبعوث الأممي غير بيدرسن أنه لن يدعو أعضاء اللجنة الدستورية لاجتماع قريب. الثاني، توقيع الرئيس ترمب «قانون قيصر» لفرض عقوبات على المساهمين في إعمار سوريا، ومحاسبة المسؤولين عن «جرائم حرب». الثالث، «فيتو» روسي - صيني ضد تمديد مشروع قرار دولي لتمديد إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لأول مرة منذ إقرار القرار في 2014. الرابع، بدء قوات دمشق معركة جنوب شرقي إدلب باتجاه معرة النعمان بغطاء جوي روسي، ودفع آلاف للنزوح إلى شمال إدلب وحدود تركيا. تبدأ 2020 بقمة بوتين - إردوغان في إسطنبول في 8 يناير (كانون الثاني) لبحث مصير إدلب وشرق الفرات والتسوية، واستقبال إردوغان للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، القلقة من موجة جديدة من اللاجئين السوريين للبناء على القمة الرباعية التي ضمتها وإردوغان مع الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، في لندن، في 3 ديسمبر (كانون الأول) على هامش قمة «حلف شمال الأطلسي» (ناتو).
تنتهي السنة، وسوريا تضيق بأهلها وتقلق جيرانها. تزدحم باللاعبين الخارجيين. تزداد انقساماً. المعاناة بدرجات مختلفة: «توحد» السوريين في مناطق الحكومة والمعارضة. والترقب ينتظر مناطق الإدارة الذاتية شرق الفرات حول مستقبلها وسط زحمة اللاعبين الخارجيين براً وجواً.
يستقبل السوريون سنة 2020 بتغريبة جديدة من النزوح واللجوء، وتدني الوضع الاقتصادي والمعيشي والتشقق الاجتماعي... من دون نافذة أمل أو ضوء في نهاية النفق.


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».