بومبيو ولافروف يشددان على أهمية الحوار رغم القضايا الخلافية

واشنطن توعدت موسكو بالرد في حال تدخلت في الانتخابات الأميركية

بومبيو ولافروف خلال مؤتمر صحافي بواشنطن أمس (أ.ف.ب)
بومبيو ولافروف خلال مؤتمر صحافي بواشنطن أمس (أ.ف.ب)
TT

بومبيو ولافروف يشددان على أهمية الحوار رغم القضايا الخلافية

بومبيو ولافروف خلال مؤتمر صحافي بواشنطن أمس (أ.ف.ب)
بومبيو ولافروف خلال مؤتمر صحافي بواشنطن أمس (أ.ف.ب)

استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مساء أمس في البيت الأبيض، في استكمال للنقاشات التي بدأها لافروف مع نظيره الأميركي مايك بومبيو لعدة ساعات في الخارجية الأميركية. وبحثت النقاشات إجراء مفاوضات لتمديد اتفاقية «ستارت» للحد من التسلح النووي أو إبرام اتفاقية جديدة تشمل الصين، والتعاون التجاري بين البلدين، فضلا عن قضايا سوريا وإيران وليبيا واليمن، ومسار التوصل إلى حل في القضية الفلسطينية، والضغط على كوريا الشمالية للتنازل عن برنامجها النووي.
وبدت اختلافات الرأي بين البلدين واضحة في المؤتمر الصحافي الذي جمع وزيري الخارجية الروسي والأميركي بمقر الخارجية الأميركية، رغم محاولات من الجانبين لإظهار أهمية الحوار والتعاون وثمار التعاون التجاري والاقتصادي.
وأشار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في إطار القضايا التوافقية، إلى أهمية الدفع نحو حل سياسي للحرب في سوريا، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، وضمان ألا يكون لتنظيم «داعش» الإرهابي ملاذ آمن في سوريا أو أفغانستان. وركز بومبيو على التوافق بين البلدين حول كوريا الشمالية، ومكافحة الإرهاب والتوصل لتسوية للوضع في ليبيا والوضع في اليمن. لكنه لم يستطع إخفاء تباين مواقف واشنطن وموسكو حول تفاصيل وإطار تمديد أو إبرام معاهدة نيو ستارت للحد من التسلح النووي، فضلا عن الوضع في فنزويلا ومساندة الولايات المتحدة لزعيم المعارضة خوان غويدو في مقابل مساندة روسيا للرئيس نيكولاس مادورو. بالإضافة إلى التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016. والخلاف حول الملف النووي الإيراني مع تمسك موسكو باستمرار العمل بالاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وقال بومبيو: «لدينا علاقات معقدة ومتشابكة، لكننا اتفقنا على استمرار المحادثات وضرورة العمل للبحث عن حل سياسي في سوريا، ونزع الصبغة النووية لبرنامج كوريا الشمالية... وتنفيذ اتفاق مينسك وتبعية القرم لأوكرانيا». من جانبه، أوضح لافروف: «تحدثنا حول الحاجة لاستمرار النقاشات حول السبل لمواجهة البرنامج النووي الإيراني وإنقاذ الاتفاق النووي، وحماية الملاحة البحرية عند مضيق هرمز، وإقرار نظام أمني لحماية أمن دول الخليج».
إلى ذلك، حذّر بومبيو نظيره الروسي من أي تدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2020. وقال بومبيو في المؤتمر الصحافي المشترك: «كنت واضحا في شأن التدخل في شؤوننا الداخلية، هذا مرفوض». وأضاف: «قلت بوضوح ما نتوقعه من روسيا. إذا اتخذت روسيا أو أي طرف أجنبي إجراءات لتقويض عمليتنا الديمقراطية فسنرد».
وأجمعت وكالات الاستخبارات الأميركية على اتهام موسكو بالتدخل في الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها دونالد ترمب عام 2016. وبرزت مؤخرا شبهات بأن روسيا قد تتدخل مجددا في انتخابات 2020. وتابع بومبيو أن «إدارة ترمب ستعمل دائما لحماية استحقاقاتنا الانتخابية». لكن لافروف رفض هذه الاتهامات، وقال: «أكدنا مجددا أن كل التكهنات حول تدخلنا المزعوم في العمليات الداخلية للولايات المتحدة لا أساس لها. ليس هناك أي واقعة تثبته، لم يقدم إلينا أحد دليلا لأنه ببساطة لم يحصل».
وفي سياق متصل، أبدى لافروف استعداد بلاده للتعامل مع ما سماه النتائج السلبية لإلغاء معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، وقال إن بلاده قدمت عرضا لتمديد معاهدة «ستارت» وناقشت الترسانة الصينية النووية التي اعتبرها صغيرة بالمقارنة بالترسانتين الأميركية والروسية.
في المقابل، أشار بومبيو إلى أن الظروف اختلفت في الفترة التي تم فيها توقيع اتفاقية ستارت، وشدد على ضرورة تضمين الصين في المعاهدة الجديدة، مبديا اعتراضه على توصيف لافروف للترسانة النووية الصينية بأنها صغيرة نسبيا، وشدد على اهتمام إدارة ترمب بوضع اشتراطات نووية لأي دولة للمضي قدما في تحقيق الاستقرار الدولي.
وكان بومبيو قد أعلن في بداية أغسطس (آب) الماضي انسحاب بلاده رسميا من معاهدة الصواريخ النووية القصيرة والمتوسطة التي أبرمتها واشنطن وموسكو منذ عقود للمساعدة في إنهاء الحرب الباردة. وحمل وزير الخارجية الأميركي على روسيا عملها على تطوير وإنتاج والقيام بتجارب اختبارات متعددة للصواريخ، تنتهك المعاهدة. وتمنع المعاهدة التي تم التوصل إليها عام 1987 كلا من الولايات المتحدة وروسيا من امتلاك صواريخ باليستية وصواريخ كروز أرض - أرض وتتراوح مداها بين 500 إلى 5500 كليومتر.
وأثارت هذه الخطوة تساؤلات عديدة حول مستقبل الحد من سباق التسلح الأميركي الروسي، وعبر المحللون عن مخاوفهم من خطورة هذه الخطوة على بدء سباق تسلح بين البلدين. يذكر أن آخر اتفاق مهم للحد من التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا، هي اتفاقية ستارت التي يحين موعد تجديدها في فبراير (شباط) 2021 (وهي آخر معاهدة أسلحة نووية متبقية بين البلدين).
وعلى مدى الأعوام الماضية، أثار المسؤولون الأميركيون والروس قضايا خلافية حالت دون الاتفاق على تمديد الاتفاق ووصف ترمب معاهدة ستارت بأنها صفقة سيئة، رغم أن المعاهدة ترغم روسيا على خفض تحميل الرؤوس الحربية على بعض صواريخها. في المقابل، اشتكى بوتين من أنه لا يمكن لروسيا التحقق من أنه لا يمكن لصواريخ الولايات المتحدة الخالية من الأسلحة النووية تحميلها رؤوسا نووية مرة أخرى.
وقد أعلن المسؤولون في إدارة ترمب أن واشنطن تريد توسيع نطاق معاهدة ستارت لتشمل دولا أخرى مثل الصين التي لديها ترسانة نووية سريعة النمو (لكنها لا تزال أصغر من الترسانة الروسية والأميركية). وترغب إدارة ترمب في إبرام معاهدة جديدة تشمل حظر مجموعة أوسع من الأسلحة. وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحات مفاجئة خلال الأسبوع الماضي إلى رغبة بلاده في تمديد معاهدة ستارت لمدة خمس سنوات أخرى بلا شروط مسبقة.
ويقول المحللون إن تمديد معاهدة ستارت لا يهدف لتحديد الأسلحة وإنما الاحتفاظ بالقيود والشفافية على أخطر الأسلحة النووية في وقت يعد وقتا حرجا في العلاقات بين البلدين مع قضايا ساخنة تشتعل بها المنطقة. وفي حاله عدم تجديد المعاهدة أو إبرام معاهدة جديدة «نيو ستارت» فإن الأمر يحتاج إلى توضيح الموقف النووي الروسي والأميركي أخذا في الاعتبار برامج التحديث النووي الباهظة الثمن التي يجريها البلدان حاليا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».