التغيرات المناخية تصيب الأرز بـ«سم قاتل»

فريق أميركي أجرى تجارب محاكاة لدرجات الحرارة المستقبلية

باحثة بجامعة ستانفورد تزيل حبيبات الأرز من سيقانها لوزنها وتحليل محتواها من الزرنيخ
باحثة بجامعة ستانفورد تزيل حبيبات الأرز من سيقانها لوزنها وتحليل محتواها من الزرنيخ
TT

التغيرات المناخية تصيب الأرز بـ«سم قاتل»

باحثة بجامعة ستانفورد تزيل حبيبات الأرز من سيقانها لوزنها وتحليل محتواها من الزرنيخ
باحثة بجامعة ستانفورد تزيل حبيبات الأرز من سيقانها لوزنها وتحليل محتواها من الزرنيخ

يعتبر الأرز أكبر محصول عالمي رئيسي، حيث يستهلكه أكثر من نصف سكان العالم، لكن التجارب الجديدة في جامعة ستانفورد الأميركية، تشير إلى أنه مع تغير المناخ، فإن الإنتاج في مناطق زراعته الرئيسية سيتراجع بشكل كبير، مصحوباً بمخاطر صحية تتمثل في احتوائه على نسبة عالية من مادة «الزرنيخ» السمية.
والزرنيخ، مادة كيميائية توجد بشكل طبيعي في التربة، ولا تنتقل بشكل عام للنباتات، لكن يمكن للتغيرات المناخية أن تنقلها، لا سيما الأرز، كما أوضحت الدراسة.
وتشير التجارب، التي نشرت نتائجها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، بدورية «نيتشر كومينيكيشن»، إلى أن إنتاج الأرز في ظروف المناخ المستقبلية يمكن أن ينخفض بنحو 40 في المائة بحلول عام 2100، وأن تغيرات ستحدث في التربة بسبب ارتفاع درجات الحرارة ستؤدي لاحتواء الأرز على كمية كبيرة من الزرنيخ.
واهتم الباحثون بالأرز على وجه التحديد لأنه يزرع في حقول تغمرها المياه تساعد على تخفيف الزرنيخ من التربة وتجعل النبات حساسا بشكل خاص لامتصاصه.
وفي حين أن الكثير من المحاصيل الغذائية تحتوي اليوم على كميات صغيرة لا تكاد تذكر من الزرنيخ، فإن التغيرات المستقبلية في التربة بسبب ارتفاع الحرارة المقترنة بالظروف التي تغمرها الفيضانات تتسبب في أن يتم تناول الزرنيخ بواسطة نباتات الأرز بمستويات أعلى، واستخدام مياه الري مع الزرنيخ المرتفع بشكل طبيعي يؤدي إلى تفاقم المشكلة.
ورغم أن هذه العوامل لن تؤثر على جميع النباتات بالطريقة نفسها، فإنها تمتد لتشمل المحاصيل الأخرى التي تغمر بمياه الري.
وتوصل الباحثون لهذه النتيجة بعد أن أنشأوا ظروفاً مناخية مستقبلية في البيوت الزجاجية بناءً على تقديرات بحدوث زيادة محتملة في درجة الحرارة تبلغ 5 درجات مئوية ومضاعفة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بحلول عام 2100، كما توقعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
وفي حين اهتمت الأبحاث السابقة بدراسة آثار ارتفاع درجة الحرارة في سياق أزمة الغذاء العالمية، كانت هذه الدراسة أول من يراعي ظروف التربة مع تغيرات المناخ.
وخلال التجارب زرعت مجموعة متنوعة من الأرز متوسط الحبة، وتم التحكم داخل البيوت الزجاجية في درجة الحرارة وتركيزات ثاني أكسيد الكربون ومستويات الزرنيخ في التربة، والتي ستكون أعلى في المستقبل بسبب تراكمها في التربة من المحاصيل المروية بالمياه الملوثة بالزرنيخ، وهي مشكلة تتفاقم بسبب ضخ المياه الجوفية الزائدة.
ووجد الباحثون أنه مع ارتفاع درجات الحرارة، تزعزع الكائنات الحية الدقيقة المزيد من الزرنيخ الكامن في التربة، مما يؤدي إلى توفير كميات أكبر من المادة السامة في مياه التربة المتاحة لامتصاص الأرز. وبمجرد تناوله، يمنع الزرنيخ امتصاص المغذيات ويقلل من نمو النبات وتطوره، وهي العوامل التي ساهمت في انخفاض الإنتاجية بنسبة 40 في المائة كما لاحظ العلماء.
ويصف الدكتور سكوت فيندورف، الأستاذ بجامعة ستانفورد، والباحث المشارك بالدراسة، ما توصلوا إليه بـ«الأمر الخطير»، الذي يمكن أن يترك تداعيات سلبية على الأمن الغذائي العالمي.
ويقول في تقرير نشره موقع الجامعة الإلكتروني «بحلول عام 2100، يقدر أن لدينا ما يقرب من 10 مليارات شخص، نصفهم يعتمدون على الأرز، وهناك مليارا شخص لن يحصلوا على السعرات الحرارية التي يحتاجونها عادة».
ويضيف «هذا يفرض علينا أن نكون على دراية بهذه التحديات القادمة حتى نتمكن من الاستعداد للتكيف معها».
وبجانب تحدي انخفاض الكمية، يرى الدكتور خالد عبد الستار، استشاري التغذية العلاجية بوزارة الصحة المصرية، أن التحدي الأكبر هو ما أشارت إليه الدراسة من ارتفاع نسبة الزرنيخ، وهو أمر يدعو للقلق، ليس فقط بسبب أهمية المحصول عالميا، لكن لأنه أيضا من الأطعمة منخفضة الحساسية، التي غالباً ما يتم تقديمها مبكراً للرضع.
ويضيف: «وزن الأطفال أصغر بكثير من البالغين، وبالتالي إذا أكلوا الأرز، فهذا يعني أنهم يتناولون المزيد من الزرنيخ بالنسبة لوزن الجسم». ومعروف أن التعرض المزمن للزرنيخ يؤدي إلى آفات الجلد والسرطانات وتفاقم أمراض الرئة وفي النهاية الموت.


مقالات ذات صلة

اختفاء عينات فيروسات قاتلة من أحد المختبرات بأستراليا

صحتك هناك 323 قارورة من فيروسات معدية متعددة اختفت من المختبر (أ.ف.ب)

اختفاء عينات فيروسات قاتلة من أحد المختبرات بأستراليا

أعلنت حكومة كوينزلاند، الاثنين، عن اختفاء مئات العينات من فيروسات قاتلة من أحد المختبرات في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة (رويترز)

3 مراحل بالحياة يتقدم فيها الدماغ في السن

كشفت دراسة جديدة أن الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك فوائد الرياضة قد ترجع إلى زيادة تدفق الدم للدماغ وتحفيز المواد الكيميائية المعروفة باسم الناقلات العصبية (رويترز)

دراسة: ممارسة الرياضة لنصف ساعة تساهم في تحسين الذاكرة

يعتقد العلماء الآن أن النشاط البدني ليس مجرد فكرة جيدة لتحسين اليوم القادم؛ بل يمكن أن يرتبط بزيادة طفيفة في درجات عمل الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم «البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

​يبدو أن مركب «البنزول» المسمَّى أيضاً «البنزول الحلقي» ظهر في كل مكان خلال السنوات الأخيرة. معقِّمات بمواد مسرطنة أولاً، كانت معقمات اليدين التي تحتوي على …

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أواني الطهي البلاستيكية السوداء قد تكون ضارة بالصحة (رويترز)

أدوات المطبخ البلاستيكية السوداء قد تصيبك بالسرطان

أصبحت أواني الطهي البلاستيكية السوداء عنصراً أساسياً في كثير من المطابخ، لكنها قد تكون ضارة؛ إذ أثبتت دراسة جديدة أنها قد تتسبب في أمراض مثل السرطان.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»