الصّرَع والتوحد... فكّ رموز الجين المرتبط بهما

متغيرات تؤدي إلى زيادة أو قلة النوبات أو شدة الإعاقة

الصّرَع والتوحد... فكّ رموز الجين المرتبط بهما
TT

الصّرَع والتوحد... فكّ رموز الجين المرتبط بهما

الصّرَع والتوحد... فكّ رموز الجين المرتبط بهما

تعد الاضطرابات المرتبطة بالجين المسمى «إس سي إن 2 إيه» (SCN2A) سبباً معروفاً لنوبات الصرع الطفولية، واضطراب طيف التوحد، والإعاقة الذهنية، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الإعاقات المتوسطة إلى العميقة الأخرى في الحركة والتواصل والأكل والرؤية.

دراسة جينية

ويمكن أن تختلف شدة هذه الاضطرابات بشكل كبير من شخص لآخر؛ لكن لا يُعرف سوى القليل عما يحدث على مستوى بروتين الجين الذي يسبب هذه الاختلافات.

وتلقي دراسة حديثة أجرتها عالمة الأعصاب آن بيرغ، من قسم طب الأعصاب بكلية الطب، جامعة «نورث وسترن فاينبرغ»، شيكاغو، إلينوي، الولايات المتحدة الأميركية، وزملاؤها، الضوء على كيفية تأثير التغيرات في جين «إس سي إن 2 إيه» على تطور وشدة هذه الاضطرابات. ونشرت الدراسة في مجلة «برين» (Brain) في 23 أبريل (نيسان) 2024.

وتساعد الدراسة الجديدة في تفسير كيفية تأثير التغيرات في هذا الجين على ما إذا كان الطفل سيصاب بالتوحد أو الصرع أم لا. وكذلك والسن الذي تبدأ فيه النوبات لدى المصابين بالصرع، وشدة الإعاقات الأخرى لدى الطفل.

نشاط قنوات الصوديوم

انصب البحث على فهم كيفية تأثير متغيرات الجين المختلفة على وظيفة قناة الصوديوم، وعلى تفسير النتائج من خلال تحليل البيانات السريرية ومتغيرات جين «إس سي إن 2 إيه» من أفراد 81 عائلة من جميع أنحاء العالم.

وجمع الباحثون بيانات ومعلومات سريرية مفصلة، لتحديد متغيرات الجين الخاصة بهم. وكان متوسط السن 5.4 سنة؛ حيث كانت سن أصغر مشارك شهراً واحداً، وأكبرهم سناً يبلغ 29 عاماً.

وحلل الباحثون التأثيرات الوظيفية لكل متغير من الجين أعلاه على نطاق واسع على قنوات الصوديوم، وهي بوابات صغيرة في أغشية الخلايا العصبية التي تتحكم في تدفق أيونات الصوديوم إلى الخلية، وتساعد الخلايا العصبية في الدماغ على العمل بشكل صحيح.

واعتماداً على المتغير الجيني قد تكون القناة مفرطة النشاط، أي أنها تسمح بتدفق أيونات الصوديوم بحرية أكبر، أو غير نشطة تماماً، أي أن القناة لا تعمل على الإطلاق.

وتختلف الحالة السريرية للطفل باختلاف التأثير الوظيفي على القناة؛ حيث يميل الأطفال الذين لديهم قنوات صوديوم مفرطة النشاط، إلى التعرض لنوبات صرع في الأسبوع الأول من الحياة، في حين أن أولئك الذين لديهم قنوات غير نشطة تماماً لا يعانون في كثير من الأحيان من النوبات.

كما اتبعت شدة السمات الأخرى المرتبطة بالمرض هذا التدرج مع الأشخاص ذوي الإعاقة الشديدة، أي غير القادرين على المشي والتواصل والأكل واستخدام أيديهم، وكان عمرهم أصغر عند بداية النوبة، وقنواتهم مفرطة النشاط. ومع زيادة السن عند ظهور النوبات أصبحت القنوات أقل نشاطاً، وأضحت الإعاقات العصبية الشديدة لدى الطفل أقل حدة.

نتائج تتحدى الفهم السائد

وقال المؤلف المشارك للدراسة، الدكتور ألفريد جورج، رئيس قسم الصيدلة بجامعة «نورث وسترن فاينبرغ» في شيكاغو، إن هناك فهماً سائداً بين العلماء، أن النوبات المبكرة ترتبط فقط بقنوات الصوديوم المفرطة النشاط، وأن القنوات الخاملة أو غير النشطة ترتبط بالتوحد.

وبدلاً من ذلك تسلط الدراسة الضوء على مدى تعقيد العلاقة بين متغيرات الجين «إس سي إن 2 إيه» وبداية النوبات والنتائج السريرية، مما له آثار مهمة على أساليب الطب الدقيق التي تستهدف متغيرات الجين؛ حيث قد تحتاج العلاجات إلى تصميمها بناءً على التأثير الوظيفي المحدد للمتغير.

وتلعب قنوات الصوديوم دوراً حاسماً في وظيفة الخلايا العصبية، من خلال تنظيم تدفق أيونات الصوديوم؛ حيث يمكن للمتغيرات في جين «إس سي إن 2 إيه» أن تغير وظيفة قنوات الصوديوم، مما يؤدي إلى قنوات مفرطة النشاط، أو قنوات غير نشطة، أو تغييرات أكثر تعقيداً.

والأهم من ذلك وجدت الدراسة أن التأثير الوظيفي لمتغيرات الجين على قنوات الصوديوم يرتبط بالنتائج السريرية.

وبشكل عام، توضح الدراسة أهمية فهم العواقب الوظيفية للمتغيرات الجينية في جين «إس سي إن 2 إيه» لاستراتيجيات العلاج الشخصية، كما يتضح من هذه الدراسة أمر بالغ الأهمية لتعزيز فهمنا للأمراض الوراثية النادرة، وتطوير علاجات فعالة.

طريقة جديدة لاختبار التوحد

من جهة أخرى، اكتشف فريق من علماء جامعة كاليفورنيا، في سان فرنسيسكو، بالولايات المتحدة، برئاسة كيفن بيندر، أستاذ علم الأعصاب، في البحث المنشور بمجلة «نيورون» (Neuron) في 24 فبراير (شباط) 2024 طريقة جديدة لاختبار مرض التوحد، من خلال تحليل كيفية تحرك عيون الأطفال استجابة لحركات الرأس.

ووجد الباحثون أن الأطفال الذين يحملون متغيراً من جين «إس سي إن 2 إيه» المرتبط بالتوحد الشديد، يظهرون حركة مفرطة للرأس.

وقد تم ربط المتغيرات في هذا الجين بالأشكال الحادة من مرض التوحد والصرع والإعاقة الذهنية، ومن خلال دراسة المنعكس الدهليزي العيني VOR) «Vestibulo-ocular reflex») الذي يعمل على تثبيت النظرة خلال حركات الرأس.

لاحظ الباحثون أن الأطفال الذين لديهم متغيرات هذا الجين، أظهروا استجابات منعكسة مبالغاً فيها، والمعروفة أيضاً باسم ردود الفعل المفرطة النشاط، والتي تشير إلى استجابة مبالغ فيها لردود أفعال الجسم تجاه محفز معين؛ حيث يمكن أن تشير ردود الفعل المتزايدة هذه إلى حالة طبية كامنة أو مشكلة عصبية.

ولهذا الاكتشاف آثار كبيرة على أبحاث التوحد وتشخيصه. وقام الباحثون باستخدام جهاز بسيط لتتبع العين، يستطيع الأطباء به قياس فرط حساسية المنعكس الدهليزي العيني لدى الأطفال، ما يوفر أداة تشخيصية فعالة وغير جراحية.

ويعد هذا النهج مفيداً بشكل خاص للأطفال غير اللفظيين؛ إذ يلعب التواصل غير اللفظي دوراً حاسماً في دعم الأطفال الصغار الذين قد يعانون من طرق التشخيص التقليدية، وخصوصاً أولئك الذين لا يستطيعون النطق أو الذين يعانون من صعوبات في التواصل.

وتقترح الدراسة وسيلة علاجية محتملة لمعالجة الأعراض المرتبطة بالتوحد، فقد استعاد الباحثون التعبير الجيني الطبيعي لـلجين في الفئران، باستخدام التكنولوجيا المعتمدة على «كريسبر» (CRISPR) ما أدى إلى تحسينات في المنعكس الدهليزي العيني.

وتوفر هذه النتائج الأمل لاستراتيجيات التدخل المبكر للتخفيف من أعراض التوحد.

وبشكل عام، تسلط هذه الدراسة الضوء على أهمية التعاون متعدد التخصصات بين علم الأعصاب وعلم الوراثة والبحوث السريرية، في تعزيز فهمنا، وعلاج اضطرابات طيف التوحد. تغيرات في جين «إس سي إن 2 إيه» تؤثر على تطور وشدة عدد متنوع من الاضطرابات

 



برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة
TT

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

أعلنت وحدة الابتكارات الدفاعية، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، أن ثلاث شركات ستُنتج برامج نموذجية للتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار (الدرون) الضخمة التي تطوّرها حالياً مجموعة مبادرة «ربليكيتر» Replicator للإنتاج السريع.

تنسيق آلي لطائرات «الدرون»

وقالت الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن العقود الممنوحة لشركات «Anduril Industries»، و«L3Harris Technologies»، و«Swarm Aero» هي جزء من جهودها التي تسعى إلى «التنسيق الآلي لأسراب من مئات أو آلاف الأصول غير المأهولة عبر مجالات متعددة».

وكانت نائبة مدير وحدة الابتكارات الدفاعية للاستراتيجية والسياسة والشراكات الأمنية الوطنية، أديتي كومار، قالت في وقت سابق من هذا الشهر في حديث مع «ديفنس وان» إنه في حين تحظى أجهزة «ربليكيتر» بالكثير من الاهتمام، فإن برنامجها مهم بالقدر نفسه. وأضافت أن الجدول الزمني القصير لوحدة الدفاع الجوي لاختبار منصات وبرامج تكامل الطائرات دون طيار الجديدة يشكّل تحدياً آخر.

هياكل مملوكة للحكومة

وتابعت أديتي كومار: «نحن نشتري هذه القدرة بشكل مستقل عن أنظمة الأجهزة، وبالتالي نحتاج إلى أن نكون قادرين على الحصول على هياكل مفتوحة، وهياكل مملوكة للحكومة؛ لضمان أن البرنامج الذي نحضره تجري ترقيته ثم دمجه في جميع أنواع أنظمة الأجهزة التي قد تتطلّب بعد ذلك إصلاحات الأجهزة الخاصة بها لتمكين ذلك».

اختبارات ميدانية متكاملة

وكانت منصة «لاتيس» Lattice من شركة «أندوريل» Anduril واحدة من الجهات الفائزة. وقالت الشركة، في بيان، إنها أكملت مجموعة متنوعة من الاختبارات في العالم الحقيقي مع الشركاء العسكريين:

* تمرين «مسائل المعارك المتكاملة 24.1»، Integrated Battle Problem 24.1 لأسطول المحيط الهادئ الأميركي؛ حيث استخدم مشغلو البحرية منصة «لاتيس» لدمج أكثر من اثني عشر نظاماً غير مأهول وموجزات بيانات.

* «حارس الصحراء 1.0» Desert Guardian 1.0، البرنامج التابع للقيادة المركزية الأميركية هو أيضاً من الأمثلة الأخرى؛ حيث دمجت الشركة 10 فرق استشعار مختلفة في «لاتيس»، كما دمجت تبادل البيانات في الوقت الفعلي، ونفّذت الاندماج وتعيين المهام عبر أنظمة استشعار متنوعة للكشف بشكل أسرع عن التهديدات المحمولة جواً وغيرها.

* اختبار «الحافة 23» EDGE23 للجيش، سمحت «لاتيس» لجندي واحد «بإدارة فريق متكامل من الطائرات غير المأهولة المتعددة لتحديد موقع صاروخ أرض - جو وتحديده وتدميره».

كما منحت وحدة الابتكارات الدفاعية عقوداً إلى شركات، بهدف تطوير نظم لضمان الاتصالات للطائرات دون طيار في بيئة حرب كهرومغناطيسية ثقيلة.

هل يمنع «ربليكيتر» الحرب العالمية الثالثة؟

أطلقت وزارة الدفاع «ربليكيتر» Replicator خصوصاً لردع العمل العسكري الصيني في المحيط الهادئ. وفي حدث لمؤسسة بالاس يوم الأربعاء، ناقش رئيس القيادة البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، الأدميرال سام بابارو، الدور الذي يمكن أن تلعبه الأنظمة المستقلة في الردع؛ أي مثل الدور الذي تقدمه الطائرات من دون طيار البحرية الأوكرانية في البحر الأسود.

وقال بابارو: «لا يحتاج المرء في الواقع إلى تحقيق التفوّق الجوي والبحري الكامل على مساحة عندما يحاول الخصم الحصول عليها. ربما يحتاج المرء فقط إلى حرمان الطرف الآخر من ذلك، ويمكنه القيام بذلك بتكلفة منخفضة... لقد رأينا ذلك بالفعل في الممارسة العملية، وتعلمنا ذلك من أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تم تدمير طرّاد (سلافا) وإغراقه -بواسطة طائرة من دون طيار بحرية أوكرانية- ومن المهم أن نتعلّم هذا الدرس من ذلك ومن البحر الأسود».

مهمات الردع والهجوم

كما أوضح بابارو كيف يمكنه استخدام مستويات مختلفة من الاستقلالية لمهام مختلفة بصفتها جزءاً من جهود الردع هذه. وقال إنه بالنسبة إلى المهام الهجومية، فإن الحفاظ على السيطرة البشرية أمر بالغ الأهمية. ولكن بالنسبة إلى الدفاع عن الأسطول، فإن مزيداً من الاستقلالية يمكن أن يساعد في تسريع وقت رد الفعل.

وأضاف: «على سبيل المثال، إذا كانت غارة من الصواريخ الباليستية تقترب من وحدتك، فهذا هو الوقت الذي قد ترغب فيه في تشغيل نظامك بالكامل، وحمل تلك الأسهم التي تُوجه نحوه من ناحية أخرى. أما إذا كنت تنفّذ هجوماً معقداً على نظام عدو، فهذه هي الحالة التي قد ترغب فيها في القيام بذلك بحذر شديد، لأنك بذلك تقتل أرواحاً».

* مجلة «ديفنس وان»: خدمات «تريبيون ميديا».